الرئيسية / مقالاتي / الدور الامريكي في تنفيذ حكم الاعدام بالشيخ النمر

الدور الامريكي في تنفيذ حكم الاعدام بالشيخ النمر

السيمر / الأربعاء 06 . 06 . 2016

وداد عبد الزهرة فاخر *

دعونا نأخذ قضية إصرار النظام السعودي على إعدام الشيخ نمر النمر، هذا النظام الذي يعيش قرون التخلف والانغلاق الفكري ، والتخلف الحضاري والإنساني . نأخذ الموضوع بكل توجز وخوف على المنطقة وشعوبها بناء على ما جرى من أحداث أخيرة خاصة في الشهر الأخير من العام الماضي .
فكلنا نعرف ان هناك عائلة تحكم بلدا وضعت عليه اسمها بعد ان نظمت وهيئت المخابرات البريطانية بشخص ” الحاج عبد الله فلبي ” ، الذي تقول سيرته الذاتية المختصرة ” هاري سانت جون بريدجر فيلبي (Harry St. John Bridger Phillby) ‏(3 أبريل 1885 – 30 سبتمبر 1960)، ويعرف أيضاً باسم “جون فيلبي” أو الشيخ عبد الله، هو مستعرب، مستكشف، كاتب، وعميل مخابرات بمكتب المستعمرات البريطاني. لعب دوراً محورياً في ازاحة العثمانيين عن المشرق العربي وخاصة عن السعودية والعراق والأردن وفلسطين. أعلن إسلامه وخطب الجمعة في الحرم المكي عن فضائل آل سعود على الهاشميين حكام الحجاز سابقاً . لعب دورا فعال في قيام شركة أرامكو تزوج من أمرأه نجدية وأنجب ابنه الوحيد كيم فيلبي. يبدو أنه غير ولاءه من بريطانيا إلى الولايات المتحدة الأمريكية في ثلاثينات القرن العشرين, مما دفع المخابرات البريطانية والروسية للتجسس عليه لدوره المحوري في المشرق العربي بتجنيد ابنه كيم فيلبي وغيره.” .
اذن نحن امام نظام متخلف وغارق في الجهل استخدمته بريطانيا كدعامة لتثبيت الجهل والتخلف في نجد والحجاز حيث جزيرة العرب ، وحيث مولد ورسالة رسول الامة محمد ،وقصدت وبطريقة ماكرة للحط من قيمة قيم الاسلام المحمدي المتسامح ، من خلال المذهب الوهابي المتزمت والغير متحضر والبعيد كليا عن قيم الدين الاسلامي والتحضر والفهم الانساني للاخلاق البشرية الطبيعية . في طريقة ذكية لاكراه الناس بالدين الاسلامي والحط من قيمه واخلاقه .
وجاءت امريكا لتحل محل بريطانيا في السعودية بعد اجتماع الرئيس الامريكي روزفلت وملك ال سعود عبد العزيز . ففي 12 شباط (فبراير) 1945، عندما دخلت أول سفينة حربية أميركية (المدمّرة ميرفي) إلى ميناء جدة الصغير، وبالكاد استطاع ربّانها الدخول إليه. وكان الملك السعودي، بانتظارها لتحمله للقاء بالرئيس الأميركي في البحيرات المرة في قناة السويس. وبما أنّ منطقة السويس لم تزل حتى ذلك الوقت في مدى قاذفات القنابل الألمانية، فقد أسرّ السفير إدي (الذي يحسن العربية) إلى الملك عبد العزيز، أن يحيط زيارته المقبلة للدواعي الأمنية، بالسرية التامة. وكان الملك السعودي مستعداً لتنفيذ الأوامر الأميركية على نحو متزمت. فلم يعلم حاشيته بشيء عن هذه الرحلة المهمّة حتى اللحظة المقررة للانطلاق.وسال لعاب امريكا حين اكتُشفت كميات مبشّرة من النفط في آذار 1938، بعد أبحاث التنقيب الناجحة في الدمام التي قامت بها الشركة الأميركية (CASOC) صاحبة الامتياز الحصري لحقوق التنقيب واستغلال البترول السعودي، نظير خمسين ألف جنيه ذهبي شهرياً اعتبرتها الدولة الغارقة في الفقر والتخلف اسمها السعودية ثروة طائلة ، يوم كان الملك فيصل الاول ملك العراق انذاك يحث في اجتماعات مجلس الوزراء بارسال التمر العراقي الفائض عن الحاجة لـ ” المگاريد ” بدل رميه للحيوانات ، ويقصد السعوديين وتجمعات سكانية على الخليج سميت بعد ذلك التاريخ بـ ” دول ” اثر اكتشاف النفط في اراضيها.
وهكذا نشأت ” دولة ” من خارج العصر والتاريخ الحديث ، وظلت كذلك حتى الآن اسمها ” المملكة العربية السعودية ” ، بعد ان كان عبد العزيز آل سعود يعيش هو ووالده في التجمع السكاني البسيط الذي كان متواجدا على ساحل الكويت ، ونصب نفسه سلطانا بقوة وسلطة المخابرات البريطانية ، التي قلبت ظهر المجن للعائلة الهاشمية التي كانت تحكم الحجاز ، وعائلة آل رشيد التي كانت تحكم نجد .
ولكن الخطة الاستعمارية كانت وحسب ما وضعت ، وخاصة ابعاد العائلة الهاشمية العريقة الاصل والنسب الهاشمي في الحجاز التي تعيش بمجتمع راق وتدير مواسم الحج الاسلامية ، لتضع بدل تلك الرقي والاخلاق السامية اخلاق بدو اجلاف تربو على تعاليم رجل مشوه خلقيا وعقلا هو محمد بن عبد الوهاب الذي كان صنيعة بريطانيا ايضا وبواسطة الجاسوس البريطاني همفر كما تقول كل الوثائق الرسمية البريطانية ومذكرات الجاسوس البريطاني الصريحة .
هذا التكوين الشاذ لمملكة وتعاليم نظمت لتكون مثيلا للمذاهب الاسلامية المعروفة ، كانت تآمر استعماري مقصود للحط من قدر وقيمة جزيرة العرب وآزالة تاريخها واثارها ، وخلق روح التذمر والملل والكره للعرب والاسلام من خلال التعاليم والاوامر الوهابية التي تثير حتى المؤمنين القادمين لحج بيت الله الحرام .
فالوهابية التي تبناها آل سعود منذ زمن دولة القرية التي كانت متواجدة بالدرعية حيث مركز محمد بن سعود جد العائلة الحالية والذي تحالف مع محمد بن عبد الوهاب صاحب التعاليم الوهابية التي اراد بها مستر همفر ان تكون مذهبا اسلاميا جديدا . فقد اتفق المحمدان على ان تكون للاول وورثته من بعده وهو محمد بن سعود السلطة الدنيوية ، وللثاني وورثته من بعده السلطة الدينية في امارة الدرعية حيث كان المحمدان .
هذه السلطة التي توارثت الحقد والكره والغاء ونفي الآخر وتوارثت السلطتين الدنيوية والدينية ، وازيلت السلطة من امارة الدرعية الى ان اعادت بريطانيا عميلها بالمنطقة عبد العزيز آل سعود من ساحل الكويت حيث كان يعيش الى ارض نجد والحجاز ولكن هذه المرة سلطانا على كامل ارض نجد والحجاز وبرعاية بريطانية تحولت من بعد ذلك لابوية امريكية .
وقد كانت آمال كل الوطنيين والتقدميين العرب بعد التحولات الثورية التي حصلت في بعض الدول العربية واولها مصر اثر سقوط الحكم الملكي بعد انتصار ثورة تموز / يوليو 1952 ، ان يكون الدور القادم على الحكم السعودي الذي مثل عائقا ، ومنحى خطيرا لتطور المنطقة ، ووحدة بلدانها خاصة بعد وقوف النظام الرجعي القبلي السعودي ضد ثورة اليمن . لكن جهود ومساع امريكا وفق المصالح الستراتيجية والمادية بوجود النفط منع حدوث وتحقق ذلك الامل البعيد .
ولان امريكا مثلها مثل أي مستعمر ومسَتغِل آخر تهمها مصالحها في المنطقة التي اصبحت بقرة حلوب ، وبالخصوص حول تصدير النفط واغراق السوق العالمية بكميات وافرة من قبل السعودية لكي تحافظ دائما على مصالح العالم الراسمالي بتخفيض اسعار النفط . لذا فليس من المستغرب ان نرى حروب امريكا الاخيرة التي قامت بها بالوكالة في كل من العراق وسوريا واليمن ومصر وتونس مخابرات السعودية ، ومشيخات الخليج الفارسي التي اصبحت بعد منتصف القرن الماضي تسمى بـ ” دول ” ، وهي لا تتعدى عن كونها حارات غارقة في النفط ، يسكنها خليط غير متجانس ممن قدم اليها من بعض دول الجوار وكم بلوشي باكستاني وغيرهم .
ولان زمن النفط بدأ بالانحسار، والحاجة لطاقة بديلة تخفف من الاحتباس الحراري الذي يشكل خطرا مستقبليا على الحياة في الكرة الارضية ، لذلك اشعلت الدوائر الاستعمارية في العالم وبقيادة امريكا حرب الغاز باسم ” ثورات الربيع العربي ” ، وخربت دول وتجري تحركات سريعة ودءوبة لجر تلك الدول للتقسيم بعد ان هجر العديد من مكوناتها الاصلية خاصة المسيحيين .
لذلك تسعى الدوائر الاستعمارية لجعل بؤرة التوتر في المنطقة دائما ملتهبة ومشتعلة ، وقد فشلت خطة حرب انابيب الغاز جزئيا لحد الان ، وبدأ وهجها يخفت تدريجيا ، مما عجل بالنظام السعودي وبدفع امريكي لتنفيذ اعدام الشيخ النمر مع ان السعودية اعطت وعودا مسبقة بالغاء حكم الاعدام كما صرح بذلك الامين العام للامم المتحدة بان كي مون ، وكما صرح سابقا مفتي اهل السنة في العراق الشيخ مهدي الصميدعي حيث قال : بان الملك السعودي اوعده بالعفو عن الشيخ النمر . وكان الشيخ الصميدعي كوسيط ينتظر قرار العفو كما صرح وقتها . اذن ما الذي عجل وبهذه الطريقة بتنفيذ الحكم رغم كل تلكم الوعود وحديث الامين العام للامم المتحدة ؟ .
وقد هناك حادث كبير اذل حكام السعودية ، واصابهم بنكسة كبيرة اثر الانتصارات الكبيرة للجيش السوري ,وتقدمه الحثيث لطرد الارهابيين من بلدات ستراتيجية سوريةسوية مع انتصارات ” قوى سوريا الديمقراطية ” وهي تضم وحدات حماية الشعب الكردية السورية وجماعات سورية عربية ، وخاصة بعد التحالف السوري الروسي ، وما قدم من ضربات موجعة للارهابيين ” الدواعش ” بكافة تصنيفاتهم المتعددة . ثم جاءت ضربتان موجعتان عجلتا بالقرار السعودي أولهما الضربة الماحقة التي حاقت برجل السعودية في سوريا الارهابي زهران علوش ورفاقه من الارهابيين الذين قضوا بضربة رائعة من قبل الطيران السوري ، وبدقة وحرفية مخابراتية سورية استطاعت ملاحقة الارهابيين وتوجيه ضربتها لاجتماع ضم كل قيادات جيش الاسلام الارهابي الممول سعوديا والمدعوم امريكيا بالخطط والتدريب والدعم اللوجستي . ثم جاءت عملية طرد ارهابيو ” داعش ” من الرمادي مركز مدينة الانبار رغم كل ما فعلته امريكا وعملائها وما قدموه من جهود لدعم ” داعش ” ، ومنع الحشد الشعبي من المشاركة بهذه العملية . بينما يحاول نظام الجريمة والارهاب السعودي بذل كل ما يستطيع من جهود من اجل الخروج من ورطتة الكبيرة في حربه الخاسرة في اليمن التي تحولت لاحتلال بعضا من اراضيه في الداخل السعودي من قبل ابطال اليمن الحوثيين وجيشهم البطل الشجاع . ولم تستطع لا هي ولا من استقدمتهم من عناصر المرتزقة من شتى بقاع العالم أن تسجل انتصارا على الشعب الاعزل الفقير من ابناء اليمن الابطال .
اذن فنحن وبعد هذا الحادث الاجرامي وما جرى من احداث متلاحقة اثر الاحتجاجات الشيعية التي تصدرتها ايران نقف على حافة انفجار خطر في المنطقة وتمثل الخطر القريب بتسرع نظام آل سعود بقطع علاقاتة الدبلوماسية مع ايران لحقت به ذيوله الصغيرة المتمثلة في البحرين وذنبها المقطوع السودان ، وتخفيض ما تسمى بـ ” دولة الامارات ” تمثيلها الدبلوماسي مع ايران. ويقع الخوف الاكبر من المكر التركي اذ ان حادث التسرع باعدام الشهيد النمر جاء بعد زيارة ثعلب تركيا الماكر الذي خسر هو الى جانب السعودية كل جهوده الخبيثة الماكرة من اجل اسقاط سوريا والعبث بها بواسطة ما قام به من جهد علني لدعم الارهاب وجعل تركيا ممرا لهم لسوريا والعراق ، اضافة لدعم لوجستي وسياسي . ووراء الجميع تقف عدوة الشعوب أمريكا بما تحمله من خطط تآمرية صهيوامريكية لتخريب المنطقة وتقسيم بلدانها لمصلحتها للهيمنة على امارات متعددة لا حول ولا قوة لها لو حدث ذلك ، ولكي تكون اسرائيل هي الدولة العظمى والمتنفذة في المنطقة .
اذن فنحن ووفق الجهود التآمرية الامريكية التي تشعل المنطقة دائما بما تحمله من خطط استعمارية مقبلون على ايام عصيبة ، لو استمر التوتر في المنطقة فما سوف يحدث يترك للتنظيم الارهابي ” داعش ” واخواتة حرية التحرك والتمدد في المنطقة بعد ابعاد الانظار عنه لفترة ولو بسيطة . أي ان هناك غرضان للخطة الامريكية أولها اشعال حرب ضارية في المنطقة ، وصرف الانظار عن وجود وتمركز ” داعش ” ، وهو جزء مهم من الخطة المرسومة ، وتكريس لخلاف سني شيعي لاشعال المنطقة والنجاح باشعال حرب طائفية بين دولها ، بعد ان فشلت في جر المنطقة لنزاعات طائفية بواسطة جنينها الغير شرعي ” داعش ” .

* ناشط في مجال مكافحة الإرهاب

http://www.saymar.org

http://alsaymarnews@gmail.com

فيينا 04 . 01 . 2016

اترك تعليقاً