أخبار عاجلة
الرئيسية / الأخبار / 5 سنوات من الفضائح.. قصة “هكر” لاحقته المخابرات وسقط بـالصدفة

5 سنوات من الفضائح.. قصة “هكر” لاحقته المخابرات وسقط بـالصدفة

السيمر / فيينا / الثلاثاء 17 . 09 . 2019 — يتندر الكثير من العراقيين في سؤال تهكمي عن محافظة وواسط، 180 كم جنوب العاصمة بغداد، وإن كانت حقًا موجودة على خارطة البلاد، في إشارة طريفة إلى الهدوء الذي تشهده المدينة غالبًا، فهي لا تتصدر الأحداث إلا نادرًا، كما حدث حين داهمتها السيول خلال الموسم الماضي، لكن “كابوسًا” عكر ذلك الهدوء على أبناء المحافظة ومركزها تحديدًا عرف باسم “جعفر الحمداني”.

على مدى 5 سنوات تلاعب “مخترق” بحسابات وصفحات عشرات المواطنين والمسؤولين في محافظة واسط و “فضح” أسرارهم
خلال 5 سنوات “قض” الحمداني ذو الـ 37 عامًا مضاجع مواطنين ومسؤولين وسياسيين، عبر اختراق حساباتهم وصفحاتهم في فيسبوك ونشر صورهم وأسرارهم، وتحول إلى هدف تلاحقه أهم أجهزة الدولة، دون جدوى، فيما كان يستمر بالإطاحة بضحاياها لأهداف غير واضحة، لم تتضمن الابتزاز المالي أو الجنسي، كما أنها أساليبه كانت “عالية المستوى”، قبل أن يسقط في يد أجهزة الأمن نتيجة “خطأ بشري”

الشرقية.. بداية القصة

منطقة “الشرقية” في مركز المدينة كانت هي المسرح الأبرز لضحايا الحمداني، ما جعل الجميع يدرك أنه من سكانها، فمثل الرعب الحقيقي للشباب والفتيات فيها، لكن الفضائح لم تكن تقف عند هذا الجيل فحسب، بل بلغ طوفان الفضائح علاقات وأسرارًا تعود إلى سبعينيات القرن الماضي، تخص أمهات وجدات في الوقت الحاضر، ما آثار القلق والمخاوف من مصادره وأدواته الفضائحية.

تروي “م. ن”، وهي طالبة جامعية من سكان المنطقة، معاناتها ونساء المنطقة، : “لم نتخيل يومًا أن يقع الحمداني في قبضة السلطات الأمنية، كانت تلك السنوات مرعبة لكل فتاة وشاب، لم يكن الأمر مقتصرًا على أصحاب العلاقات والعشاق، فتحول بحكم كمية المتابعين إلى مثير للفتن والشائعات”.

من التالي؟، هو السؤال الذي كان يخيف الجميع بعد كل ضحية، تضيف “م. ن”، مشيرةً إلى أن “العديد من الفتيات تركن أجهزة الهاتف الحديثة، واتخذن سلسة تدابير لعلها تقيهن من شر الحمداني، فمجرد الحديث عن فتاة في صفحة الحمداني يعني وصمة عار تلاحقها وقد تؤدي إلى قتلها مثلما حدث مع كثيرات”.

تبين “م. ن” في حديث لـ “ألترا عراق”، أن “التنوع في استهداف الضحايا والذين كان معظمهم شخصيات عامة، كان يثير الحيرة في هدف الحمداني”، مستغربةً من “تمكن شخص من فعل كل هذا بمفرده دون أن تتمكن الأجهزة الأمنية من اعتقاله”.

ثغرة المتصفح الأزرق

وعلى الرغم من تأكيد إدارة فيسبوك المستمر على إجراءاتها الأمنية، إلا أن الحمداني كان يستغل ثغرات في نظام الحماية للشركة، ليشكل خلال السنوات القليلة الماضية، “ظاهرة” علنية تشي بعجز الأجهزة الأمنية في المجال التقني وضعف الرقابة على الإنترنت والأمن الرقمي.

في السياق يوضح مصدر مطلع على تفاصيل القضية منذ البداية وحتى التسوية الأخيرة، أن “الحمداني استغل ثلاث طرق للإيقاع بضحاياه، الأولى هي ثغرة في فيسبوك لا زالت قائمة حتى الآن، والتي عجزت إدارة الشركة عن معالجتها، عن طريق تزوير مستمسكات المستخدم وإرسالها إلى فريق الدعم في فيسبوك لاستعادة الحساب على أنه ملكه، حيث يستقبل موظف الطلب وينظر فيه، وقد يتطلب الأمر الحصول على الحساب إرسال مئات الطلبات إلى أن يظفر به”.

استخدم “الهكر” وهو شاب في الـ 37 من عمره ثلاث طرق لاختراق حسابات الضحايا من بينها ثغرة في فيسبوك
“الهندسة الإجتماعية” هي حجر الزاوية في هذه الطريقة، على حد وصف المصدر، حيث تعد المعلومات الشخصية للمستخدم مثل تاريخ الميلاد ورقم الهاتف والأوراق الثبوتية، عاملًا مساعدًا في تمرير الطلب على فريق الدعم.

يقول المصدر الذي طلب عدم الكشف عن اسمه لحساسية موقعه في حديث لـ “ألترا عراق”، إن “هناك تواطؤًا من موظفين في مقر شركة فيسبوك في دبي، من جنسيات عربية لتمرير بعض الطلبات، حيث يتم الاتفاق معهم بشكل شخصي على استقبال الطلب وقبوله”.

أما الطريقة الثانية، بحسب المصدر، فتقوم على خداع الضحية ذاته، عبر انتحال صفة شركة فيسبوك بإنشاء حسابات مزيفة، وإرسال رابط إلكتروني يطلب من الضحية عنوان بريده الإلكتروني ورقمه السري، فيما تعد الطريقة الثالثة هي الأخطر، حيث تجري عن طريق سحب شريحة اتصال تحمل رقم هاتف الضحية المرتبط بحسابه في فيسبوك عبر وثائق مزورة من خلال مراكز استبدال الشرائح التالفة والمسروقة.

الناس شركاء

يبدو الأمر غريبًا وليس منطقيًا، أن يجلس شخص لساعات ويرسل مئات الطلبات لإدارة فيسبوك بهدف استعادة حساب لمراهق أو رجل عادي، ويدخل إلى رسائله الخاصة وقد لا يجد بالضرورة ما يروي ضمأه الفضائحي، دون هدف.

يقول المصدر، أن “الضحايا غالبًا ما يكونون شركاء في عملية اختراق حساباتهم ، عبر إرسال رقم الاسترداد السري للحساب، أو رقم الهاتف أو تزويده بمعلومات شخصية.

كما أن هناك من يساعده في اختراق الحسابات، بدافع الفضول لمعرفة أسرار الضحايا، بحسب المصدر، فعندما يقوم الحمداني بالسخرية والتهجم على شخص ما يعلم جميع متابعيه أن ذلك الشخص هو الضحية القادمة، ثم تنهال عشرات الرسائل على حسابات الحمداني المتعددة والتي غالبًا ما تكون لضحايا سابقين، لتزوده بمعلومات عن الشخص المطلوب.

أهداف منتقاة

من المعتاد أن تكون دوافع الاختراق هي الابتزاز للحصول على المال أو الجنس، أو لتسوية مشكلة شخصية، لكن الحمداني لم يطلب المال من أحد ولم يساوم فتاةً للممارسة الجنس، لكن إلى جانب العشرات من المواطنين العاديين، كانت هناك أهداف منتقاة ونوعية اختاراها، ما قد يشير إلى أهداف سياسية أو أمنية.

استهدف الحمداني مسؤولين بارزين من بينهم وزير الداخلية السابق قاسم الأعرجي ولاحقه جهاز المخابرات، وفق مصدر أمني مطلع
يعزو المصدر استهداف السكان البسطاء، إلى تشكيلهم عنصر جذب للجمهور حيث أراد المخترق ضمان التفاعل المستمر، فيما يعتبر أن الهدف الرئيسي له كانت شخصيات محددة، أبرزهم من المسؤولين والسياسيين.

اخترق واستهدف الحمداني خلال سنوات الخمس الماضية شخصيات عديدة، كان أبرزها: وزير الداخلية قاسم الأعرجي، رئيس اللجنة الأمنية في مجلس المحافظة عن سائرون صاحب الجليباوي، عضو المجلس المنشق عن دولة القانون آلاء الحاجم، قائممقام قضاء الكوت عن التيار الصدري حامد خزيم وأخيه، صادق سعيد وهو قائد عسكري في عصائب أهل الحق، فضلًا عن معاون مدير تربية المحافظة وعمداء كليات وضباط في قيادة شرطة المحافظة.

جهود جبارة.. وصدفة!

وفي ظل وجود هذه الأسماء المستهدفة والرأي العام المتابع لممارسات الحمداني في محافظة، كانت هناك جهود تقنية كبيرة لمتابعة الأمر على مستويات كبيرة.

يصف المصدر الجهود التي بذلت بـ “الجبارة”، ويقول إنها “بدأت من مديرية استخبارات المحافظة، مرورًا بتكليف وزير الداخلية السابق قاسم الأعرجي لرئيس جهاز المخابرات مصطفى الكاظمي بشكل شخصي لمتابعة الموضوع، ما دفع الأخير إلى إرسال أكبر فريق في الجهاز إلى المحافظة، وتشكيل خلية أزمة مع ضباط المحافظة، والدخول إلى النظام الرئيسي لإحدى الشركات المزودة للانترنت في المحافظة، بالإضافة إلى محاولات عديدة، لم تفلح أمام مكر وحذر الحمداني”.

لكن الحمداني ارتكب “خطًأ بشريًا”، على حد تعبير المصدر، ليقع في قبضة الأجهزة الأمنية “بمحض الصدفة”، مشيرًا إلى أن “برامج وحسابات متطورة تحتوي على أرصدة بمئات الدولارات ضبطت بحوزته”.

تسوية كبيرة

نوعية العمليات وانتقيائيتها تقود إلى سؤال كبير، فمن يقف وراء “هكر الكوت” ومن هم أعضاء فريقه المساعد، وما الهدف الحقيقي من كل ذلك؟

يقول المصدر، إن “المئات من الضحايا وذويهم تجمعوا لحظة مداهمة منطقة الشرقية والقبض على الحمداني، وحالوا حرق الدار والتهجم على عائله، فيما تدخل قائد شرطة المحافظة اللواء علاء غريب لتهدئة الجموع وتوفير حماية لعائلته”.

وقع الحمداني في قبضة أجهزة الأمن بـ “محض الصدفة” في ظل معلومات عن تسوية كبيرة عقدت معه لضمان عدم كشف من يقف خلفه
أثناء ذلك بدأ حِراك في الكواليس لعقد مفاوضات بين جهات لم يسمها المصدر، للاتفاق على صيغة ترضي جميع الأطراف، انتهت بحسبه إلى “عدم سؤال الحمداني عن فريقه والجهة الداعمة له، على أن يحاكم وحده عن جميع القضايا التي وصلت إلى نحو 300 قضية”.

أصدرت محكمة جنايات واسط، مؤخرًا، حكما بالسجن لمدة 21 عاما على الحمداني. الحكم جاء عن ثلاث دعاوى فقط، حيث أصدرت المحكمة حكمًا بالسجن لمدة 7 سنوات عن كل قضية وفق المادة 430 من قانون العقوبات العراقي”.

المصدر: الترا عراق

اترك تعليقاً