السيمر / فيينا / الاربعاء 29 . 01 . 2020 — اتخذت الصين إجراءات حاسمة لمنع انتشار فيروس كورونا، في الوقت الذي وصل فيه عدد المصابين إلى أكثر من 4500 مصاب، حاصدا أرواح أكثر من 100 شخص حتى الآن.
وتمثلت الإجراءات الصينية بإعلان حالة الطوارئ وفرض الحجر الصحي على عدد من المدن، وأوقفت وسائل النقل العامة فيها، كما ومددت العطلة وخصوصا للمدارس بعد عيد رأس السنة الصينية حتى إشعار آخر، كما وأشارت بعدم الخروج إلا للأمور الضرورية.
يدرس في الصين وتحديدا في مدينة ووهان عدد من الطلاب والمواطنين العرب، وقد اتصلت وكالة “سبوتنيك” بأحد الرعايا العرب الموجودين في مدينة ووهان، وهو الطالب اللبناني أدهم السيد، للحديث عن الحياة بعد انتشار الفيروس القاتل.
طبيعة الحياة
تحدث الطالب اللبناني عن شكل الحياة الحالية بعد إغلاق المدينة فقال: السلطات اتخذت إجراءات لإبقاء جميع المراكز التجارية التي تؤمن المواد الغذائية الأساسية للناس مفتوحة.
ويكمل: في اليوم الأول بعد الإقفال سارع الناس إلى المحلات التجارية وخاصة الكبرى لشراء الأغذية وأفرغتها تماما، لكن في اليوم الثاني كان هناك سياسة واضحة جدا بالنسبة للجميع، أن المحلات ستكون مفتوحة بشكل دائم، وسيكون كل شيء متوفر فيها ومن دون أية زيادة في الأسعار.
ويتابع السيد: المشكلة الإضافية هي أننا في عطلة رأس السنة الصينية، وحتى لو لم يكن هناك فيروس فالمدينة ستكون فارغة من السكان، ومعظم المحلات الصغيرة التي تبيع مواد غذائية، والتي تعود ملكيتها لأشخاص أصلا مغلقة قبل فرض الحجر الصحي على المدينة.
ويرى أدهم أن الشيء الذي سبب الخوف نتيجة الوضع الاستثنائي الجديد هو أن تغلق الأماكن الباقية والتي لا تغلق عادة في العطلة، ويتابع: لكن ذلك لم يحدث وهذا شيء جيد جدا، وإذا أردت الحديث عن نفسي كطالب في الجامعة، فلدينا كل شيء داخل الجامعة، من سوبر ماركت إلى أسواق داخلية.
ويستطرد: الجامعة اتخذت إجراءات بعدم إغلاق الأشياء الأساسية، على الرغم من أن الجامعة قبل موضوع الفيروس كانت فارغة، بسبب عطلة رأس السنة الصينية، وطلبت من أصحاب المحلات في الجامعة فتح محلاتهم، بالإضافة إلى إعادة فتح المحلات التي كانت مغلقة بسبب العطلة، كالمطعم الطلابي والمحلات وغيرها، طبعا بشروط صحية خاصة جدا.
ويردف الطالب اللبناني: نحن عمليا لا نخرج من المنزل إلا من أجل الشيء الأساسي جدا والضروري، على الرغم من عدم وجود منع بالخروج، وأنا من 7 أيام لم أخرج إلا مرة واحدة، حيث اشتريت طعاما وشرابا من المحل وعدت.
ويفصح السيد على أن المدينة عندما أغلقت لم تغلق فقط من الدخول والخروج إليها، بل أوقفت في داخلها جميع وسائل النقل، بمعنى أن إمكانية الحركة أصبحت أقل، ويضيف: تستطيع الذهاب فقط سيرا على الأقدام إلى الأماكن القريبة، ولا يوجد وسائل نقل، وهي من أهم الإجراءات التي يمكن أن تخفف انتشار الفيروس، حيث أن المدينة انعزلت عن بعضها، وهذا حدث بشكل تلقائي دون فرض من قبل أحد.
ويستدرك: هنا يتم التعامل معنا كأننا مواطنون صينيون لا بل أكثر، نحنا لدينا وضع خاص كطلاب أجانب بالمعنى الإيجابي، وأعرف عائلة صينية تقوم بما نقوم به تماما ويعيشون حياتنا ذاتها تقريبا، حيث أنهم يلتزمون البيت ولا يخرجون إلى من أجل الأشياء الضرورية
المستلزمات المعيشية
وكشف الطالب أدهم السيد عن أن جميع المواد والمستلزمات الحياتية متوفرة بشكل طبيعي جدا، وأردف: نحن كطلاب وفرت لنا الجامعة أي شيء نحتاجه، وهناك جامعات في ووهان تقوم بإيصال الطعام إلى الطلاب في الغرف، ولا يوجد حاجة حتى للخروج من الغرفة، ونحن مثلا حصلنا على الكمامات في أول يوم من الأزمة، كوننا طلاب أجانب هنا ونخشى الخروج إلى الشارع والأماكن العامة.
ويضيف: باختصار كل الأمور الأساسية مؤمنة لنا، من طعام وفواكه وخضار وغيرها، والمحال التجارية تفتح بشكل منتظم، وبطبيعة الحال ممنوع الخروج إلى أي مكان دون كمامة، وهذا كأنه خرق للقانون، كما أن المواد الصحية والطبية مؤمنة، والصيدليات تحتوي على كل ما تحتاج ولا يوجد أية مادة مفقودة.
ويؤكد: يمكن القول أنه بعد 7 أيام على الحجر الأمور مستقرة هنا في المدينة، ومن النادر أن ترى أحد الأشخاص خارج منزله إلا من أجل الأشياء الضرورية.
التعامل مع المصابين
وعن طريقة التعامل مع المصابين بفيروس كورونا، وعما إذا كان قد أصيب أحد من معارفه يقول السيد: إلى الآن ليس هناك أي طالب أجنبي في الجامعة مصاب، وفي ثاني يوم من الإغلاق تم التعميم عن طالب صيني لديه إصابة، وطلب من الجميع في حال كان معه في الصف أو في السكن الجامعي أو غيره أو التقى به أو حتى احتك به، خلال فترة 14 يوما الماضية أن يبلغ الإدارة.
ويتابع: نحن يوميا لدينا تحديث للمعلومات عن أنفسنا ضمن المجموعة المسؤولة عن السكن الطلابي، حيث نقيس الحرارة لدينا يوميا، ونبلغ أننا لا نشكو من شيء وأن حرارتنا طبيعية ووضعنا جيد، وفي حال أحس أي شخص بأي عارض تأتي فرقة خاصة لإجراءات العزل، ولكن الحمد لله هذا الأمر لم يحدث حتى الآن.
ويواصل الطالب اللبناني: هناك تحديث للمعلومات أسبوعي قمنا به مرتين، عندما تم إغلاق المدينة واليوم، حيث تم إرسال استمارة على الأنترنت قمنا بملئها، وأحد الأسئلة التي كانت فيها إذا ما كنا قد زرنا منطقة هانكوك وغيرها من المناطق حيث تم اكتشاف أولى الحالات، أو كنا على اتصال مع أشخاص زاروا أماكن تم اكتشاف الفيروس فيها، أو أي شخص أصيب بالكورونا.
التوصيات
وكشف السيد عن أبرز الاحتياطات التي يقوم بها، وعن التوصيات التي أصدرتها السلطات والجهات المختصة الصينية فيما يخص الوقاية من الفيروس المعدي، ويوضح: أهم شيء حاليا لمواجهة الفيروس هو الحذر والحيطة، وأي شخص يتخذ الاحتياطات اللازمة لن يصاب بهذا المرض، وخاصة إذا عزل نفسه إلا للضرورة القصوى، وهذا المنطق السائر حاليا في الصين، حيث يجب الانتباه وعدم الخروج دون كمامة، غسل اليدين والإكثار من شرب السوائل السخنة دائما، وهذا ما نقوم به عمليا.
ويضيف: ليس هناك تواصل مباشر مع السلطات بل يتم عبر الجامعة وهي التي تبلغنا بكل شيء، والحالات التي يتم اكتشافها تؤخذ إلى المستشفى، ، وقرأت أحد التعليمات من الدولة الصينية تقول إذا لم تكن الحرارة عالية جدا لا يوجد ضرورة بالقدوم إلى المستشفى، بل فقط اعزل نفسك وأكثر من شرب السوائل السخنة، واذا ارتفعت الحرارة بشكل خطير اذهب إلى المستشفى.
ويستطرد: ما يتم هناك في المستشفى يمكن عمليا القيام به في المنزل، بمعنى أنه لا يحدث في المستشفى أكثر مما تفعله في البيت، وهذا يظهر لنا أن هذا الفيروس ليس خطيرا بالمعنى القاتل، ولكن خطورته تكمن في الانتشار السريع، وأن فترة حضانته مدة 14 يوما قبل ظهور العوارض.
ويردف: معظم ضحايا هذا الفيروس هم أشخاص كبار في السن فوق 70 سنة، وهذا ما رأيته في إحصائيات يوم أمس، واليوم أعتقد أن عددهم قد بلغ 106 أشخاص.
عودة الحياة الطبيعية
وعن التوقعات عن طول فترة الحجر الصحي التي تقع فيه المدينة، يقول أدهم: الإجراءات التي حدثت في الجامعة أمس واليوم، توحي بأن الوضع يذهب نحو التحسن والاستقرار، وأنا متأكد برأيي الخاص الآلاف من الحالات الجديدة، لأن فترة الحضانة للفيروس هي 14 يوما، لذلك سيتم اكتشاف حالات جديدة، لكن مثلا الإجراءات الجديدة تقول عودوا إلى حياتكم العادية داخل الجامعة ولكن بحذر شديد جدا.
ويضيف: الحياة غير طبيعية أبدا هنا، ولا نمارس حياتنا بشكل عادي أبدا، لكن في الوقت ذاته هناك من يقول أن هناك إجبار لنا بملازمة المنازل، ولكن لا شيء من هذا القبيل أبدا، أما كم سنحتاج من وقت للعودة إلى الحياة الطبيعية لا أعرف تحديدا، ولكن أتمنى أن يحصل ذلك بأقرب وقت.
ويعتقد من تجربته في الصين حيث يعيش لمدة خمس سنين، أن لا شيء صعب على الصين، فهم يضعون كل جهدهم حاليا لمعالجة هذا الموضوع، ويعتقد أنهم سينجحون في ذلك.
توفر الإمكانات لدى السكان
وعما إذا كان لدى السكان القدرة على الاستمرار في العيش وشراء المواد في ظل توقف الحياة نسبيا في المدينة، يقول السيد: من يملك من السكان الموجودين في ووهان محلا فهو يقوم بفتحه، ولكن أود لفت النظر أن هناك عطلة رسمية في المدينة، وبطبيعة الحال المدينة تكون مغلقة بشكل عام، وفي هذا الوقت من العام الماضي كنت ترى أن الشوارع فارغة والمحلات مغلقة.
ويستدرك: نحن لا زلنا في أول أسبوع من الحجر، وجدية هذا السؤال تعتمد على مدى امتداد الأزمة، وكيف يمكن للناس أن تحتمل هذا الحجر، ومن خبرتي هنا أظن أن الحكومة الصينية لديها خطة لهذا الأمر.
ويتابع الطالب اللبناني: عند إغلاق المدينة كان هناك خوف من الخروج، وكان هناك تساؤل حول كيفية تأمين الطعام بسبب إغلاق المحلات وغيرها، وكان الرد بأن السلطات التي أغلقت المدينة لديها خطة لنستطيع العيش، ومن الواضح أنه خلال الأيام الستة الماضية أصبحت حياتنا شبه طبيعية في ظل الوضع غير الطبيعي.
ويواصل: نعم ليس هناك أعمال فمن لديه مطعم أو شيء كهذا، لم يعد أحد هناك أحد يخرج من منزله للذهاب إليه، مع أن معظم الصينين يأكلون في المطاعم وليس في البيت، وهذا كله متوقف الآن، وكذلك الأمر ينطبق على المحلات التجارية الأخرى من ألبسة وغيرها من المواد.
ويكشف عن أن هناك شيء آخرهو أن السكان تجمع النقود انتظارا لهذه العطلة، وأن عملية الحجر حدثت بالتزامن مع هذه العطلة، لذلك الناس لا زال لديها نقود كانت مخصصة للعطلة وهم يصرفون منها الآن، ولكن كم ستطول هذه الأزمة هنا يطرح السؤال حول قدرة السكان على الاستمرار.
التواصل مع السفارة
وعن تواصل السفارة اللبنانية معهم كطلاب دارسين في مدينة ووهان، وإذا ما كان هناك خطط لإجلائهم إلى لبنان يقول أدهم: نحن على تواصل دائم مع السفارة اللبنانية منذ 3 أو 4 أيام، وكذلك مع تواصل مع السفارة الصينية في لبنان ولهم الشكر، ونحن فقط 4 طلاب لبنانيين هنا وعائلة مكونة من شخصين، وحتى اليوم لم يتكلم أحد بشكل جدي عن عملية إخلاء.
ويضيف: الفرنسيين تكلموا أنهم يريدون إخلاء رعاياهم، وبالأمس تكلمت مع طلاب فرنسيين قالوا أن هناك إخلاء، ولكن ليس هناك موافقة من الصين حتى الآن، والآردن كذلك قال بأنه سيرسل طائرة لإجلاء الطلاب، وأنا وغيري من الطلاب نريد أولا معرفة شروط الإجلاء.
ويوضح السيد: أكثر ما يخيف الآن هو التنقل والتجمع مع ناس آخرين غير معروف هل هم مريضون أم لا، ولأي بلد سننتقل وكيف، وجميع هذه الإجراءات لا زالت غير واضحة، وعندما تتضح الصورة سنأخذ موقفا محدد، فالأفضل البقاء في مكانك مع أخذ الاحتياطات والحماية التامة.
ويكمل: في حال حدث أي شيء أعتقد أن الصينين أصبح لديهم الخبرة الكاملة خلال الفترة السابقة والحالية في هذا الموضوع بالذات، حيث أن هناك الآلاف دخلوا المستشفى والكثير منهم يشفى ويخرج، ومن الأفضل للمصاب أن يعالج هنا على الذهاب إلى مكان ليس لديهم الخبرة في هذا الموضوع، وحتى لا تكون خبرا في الجرائد عن اكتشاف الإصابة الأولى في المكان الفلاني بفيروس كورونا.
ويتابع: نحن الآن نفهم هنا أن هذا الفيروس غير خطير، أما الآخرين فهم يسمعون فقط ويقرأون، لذلك من الأفضل لي البقاء هنا على الخروج إلى مكان سيعتقدون فيه أني قادم من مدينة أشباح وبأني خطير وحامل هذا النوع من الفيروسات.
ويختم حديثه: الموقف الرسمي الصيني حتى الآن أنها لن تمنع أحد من إجلاء رعاياه، ولكن ضمن شروط منها عملية الحجر الصحي لمدة 14 يوم، وهي مدة الحضانة للفيروس، وكل من يلتزم بهذه الشروط يستطع إجلاء رعاياه.
وعلى الرغم من أن منظمة الصحة العالمية قيمت الخطر الناجم عن فيروس كورونا بالمرتفع للغاية في الصين، ومرتفع على المستوى الإقليمي والعالمي، إلا أنها قدرت عاليا جهود الحكومة الصينية في مكافحته، وعلى أن بكين تملك جميع القدرات للتغلب على الفيروس.
المصدر / سبوتنيك