عبد الجبار نوري
مقدمه/ السيد عبد الرزاق الحسني شيخ المؤرخين الكبير 1903 – 1997 فهو شخصية وطنية وقومية ، وموسوعة علمية كتب تأريخ العراق المعاصر الحديث بمساحة زمنية شاملة منذ 1921 حتى 14 تموز 1958 ، وبشكلٍ نزيه وصادق فيما كتب فهو لا يداهن ولا يجامل وبقلمه النظيف طوال أكثر من 50 سنة ، أغنى المكتبة العراقية ببحوثه ومقالاته الثرة ومؤلفاتهِ التي زادت على أكثر من ثلاثين كتاباً ومجلداً بعضها بثلاثة أوعشرة أجزاء ، ويجيد التكلم باللغة التركية والفرنسية والأنكليزية ، رحماك يا حسني أي قلمٍ سيال وخزين ذاكرة ألكترونية تمتلك يا موسوعة العراق ؟آثاره المطبوعة : لهُ أكثر من 29 مؤلفا في التأريخ والسياسة ، وأطياف الشعب العراقي ، والصحافة ، والأغاني ، والرواية وهذه بعضها : – تأريخ الوزارات العراقية / عشرة أجزاء – تأريخ العراق السياسي/ ثلاثة أجزاء – العراق بين دوري الأحتلال والأنتداب – الثورة العراقية الكبرى – العراق في ظل المعاهدات – العراق قديماً وحديثاً – الخوارج في الأسلام – البابليون في التأريخ – رواية تحت ظل المشانق-تأريخ الأحزاب السياسية في العراق – الأيزيديون حاضرهم وماضيهم – الصابئة في حاضرهم وماضيهم – تعريف الشيعة – المراقد المقدسة في العراق – تأريخ الأحزاب السياسية في العراق – ثورة النجف بعد مقتل حاكمها ” كابتن ماريشال ” أسرار أنقلاب بكر صدقي .بدأ حياته في حقل الصحافة نشر مقالاته وبحوثه في جريدة ( المفيد ) لصاحبها زكي حلمي العمر ، وعمل مراسلاً لجريدة الأهرام ، وأصدر جريدة ( الفيحاء ) في الحلة .حصل على شهادة الدكتوراه الفخرية في التأريخ م جامعة بغداد 1992 ، كما حصل على الوسام الذهبي من الأتحاد العام للكتاب والمؤلفين في العراق عام 1996 ، ولديه حضور في مؤتمر ” المستشرقين ” الخامس والعشرين والذي أنعقد في موسكو عام 1960 منهجية المؤرخ الحسني السردية في صياغة الحدث التأريخي-أنّ منهجه يقوم على ” مراجعة الأصول وتدقيق المراجع ومطابقة الوثائق مع اصولها ، والأتصال بأصحاب العلاقة وصانعي الأحداث آنذاك ، ومن ثمّ تكوين فكرة صحيحة عن الظروف والمناسبات أي أنهُ يهتم بالوقائع الرسمية ، كتب في الرواية أثناء دراسته في دار المعلمين العالية ، كتب فيها رسالة ( تحت ظل المشانق ) ثُمّ أتجه إلى الشعر وهجرهُ بأتجاه التأريخ كمادة دسمة للكتابة قد لا تحصل في كتب اللغة والأدب .- وهو المؤلف الذي ضرب رقماً قياسياً في أعادة طبع الكتب لم ينلهُ كاتب سابق قبل ” الحسني “، فأصبح يطبع من الكتاب الجديد خمسة آلاف نسخة ، وأنّ كتاب (الأيزيديون في حاضرهم وماضيهم )والذي تُرجم إلى اللغة التركية والفارسية ، فأنه أعاد طبعهُ عشرة مرات ،وكتاب ( تأريخ الوزارات العراقية ) بعشرة أجزائهِ أعيد طبعهُ سبعة مرات .- جهود عبد الرزاق الحسني في أرساء أسس المدرسة التأريخية العراقية المعاصرة ، معاتباً المؤرخين والعاملين في الحقل الأدبي والثقافي في أواخر حياته { أننا كنا نحفر بالمجرفة وأنتم اليوم تحفرون بالأبرة } وكتب وألف في أقسى الظروف عندما أعتقل وسجن – لمواقفه الوطنية – وأبعد إلى سجن الفاو وثُمّ سجن العمارة ولمدة أربعة سنوات أللّف في زنزانته الموحشة { تأريخ العراق السياسي } بأجزائه الثلاثة وهو الكتاب الذي نال جائزة المجمع العلمي العراقي لأحسن كتاب قدم عام 1949 } وطُبع ستة طبعات ، وأذا كان المرض يعطل طاقات البعض من الناس ، فأنّهُ يستمد من مرضه قوّة أستثنائية تتدفق المزيد من العطاء ما دام قلمهُ لم يجف بعد ومواهبهُ لم تتوقف ، وهو على فراش المرض أنجز كتابهُ المشهور { تأريخ الأحزاب السياسية منذ عام 1908 حتى ثورة 14 تموز 1958 } .- كان مولعاً بل مختصاً في صياغة المذكرات حيث يخرجها بحلة أدبية منسقة تتطابق مع الواقع والحقيقة لذا كان رؤساء الوزارات والوزراء والشخصيات البارزة في الدولة آنذاك يترجونه في كتابة مذكراتهم ، ويشترط عليهم تزويده بوثائق وشواهد ومستندات تثبت وتؤييد صحة الأحداث وسيرة المذكرة الشخصية ، كتب أولاً مذكرات الملك فيصل الأول أبن الحسين {—– وتزوج الملك فيصل الأول أبن الشريف حسين من (حزيمه ) أبنة عمه ناصر 1905 وأنجب منها الأميرة عزّه وراجحه ورئيفه والملك غازي { وحين رُشح الأمير فيصل لعرش العراق نصحهُ والدهُ الشريف حسين قال لفيصل : ” يا ولدي هذا العراق لا يؤتمن فقد غرر بعمك الحسين ابن علي ابن أبي طالب عليه السلام حيث دعوه ثُمّ قتلوه ، فأذهب أليها وحدك ، والأيام شواهد على ما سيحدث فيما بعد ” وثُمّ يضيف فيصل الأول ملك العراق في 1933 عندما عايش العراقيين كتب في مذكراته بقلم المؤرخ عبد الرزاق الحسني ما يلي ” لا يوجد في العراق شعب بل توجد كتلات بشرية خيالية ، خالية من أية فكرة وطنية ، متشبعين بتقاليد وأباطيل دينية ، لا تجمع بينهم جامعة ، سماعون للسوء ، ميالون للفوضى ، مستعدون دائماً للأنتفاض على أية حكومة كانت ” ( عبد الرزاق الحسني / تأريخ العراق السياسي ج1 ص12 .وكتب مذكرات رئيسي الوزراء الأسبقين ” علي جودت الأيوبي ” و” ناجي شوكت ” وأشرف على مذكرات الوزراء عبد العزيز القصاب وطه الهاشمي وتحسين العسكري ، وكذلك نقح وبّوب وفصّل مذكرات اللواء الركن أبراهيم الراوي حتى ذهب معه إلى بيروت لكي يشرف على طبعه.-يمتاز الأستاذ عبد الرزاق الحسني بخصال فريدة يندر أنْ تجتمع في غيره من المؤرخين فهو يتوخى الصدق والحق في كل ما كتب ويكتب رغم صعوبة الخوض في أحداث ما زال بعض رجالها أحياء يملكون من أسباب القوّة والمنعة ما يحرج الباحث .الخاتمة/ الحسني شيخ المؤرخين في عراقنا المعاصر فقد كان شخصية وطنية ، تعرض خلال حياته إلى السجن والتعذيب لمواقفه الوطنية قضى معظم حياته في البحث والتأليف فكتب تأريخ العراق والأمة العربية بصدقٍ ومنهجية وعلمية وبأمانة وأخلاص لذا تُعدْ كتبهُ ” مراجع تأريخية ” وأرشيف لذاكرة العراق الثقافية والأدبية .المجد والخلود للمؤرخ والباحث والقامة العراقية ” السيد عبد الرزاق الحسني رحمه الله .