المركز الخبري لجريدة السيمر الإخبارية / الجمعة 05 . 02 . 2016 — خلافا لأمنيات المحافظين الجدد وصقور الليبرالية في بداية الحرب، لم ينعقد جنيف3 بهدف سن قرار استسلام الجمهورية العربية السورية، واستبدالها “بجسم انتقالي” يهيمن عليه الأخوان المسلمون، بل للتفاوض على وقف لإطلاق النار، يتبعه تنظيم صياغة دستور جديد، وانتخابات مفتوحة أمام الجميع. لكن، اتضح أن هذا الهدف بعيد المنال نظرا لموقف المعارضة التي ترعاها الرياض.
بوسعنا أن نستخلص العديد من الاستنتاجات
أولها، أنه صار مستحيلا الاعتماد على الأمم المتحدة لحل هذا النزاع. لأن الفريق المكون من فيلتمان-ديمستورا-بيرتس ومؤامراتهم، صار جزءا من المشكلة، وليس الحل. وتحولت الأمم المتحدة إلى كلب مسعور، لاتطيع أحداً، ولا حتى البيت الأبيض.
ثانيا، وبما أن تمويل المعارضة المسلحة من خاصية المملكة السعودية التي هي كيان نظام عشائري، فقد اصطفت الرياض واحدا من بين الشخصيات المنحدرة من عشائر سورية-عراقية-سعودية الذين اكتسبوا تدريجيا سلوكا عشائريا، فعينته رئيسا للمجموعات المسلحة. إن احتمال وصول هؤلاء إلى السلطة، يعني رجوع سورية إلى الوراء، وامتداد المشكلة السعودية في العالم العربي، على حد سواء. فضلا عن ذلك، قلًة نادرة من السوريين الذين قد يشعرون بإمكانية أن يمثلهم أفراد يدعون إدارة دولتهم بطريقة عشائرية.
أخيرا، وكما في كل حرب، ومع مرور الوقت، يضطر كل لاعب على اختيار معسكره. وليس هناك سوى معسكرين يجسدان نظامين غير متوافقين، على جانبي خط النار.
فمن جهة، هناك الجمهورية العربية السورية بنموذجها العلماني في توحد الطوائف، ومُثُلها الاشتراكية في إعادة توزيع الثروة. وعلى الطرف الآخر، هناك داعش، بنموذجها “الهيمني” وتفسيرها الطائفي للإسلام، وفرض حكمها بالرعب.
إذا علمنا أن داعش هو تجسيد قطعي لمشروع الأخوان المسلمين، فإن كل أولئك الذين يدعمون هذا المشروع، حتى بمثقال ذرة، وجدوا أنفسهم متوغلين في المعسكر الإرهابي، ومنبوذين من المفاوضات. وبالتالي لم تعد هذه المفاوضات تخص الحكومة السورية وأمراء الحرب، بل حصرا الحكومة والمعارضة الداخلية المشروعة. لذلك ينبغي عدم الإصرار على جنيف3، والتحضير لمؤتمر وحيد للسلام من شأنه أن يفضي لحل، ولايمكن أن يكون إلا في دمشق.
علاوة على ماسبق، أظهرت مسألة الممثلين الكرد وجود مخطط ثلاثي، إسرائيلي-فرنسي-تركي لانشاء “دولة دمية” في شمال سورية، تتيح لأنقرة لاحقا ترحيل أكرادها إليها.
وكما حصل إبان أزمة السويس عام 1956، اتفقت واشنطن وموسكو على إطلاق صفارة نهاية اللعبة معا.
تأسيسا على ذلك، تقوم حاليا القوتان العظميتان ببناء منشآت في شمال البلاد والتحضير لحملة واسعة النطاق للقضاء على داعش نهائيا في سورية ( دون العراق). من المفترض أن يتم الإعلان عن بدء هذه الحملة في 12 من شهر شباط الجاري، في مؤتمر أمن حلف الناتو في مدينة ميونخ، تماما بعد إبلاغ أعضاء مجموعة فيينا بذلك.
ضخامة حجم هذه الحملة يتطلب الاستعداد لموجة جديدة من اللاجئين، مما يفرض أيضا عقد اجتماع مسبق لتمويل المساعدات الإنسانية.
في موازاة ذلك كله، يرتب الجنرال ديفيد بترايوس بالتنسيق مع الملك سلمان إنشاء قوة وهابية جديدة، تحل مكان داعش.
فولتيير