المركز الخبري لجريدة السيمر الإخبارية / الخميس 24 . 03 . 2016 — تلقت ” جريدة السيمر الإخبارية ” البيان التالي من الجبهة الفيلية نضعه امام القراء الكرام :
إن الحق في معرفة الحقيقة هو حق فردي وجماعي وأساسي للضحايا وللمجتمع ككل ، وإن كشف النقاب عن الإنتهاكات والفظائع والخروقات الجسيمة يؤدي إلى منع إرتكاب جرائم الإبادة الجماعية وتجاوزات حقوق الإنسان في المستقبل … هذا ما أكده الأمين العام للأمم المتحدة بمناسبة إعلان الجمعية العامة للأمم المتحدة يوم 24 آذار يوماً دولياً للحق في معرفة الحقيقة فيما يتعلق بالإنتهاكات الجسيمة والمنهجية لحقوق الإنسان لغرض الإحتفاء والتكريم والإحترام لكرامة الضحايا ودعوة الدول ومنظومة الأمم المتحدة والمنظمات الدولية الأخرى وكيانات المجتمع المدني والأفراد إلى إستذكار هذا اليوم الدولي .
وعليه فإن هذا الحق غير قابل للتصرف وتلتزم الدولة بموجبه حماية حقوق الإنسان وإجراء التحقيقات العادلة بإعتباره ذي إرتباط وثيق بالحقوق الأخرى ولا يجوز المساس به أو إخضاعه إلى القيود والعقبات على غرار الحق في الهوية الوطنية العراقية للمكون الفيلي والحصول على الإنصاف والتعويض الفعّال والإطلاع على الحقائق كاملةً دون نقصان حول الأحداث والوقائع التي أحاطت بجريمة تهجير الفيليين وإسقاط الجنسية العراقية عنهم ومصادرة أموالهم المنقولة وتغييب أبنائهم في المعتقلات السرية الرهيبة والتي ذهب ضحيتها أكثر من (1,000,000) مهجر فيلي وأكثر من (23,000) شباب فيلي مختفي قسراً وتقديم المتورطين فيها إلى المحاكمة لينالوا جزائهم العادل والحفاظ على الأدلة والمستندات والسجلات ذات الصلة وإستدعاء الشهود والأشخاص والمسؤولين المعنيين والإستماع إلى إفادتهم وإعترافاتهم وإصدار مذكرات جلب وإحضار دولية في حالة هروبهم إلى خارج العراق ، والتي تتطلب قيام السلطات والجهات المختصة بواجباتها القانونية والدستورية في تقصي الحقائق بمهنية وحيادية وإستقلالية وتقع مسؤولية ذلك على السلطة القضائية الإتحادية ( مجلس القضاء الأعلى ، وجهاز الإدعاء العام ، والمحكمة الجنائية العراقية العليا ) ، ووزارات ( الخارجية ، والداخلية ، والمالية ، والعدل ، والعمل والشؤون الإجتماعية ، والهجرة والمهجرين ) ، إضافةً إلى الهيئات المستقلة ( الوطنية العليا للمساءلة والعدالة ، ودعاوى الملكية ، والنزاهة ، والمفوضية العليا لحقوق الإنسان ، ومؤسستي الشهداء ، والسجناء السياسيين ، ومجلس الأمن الوطني ، وجهازي المخابرات الوطني العراقي ، والأمن الوطني ) ، وكذلك لجنة متابعة وتنفيذ المصالحة الوطنية في رئاسة مجلس الوزراء ، واللجان البرلمانية ( المصالحة الوطنية ، الشهداء والسجناء السياسيين ، والمهجرين والمرحلين ، وحقوق الإنسان ، ومؤسسات المجتمع المدني ) في مجلس النواب العراقي وبمساعدة المجتمع الدولي ، إذ يجب معرفة الحقيقة عن جرائم الإبادة الجماعية المرتكبة بحق مكوننا المضطهد بوصفها من الإنتهاكات الخطيرة والخروقات الجسيمة للقانون الدولي ، مما يقتضي دعم الجهود الرامية للنهوض بواقع العدالة وتعزيز سيادة القانون وإصلاح المؤسسات المتعسفة ووضع حد للممارسات الجائرة ، ويجب أن تُعرف الحقيقة على نطاق أوسع كضمان لمنع إرتكاب الأفعال الإجرامية مرة أخرى ، ويأتي هذا الإلتزام الإنساني والأدبي والأخلاقي من خلال إستذكار هذه المناسبة الدولية ومد العون إلى الضحايا الفيليين وأسرهم وتأكيد حقهم في معرفة الحقيقة وحماية المدافعين عن الحقيقة وإعلاء صوت التحدي الحازم لرفض السكوت على العنف والإعتداء والظلم منعاً لتكرار هذه التجاوزات الصارخة … فإخفاء الحقيقة والحرمان منها يعد إنتقاصاً من كرامة المكون الفيلي وإنكاراً لما تعرض له طيلة عقود من حملات الإبادة والقتل والتطهير العرقي والإثني والقومي والمذهبي والتمييز العنصري وعمليات التجهير والإختفاء القسري والتدمير والإهلاك وإسقاط الجنسية العراقية عنه والإعدامات الجماعية الفورية دون تحقيق وحكم قضائي وإحتجاز الرهائن وإستخدام الغازات والسموم والتجارب الكيماوية والبالوجية عليهم ، حيث يستوجب ذلك إعادة الإعتبار إليه وإسترداد حقوقه المغتصبة والتعويض المنصف وإنهاء حالات الإفلات من العقاب ومعرفة مصير الشباب الفيلي المغيبين وما حلّ بهم وأين أختفت جثمانيهم الطاهرة الزكية في المقابر الجماعية المليونية المنتشرة في جميع أنحاء العراق !!!!!!!!!! والتي تجعلنا نطلق تحذيرنا وإدانتنا وشجبنا وإستنكارنا إزاء الصمت المطبق الذي تمارسه السلطات الحكومية العراقية لأكثر من (13) سنة مرت على سقوط النظام الدكتاتوري المباد في 9/4/2003 وتقاعسها وتقصيرها في كشف تفاصيل هذه الجرائم الفظيعة ولايجوز أن تبقى في الخفاء والتعتيم طويلاً ، حيث أصبح الحق في معرفة الحقيقة من الأحكام المنصوص عليها صراحةً في الإتفاقية الدولية لحماية جميع الأشخاص من الإختفاء القسري (ICPPED) الصادرة بموجب قرار الجمعية العامة للأمم المتحدة رقم (61/177) والمؤرخ في 20/12/2006 والتي أنضمت جمهورية العراق إليها بموجب القانون رقم (17) لسنة 2009 المنشور في الجريدة الرسمية / الوقائع العراقية العدد (4158) والمؤرخ في 12/7/2010 ودخلت الإتفاقية حيز النفاذ في شهر كانون الأول من عام / 2010 ، وقد جاء في الأسباب الموجبة لقانون الإنضمام آنفاً ” بهدف الحد من حالات الإختفاء القسري الذي تمارسهُ السلطات الحكومية ضد أفراد المجتمع ” ، وهنا نُشير إلى ما جاء في المادة (24) من الإتفاقية مدار البحث ، والتي نصت على ما يأتي : ـ
1. لأغراض هذه الاتفاقية ، يقصد بـ “ الضحية ” الشخص المختفي وكل شخص طبيعي لحق به ضرر مباشر من جراء هذا الإختفاء القسري .
2. لكل ضحية الحق في معرفة الحقيقة عن ظروف الإختفاء القسري وسير التحقيق ونتائجه ومصير الشخص المختفي وتتخذ كل دولة طرف التدابير الملائمة في هذا الصدد .
3. تتخذ كل دولة طرف التدابير الملائمة للبحث عن الأشخاص المختفين وتحديد أماكن وجودهم وإخلاء سبيلهم ، وفي حالة وفاتهم لتحديد أماكن وجود رفاتهم وإحترامها وإعادتها .
4. تضمن كل دولة طرف في نظامها القانوني لضحايا الإختفاء القسري الحق في جبر الضرر والحصول على تعويض بشكل سريع ومنصف وملائم .
5. يشمل الحق في الجبر المشار إليه في الفقرة (4) من هذه المادة الأضرار المادية والمعنوية وعند الإقتضاء طرائق أخرى للجبر من قبيل :
(أ) رد الحقوق ؛
(ب) إعادة التأهيل ؛
(ج) الترضية بما في ذلك رد الإعتبار لكرامة الشخص وسمعته ؛
(د) ضمانات بعدم التكرار .
6. مع عدم الإخلال بالإلتزام بمواصلة التحقيق إلى أن يتضح مصير الشخص المختفي ، تتخذ كل دولة طرف التدابير الملائمة بشأن الوضع القانوني للأشخاص المختفين الذين لم يتضح مصيرهم وكذلك لأقاربهم ولا سيما في مجالات مثل الضمان الإجتماعي والمسائل المالية وقانون الأسرة وحقوق الملكية .
7. تضمن كل دولة طرف الحق في تشكيل منظمات ورابطات يكون هدفها الإسهام في تحديد ظروف حالات الإختفاء القسري ومصير الأشخاص المختفين وفي مساعدة ضحايا الإختفاء القسري وحرية الإشتراك في هذه المنظمات أو الرابطات .
وهذا ما أقرته الكثير من الصكوك الدولية الأخرى والقوانين والإجتهادات القضائية ، مما يتيح إلى العوائل المفجوعة وسيلة للتعافي وإسترداد الكرامة والتعويض ولو قليلاً عما فقدته من الأحبة والأعزاء وتعزيز المساءلة وتضميد الجراح والمصالحة ، ولكن مع الآسف لم تشر التقارير الوطنية والموازية بشأن حالات الإختفاء القسري أو تقارير الإستعراض الدوري الشامل (UPR) إلى ” قضية المغيبيبن الفيليين ” التي قدمت بشكل رسمي إلى الأمم المتحدة ومجلس الأمن الدولي والجمعية العامة ولجانها المختصة والمجلس الإقتصادي والإجتماعي والأمانة العامة ومفوضية الأمم المتحدة السامية العليا لحقوق الإنسان (OHCHR) ومجلس حقوق الإنسان (RRC) واللجنة المعنية بحالات الإختفاء القسري (CED) والفريق العامل المعني بحالات الإختفاء القسري (WGEID) ، كما لم تبادر هذه الهيئات الدولية إلى توجيه الأسئلة والإستفسارات وطلب المعلومات والبيانات بشأن حالات الإختفاء القسري لأبناء المكون الفيلي وتجاهله أصلاً ، أنه يوجد قصور واضح للغاية من قبل الطرفين الوطني والدولي وحتى من قبل منظمات المجتمع المدني المعتمدة لدى الأمم المتحدة .
وبالتالي نطالب سلطات الدولة واللجنة المعنية بحالات الإختفاء القسري المنشأة بموجب أحكام الإتفاقية والفريق العامل المعني بحالات الإختفاء القسري بعقد جلسات إستماع سرية أو علنية لضحايا الجرائم ولأيّ غرض متعلّق بأنشطتها والبحث في حالات الإختفاء القسري التي لا زال مصيرها مجهولاً لحد الآن وبحسب البلاغات والشكاوى التي ستقدّم إليها وجمع الأدلة ورصد الإنتهاكات وإحصائها وتثبيتها وتوثيقها من أجل إحداث قاعدة بيانات متكاملة وإعداد سجلّ موحّد للضحايا بالإضافة إلى تحديد مسؤوليات أجهزة الدولة أو أيّ أطراف أخرى في الجرائم المشمولة بأحكام قانون المحكمة الجنائية العراقية العليا رقم (10) لسنة 2005 المعدل وقانون حماية المقابر الجماعية رقم (5) لسنة 2006 المعدل وقانون الهيئة الوطنية العليا لمساءلة والعدالة رقم (10) لسنة 2008 وتوضيح أسبابها وإقتراح المعالجات التي تحول دون تكرارها مستقبلاً ، إضافةً إلى وضع برنامج شامل لجبر الضرر الفردي والجماعي لضحايا الجرائم في أقرب الآجال .
الجبهة الفيلية