السيمر / الأحد 26 . 06 . 2016
د . عادل عامر / مصر
حيث تأثرت البورصات العالمية والعملات الأوروبية من قرار انسحاب بريطانيا من الاتحاد الأوروبي حيث هبطت أسعار النفط 5% مع خروج بريطانيا من الاتحاد الأوروبي وكما هبط الجنيه الإسترليني لأدني مستوياته منذ زمن وارتفع سعر الذهب المسعر باليورو إلى أعلى مستوياته منذ عام 2013 ليدخل الاتحاد الأوروبي وبريطانيا في نفق مظلم لاستقرار تعاملات السوق العالمية.
في غضون ذلك، تريد باقي دول الاتحاد الأوروبي انسحاب بريطانيا من الاتحاد الأوروبي قد يؤثر على مستقبله، فانسحابها سيشجع دولا أوروبية أخرى على أن تحذو حذوها فتنفصل من الاتحاد الأوروبي، وأبرز مثال على ذلك، أن مسالة الخروج من الاتحاد تناقش حاليا في هولندا، وسحبت سويسرا طلب انضمامها إلى الاتحاد الذي كانت قدمته عام 1992، وطالب الرئيس الفرنسي فرانسوا هولاند ورئيس الوزراء المالطي جوزيف موسكات، حصول بلديهما على المزايا نفسها التي تسعى المملكة المتحدّة إلى التمتع بها على صعيد اتّفاقية دول الاتحاد الأوروبي الثماني والعشرين، كما سيضعف الانسحاب البريطاني الاتحاد الأوروبي ويؤثر على مكانته وقدرته على العمل ككيان موحَّد على الساحة العالمية
عقد اتفاق جيد مع الحكومة البريطانية، لكن أغلب العواصم الأوروبية ليس لديها استعداد لتقديم معروف إلى بريطانيا. وذلك لأن منهجية “الشكوك في الوحدة الأوروبية” تشهد انتشارا في دول الاتحاد على مدار السنوات القليلة الماضية في الوقت الذي يحاول القادة السياسيون في القارة العجوز إظهار أن الخروج من الاتحاد الأوروبي ليس سهلا. رغم الانزعاج الشديد الذي ظهر هنا في فرنسا حيال العلاقة بين بريطانيا والاتحاد الأوروبي، كانت الأنباء عن خروج واحد من أكبر أعضاء هذا التكتل صدمة قوية، علاوة على ما تنطوي عليه من جدل سياسي على الصعيد الداخلي للبلاد. وإذا تبين أن هذه ستصبح ظاهرة على المدى الطويل (تراجع قيمة الإسترليني)، فإن قطاع السياحة الحيوي في اليونان يمكن أن يضرر. يمثل السياح البريطانيون أكبر عدد من الزوار الأجانب إلى هذا البلد ويمكن أن يمتنعوا الآن عن القدوم، لأنه سيكون أكثر تكلفة.
وهناك أيضا مخاوف من أن الصادرات اليونانية إلى بريطانيا ستتضرر. ويعتقد الخبراء أن مثل هذه العوامل والاضطراب المتوقع في الأسواق الأوروبية يمكن أن تفاقم من وضع الاقتصاد اليوناني الضعيف بالفعل.
الأسبان من المؤمنين بقوة بالمشروع الأوروبي ولديهم نشاط تجاري كبير مع بريطانيا. لذا، وبعد أن استيقظت أسبانيا على أخبار نتائج التصويت في بريطانيا وتراجعت البورصة، دعا رئيس الوزراء ماريانو راخوي إلى الهدوء. وأكد أن أسبانيا ستتجاوز أي نوع من الاضطراب.
ولكن هذا البلد هو أيضا موطن لمئات الآلاف من المغتربين البريطانيين. ورغم أن السياح رحبوا “باستقلال” بريطانيا وهم يتناولون إفطارا انجليزيا كاملا، فإن البريطانيين المقيمين هنا أعربوا عن قلقهم بشأن ما يعنيه هذا القرار إزاء حقوقهم في العيش والعمل في الاتحاد الأوروبي والحصول على الرعاية الصحية المجانية.
والحقيقة هي، لا أحد يعرف حتى الآن ماذا سيحدث. هناك أيضا قلق بشأن تراجع الجنيه، إذ أن السياح سينفقون أقل في الحانات التي يديرها بريطانيون، وسوف يعاني المغتربون كبار السن الذين يحصلون على المعاشات التقاعدية البريطانية الخاصة بهم. أن الخروج من الاتحاد يمكن أن ينجم عنه رفع الضرائب على البريطانيين وخفض النفقات، لتعويض نقص مالي بقيمة 30 مليار جنيه إسترليني أي 38 مليار يورو.
أن خروج بريطانيا من الاتحاد الأوروبي يعد كارثة بكل المقاييس، لمكانة الاتحاد على المستوى الدولي، حيث سيضعف من قوة القرار الدبلوماسي الأوروبي، ويؤثر على وزن الاتحاد في الكثير من الملفات الساخنة في العالم وعلى رأسها القضية الفلسطينية، بحكم وجود الاتحاد ضمن اللجنة الرباعية الراعية لعملية السلام في الشرق الأوسط. خروج بريطانيا من الاتحاد الأوروبي يمكن أن يدفع ببلدان أخرى للسير في نفس الاتجاه تحت ضغط التيارات السياسية المتطرفة. وفي هذا الإطار، كان وزير الخارجية الألماني فرانك فالتر شتاينماير حذر من مخاطر “تفكك” الاتحاد الأوروبي في حال خروج بريطانيا. على الرغم من معارضة الشركات الكبرى المتعددة الجنسيات والبنوك لخروج بريطانيا من الاتحاد، نجد في المقابل تأييد رؤساء الشركات والمؤسسات المتوسطة والصغيرة في بريطانيا الذين يرون أن بقاء بريطانيا في الاتحاد الأوروبي هو لصالح الشركات الكبرى، والمتعددة الجنسيات، أما الشركات الصغيرة فسوف يتم تدميرها شيئا فشيئا. وحسب مواقع إخبارية قام نحو 300 من رجال وسيدات الأعمال البريطانيين بنشر رسالة في صحيفة ديلي تلجراف البريطانية في 16 مايو الماضي اعربوا فيها عن تأييدهم لخروج بلادهم من الاتحاد لاعتقادهم إن ذلك سيؤدي لنمو أفضل لشركاتهم، واستعادة تقرير مصيرهم بأنفسهم. فالشركات الصغيرة حسب رأيهم هي المتضررة بالبقاء وهي التي تشكل العمود الفقري للاقتصاد البريطاني.
بالمقابل أكدت دراسات اقتصادية أعدها البنك الدولي على إن خروج بريطانيا من الاتحاد سيؤدي إلى خسارة بريطانيا لاتفاقيات التجارة الحرة وحوالي 224 مليار جنيهًا إسترلينيا، ن يؤدي الخروج إلى انكماش الاقتصاد البريطاني بنسبة 1.4% على الأقل بحلول 2019، ويفقدها القدرة على التأثير في الاتحاد الأوروبي على المستوى الاقتصادي والسياسي. سيعرض البلاد إلى موجات من المهاجرين غير الشرعيين بسبب تنصل دول الاتحاد من اتفاقيات الهجرة، منها إرجاع المهاجرين واللاجئين إلى أول بلد يصله المهاجر أو اللاجئ. سيفتح الباب أمام حرب تجارية بين الاتحاد الأوروبي وبريطانيا. سيجبر بريطانيا على إعادة التفاوض حول العديد من الاتفاقيات الثنائية مع الدول الأخرى في الاتحاد الأوروبي، بالإضافة إلى مراجعة الكثير من التشريعات والقوانين التي أقرتها وهي داخل الاتحاد لتنفيذ قراراته. ستكون له تداعيات سلبية فورية على سوق المال والأعمال في لندن إذ ستخسر بريطانيا “حقوق بيع الخدمات المالية ” لدول الاتحاد الأوروبي والتي تتيح للمؤسسات والهيئات المالية البريطانية أن تبيع خدماتها إلى الدول الأوروبية دون أن يكون لها فروع فيها..
وتتعرض بريطانيا حاليا إلى ضغوط هائلة من حلفائها وعدد من العواصم الغربية والمؤسسات الدولية والمركز البحثية، تحذرها من الخروج من الاتحاد الأوروبي لما له من تداعيات خطيرة على الاقتصاد العالمي المتقلب، وصعود اليمين المتطرف مستفيداً من حالة الخوف التي تنتاب المجتمعات الغربية. على سبيل المثال، حذّر وزير الخارجية الألماني فرانك فالتر شتاينماير مؤخراً ، من مخاطر “تفكّك” الاتحاد الأوروبي في حال خروج بريطانيا منه كما أعلنت كريستين لاغارد، مديرة صندوق النقد الدولي، أن العودة إلى سياسة الحدود المغلقة والانعزالية تشكل تهديدا خطيرا للمشروع الأوروبي وعدم استقرار وتقلبات شديدة في الأسواق المالية، فضلا عن انخفاض معدل نمو الإنتاج وحذرت بريطانيا من الخروج من الاتحاد الأوروبي. أنه سيستغرق ما لا يقل عن عامين (وفقاً للمادة 50 من معاهدة لشبونة) ومن ثم خروجها من اتفاقات التجارة بين مصر والاتحاد، .
أن ما يستدعى القلق بالفعل هو ارتفاع الدولار وانهيار الأصول وانكشاف دول أوروبا الفقيرة واضطراب حركة العمالة وزيادة درجة المخاطر. لان تداعيات خروج بريطانيا على مصر كبيرة جداً لكن من خلال موجات التأثير في الاقتصاد العالمي وتراجع حجم الطلب في الأسواق الأوروبية وليس الأثر المباشر لاتفاقيات التجارة، مضيفا أن التبادل التجاري لن يتأثر قبل عامين على الأقل يمكن خلالهما عقد اتفاقات ثنائية مع بريطانيا لتحييد الأثر.
لذلك تكون أسباب انفصال بريطانيا عن الاتحاد الأوربي هي :-
“الصدمة”، كما وصفتها الصحف البريطانية، اليوم الجمعة، جاءت بعكس أحدث استطلاع للرأي أجرته شركة أبحاث تسويق “ايبسوس موري”، مع الناخبين عقب خروجهم من لجان الاقتراع، بتأييد 52% منهم البقاء في الاتحاد الأوروبي. لكن وقف وراء تلك الصدمة، بحسب مصادر إعلامية بريطانية واستطلاعات رأي بريطانية، 8 أسباب دفعت البريطانيين لرمي يمين الطلاق بوجه الاتحاد الأوروبي اليوم الجمعة.
وفيما يلي أبرز تلك الأسباب:
1- التخلص من عبئ المهاجرين واللاجئين
يؤمن المواطن البريطاني بأن الخروج من الاتحاد الأوروبي، سيمكّن بلاده من إتباع نظام جديد يحد من السماح للمهاجرين من خارج الاتحاد الأوروبي بالدخول إلى البلاد.
وتشير آخر الإحصائيات أن عدد المهاجرين في بريطانيا يقدّر بـ863 ألف مهاجر، وهو ما يشكل عبًأ بقيمة تتجاوز 3.67 مليارات جنيه إسترليني(4.131 مليار دولار) سنويًا، بحسب جامعة “مدرسة لندن الاقتصادية”.
2- الخوف من الإرهاب
زيادة الهجمات الإرهابية في بعض الدول الأوروبية مؤخرًا دفع المواطن البريطاني في التفكير في أن الانفصال عن الاتحاد الأوروبي، سيوقف اتفاقية الحدود المفتوحة بين دوله، وهو ما قد يحد حركة المواطنين الأوروبيين وهو ما يحول دون مجيء الإرهابيين إلى بريطانيا.
وخلال الأشهر الماضية كان هناك تصريحات عدة لمتزعمي معسكر “الرحيل”، وفي مقدمتهم دو مينيك راب، وزير العدل البريطاني، الذي اعتبر “الخروج من شأنه ردع هجمات إرهابية محتملة في المستقبل”.
3- التوفير المالي للصحة والتعليم
هذا السبب مترتب على التخلص من أعباء استقبال المهاجرين عبر الحدود، والذي ساهم في تصديقه مئات المطويات الني وزعت بالبريد أو على نواصي الشوارع، والتي توقعت توفير 350 مليون جنيه إسترليني(480 مليون دولار) أسبوعيًا لصالح الخزينة البريطانية، وهو مبلغ كاف لبناء مستشفى.
كما أن المبلغ نفسه يعادل نصف ميزانية التعليم في إنجلترا، مع اقتراحات من معسكر المعارضين للبقاء بتوظيف تلك الأموال في البحث العلمي والصناعات الجديدة.
4- وعود فضفاضة بالازدهار
وهي وعود منّى بها المعسكر الرافض للبقاء، المواطن البريطاني، حيث ظلت كلمات رئيس بلدية لندن السابق، بوريس جونسون، مصاحبة للمواطن البريطاني داخل اللجان، حيث لم ينسى مقولته “إذا صوتنا في 23 يونيو/ حزيران(أمس) واستعدنا السيطرة على بلادنا واقتصادنا وديموقراطيتنا، نستطيع عندها أن نزدهر كما لم نزدهر من قبل”.
تلك الوعود امتلأت بها الصحف المؤيدة للخروح، ومنها صحيفة “صنداي تايمز”، التي قالت الأحد الماضي “إذا كان هناك دبلوماسية أفضل كانت لتجعل الاستفتاء غير ضروري، ولكن الآن السؤال أمام الناخبين، فالخروج من الاتحاد الأوروبي هو أفضل طريقة لوقف المزيد من الاتحاد الاقتصادي والسياسي بين الطرفين”.
5- التجارة الحرة
قدّم معسكر المعارضين للبقاء تصورًا عن أوضاع التجارة عقب الخروج، كانت سببًا كافيًا لدى المواطن البريطاني في توقع الأفضل، حيث يتصور المواطن البريطاني أن الرحيل سيمكنه مع الاتحاد الأوروبي دون خضوعها لقوانين الاتحاد، حيث يمكنها عمل اتفاقيات تجارية مع دول مهمة مثل أمريكا والهند والصين، بالإضافة لمساع إقامة منطقة تجارة حرة.
6- النفوذ الدولي
يعتقد البريطانيون أن تأثير بلادهم داخل الاتحاد الأوروبي ضعيف، وفي حال رحيلها عن الاتحاد ستتمكن من التصرف بحرية والحصول على مقاعد في مؤسسات عالمية، كانت خسرتها بسبب انضمامها للاتحاد الأوروبي كمنظمة التجارة العالمية. ومن أشهر الدعاة لهذا النفوذ بوريس جونسون الذي قال في المناظرة الأخيرة التي نظمتها هيئة الإذاعة البريطانية (بي بي سي)، الثلاثاء الماضي، “حان الوقت لاستعادة بريطانيا السيطرة الكاملة، فضلا عن مبالغ مالية كبيرة ستستردها، وسيكون لها القرار الكامل بخصوص سياستها التجارية، ونظامها التشريعي”.
ويوم الأحد الماضي، دعت صحيفة “صنداي تليجراف” إلى الرحيل عن الاتحاد الأوروبي، في مقال افتتاحي قالت فيه: “بالتوازن.. نعتقد أن حملة الخروج فصّلَت رؤية طموحة لبريطانيا كدولة مستقلة، لنعود مرة أخرى أحرارا في اتخاذ قرارنا، وعلى النقيض حملة البقاء لجأت إلى التشاؤم القاتم”.
7- الكلمة الأولى للتشريعات الوطنية
الناخب البريطاني أصبح على قناعة بأن الخروج من الاتحاد الأوروبي سيعلو من صوت القوانين الوطنية البريطانية، وأنه لن يكون هناك سيطرة من قبل القوانين الأوروبية الاتحادية، وهو ما سيساهم في إعادة السيطرة على قوانين التوظيف والخدمات الصحية والأمن.
توقعات الناخب البريطاني بمنح صلاحيات وسلطات أكبر للبرلمان البريطاني، جعله يتأمل خيرًا على كافة الأصعدة، خاصة أن بعض القوانين الداخلية في حاجة لتغيير لكنها تتعارض مع قوانين الاتحاد الأوروبي ما يحول دون إقرارها.
وكانت صحيفة “ذا صن” البريطانية، وهي الأكثر مبيعا في البلاد، دعت المواطنين الأحد الماضي إلى التصويت بالخروج من الاتحاد الأوروبي، قائلة إن الاتحاد الأوروبي “قيّد بريطانيا بملايين القوانين واللوائح، ويحلبها المليارات السنوية كرسوم عضوية، ومحاكمه تطغى على محاكمنا وعلى حكومتنا.. إذا لم نصوت بالمغادرة هذا الخميس(أمس)، كل هذا سيصبح أسوأ.. وخطر البقاء أكبر بكثير”.
8- المخاوف من انضمام تركيا للاتحاد
استطاع قادة سياسيون في معسكر خروج بريطانيا من الاتحاد الأوروبي التأثير على المواطنين البسطاء وخلق فزّاعة وهمية لديهم بخصوص تبعات انضمام تركيا إلى الاتحاد وتصوير الأمر على أنه يهدد بفتح حدودها لتدفق آلاف اللاجئين الموجودين فيها حالياً إلى الدول الأوروبية.