الرئيسية / تقارير صحفية وسياسية / هذا هو منظر الدواعش الجدد

هذا هو منظر الدواعش الجدد

متابعة السيمر / الأربعاء 27 . 07 . 2016 — لم يستخدم تنظيم #داعش عناوين دعائية تختلف عن باقي الجماعات المتطرفة، فجميعها اعتمدت في دعايتها التضليلية العناصر ذاتها من خلال استدرار الشفقة والرحمة والمظلومية والبحث عن الانتماء والبعد العسكري والمدينة الفاضلة “الخلافة”، ولكن ما اختلف فيه داعش هو “الكم” و”الكيف” المتدفق بانتظام بهدف الإغواء والتغرير.
بدأ “داعش” في 2014 بث برنامج إذاعي يومي عبر الأثير كخطوة إضافية إلى جانب مراكزه الإعلامية الثلاثة المخصصة لإنتاج وبث تسجيلات صوتية ومرئية، ومن خلال داعمين ومتعاطفين خارجيين، مركزا على البعد السياسي وهو رسالته المباشرة، أما دعايته الاجتماعية، فهي اختراق للأفراد وتبنٍّ لعقيدته على المدى البعيد، باعتماد أسلوب عفوي يحاكي طبيعة المستهدفين على اختلاف بيئاتهم الثقافية والاجتماعية.
اعتمد التنظيم على تكتيك واستراتيجية (عقلانية) و(لا عقلانية) في ذات الوقت، بهدف قطف حصاده على المدى القصير، يخدم في الوقت ذاته خطته طويلة الأجل التي تبحث عن تكوين منظمة تبقى أفكارها حية على مدى عقود لتلعب الدعاية المضللة التي انتهجها في تحويل الاستياء لدى الافراد المستهدفين إلى مرحلة التمرد، ومن الدور السلبي إلى الإيجابي الفاعل من خلال تصاعد دعايتها الاجتماعية التبريرية تدريجياً.
أبعاد ثلاثة طالما اعتمدها “داعش” في دعايته الترويجية “للمدينة الفاضلة” كان منها (الديني)، عبر إثارة كل ما يتعلق بـ”المقدسات”، والبعد “السياسي”، فيما يوصف بالاحتلال الخارجي، إضافة إلى تناول البعد “الاقتصادي” (الثروات والنفط).

سياسة التوحش
كان لافتا – بحسب دراسة بريطانية لمركز الأبحاث “كويليام” المتخصص في شؤون مكافحة التطرف بعنوان “الخلافة الافتراضية، فهم تنظيم داعش واستراتيجيته الدعائية”، للباحث تشارلي وينتر – فإن أبرز ما وظفه وانتفع منه التنظيم لجذب الانتباه وتوجيه الأنظار نحوه، كان عبر سياسة “التوحش”، التي اعتاد إيصالها عبر كافة إصداراته الترويجية ومقاطع الفيديو، التي يسارع التنظيم إلى بثها عبر #الإنترنت، ومواقع التواصل الاجتماعي #تويتر وغيرها، مبرراً جرائمه عبر بث دعاية “المظلومية” والتي تتلخص بالحرب المقامة ضده ساعياً بذات الوقت إلى بث رسالته في قدرته على تحقيق الانتقام مع الإشارة إلى تنويع التنظيم من إصداراته الوحشية، وذلك تبعا للفئة المستهدفة.
التجنيد وفق منظور “داعش” تلخص في البحث عن مبدأ وحيد وهو مجرد “إرادة القتال”، وجاهزية “التثوير” ولم يكن التمكين الشرعي للمنخرطين ذا أهمية لديه فبحسب ما جاء به أبو مصعب السوري في كتابه “دعوة المقاومة الإسلامية العالمية”، فالتجنيد يكون على أساس عموميات #الإسلام والدعوة العاطفية لـ”الجهاد وليس على أساس التفاصيل العقدية والفكرية والفقهيات الجديدة”، كمت ذكر.
وبحسب ما أورده أبو مصعب السوري الذي يعد منظر الدواعش الجدد فالدلائل تشير إلى أن بذور ما سمّاه “المقاومة الفطرية” في الشارع العربي آخذة بالتشكل، قائلا: “المناخ الثوري ترتفع حرارته بوتيرة متسارعة”، وفق قوله، معتبراً “الوقت الأنسب وفق ما تشهده المنطقة من أحداث لاستثمار على حد وصفه” أسباب الغضب والحقد المقدس”.

سرايا التحريض السرية
يتولى برنامج التضليل الدعائي والتجنيد ما يسمى بـ “سرايا التحريض السرية”، والتي عادة ما تتشكل من خلايا صغيرة جداً، من 1 إلى 3 عناصر من أصحاب الكفاءات الشرعية والسياسية والفكرية، والخبرة الإعلامية، والوعي الحركي، والخبرة باستخدام الإنترنت وشبكات الاتصال الإلكتروني، مهمتها نشر الأدبيات المتطرفة، وإعادة نشر أبحاثها ودراساتها ومناهجها المختلفة بوسائل نشر مختلفة بالدرجة الأولى عبر الإنترنت، والعمل على ترجمة بياناتها وما يكتب من مقالات وأبحاث إلى اللغات الأجنبية.
نجاح تنظيم “داعش” في اعتماد خطاب شعبوي أكثر حيوية مستعيناً بكافة الوسائل التقنية الحديثة، ساعده على جذب عناصره من جنسيات وأعراق وثقافات وفئات عمرية مختلفة، مبتعداً عن سياسة الخطاب النخبوي الذي لطالما انتهجته الجماعات السابقة على غرار #القاعدة وأخواتها والذي وجهته للصفوة عبر الدروس الوعظية والمخيمات الصيفية وإصدار المناشير واستخراج الفتاوى إلى جانب الكاسيت الدعوي.

“الدواعش الجدد” والدوافع الشخصية
دوافع انضمام المزيد من المقاتلين إلى تنظيم داعش تبقى على الرغم من السياسة الدعائية التي يسعى للترويج لها هي دوافع “شخصية” أكثر من كونها “سياسية”، تختلف من شخص لآخر، وهو ما أدرك التنظيم أهميته، بهدف الاستمرار في استقطاب المزيد من المقاتلين.
وبحسب نصيحة “أبو مصعب السوري”، فما سماه “ملكة الإرهاب” هي تماماً، عنده، كملكة “الشعر، والموسيقى والرسم ومختلف أوجه الفنون والأدب والهوايات والملكات العقلية والعملية الأخرى عموماً، هي موهبة فهناك أشخاص مؤهلون بالفطرة، يتقنون اختيار العمليات والتخطيط لها وتنفيذها”.
عبر “ملكة الإرهاب” التي ليس باستطاعة أحد توقع لحظة استثارتها، تعمل خلايا “التجنيد الإلكترونية” إلى اصطياد فرائسها سواء أكانوا باحثين عن حياة وبداية جديدة يهيأ لهم أنها لن تكون سوى بين أحضان “الخلافة”، أو تعويض الشعور بالانتماء للباحثين عنه إلى جانب البحث عن هدف وجودي ما، أو إشباعاً لروح المغامرة أو تكوين العلاقات والصداقات.
مقابل ذلك تختلف أسباب “عودة” البعض ممن انخرطوا في صفوف تنظيم “داعش” في الرقة والموصل، كل بحسب دوافعه الأساسية للانخراط، فهناك من اكتفى من حالة العنف في معاقل التنظيم، وآخرون شعروا بتلاعب التنظيم بهم وإغوائهم عبر دعايته المضللة إلى جانب من قرر ببساطة إشباع احتياجاته وتحقيق غايته في أماكن أخرى بعيدا عن “داعش”.

صوت الجالية العراقية

اترك تعليقاً