السيمر / الخميس 29 . 12 . 2016
•رواء الجصاني
الى جانب ما نشرناه في الحلقة السابقة- العاشرة، من هذه الشهادات والوقائع، نواصل فنشير الى ان أول تواجد عراقي سياسي – مستقر وملموس بتعبير دقيق – في براغ، برز منذ أواسط الخمسينات ضمن تشكيلات مجلة قضايا السلم والاشتراكية المعنية بالحركة والاحزاب الشيوعية، ثم ليتركز في مطلع الستينات، حين بات للحزب الشيوعي العراقي ممثل ثابت في مجلس تحرير تلك المجلة… ثم في هيئة تحريرها، التشكيل الأهم، اعتباراً من عام 1974… وتلك “الهيئة” مسؤول أول – كما هو معلن على الأقل – عن مهام وشؤون التحرير، والمجلة عموماً… وهو موقع يمنح شاغليه مهاماً و”ميزات” اضافية، مقارنة بمندوبي وممثلي الاحزاب الأخرى إلى المجلة والعاملين فيها، وليسوا بأعضاء في هيئة تحريرها… وقد نُسب لذلك الموقع، لفترات مختلفة، قياديون شيوعيون عراقيون، من بينهم، ودون توثيق التسلسل التاريخي: زكي خيري، بهاء الدين نوري، آرا خاجودور، نزيهة الدليمي، عزيز الحاج، عادل حبه، حميد مجيد موسى، كاظم حبيب، رحيم عجينه… ذلك الى جانب مساعدين ومحررين ومترجمين ضمن الطاقم العراقي … ذلكم بالاضافة الى وجود، واستقرار- وآن لفترات زمنية متباينة – مسؤولون شيوعيون قياديون آخرون، ونشير الى ان من بينهم، على سبيل المثال لا الحصر: حسين سلطان الخالدي، ثابت حبيب العاني، ماجد عبد الرضا .
ومن خلال ذلك الموقع العراقي المسؤول في قيادة المجلة، المنبر السياسي والاعلامي الشيوعي الأممي، ذات الصلاحيات الواسعة في البلاد، الممنوحة لها من الحزب الشيوعي الحاكم، شهدت براغ العشرات من الفعاليات العراقية السياسية، الخاصة، وغيرها، مثل اجتماعات ولقاءات المسؤولين الشيوعيين العراقيين، النوعية أو الموسعة، ومنذ مطلع الستينات، وحتى نهاية الثمانينات الماضية بشكل محدد… وكل ذلك إضافة الى نشاطات النشر والاعلام والتوزيع والتوجيه المركزي، لمنظمات الحزب في الخارج، بل وحتى في الداخل لفترات معينة، وقد حتم هذا الواقع ان تكون هناك جملة قرارات وتوجهات تاريخية – وكذلك صراعات – عديدة على صعيد الحركة الشيوعية العراقية الخاصة، او الوطنية العامة، تم اتخاذها في براغ… “يسارية” و”يمينية” وفق مسميات وتعابير الفترة المعنية، ولابد ان يحين موعد الحديث المفصل عنها، ومن جانب ذوي العلاقة بشكل رئيس.
… كما تجدر الاشارة أيضاً في هذا السياق، إلى أن المركز الشيوعي العراقي في المجلة الأممية، وفي براغ عموماً، قد نظم، ورعى وساعد في انجاح العديد من اللقاءات والاجتماعات السياسية الوطنية العراقية المهمة، على مدى الفترة الزمنية التي يتوقف عندها هذا التوثيق… وقد شاركت فيها إلى جانب المسؤولين الشيوعيين، شخصيات سياسية، ووطنية عراقية بارزة ومن مختلف الاتجاهات، المتابعة والمعنية بشأن البلاد وأوضاعها بما فيها الأحداث المهمة، وخاصة في فترات الملاحقة والاضطهاد، التي تعرضت لها الحركة الوطنية والديمقراطية عموماً، وما أكثرها خلال الفترة التي تعنى بها هذه التسجيلات…
– نشاطات تضامنية
… ولأن العقود التي تتحدث عنها هذه المساهمة التوثيقية شهدت الأوضاع الارهابية الأشد استثنائية وقسوة في العراق، فقد كان من الطبيعي ان تكون لبراغ الاشتراكية حتى عام 1989 والرأسمالية بعد ذلك التاريخ، حصتها في حملات التضامن مع الشعب العراقي لسنوات طويلة وبأشكال وصور وأطر مختلفة، شابتها عقدٌ وتعقيدات ليست قليلة بل ومتعارضة في بعض الفترات وفي عقد الثمانينات خصوصاً… ونرى ان المثال الأهم الذي يمكن أن يلخص للفعاليات التضامنية الأبرز التي كانت براغ موقعاً لها، انبثاق “لجنة الدفاع عن الشعب العراقي” واتخاذها من عاصمة البلاد التشيكية مقراً ثابتاً لها… وقد تشكلت هيئتها العليا من شخصيات وطنية بارزة بعيد الانقلاب البعثي الأول في الثامن من شباط/فبراير 1963… ترأسها الجواهري الكبير وضمت نزيهة الدليمي وعزيز الحاج وفيصل السامر وذنون ايوب ومحمود صبري وهاشم عبد الجبار ومجيد الونداوي وصلاح خالص… كما تمثلت الحركة الكوردية فيها بمندوبها غير المقيم جلال الطالباني لفترة من الوقت… وقد برزت اللجنة في عقد المؤتمرات واللقاء التضامنية واصدار البيانات والنشرات، فضلاً عن مجلة “الغد” السياسية المتميزة… ثم توقف نشاط “اللجنة” بعد حوالي سنتين من تشكيلها بسبب ما عرف من تغيرات، وتوجهات جديدة في سياسة الحزب الشيوعي العراقي في آب/اغسطس 1964… والتباين بشأن نظام الحكم السائد في بغداد، والموقف من تغييره، وأشكال ذلك التغيير…
– شهداء ومناضلون
لم يكتف الناشطون السياسيون العراقيون الدارسون والمقيمون والعاملون في براغ – وغيرها من مدن البلاد التشيكية – السلوفاكية، وطوال الأعوام التي تسلطت فيها انظمة دكتاتورية وعنفية في وطنهم، لم يكتفوا بفعاليات التضامن مع شعبهم من أجل التغيير، والديمقراطية… بل شارك الكثير منهم في مجالات غير قليلة من ميادين النضال المتاحة أمامهم، داخل الوطن، مثل العمل السري، وشبه العلني – وحتى العلني في فترات معينة… أما المشاركة الأكثر ميدانية ومباشرة، فقد تمثلت في التحاق جمع منهم بقوى وفصائل المعارضة، والشيوعية المسلحة وغيرها بكردستان العراق، وخاصة في عقد الثمانينات الماضي… ولأن هذه التأرخة لن تدخل في تفاصيل وتغطيات شاملة للأسماء ذات الصلة، سنكتفي في تسجيل ما يتوفر – حتى الآن على الأقل – من أسماء الذين تركوا دراستهم، وإقاماتهم في براغ فاستشهدوا في معمعان النضال… مثل: نزار ناجي يوسف، زهير عمران، بهاء الأسدي، نمير يونس، محمد شاه، ورفيقاهما في الشطر السلوفاكي من البلاد، نعمة عباس وحسين تقي…… وكذلك غازي فيصل الذي استشهد في غارة اسرائيلية على احد مواقع الحركة الوطنية اللبنانية والفلسطينية في بيروت عام 1981، وهو في طريقه إلى كردستان العراق… ———— يتبع.
————————————————————————————–
ملاحظات وآحالات:
1.يتمنى الكاتب، يرجو من كل المتابعين الاعزاء، اضافة او تصحيح ما سبق وأن أرخت له السطور اعلاه.
2.لمزيد من الدقة تجدر الاشارة الى ان التأرخة اعلاه، أعدت وكتبت عام 2008 .