الرئيسية / تقارير صحفية وسياسية / شبكات التجنيد – الظل الخفي في ملف الإرهابيين التونسيين

شبكات التجنيد – الظل الخفي في ملف الإرهابيين التونسيين

السيمر / الأربعاء 25 . 01 . 2017 — وقَّع زهاء نصف نواب البرلمان التونسي عريضة تطالب بتشكيل لجنة تحقيق بقضية شبكات تجنيد الشباب التونسي، وتسفيرهم إلى بؤر التوتر، في انتظار التصويت عليها الثلاثاء 24 يناير/كانون الثاني
ويعدُّ موضوع المقاتلين التونسيين المتحصنين في بؤر التوتر، من أكثر الملفات طرحا على دوائر القرار في تونس، بعد دعوات شعبية وسياسية إلى معالجة معضلة الإرهاب ومحاسبة الإرهابيين وشبكات الاستقطاب، التي رمت بالشباب التونسي إلى المحرقتين السورية والليبية، وجعلت تونس في مقدمة الدول المصدرة للمقاتلين في العالم.

خطوة استباقية
وعليه، وقع أكثر من 100 نائب من غالبية الكتل النيابية، يمثلون أحزاب “النداء” و”النهضة” و”مشروع تونس” و”الجبهة الشعبية” و”آفاق تونس” عريضة لتشكيل لجنة تحقيق، مهمتها الكشف عن المتورطين في تجنيد الشباب التونسي، وتسفيرهم إلى مناطق النزاع والحروب خلال سنوات ما بعد الثورة.
وفي تصريح للنائب عن حزب نداء تونس صابرين قوبنيطي، قالت إن معالجة قضية الإرهاب في تونس يجب أن تمر عبر جنود الخفاء، الذين سهلوا عمليات الاستقطاب وتسفير الشباب إلى بؤر التوتر في سوريا وليبيا والعراق.
وأضافت أن كتلة نداء تونس كانت وراء مبادرة تشكيل لجنة تحقيق برلمانية من أجل استباق أزمة عودة هؤلاء المقاتلين حيث تؤكد الحكومة التونسية أن عددهم لا يتجاوز ثلاثة آلاف شخص عاد منهم 800 شخص فقط.
وأكدت النائب أن “هناك أكثر من جهة متورطة في القضية، من ضمنها جمعيات عملت تحت غطاء خيري وديني تأسست إبان الثورة، وشركات ومؤسسات”.

إنهاء الجدل السياسي
وحول هذا الموضوع، كشفت النائب، جميلة دبيش كسيكسي، لـ RT أن الهجمة الإعلامية الأخيرة التي عدت تونس حاضنة للإرهاب على خلفية الأحداث الإرهابية في برلين أساءت إلى سمعة تونس بشكل كبير، وأعادت موضوع شبكات التسفير والتجنيد إلى دائرة الجدل السياسي.
وفي تقييمها الشخصي، فإن هذه المسألة كانت ولا تزال محل تجاذبات سياسية بين دكاكين الأحزاب في تونس نظرا إلى تحميل كل طرف وزر هذا الأمر خصمه السياسي، وكان من الضروري إعادة النظر في هذه القضية من جذورها لحسمها نهائيا.
ورأت محدثتنا أن الأوان آن للكشف عن اليد الخفية وراء هذه الشبكات، التي عملت على استقطاب الشباب التونسي إلى الفكر الظلامي، وغرست فيه عقيدة الولاء للدم، خاصة أن البلاد كانت منشغلة في السنوات الماضية بمسار الانتقال الديمقراطي؛ لافتة إلى أن التحقيق قد يكشف مفاجآت للرأي العام بخصوص المتورطين.
ووفقا لتصريحات حكومية، فستتم إحالتهم على هيئات القضاء (وفق قانون مكافحة الإرهاب)، فضلا عن تخصيص سجن بمعايير أمنية عالمية لاحتوائهم وحماية المجتمع التونسي من خطرهم.

هاجس حكومي
أما العميد مختار بن نصر، فنوه بخطوة البرلمان بتشكيل اللجنة في حديثه مع RT، مشيرا إلى أن كل عمل وطني يلتقط خيوط هذه الشبكات داخل وخارج التراب التونسي هو طريق نحو إنقاذ تونس وشبابها من هاجس الإرهاب، الذي فاجأ التونسيين في عقر دارهم.
وأكد أنه منذ انتشار آفة الإرهاب في تونس مع بداية 2011، لم تتخذ إجراءات عاجلة لاحتواء المسألة في ظل غياب إرادة سياسية زادت في تعقيد أزمة الإرهابيين التونسيين.

تعويم القضية
ويخالف موقف، هشام حسني، أمين عام حزب الشعب المواقف السابقة بخصوص تشكيل لجنة برلمانية للتحقيق في شبكات التسفير، إذ يقول في تصريحه لـ RT إن التحقيق في ملف شبكات التسفير هو شأن استخباري في الأساس، ويقع على عاتق وزارة الداخلية التونسية.
وأضاف أن “هذه اللجنة تأتي في إطار المزايدة السياسية، ولن تخرج بحلول ناجعة، بل ستقوم بتعويم القضية”، على حد قوله، ولا سيما أن البرلمان لجأ إلى تشكيل عدة لجان كلما أثيرت قضية في تونس على غرار لجنة التحقيق في قضية وثائق بنما، لكن من دون نتائج تذكر.
وشدد محدثنا على أن دور البرلمان يتمثل في مساءلة وزير الداخلية حول شبكات التسفير لأهمية هذه الأطراف في فهم قضية الإرهاب، الذي باغت تونس منذ فجر الثورة وأصبح همها الأكبر.
وفي هذا الصدد، دعا أمين عام حزب الشعب الحكومة إلى فتح تحقيقات جدية بخصوص المورطين في تسفير التونسيين بدلا من الانشغال بملف عودتهم لأن هؤلاء سيؤمنون عودتهم بشكل سري عن أعين السلطات لتنشيط الخلايا النائمة الموجودة في تونس.

القضاء الدولي لمحاكمة التونسيين الفارين
وفي هذا السياق، نظر البرلمان التونسي في لائحة مقترحة من “كتلة الحرة”، التابعة لحزب “مشروع تونس”، تدعو فيها الحكومة إلى إصدار قرار بتصنيف الجرائم المقترفة من جانب تونسيين ضد الأقليات في ليبيا والعراق وسوريا، كجرائم إبادة جماعية، وجرائم ضد الإنسانية، وجرائم حرب.
وورد في محتوى اللائحة الموقعة من قبل رئيس “كتلة الحرة” عبد الرؤوف الشريف، أنه تمت دعوة الحكومة إلى اتخاذ هذه الإجراءات على خلفية جسامة ووحشية الجرائم والاعتداءات المقترفة في ليبيا وسوريا والعراق في السنوات الخمس الأخيرة من قبل التنظيمات إرهابية.
هذا، وطالبت لائحة “كتلة لحرة” بتقديم كل من عاد من التونسيين المنتمين إلى تنظيمات إرهابية، إلى المحاكمة أمام القضاء التونسي طبقا لقانون الإرهاب، واتخاذ جميع الإجراءات القانونية اللازمة لتعهد المحكمة الجنائية الدولية، بتتبع ومعاقبة من تحصن منهم بالفرار إلى خارج التراب التونسي.

سلٌم سوري لمعالجة ملف الإرهابيين العائدين
بدورها، تقدمت الجبهة الشعبية “يسار” بجملة من المقترحات لمعالجة ملف المقاتلين التونسيين العائدين من بؤر التوتر تتمثل أساسا في إعادة العلاقات الدبلوماسية مع سوريا في أقرب وقت.
بالإضافة إلى إلزام وزارة الداخلية التونسية بالكشف عن معطياتها حول شبكات تسفير الشباب التونسي، والكشف عن جميع المورطين في استقطاب الشباب إلى الفكر المتطرف وإدارة عملية إخراجهم من البلاد وإرسالهم إلى معسكرات الإرهاب.
وترى الجبهة الشعبية أنه من حق الدول المعنية محاكمة الإرهابيين، الذين أضروا بمصالحها وساهموا في تدميرها.
وبقي سر شبكات تسفير الشباب التونسي لغزا غامضا، حيث لعبت دورا رئيسا في استقطاب تونسيين وجعلتهم غوغائيين، وأدارت عمليات منظمة منذ 2011 في إخراجهم من البلاد وإرسالهم إلى مصيدة الإرهاب.

روسيا اليوم

اترك تعليقاً