السيمر / الثلاثاء 13 . 06 . 2017
معمر حبار / الجزائر
رمضان في الجامعة مر المذاق، إلا أن فترة الشباب تجعل مرارته تذوب مع الأيام، وتختفي ضمن الجري وراء الحياة.
لا يمكنني بحال أن أنسى الطابور الطويل، فهو يتطلب جهد رياضي لأن المطعم بحي بن عكنون يفتح على الساعة السادسة مساء، ولكي يتحصل الطالب على الوجبة الكاملة، يتطلب منه أن يدخل الطابور ساعة أو أكثر قبل فتح المطعم، وهذا مالم أفعله طيلة السنوات الأربع.
يمتاز الطابور في رمضان بكون معظم الطلبة يحملون بعض أدوات الطهي، كالقدر والقصديرة لملئها بالشربة بما جاد به المطعم. وبما أن جميع الطلبة تقريبا يطلبون الزيادة والإضافة فإن ذلك يكون على حساب الطابور، فيزداد طولا ويرتفع وقت الانتظار.
ما أحزنني وما زال يؤلمني منذ 31 سنة هو الانتهاك العلني لشهر رمضان من طرف بعض الطلبة دون مراعاة لحرمة شهر رمضان، وكانوا ينتمون لمنطقة معينة. وما زاد في الحسرة والألم أنهم الأوائل الذين يغزون الطابور قبل الصائمين، فكانوا من أسوء المظاهر التي ميّزت الجامعة الجزائرية يومها، وكم أتمنى أن تكون هذه المظاهر قد زالت واندثرت.
المتأخر في اجتياز الطابور ودخول المطعم في شهر رمضان يجد شربة باردة وبعض البقايا الشاردة، وكان إخواننا من الشرق الجزائري حفظهم الله أفضل حال، لأن القائمين يومها على الحي كله والمطعم من الشرق الجزائري، فيضاعفون لزملائهم ويمدونهم بما جاد به القدر، فهنيئا لمن كان له ذوي القربى في المطعم.
أتذكر العام الرابع جيدا، فقد كنا نسكن بالطابق F، وهو واسع ويضم حمام صغير للاغتسال، وكان يسكن معي طبيب من بسكرة، وطبيب آخر يأتي لزيارتنا من عنابة. وكان العنابي بارعا في الطهي والبسكري غني لأن والده صاحب حقل نخيل، وكنا نشتري ما يطلبه منا العنابي، ونحضر من المطعم الشربة التي يعيد طبخها بعد أن يضيف لها القصبر والمعدنوس، واللحم الذي ينزع منه الشحم ويعيد طبخه بعد أن يعده ضمن طبق جديد، وتوضع المائدة وهي محملة بما طاب، ومرّت السنة الرابعة من أفضل وأحسن السنوات من حيث الراحة، و وفرة الحاجة، والجلسات الأخوية الرمضانية التي ما زالت عالقة بالذاكرة والتي أتمناها لكل طالب.
فيما يخص صلاة التراويح، فقد صليت بعدة مصليات ومساجد ببن عكنون، وقد لاحظت يومها كثرة القرّاء من ولاية الشلف باعتبارها مخزون لحفظة كتاب الله تعالى وما زالت والغرب الجزائري بشكل، وصليت من حين لآخر صلاة التراويح وصلاة الجمعة بمسجد الأرقم الذي تميّز يومها بالشيخ أحمد سحنون رحمة الله عليه، وقد كان المسجد تحفة من حيث الهندسة المعمارية وكان يومها في طور التشييد، وما لفت انتباهي يومها أن العائلات العاصمية من أب وأم وإبن وبنت وفتى وفتاة كانوا يؤدون للصلاة، وكان منظرا رائعا كم تمنيته للأسرة الجزائرية، وأظن أن هذه العادة الحسنة المتمثلة في ذهاب الأسرة الجزائرية انتشرت وعمت.