السيمر / الجمعة 16 . 06 ز 2017
معمر حبار / الجزائر
الحلقة الأولى كانت خاتمة العشر الأوائل بعنوان ” تراويح الرحمة وقراءات الرحمة”، وأمامك خاتمة العشر الثانية بعنوان ” تراويح المغفرة وقراءات المغفرة”، يواصل صاحبها الوقوف على بعض ما فتح الله عليه، وهو يتابع قراءة إمام صلاة التراويح في انتظار خاتمة العشر الأخيرة، ومنها:
الليلة 11 من صلاة التراويح:
1. “إِلَّا تَنصُرُوهُ فَقَدْ نَصَرَهُ اللَّهُ إِذْ أَخْرَجَهُ الَّذِينَ كَفَرُوا ثَانِيَ اثْنَيْنِ إِذْ هُمَا فِي الْغَارِ إِذْ يَقُولُ لِصَاحِبِهِ لَا تَحْزَنْ إِنَّ اللَّهَ مَعَنَا ۖ فَأَنزَلَ اللَّهُ سَكِينَتَهُ عَلَيْهِ وَأَيَّدَهُ بِجُنُودٍ لَّمْ تَرَوْهَا وَجَعَلَ كَلِمَةَ الَّذِينَ كَفَرُوا السُّفْلَىٰ ۗ وَكَلِمَةُ اللَّهِ هِيَ الْعُلْيَا ۗ وَاللَّهُ عَزِيزٌ حَكِيمٌ”، التوبة – الآية 40. سيّدنا أبي بكر كان عظيما حين خاطر بماله وحياته وأهله، وسيّدنا علي بن أبي طالب كان عظيما حين خاطر بحياته وهو الشاب المقبل على الحياة، ومن فرق بين عظيمين فقد أساء الأدب مع الكبار.
2. ” لْمُنَافِقُونَ وَالْمُنَافِقَاتُ بَعْضُهُم مِّن بَعْضٍ ۚ يَأْمُرُونَ بِالْمُنكَرِ وَيَنْهَوْنَ عَنِ الْمَعْرُوفِ وَيَقْبِضُونَ أَيْدِيَهُمْ ۚ نَسُوا اللَّهَ فَنَسِيَهُمْ ۗ إِنَّ الْمُنَافِقِينَ هُمُ الْفَاسِقُونَ “، التوبة – الآية 67. البخل من علامات المنافق، ومن كان بخيلا كان منافقا.
3. ” لَقَدْ جَاءَكُمْ رَسُولٌ مِّنْ أَنفُسِكُمْ عَزِيزٌ عَلَيْهِ مَا عَنِتُّمْ حَرِيصٌ عَلَيْكُم بِالْمُؤْمِنِينَ رَءُوفٌ رَّحِيمٌ “، التوبة – الآية 128 . من أراد أن يحكم ويسود ويعظ ، عليه أن يكون من القوم ويحترم عاداتهم، وأن يكون حريصا على أمنهم وسلامتهم وعرضهم وأرضهم، وأن يكون بهم رؤوفا رحيما، حينها يحق له أن يحكم ويسيّر.
الليلة 12 من صلاة التراويح:
1. ” وَلَقَدْ أَرْسَلْنَا نُوحًا إِلَىٰ قَوْمِهِ إِنِّي لَكُمْ نَذِيرٌ مُّبِينٌ”، ” أَن لَّا تَعْبُدُوا إِلَّا اللَّهَ إِنِّي أَخَافُ عَلَيْكُمْ عَذَابَ يَوْمٍ أَلِيمٍ”، هود – الآية 25-26. ظل سيّدنا نوح عليه السلام ألف سنة إلا خمسين عام وهو يدعو قومه لله تعالى، ولم يطلب منهم مالا ولا أجرا ولا سلطة ولا نفوذ، وهذا هو الصفاء والنقاء لمن أراد أن يتقدم الناس ويعظهم دون أن يمنيهم.
2. ” وَقَالَ ارْكَبُوا فِيهَا بِسْمِ اللَّهِ مَجْرَاهَا وَمُرْسَاهَا إِنَّ رَبِّي لَغَفُورٌ رَّحِيمٌ”، هود – الآية 41. المؤمن بالله تعالى وهو في أحلك الأمور لا ينسى الله بل يذكره أن وفّقه في الظروف الحالكة إلى ذكر الله تعالى، وذلك من أعظم مظاهر الشكر والتوفيق.
3. ” قَالَ سَآوِي إِلَىٰ جَبَلٍ يَعْصِمُنِي مِنَ الْمَاءِ قَالَ لَا عَاصِمَ الْيَوْمَ مِنْ أَمْرِ اللَّهِ إِلَّا مَن رَّحِمَ وَحَالَ بَيْنَهُمَا الْمَوْجُ فَكَانَ مِنَ الْمُغْرَقِينَ”، هود – الآية 43. من أسوء مظاهر عقوق الوالدين، أن يترك الإبن والديه ويتشبث بشخص أو مادة وليكن جبلا. والنجاة في غير الوالدين هلاك ودمار ولو كان جبل، والنجاة لا علاقة لها بالطول والعرض والصلابة كالجبل، بل النجاة في الله تعالى وفي الوالدين ولو كانا شيخين عجوزين كبيرين ضعيفين.
4. ” وَلَقَدْ جَاءَتْ رُسُلُنَا إِبْرَاهِيمَ بِالْبُشْرَىٰ “، هود – الآية 69. إزالة الفساد من البشرى، ومحاربة الفساد من البشرى، والفرح لإزالة الفساد من البشرى. أتحدث عن الملائكة التي أخبرت سيّدنا إبراهيم عليه السلام بأنها متجهة لتنفيذ أمر الله في قوم لوط. وبالإضافة طبعا بشرته بسيّدنا إسحاق عليه السلام.
5. ” وَامْرَأَتُهُ قَائِمَةٌ فَضَحِكَتْ فَبَشَّرْنَاهَا بِإِسْحَاقَ وَمِن وَرَاءِ إِسْحَاقَ يَعْقُوبَ”، هود – الآية 71. الملائكة الكرام وهم متجهون إلى قوم لوط لتسليط عذاب الله عليهم، بشّروا زوج سيّدنا إبراهيم عليه السلام بغلام. المطلوب من المرء أن يكون بابا للبشارة قدر ما يستطيع ولا تثنيه المصائب والمحن عن أن يكون بشيرا، ورسولا لكل خير بما يقدر ويستطيع.
6. ” قَالَ يَا قَوْمِ أَرَأَيْتُمْ إِن كُنتُ عَلَىٰ بَيِّنَةٍ مِّن رَّبِّي وَرَزَقَنِي مِنْهُ رِزْقًا حَسَنًا وَمَا أُرِيدُ أَنْ أُخَالِفَكُمْ إِلَىٰ مَا أَنْهَاكُمْ عَنْهُ إِنْ أُرِيدُ إِلَّا الْإِصْلَاحَ مَا اسْتَطَعْتُ وَمَا تَوْفِيقِي إِلَّا بِاللَّهِ عَلَيْهِ تَوَكَّلْتُ وَإِلَيْهِ أُنِيبُ”، هود – الآية 88. أساس الإصلاح أن لا يأتي المرء عكس ما ينهى عنه في السر والعلن، وأن يكون على بيّنة من ربه، وأن يؤمن بأن الأمر بتوفيق من الله تعالى، لأنه يوجد من هو أقوى وأقدر وأعلم ولم يوفق للإصلاح.
الليلة 13 من صلاة التراويح، خاصة بسورة سيّدنا يوسف عليه السلام:
1. “نحن نقص عليك أحسن القصص”3، المرء مطالب أن ينقل أحسن القصص لأبنائه وغيره، وأن يكون من أحسن القصص التي تروى عن نبله، وأخلاقه، وفروسيته، وعلمه، وحبه لوطنه.
2. ألقي سيّدنا يوسف عليه السلام في الجب العميق والسجن العميق، وكانت النتيجة أن تربع على القمة.
3. تعاون إخوة سيّدنا على رمي سيّدنا يوسف عليه السلام في الجب، وإمرأة العزيز التي ربته وأعجبت به إتّهمته بما ليس فيه، والعزيز الذي منحه الرعاية والحماية وعاش في ظله عيشة الملوك أدخله السجن. المسألة ليست في القريب الذي تبتلى على يديه، إنما في الصبر والنتيجة التي تظهر نتائجها الطيبة فيما بعد.
4. حين دعته إمرأة العزيز تذكر سيّدنا يوسف عليه السلام فضائل العزيز الكثيرة عليه وقال “معاذ الله إنّه ربي أحسن مثواي”23، فنجاه الله بشهادة “شاهد من اهلها”26. وحين نسي ربه وهو في السجن واستعان بغيره ، فكانت النتيجة “فأنساه الشيطان ذكر ربه فلبث في السّجن بضع سنين”42، نجاة المرء بقدر تشبثه بربه وتعلقه به.
5. تشاء حكمة ربك أن الله لم يجب دعاء سيّدنا يوسف حين طلب من الذي خرج من السجن أن يخبر الملك بشأنه، واستدعاه الملك بنفسه حين أخبره أن سيّدنا يوسف عليه السلام يحسن تأويل الأحاديث “أنا أنبكم بتاويله فأرسلون”45، حتى يكون فضل الله على إطلاقه سراحه جليا واضحا، وأن الفضل لله وحده وعباده أسبابا في ذلك.
6. جمع سيّدنا يوسف عليه السلام بين حسن تأويل الأحاديث وحسن تسيير الدولة، فهو رجل من عامة الناس ورجل دولة، والدولة ليست بحاجة من يفسّر لها المنام وينصرف، بل الدولة بحاجة لصاحب الرأي السديد والعقل الرشيد كسيّدنا يوسف عليه السلام.
7. إخوة يوسف لم يقسموا بالله حين أخبروا سيّدنا يعقوب عليه السلام بأن الذئب “أكل” سيّدنا يوسف عليه السلام، واكتفوا بالقول “وما أنت بمومن لنا ولو كنا صادقين”17، لكن حين كانوا صادقين في عدم سرقة صواع الملك، حلفوا بالله ” قالوا تا الله لقد علمتم ما جئنا لنفسد في الأرض وما كنا سارقين”73.
8. “قالوا إن يسرق فقد سرق أخ من قبل فأسرّها يوسف في نفسه ولم يبدها لهم”77، أكبر جرح يتلقاه الأخ من إخوته أن يسعوا لقتله ثم يتهمونه وهو ميت في نظرهم بالسرقة، وإنه لموقف صعب جدا أن يسمع الأخ من إخوته مثل هذا البهتان.
9. “رب قد اتيتني من الملك وعلّمتني من تاويل الاحاديث فاطر السموات والارض أنت ولي في الدّنيا والاخرة توفني مسلما وألحقني بالصّالحين”101، هكذا كانت نهاية سيّدنا عليه السلام، نسب الفضل، والنجاح، والعزّ، وإعادة لم شمل العائلة، والملك، والسؤدد لرب العالمين، وهذا شأن المؤمن الذي يرجع كل فضل لربه.
الليلة 14 من صلاة التراويح، خاصة بسورة النحل:
1. من عجائب القرآن أن سورة النحل تحتوي على 128 آية، وسورة الفيل تحتوي على 5 آيات وتدخل ضمن قصار السور.
2. “خلق الانسن من نطفة فإذا هو خصيم مبين”4. عجيب أمر الإنسان يخاصم ربه وينسى من أي مادة خلق.
3. وبعدها مباشرة تحدث عن خلق الأنعام وفوائدها الكثيرة التي يعلمها الإنسان والتي لم يدركها بعد “والانعام خلقها لكم فيها دفء ومنافع ومنها تاكلون”5. وكان على الإنسان أن يكون أكثر نفعا من “الخيل والبغال والحمير”8، أما وأنه رضي لنفسه أن يخاصم ربه بنعمة ربه، فهو لعمري لأقل وأدنى.
4. “والله جعل لكم من انفسكم أزواجا”72. الزوج نفس قبل أن يكون الآخر، والمرء لا يعادي نفسه بل يحبها ويقربها إليه.
5. “إن الله يامر بالعدل والاحسان”90. العدل لابد له من إحسان يجعله رقيقا لطيفا على الناس، فالعدل وحده جفاء وصرامة قد يسىء إليها المرء، لذلك وجب أن يقرن بالاحسان، كالكلمة الطيبة، والعفو، وعدم الإذلال والاحتقار، والبعد عن التشهير، واحترام شعور الناس وعدم الاعتداء عليها.
6. “فكلوا مما رزقكم الله حلالا طيبا”114. الحلال وحده لا يكفي لا بد أن يكون طيبا، فالمرء أعزّ من أن يأكل ما دون الطيب، ويلبس ما دون الطيب، وعظمة الحلال في أنه لا يقبل إلا طيبا.
7. “إن إبراهيم كان أمة”120. لا يخدعنك القليل من حولك فتفشل وتذهب روحك، فأمم بأكملها لم تكن أمة، وفرد واحد كان أمة.
8. “إن الله مع الذين اتّقوا والذين هم مّحسنون”128، أي الذين أحسنوا في موعظتهم، وحكمهم، وجدالهم، وعقابهم، وصبرهم، ما يدل على منزلة الإحسان فالفضائل السامية كالموعظة والصبر والحكمة، لا بد لها من إحسان يزيّنها وإحسان يرفعها ويحببها ويقربها للناس.
الليلة 15 من صلاة التراويح، خاصة بسورة الإسراء:
1. من عجائب القرآن أن سورة الإسراء جاءت بعد سورة النحل مباشرة. فالمؤمن من علو لعلو، ومن تحليق لتحليق، ومن شفاء الأجساد لشفاء الأرواح، ومن انتقال محدود لانتقال غير محدود، ومن سبحان الذي أوحى للنحل إلى سبحان الذي أسرى بعبده.
2. “وأمددناكم بأموال وبنين”6. في الجهاد يقدّم المال على البنين، وفي الفتنة يقدّم المال على البنين، وفي العطاء يقدّم المال على البنين، والشيطان يقدّم المال على البنين “وشاركهم في الأموال والاولاد”64، دائما بهذا الترتيب.
3. “ومن اراد الآخرة وسعى لها سعيها وهو مومن فأولئك كان سعيهم مشكورا”19. حسن الخاتمة يتطلب السعي لها، لكن سعي معين حسب مواصفات وليس سعي مذموم منهى عنه، بالإضافة إلى الايمان والاعتقاد المطلق بالآخرة وحسن الخاتمة.
4. “وقضى ربك ألا تعبدوا إلا إياه وبالوالدين إحسانا”23. لا تكفي مع الوالدين الطاعة لا بد من إحسان يرافقها فيسمو بالطاعة، فالطاعة لوحدها جفاء والطاعة بالإحسان شفاء.
5. ان ربّك يبسط الرزق لمن يشاء ويقدر إنّه كان بعباده خبيرا بصيرا”30. من كان غنيا فليبسط رزقه على المستحقين ودون تبذير ولا يبخل عليهم، فالرزق بقدر البسط. ثم إن ربك هو الذي يبسط لمن يشاء، فلا داعي للحقد والغيرة والحسد، وسينالك بسط الرزق بقدر الشكر والصبر.
6. “ولا تقتلوا أولادكم خشية إملاق نحن نرزقهم وإيّاكم”31. إن الله تعالى يرزق الكافر وابن الكافر وهو في بطن أمه.
7. “وقل لعبادي يقولوا التي هي أحسن”53. الله تعالي يوصي ويأمر بالإحسان لعظمته وعلوه، ومن كمال الإنسان وكماله أن يكون محسنا، ومن كان محسنا فقد امتثل لربه ونال درجة العبودية لله تعالى.
8. “وإذ قلنا للملائكة اسجدوا لآدم فسجدوا”61. مكانة الإنسان وقيمته لا تكمن فقط في كون الملائكة سجدت له، بل تكمن أولا ودائما في أن السجود جاء بأمر من الله تعالى، وتلك أعظم المنازل والدرجات.
9. “وقال له فرعون إنّي لأظنّك ياموسى مسحورا”101. لست أول من يتهم فيما ليس فيه، فقد اتّهم الأنبياء من قبلك بما لم يخطر على البال، ومواصلة الطريق والثبات والتوكل على الله مطلوب في مثل هذه الحالات، وينسي مصيبة التهم.
الليلة 16 من صلاة التراويح، خاصة بسورة سيّدتنا مريم عليها السلام:
1. يوجد سورة سيّدتنا “مريم”، ولا يوجد سورة سيدتنا خديجة، أو فاطمة أو عائشة، وقد سبقها من قبل سورة “آل عمران”، ما يدل على التسامح في القرآن الكريم والإسلام.
2. “قال ءايتك ألاّ تكلّم الناس ثلاث ليال سويا”9. و “فلن أكلم اليوم إنسيا” 25. الصمت أحيانا يكون آية، ويكون أبلغ من الكلام، لكن متى؟، وأين؟، ومع من؟. وطلب الصمت شمل سيّدنا زكريا وسيّدتنا مريم عليهما السلام.
3. “وجعلنا لهم لسان صدق عليا”50. الصدق هبة إليه، فلا تفسد عطاء الله وكرمه بالكذب، ولا تدعي ما ليس لك، واحمد الله على أن وفق عبده على قول الصدق.
4. “فخلف من بعدهم خلف أضاعوا الصلاة واتّبعوا الشهوات”59. ما يعني أن الصلاة فعلا تنهى عن الفحشاء والمنكر، ومن حافظ على الصلاة مخلصا موقنا إبتعد عن الشهوات.
5. “واذكر في الكتاب إسماعيل إنّه كان صادق الوعد وكان رسولا نبيئا54 وكان يامر أهله بالصلاة والزكاة وكان عند بّه مرضيا 55”. من علامات الصدق أن تظهر نتائجه مع الأهل وذوي القربى أولا، وفي حثّ الأهل على الصلاة والعطاء، فالصدق في بذل الجهد والانفاق.
6. “فاعبده واصطبر لعبادته”65. تحتاج العبادة إلى الصبر والمبالغة في الصبر، وتلك من أسرار العبودية.
الليلة 17 من صلاة التراويح، خاصة بسورة الأنبياء
1. “لا يسئل عمّا يفعل وهم يسئلون”29. ما عدا الله تعالى يسأل ولو كان ولي الأمر، وأفقه الفقهاء، وأغنى الأغنياء، وأقوى الأقوياء، ليتعلم المجتمع أن يسأل قادته وكل مخطىء ومصيب.
2. “ونبلوكم بالشرّ والخير قتنة”35. الخير كذلك فتنة لمن لم يحسن السعي إليه وعرضه والاستثمار فيه، فلا يغتر المرء بالخير الذي يقدمه فيقع في الفتنة، وليحمد ربه أن وفقه لفعل الخير، وأن يجنبه أن يتحول الخير إلى الفتنة.
3. الشاب سيّدنا إبراهيم عليه السلام يرى في الأصنام تماثيل “ما هذه التماثيل التي أنتم لها عاكفون”52، والشيوخ من قومه يرون في الأصنام آلهة “قالوا من فعل هذا بآلهتنا إنّه لمن الظالمين”59. المشكلة في كون الأصنام تعامل معاملة الآلهة وما أكثرها، وتفرض على المجتمع على أنها آلهة ولو أخطأت وأجرمت، وأخطر وأسوء الآلهة على الإطلاق تلك التي تقدم وتفرض باسم الدين، والدين منه براء.
4. “وأوحينا إليهم فعل الخيرات وإقام الصلاة وإيتاء الزكاة”72. الصلاة والزكاة والصوم والحج لا بد أن يتبعه فعل الخيرات، والخيرات وحدها لا تكفي لابد لها من صلاة وصيام وحج وزكاة، والفصل بينهم يسىء للخير ولأعمدة الدين، فوجب التنسيق والتكامل.
5. “إنهم كانوا يسارعون في الخيرات”89. جمال الخير وعظمته أن يسرع إليه صاحبه ولا ينتظره، فإن الانتظار لا يليق بالخير وأهل الخير.
6. “قل ربّ احكم بالحقّ”111. يسعى المرء لإقامة الحق على نفسه أولا وغيره، وفي نفس الوقت يسأل الله أن يعينه على قول وتطبيق الحق، فالحق توفيق من الله تعالى.
الليلة 18 من صلاة التراويح، خاصة بسورة النور.
1. “والذين يرمون المحصنات”4. لا تسعى أن تتعمد الرماية فإنها قاتلة ومهلكة لمن أصابته السهام ولمن معه كالزوج والولد والأقارب، فالمحصنة لها زوج وأبناء وأقارب، ومن تعمّد الرمي سلّط عليه من يحسن الرماية.
2. “إن الذين جاؤوا بالافك عصبة منكم لا تحسبوه شرا لكم بل هو خير لكم”11. حين يتهم المرء ظلما وفي عرضه وفراشه خاصة من مقربيه، فإن ذلك يعتبر فرصة لمعرفة الصادق من الخائن، والوقوف على بياض العرض وسلامة النفس، وعودة الأمن بعد ليل مظلم، وحقد كاد أن يفرق بين المرء وزوجه، وكان أن يفرق ويقتل.
3. “وقل للمومنات يغضضن من ابصرهم”31. المرأة كذلك مطالبة بغض البصر، وغض البصر ليس مهمة الرجل دون المرأة.
4. “وءاتوهم من مال الله الذي ءاتاكم”33. المرء لايمكن من ماله شيئا، فلا يدعي أنه صاحب المال، فقد أوتي المال من لدن الرزاق تعالى، فلينفقه فيما يضمن له الرزق والثواب، وليحمد الله على أن وفقه الله للبذل والعطاء.
5. “رجالا لاتلههم تجارة ولا بيع عن ذكر الله وإقام الصلاة وإيتاء الزكاة”36. التجارة ليست مذمومة ممنوعة بل مطلوبة ممدوحة، لكن حين تلهي تصبح مذمومة، تاجر إذن واربح لكن الحفاظ والمداومة على مع ذكر الله، تنمو حينها التجارة.
6. “يا أيها الذين امنوا ليستذنكم الذين ملكت ايمانكم والذين لم يبلغوا الحلم منكم ثلاث مرات من قبل صلاة الفجر وحين تضعون ثيابكم من الظهيرة ومن بعد صلاة العشاء “56. قرن الله تعالى أوقات الاستئذان بأوقات الصلاة، فالطفل وهو يتعلم آداب الاستئذان يتعلم في الوقت الصلاة واحترام أوقات الصلاة وإقامتها في وقتها، وهذا عين التربية والأخلاق.
الليلة 19 من صلاة التراويح، خاصة بسورة الشعراء
1. “قال إن رسولكم الذي أرسل إليكم لمجنون”26. “قال للملإ حوله إن هذا لساحر عليم”33. من اعتقد أنه مظلوم ومتّهم، ليتذكر أن فرعون إتّهم سيّدنا موسى عليه السلام بالجنون والسحر وهو كليم الله، لعلّ ذلك يكون له خير أنيس.
2. “قال فرعون وما رب العالمين”22. فرعون يسأل وسيّدنا موسى عليه السلام يجيب ويبيّن ويوضح من هو رب العالمين، ولم يرفض الإجابة، ولم يقل له كيف لك أن تسأل هذا السؤال، وظل يجيب في حوار مطولا مسجل إلى يوم الدين.
3. “قال لئن اتخذت إلها غيري لأجعلنك من المسجونين”28. أن يتعرض المرء للتهديد فهذا أمر عادي، لكن مطالب أن يصمد وأن لا يخضع للتهديد لأنه صاحب قضية، ولا يحق له التفريط فيها لمجرد أن تعرض للتهديد.
4. “يريد أن يخرجكم من أرضكم بسحره فماذا تامرون”34. فرعون الذي قال “وهذه الأنهار تجري من تحتي”، وهدّد سيّدنا موسى عليه السلام “قال لئن اتّخذت إلها غيري لأجعلنك من المسجونين”28. يتظاهر أمام شعبه المقهور الرأي والمشورة ، ويحرضهم عن الدفاع عن “أرضكم” وهم الذين لايملكون حق الماء والهواء، لأنه فقد الحجة، وانكشفت عورته، ولم يعد ذلك الإله المزعوم، وكذلك يفعل كل فرعون حين يفشل ويخيب.
5. سيّدنا موسى عليه السلام لم يطلب أجرا ولا قربى كما فعل سحرة فرعون “قالوا لفرعون أئن لنا لأجرا إن كنا من الغالبين”40، لأن الحق يعلو دون أجر، وهو القربى الذي يتقرب إليه كل منشهد للحق، ومن طلب أجرا لإثبات حق فاعلم بأنه ساحر سارق.
6. “لأقطعن أيدكم وأرجلكم من خلاف ولأصلبنّكم أجمعين”49. وفرعون هو الذي وعده السحرة من قبل بالأجر والمكانة. فالمرء مطالب أن لا ينخدع وراء إغراءات كل فرعون أثيم، حتى لو كان بيده الأجر والمكانة.
7. “وتنحتون من الجبال بيوتا فرهين”149، هذه حضارة قوم صالح. ومن زاوية أخرى أسباب سقوط الحضارة “قال هذه ناقة لها شرب ولك شرب معلوم. ولا تمسوها بسوء فيأخذكم عذاب يوم عظيم. فعقروها فأصبحوا نادمين”157. حضارة عظيمة تسقط بسبب ذبح ناقة ظلما، ما أصغرها من حضارة حين تسقط بالصغير المذل.
8. “ولا تبخسوا الناس أشياءهم ولا تعثوا في الارض مفسدين”183. لاحظ كلمة “الناس”، فالمرء مطالب أن لايبخس الإنسانية حقها لأن ذلك من الفساد في الأرض، ومطالب أن يعطي حقوق الجميع ويذكر فضل الناس عليهم، مهما كان دينهم، ولغتهم، ولونهم، وقربهم، وبعدهم.
الليلة 20 من صلاة التراويح، خاصة بسورة العنكبوت
1. مازلنا مع السور التي تحمل أسماء حيوانات ونظل نعبد الله بالقرآن الكريم الذي يضم سورة “العنكبوت”.
2. “ووصينا الانسان بوالديه حسنا”7. يكفي الوالدين فخرا أن الله هو الذي أوصى بطاعتهما وخدمتهما، ولم يترك شأن الوالدين للأبناء، رغم أنه من الفطرة السليمة أن يطيع الأبناء والديهم دون توصية.
3. “إنما تعبدون من دون الله أوثانا… فابتغوا عند الله الرزق واعبدوه واشكروا له إليه ترجعون”16. ما دون الله وثن، والوثن لا يملك رزق يومه ونفسه فكيف لغيره، والرزق يطلب من الله تعالى وليس الوثن، أيّ وثن.
4. فأنجاه الله من النار”23. إن الله لا يتخلى أبدا عن كل من يتمسك به، وخير مثال على ذلك نجاة سيّدنا إبراهيم عليه السلام من النار ومن داخل النار، والمؤمن لا يملك غير ربه لينجو.
5. “إن الصلاة تنهى عن الفحشاء والمنكر”45. كل من لم تنهه صلاته عن الفحشاء والمنكر، فهو ليس المصلي المطلوب وليست الصلاة التي أمر أن يقوم بها فهي حركات خاوية دون معنى، ويعني من زاوية أخرى أن الصلاة ليست عمل فردي بل تتعدى فضائلها إلى المجتمع، الذي سينجب فردا سليما من بعض العيوب القاتلة كالفحشاء والمنكر، وهذا ما يريده المجتمع المتقدم ويسعى إليه.