السيمر / الاثنين 28 . 08 . 2017
عبد الحمزة سلمان
يعاني العراق منذ عام 1980 حروب وويلات, كانت بدايتها الحرب العراقية الإيرانية, التي أطلق عليها العراق إسم القادسية, وعرفت في إيران بإسم الدفاع المقدس, وهي عبارة عن صراع مسلح, نشب بين الطرفين, إمتد لثمان سنوات طاحنة, ساند العراق خلالها دول الخليج وأمريكا, لبغضهم من جمهورية إيران الإسلامية, كلفت العراق خسائرا بشرية وإقتصادية لا زال الشعب يعاني منها .
عام 1990 تم إستيلاء العراق بعملية عسكرية طالت يومين, على كامل الأراضي الكويتية, وأعلن العراق ضمها إليه, وإعتبرها المحافظة رقم 19, وكان نشوب الحرب بسبب الديون التي خلفتها الحرب العراقية الإيرانية, وتدهور الإقتصاد العراقي, و بإشارات من أمريكا أنها غير مسؤولة عن حماية الكويت .
إحتلال الكويت أثار ذعر حكام السعودية, وتم طلب الحماية من أمريكا لها وللكويت, وعقد إجتماع طارئ لمجلس الأمن, وطالب بإنسحاب العراق من الكويت, وبدأت القوات الأجنبية تتدفق إلى السعودية, لغرض حمايتها, وبعدها صدرت عدة قرارات من مجلس الأمن الدولي, وتم تحديد موعداَ نهائيا لسحب قوات العراق من الكويت, مبينا( أن قوات الإئتلاف ستستعمل كافة الوسائل لتطبيق قرار مجلس الأمن رقم (660) القاضي بسحب القوات العراقية من الكويت بالموعد المحدد) .
تم تشكيل إئتلاف يتكون من 34 دولة ضد العراق, في حالة عدم إنسحابه من الكويت, دون قيد أو شرط, وكان الأمريكان يشكلون 74% من إجمالي الجنود التي تم حشدها, وقامت أمريكا بمحاولات لكسب الرأي العام في الشارع الأمريكي, لقبول فكرة تدخلها لإخراج العراق من الكويت .
نلاحظ كيف إستطاعت أمريكا تلعب لعبتها, بعد أن قامت بتشجيع العراق, ودفعه لإحتلال الكويت, ومن ثم عادت لتكون المنقذ للشعب الكويتي, وتوفر لهم الحماية, وهذه فرصة ثمينة لتغرس مخالبها في المنطقة, هدفها توجيه ضغوط وتهديد لجمهورية إيران الإسلامية, وفرض عقوبات على العراق, وأصبحت منطقة الخليج العربي, تدر ريعا وفيرا لأمريكا والإستعمار الأجنبي .
وافق مجلس الشيوخ الأمريكي على إستخدام القوة العسكرية لتحرير الكويت, وتم إطلاق عاصفة الصحراء, التي تكبد العراق خلالها خسائراَ كبيرة في الأرواح والمعدات, وسبب عدة إضطرابات في مناطق الجنوب, وقعت مباشرة بعد الإنسحاب من الكويت, في شهر شعبان, وسميت بالإنتفاضة الشعبانية .
بدأت الإنتفاضة من المدن الجنوبية بعد إنسحاب العراق من الكويت, وتدمير آلياته وجيشه من قبل القوات الأمريكية, وعاد العراقيون سيرا على الأقدام, وإنطلقت شرارة الإنتفاضة الشعبانية من البصرة, وشملت كربلاء والنجف, وكان هدف الإنتفاضة هو إنقلاب الحكم على الرئيس العراقي, الذي دفع العراقيين للهلاك, وزج البلد في حروب لا مبرر لها .
عادت أمريكا لتلعب دورها الماكر, بإعطاء الضوء الأخضر لرئيس العراق المقبور, لقمع هذه الإنتفاضة, التي إتصفت بالمد الشيعي, وسمحت له بإستخدام الطائرات المروحية ( السمتية), التي أرسلتها أمريكا للنظام بحجة نقل الجرحى من الكويت إلى العراق, إلا أن النظام إستخدمها لقصف المدنيين, وخسرنا الكثير من أبنائنا ما بين شهيد أو محكوم أو إعدام على يد النظام, وإستمر النظام بالسيطرة, وإعتقال الشباب, ومنع التدين, ووصل الأمر إلى محاسبة من كان يحمل بيده مسبحة, وطال صبر العراقيين على هذا الحال بإنتظار فرج الباري .
عام 2003 الغزو الأمريكي للعراق, وتسببت هذه الحرب بأكبر خسائراَ بشرية من المدنيين, وإستشعر العراقيون أنهم إنتقلوا إلى مرحلة جديدة في حياتهم, من خلال تداعيات أمريكية إستعمارية, بواسطة عملائهم وإعلامهم المأجور, ولكن هل من المعقول أن المكر الأمريكي الشيطاني يجعل العراق آمنا, ويتم الحفاظ على وحدة أرضه وسمائه؟ .
تسلم زمام الأمور الحاكم الأمريكي بول بريمر, وقام بتشكيل مجلس الحكم, وتم تأسيس أساس للطائفية, باستخدام شعار الاستعمار المأثور ( فرق تسد ), ونشر الطائفية بتقريب مجموعة على أخرى, وطائفة على الثانية, وتم تشكيل حكومة منتخبة بصناديق الاقتراع, قسمت المقاعد بالمحاصصة, فكان للشيعة عدد من المقاعد, وللسنة والطوائف الأخرى, وأصبحت الحكومة مقسمة مجموعات متناحرة, تعارض احدهم الأخرى, وبدأ الوضع يتدهور يوم بعد الأخر.
بعد مطالبة المرجعية الدينية بالتغيير, وإنهاء حالات التشبث بالمناصب, لمن تربع على عرش العراق, ولسوء الحالة الإقتصادية للبلد, وهدر الأموال, أصبح البلد يعلن الإفلاس, بعد ما كانت هناك ميزانية انفجارية بالسنوات السابقة , كيف انقلبت الأمور؟, وأين خيرات البلد؟, لا أحد يجيب على هذا السؤال, بل إنتابه الغموض, وتمت المطالبة بتشخيص الفاشلين والفاسدين, و تأجيج الرأي العام ضدهم, ولغرض تغطية الأمور, ونقل العراق لحالة أكثر سوء وألم من سابقتها, قام الخونة والفاسدين فتح الطريق أمام عصابات الإرهاب والفجور, للدخول لمدينة الموصل.
بتاريخ 10/6/2014 تم سيطرة عصابات الارهاب على محافظة نينوى, شمال العراق, وسرعان ما وجد الارهاب منطقة خصبة للتوغل, هي المنطقة الغربية للعراق, بسبب النشر الطائفي والتفرقة, و سلوك البعض, وتمركز رجال النظام السابق فيها.
أصبح الخطر يهدد كافة مناطق العراق, حيث تداركت الأمر, مرجعيتنا الرشيدة في النجف الأشرف, لإطلاق الجهاد الكفائي, لإنقاذ البلد من الهاوية, وتدخلت لتشكيل حكومة العبادي, بولادة عسيرة جدا, وتشكيل قوات عقائدية من الحشد الشعبي, وأبناء العشائر, فتوحد أبناء البلد الشرفاء لكافة الطوائف, لمطاردة فلول الإرهاب, وتشتيت أشلاءهم, وإنقاذ المناطق المنكوبة من شرهم .
سالت دماء الشهداء الزكية, لتروي تربة العراق , وتعيد أرضه المسلوبة, وتكفكف دموع من نالهم الحيف, وبطش بهم كفرة الإرهاب, كفوفنا تقطر دما, نضمد بها جراحنا, ونطارد الإرهاب لتحرير أرضنا, حيث تم تحرير المنطقة الغربية, وإنتقلنا بتحريرنا لمدينة الموصل, ومن ثم إلى آخر منطقة مغتصبة, إرتكز بها الإرهاب والكفر, هي تلعفر فتم تحريرها, وأوشكنا لنعلن أن العراق موحد شعبا وأرضا, من الشمال إلى الجنوب, وخابت كل مراهنات التفرقة, وهزم أعداء الإنسانية, وتم عزلهم بزوايا عفونتهم, ومكرهم الهزيل .
لا زال العراق تحيطه المخططات العدوانية, ليكون في حالة إرباك مستمر, يتطفل خلالها الفاسدين والفاشلين والخونة, بتشجيع أمريكي إسرائيلي تركي, مخططهم الجديد فصل كردستان العراق, بعد فشل مخططهم الأول لتقسيم البلد, وهم يساندون بالخفاء بعيدا عن الرأي العام مسعود الذي ترعرع بأحضانهم وأحضان عملائهم, وخونة العراق, ليتبنى مشروع الإستفتاء, الذي سيدفع إخواننا الكرد للهاوية .
حال إنفصال أكراد العراق عن وطنهم الأصلي, وتشكيل دولتهم المزعومة, سيكونون بين مطرقتين ذات قوة وعزم, لا يستطيعون تحملها, إيران من جهة, ومن المؤكد ستدافع عن شعبها الكردي, وتحافظ على أرضها, وكذلك تركيا لا تستسلم لتسلب أرضها أو شعبها الكردي, هاتين القوتين المتنافرتين, ستجعل إخواننا الأكراد يعانون من ضنك العيش, لإحباط مشاريعهم.
هكذا يعود الشيطان الأكبر أمريكا, يغرس مخالبه في منطقة إستراتيجية, بين تركيا وإيران, وكعادتهم يزعمون لحماية الأكراد شمال البلاد, كما فعلوها في منطقة الخليج, ويصبح سلب خيرات الشمال كالجنوب من الوطن العربي.
ندائي لكل شرفاء العالم الحذر من هذا الخطر .