السيمر / الثلاثاء 07 . 11 . 2017
د عبدالحميد العباسي
يُحذر الشاعر من أنصاف الحلول ويُوصي بالمعالجة الجذرية.. أحداث الشمال مسرحية طالَ عرضُها عقودا من الزمان ولمّا يُسدل الستارُ عليها بعد. عقودٌ طويلة مريرة وجيش العراق مُسَّمرا في الشمال ودماء شبابه في نزف مستمر وصناعة مقابر الشهداء في النجف, في ازدهار والمواطنون الاكراد يطحنهم الصراع طحنا. خلا الجو للمغامرين في بغداد ليحدثوا التغييرالذي يريدون, كل يوم ولا يحتاجون لذلك اكثر من ثلة من الجند, لا يخشون شيئ, فالجيش بعيد والقادمُ صديقُ الامس وابن *المَحَلة*. كلٌّ يأخذ من العراق وطرا, ثم يُرّحلُ سفيرا او الى مزرعته, يستجمُ او يستعدُّ لجولة أخرى. اما *صاحب الشمال* فهو سندٌ لكل مَن يُريد التغيير في بغداد, لا فرق عنده ان يكون هذا من شيعته وذاك من عدو قومه. اعان اصحاب 14 رمضان وغدر بعبد الكريم قاسم, الذي اكرمهم بما لم يحلموا به, عَرَفَ لهم حقَهم, شركاءَ حتى في عَلم الدولة. وقد قال السيد مسعود ومن على احدى الفضائيات, انه لا يمانع في عودة علَم *عبد الكريم قاسم*. ثم غدر بأصحاب رمضان وناصرالعهد العارفي لينقض عليه ويصطف مع العهد التكريتي الذي منحهم الحكم الذاتي, نواة الاستقلال ثم ضحى *بشط العرب* للحفاظ على ثِقَل الاكراد العددي في المعادلة الطائفية المقيتة, تلك التضحية التي كانت وراء كل ما لحقها من المآسي. ولم يكتفِ اصحاب الشمال بما جرى فخذلوا الثورة الشعبانية في أحلك ساعاتها واحتضنوا صدام بالقُبَل. المهم عندهم ابقاء الدولة العراقية تتقاذفها الامواج ولا تستقرعلى حال, أما ما يُصيب قومهم من مصائب واهوال وتهجير, فلا يؤبه به. سمعنا انه إبّانَ احتلال المانيا لفرنسا, كثيرا ما اضاعت المقاومة الفرنسية صيدا ثمينا من الجنود الالمان, لانها (المقاومة) تبيَّنَ لها ان تلك العملية سيذهب ضحيتها فرنسيون ابرياء, صادف وجودهم قرب الكمين. *انك لا تميت شعبا بدعوى انك تسعى لتحقيق آماله*. والان الى بيت القصيد: *سياسة انصاف الحلول وسياسة تعليق المشاكل*. ولماذا لا تُحل المشكلة جذريا؟ هل يعني هذا ان ليست هناك مُشكلة حتى تُحَل؟ يقول عالم الفيزياء الالماني *ماكس بلانك*, اشهر علماء الفيزياء طرا, يقول *ان اي مشكلة يُتُّمُ التعاملُ معها وفقَ الاساليب العلمية المعتمدة ولا يبان لها حل, هي ليست مشكلة بل هي محظ وَهْم phantom. هل المشكلة الكردية وهمٌ, أم ان التعامل معها لم يكن بالأساليب المعتمدة؟ ولماذا ينبغي لهذه *المشكلة* ان تبقى مُعلقة؟. يُقال (يقال) ان اطروحة هنري كسنجر لدرجة الدكتوراه, كانت بعنوان* تعليق المشاكل* وتبرير ترك المشاكل معلقة هو ان حل المشكلة يعقبه ظهور مشاكل اُخر. هذا تفسير وما هو بتبرير. وقد تكون تداعيات بقاء المشكلة قائمة هي المطلوب. هي المشكلة اياها من ابقت العهد الملكي مشلولا وبسببها, كما صرح نوري السعيد من محطة اذاعة بغداد, سَلكَ العراق سياسة الاحلاف ولم يُكمِل عبدالكريم المشوار. ودام نزيف الدم ويدوم. فإذا كانت هناك مشكلة فمن المحتمل أن غيرنا قد واجه شبيها او قريبا منها ومع اعتقادي( وقد كررت ذلك مرارا) ان ليس هناك تجربة جديرة بالاستنساخ ولا اخرى يجوز إغفالها: عندما وجد الجنرال يحى خان ان الهند اتخذت من بنكلادش مخلبا تدمي به دولة باكستان الاتحادية مستعينة ببعض الخونة من بنكلادش, قام الجنرال يحي خان بسلخ بنكلادش عن الدولة الاتحادية. تركت بنكلادش تتقاذفها الاعاصير والفيضانات واسقط بيد الهند. ثم وبعد ان وعى شعب بنكلادش حجم المكيدة التي دبرها المارقون, هَبَّ وقتل المتأمر مع الهند ضد وحدة البلاد, *الشيخ* مُجيب الرحمن وكل عائلته. ومثلا اخر هو ان الروس كأي فاتح اقاموا في ايران دولة *مهاباد* اواخر الحرب العالمية الثانية غير ان قوام السلطنة وبلعبة سياسية ماهرة وبعون جيشٍ وطني أطاحَ بالدولة التي اقامها الروس واعاد ايران موحدة. ذكرت هذا في مقالة نشرت قبل سنوات على موقع الاخبار بعنوان * في المأزق بين المركز والاقليم* بيد ان في آذان ساستنا وقرا.