السيمر / الاثنين 20 . 11 . 2017
معمر حبار / الجزائر
أتابع عشاء اليوم عبر الفضائية الأمريكية “الحرة” بيان الإقالة الذي قرأه الرئيس الزيمباوي روبرت موغابي، فكانت هذه الملاحظات:
ذكّرني بيان الإقالة ببيان الإقالة الذي قرأه الرئيس الجزائري الشاذلي بن جديد رحمة الله عليه بتاريخ 11 جانفي 1992، فقد كان هناك تطابقا كبيرا رغم الاختلاف في بعض الجزئيات.
ألقى موغابي وهو من مواليد 1924 بيان الإقالة وعن يمينه قادة الجيش، مايدل على أنّ الجيش مازال المتحكّم الفعلي في تنصيب وإقالة حكام إفريقيا والعرب.
بقي قادة يتدخلون حتّى في الأوراق التي قرأها موغابي كما بيّنت الصور المباشرة، وظلّ موغابي ينظر إليهم في كلّ مرّة يريد الانتقال إلى صفحة أخرى، مايبيّن أنّ نصّ الإقالة كتب على عجل وأنّ الثقة زالت والخوف من الانفلات مازال إلى آخر لحظة.
واضح جدا أنّ نصّ الإقالة وظهور موغابي كان لحفظ ماء وجه الرئيس، يظهر أنّه حرّ طليق لم يتدخل في شؤونه أحد.
مازال موغابي يقدّم النصائح وكأنّه مازال الحاكم الفعلي وليظهر أنّه الرجل القوي في البلاد.
مما جاء في بيان الإقالة: “عهد القرارات التعسّفية تجاوزه الزمن”، وكأنّه يريد أن يقول: عهدي تجاوزه الزمن خاصة وأنّه يحكم البلاد منذ سنة 1987، ورئيس حكومة منذ سنة 1980، وكان على حكام العرب أن يقولوا: عهدنا تجاوزه الزّمن ويسلّموا مقاليد الحكم لأصحاب الزمن.
مهما قيل في حكم موغابي المبني على الحكم الأبدي إلاّ أنّ مايجب التأكيد عليه أنّ زيمبابوي لم تستعن بقوّة خارجية لإزاحة الرئيس ولم تستعن بقوّة أجنبية لتنصيب الرئيس.
مصيبة العرب في كونهم يستعينون بالأجنبي والأطلسي والغربي والأعجمي لتثبيت حكمهم ونقلهم للأبناء والأحفاد عبر النّار والدّماء.
وجريمة العرب في كونهم يستعينون بالأجنبي والأطلسي والغربي والأعجمي للإطاحة بنظام عربي لمجرد أنّه لم يوافقهم في مسألة عائلية وقضية شخصية، فيحرقون البلد وينسفون الديار، ويحرقون الثمار، ويجلبون العار لحضارات عمرها عمر الكون.
قرأت صباح اليوم لبعض الأساتذة أنّ موغابي حرّر موزمبيق، وعليه أقول: له كلّ الشكر والثناء وتظلّ إفريقيا تذكره فضله وجهده، لكن هذا لايبرّر الحكم المطلق والتشبّث بالكرسي إلى الأبد، ونفس الكلام نقوله لحكام العرب دون استثناء: النسب الشريف الممتد لسيّدنا رسول الله صلى الله عليه وسلم، والأماكن المقدّسة، والثورة ضد الاستدمار، وتحسين الأوضاع الاجتماعية لا تبرّر لأيّ كان أن يظلّ في الكرسي إلى الأبد ولو كان أحسن النّاس جميعا وأفضلهم جميعا.
قرأنا ونحن طلبة في الجامعة 1986-1990 لدى أستاذي وليد عبد الحي أمدّ الله في عمره وحفظه الله ورعاه إبّان تفكّك دول أوربا الاشتراكية في التسعينات أنّ الديمقراطية ستكون على الشكل التالي: أمريكا اللاتينية أولا وأوروبا الشرقية ثانيا وإفريقيا ثالثا ثم عقّب قائلا: ولا يبدو أنّها ستحطّ بالدول العربية، وعليه أضيف: زيمبابوي وإن كانت متأخرة في رفض الحكم المطلق ولا يبدو أنّها ستعود إليه ولا أعتقد أنّ الجيش سيكرّس الحكم الأبدي كما فعل مع موغابي إلاّ أنّ المجتمعات العربية مازالت بعيدة عن تبادل السّلطة وأنّ الحكم وسيلة لخدمة الوطن وليس غاية لخدمة الأبناء والأحفاد، ويزداد الأمر جرما وتعقيدا حين يبرّر المثقف والفقيه للحكم المطلق مستعينا بالآيات والأحاديث.