السيمر / الخميس 23 . 11 . 2017
أياد السماوي
للون ومطّلعون بالشأن السياسي العراقي يتوقعون خلال الأيام القادمة صدور قائمة كبيرة لأبرز رؤوس الفساد في العراق , ويؤكد هؤلاء المطّلعون أنّ القائمة ستضم شخصيات شيعية وسنيّة وكردية مراعاة للتوازن وحتى لا تتهم بأنّها تستهدف جهة سياسية محددة دون غيرها, وبكل تأكيد أنّ صدور مثل هذه القائمة ستثلج صدور العراقيين المملوءة قيحا وحقدا وغلّا على الفاسدين وسرّاق المال العام الذين نهبوا البلد وأفقروه , وبكل تأكيد أيضا أنّ صدور مثل هذه القائمة سترفع من شعبية رئيس الوزراء حيدر العبادي الذي يسعى لإعادة انتخابه لدورة ثانية , وستكون ورقة انتخابية مهمة لضمان حصوله على الولاية الثانية , ومن المؤكد أيضا أنّ مثل هذه القائمة ستضرب أكثر من عصفور واحد , فهي من جهة ستقدّم رئيس الوزراء للرأي العام باعتباره متصدّيا للفساد الذي أنهك الدولة ومؤسساتها وأضاع فرصة البناء والإعمار والتقدّم , ومن جهة أخرى ستضرّ كثيرا بالجهات السياسية التي ستستهدفها القائمة .
ربّ سائل يسأل من هي رؤوس الفساد التي ستطالها القائمة ؟ فمن المؤكد أنّ رؤوس الفساد المستهدفة ستشمل شخصيات سنيّة وشيعية وكردية , ولكن هل الفساد في العراق مرتبط بأسماء وشخصيات وأحزاب فقط ؟ أم أنّ الفساد في العراق نظام كامل له مؤسساته الضاربة في كل مفصل من مفاصل الدولة العراقية ؟ فالفساد في العراق هو النظام السياسي القائم في العراق , وهو العملية السياسية القائمة على أساس المحاصصات الحزبية والطائفية , وهو النظام الإداري المتخلّف في البلد , وهو البرلمان والرئاسات الثلاث والوزارات والهيئات المستقلّة والسفارات والحكومات المحلية في المحافظات , وهو الأحزاب السياسية التي تصدّت للعملية السياسية , وهو حزب الدعوة الإسلامية والتيّار الصدري والمجلس الأعلى بشقيه القديم والجديد والحزب الإسلامي السنّي وتحالف القوى العراقية ومتّحدون وجبهة الحوار وجبهة الحل والديمقراطي الكردستاني والاتحاد الوطني , وهو حواشي الرئاسات والبطانات الفاسدة .
والحرب الحقيقية على الفساد تبدأ من تغيير النظام السياسي القائم الفاسد , فالفاسد الأكبر في العراق هو النظام السياسي القائم والعملية السياسية الجارية , وإذا لم يعاد النظر في النظام السياسي القائم , فلن تكون هنالك أي حرب حقيقة على الفساد , وعلى دولة رئيس الوزراء أن يعلم أنّ الفساد في العراق كالأفعى التي تنزع جلدها , فاجتثاث فاسد أو مجموعة فاسدين ورميهم في السجن لن يقض على الفساد ما لم تزال أسبابه ومسبباته , ومرة أخرى أعيد على مسامع دولة رئيس الوزراء .. أنّ الفساد لا يحارب بالفاسدين .