السيمر / الاحد 17 . 12 . 2017
عبد الجبار نوري
ثمة محاولة ومبادرة وطنية أعلنها أتحاد أدباء العراق في أجتماع نخبهِ وأدباءهِ ومثقفيهِ في النصف من سبتمر2017 في ترشيح الشاعر الكبير مظفر النواب 83 عام لجائزة نوبل للآداب تقديراً لتجربته الأدبية ومواقفه الوطنية ، فهو حقاً بصمة في سفر المدونة الأدبية والثقافية الوطنية العراقية ، فهو عازف الوتريات الليلية ونورسها الحزين وهو الشاعر والفنان والمناضل الباحث عن الحرية في جغرافية ما — !!على وجه هذا الكوكب الحزين لذا سجل التأريخ أسمهُ في قائمة ” شعراء بلا حدود ” للبحث والبحث عن تلك البقعة التي أرتقت إلى هاجسٍ ملموس في مخيلتهِ وروحهِ وهي المساحة المكانية حيث لا ظلم ولا أستلاب ولا أحتلال ولا أستغلال ولا تعصب أوتخندق أثني أو طائفي ، وهو الشاعر والمناضل والأنسان الكاريزمي الذي يتغنى الناس بأناشيده الأقتحامية الموجعة للدكتاتوريات المتسلطة ، فهو شاعر وأديب مبدع وشاعر ثورة شعراً ونثراً وغناءاً ، وثمة ٌقصائد فريدة في الألق وأسطورة في الوجود في ديباجة ثورية بعبق درامي بنكهة ساخرة ، وأعتقد كان لفوز المغني الأمريكي وكاتب الأغاني ( بوب ديلان ) بجائزة نوبل في العام الماضي خير محفّز للأتحاد أن يعلن ترشيح نجم الأدب الثوري ( للنواب) وترجمة أعماله الكاملة إلى اللغة الأنكليزية والسويدية والفرنسية ، فهذه أحدى قصائدهِ المتألقة ” فعل مبني للمجهول في الوطن العربي ” لو ترجمت إلى لغات العالم لأحدثت كلماتها وبين سطورها أعجاباً شديداً وتضامناً وتأييداً منقطع النضير.
ترى أنهار النفط تسيل
لا تسأل عن سعر البرميل
والدمُ أيضاً
مثل الأنهار تسيلْ
لا تسأل عن سعر البرميل
والدمع
وأشياءٍ أخرى
من كلِ مكانٍ في الوطن العربي تسيلْ
خُذ مثلاً
دبابات ٌ ستٌ في بغداد
ونشرات الأخبار تقول
سقطت بغداد !!!
من المسؤول؟؟؟
فعل مبني للمجهول
وتألق في الوجدانيات وجسّمها بذلك الحنين والعشق الأبدي للوطن وترجم آهاتهُ وأوجاعهُ بشعرٍ يقول فيها :
سبحانك كل الأشياء رضيتُ
سوى الذُلْ
وأن يوضع قلبي في قفص
في بيت السلطان
وقنعتُ من أن يكون نصيبي في الدنيا
كنصيب الطير
لكن سبحانك
حتى الطير لها أوطان
وتعود أليها
وأنا
ما زلتُ أطير
جائزة نوبل للشاعر مظفر النواب — خواطر وملاحظات !؟
تمنح الجائزة عادة – وفق ديباجة أفتراضية – على أسس ومعايير ثابتة عبر تقييم موضوعي دقيق بعيداً عن الأنحياز السياسي ، ويكون الفائز في نظر لجنة التحكيم صاحب موهبة كبيرة أن لم يكن عبقرياً وأفضل من بقية المرشحين وأن الجائزة مخصصة للسلام وليس للسلاح ، والواقع يعكس غير ذلك لتأثر لجنة التحكيم بمزاجات الدول الكبرى المتنفذة وخضعت لتأثيراتٍ شأنها شأن أية مؤسسة تتعلق بالرأي العام العالمي ، وقد مُنحتْ مراراً لمن لا يستحقوها وحُجبتْ عن أشخاص آخرىن يستحقونها بجدارة ، ففي عام 1901 هي السنة الأولى للتكريم كان أبرز عمالقة الأدب العالمي ” لييف تولستوي ” مرشحا لنيل الجائزة ولكن حُجبت عنهُ وأعطيت للشاعر الفرنسي ” برودوم ” في الوقت الذي كان هناك أكثر تألق من الفائز الفرنسي أمثال : أنطون تشيخوف ومكسيم غوركي وأميل زولا ، ومنحت الجائزة لمناحيم بيغن والسا دات مناصفة ، ومُنحتْ جائزة نوبل للسلام للرئيس الأمريكي السابق (أوباما ) في 2009 حتى طلعت علينا هنا في ستوكهولم الجريدة المركزية لحكومة السويدية ( أفتون بلاديت ) بمانشيت عريض { نكتة الموسم جائزة نوبل لأوباما للسلام وأساطيلهُ تجوب البحار الدافئة}.
وهذه بعض المآخذ على لجنة التحكيم للجائزة :
المأخذ الأول /على لجنة التحكيم هو: من المفترض أن لا تكون سياسية ولكن عند التطبيق العملي تأثرت بالسياسة وخاصة حين يكون نصيب المعارضين للنظام الأشتراكي وكارهي اليسار التقدمي نصيباً أوفر ، والمأخذ الثاني /لم ينل مبدعي الثقافة العربية الأسلامية بسبب حكوماتهم ذات الأفكارالجهادية الراديكالية والتي تتناقض مع الديمقرطية الأوربية ، فبعد نيل نجيب محفوظ عام 88 لجائزة نوبل لم ينل حظاً من الجائزة كواكب مضيئة في الذاكرة العربية العالمية ممن يستحقها بجدارة أمثال : جبران خليل جبران وطه حسين وأحمد شوقي وجرجي زيدان والجواهري والسياب ونازك الملائكة والبياتي ونزار قباني وتوفيق الحكيم ويوسف أدريس ومظفر النواب ونوال السعداوي ومحمود درويش وأحمد الفيتوري وأدونيس وسميح القاسم ، ولكن يبقى مجرد ترشيح مظفر النواب تلك القامة الأدبية المناضلة يعتبر فوزاً لسفر الثقافة العراقية العربية ولأن الشاعر أكبر من الجائزة وترشيحهُ هو أعلاء شأن الأبداع العراقي وفي نفس الوقت هي ممارسة لوضع مبدعينا عالمياً ، ويحتاج لخوض هذا الترشيح إلى تضامن منظمات المجتمع المدني والأقلام اليسارية التقدمية في أعلامٍ موجه في نشر الوجدانيات الشعرية والثورية الوطنية للشاعر” مظفلر النواب ” وأن تترجم إلى سبعة لغات كأقل حد ممكن .
وأخيراً / بقناعتي الوجدانية أن جائزة نوبل تعتبر تكريماً وتقييماً لتجربة تخليد المدونة الفكرية في حقل الكتابة لتخليد كاتبها وحفر أسمهُ في ذاكرة الأرث الثقافي الأممي ، ولهدا سيكون السعي والأعلانات والبهرجة والتباهي ليس أكثر من طريقة في الأستجداء لذا أضع نفسي بقائمة المعترضين في شمول هذه (القامة) الوطنية بهذه الجائزة (المسيّسة ) لأنها تجعل من مظفر النواب شاهد على أزدواجية لجنة التحكيم ويقوم بألغاء تأريخه النضالي المشرّف ، والنواب يستحق أن تكون لهُ جائزة وطنية تكريماً لأبداعاته الشعرية الرصينة والواقعية الثورية وعرفاناً منا إلى هذا المناضل الذي نذركل وجوده للعراق وللبشرية وخدمة السلام العالمي .
المجد كل المجد للشاعر العظيم “مظفر النواب” ميرابو ثورة البؤساء وشاعر المنافي
كُتب في 17 ديسمبر 2017