السيمر / الخميس 21 . 12 . 2017 — اتخذت الأزمة في اقليم كردستان العراق الذي يشهد منذ أيام اضطرابات آخذت في التفاقم مع سقوط عدد من القتلى بنيران الشرطة الكردية في احتجاجات على الفساد، منحى جديد الأربعاء مع اعلان الجماعة الإسلامية وحركة التغيير (كوران)، الحركة الكردية المعارضة البارزة سحب وزرائها من حكومة الاقليم واستقالة رئيس البرلمان يوسف محمد (عضو في حركة التغيير) من منصبه.
وذكرت وسائل اعلام رسمية تابعة للحزبين الكرديين (التغيير والجماعة الاسلامية) أن القرار اتخذ بعد اجتماعات مكثفة بالانسحاب من التشكيلة الحكومية الثامنة في كردستان. ويقاطع الحزبان أيضا جلسات برلمان الإقليم.
وفي أحدث تطورات الأزمة، دعا مجلس أمن الاقليم الأربعاء مواطني الاقليم إلى استيعاب حساسية المرحلة وقطع الطريق أمام استغلال التظاهرات لتنفيذ ما وصفها بـ”أجندات سياسية”، وفق مواقع كردية اخبارية.
وطالب المجلس المواطنين بعدم افساح المجال لأولئك الذين يسعون لتنفيذ أجندات سياسية واستغلال مطالب الناس المشروعة لتحقيق غايات أخرى، من دون أن يحدد تلك الجهات، لكن مصادر رجحت أن المقصود هو الحكومة الاتحادية في بغداد.
وكانت هيئة حقوقية كردية قد اتهمت الثلاثاء بغداد بالعمل على تأجيج الاحتجاجات في الشارع الكردي وذهبت إلى الجزم بأن الحكومة المركزية برئاسة حيدر العبادي هي من يقف وراء انفجار الوضع في الاقليم الذي أجرى في 25 سبتمبر/ايلول استفتاء على الانفصال ردت عليه السلطات العراقية بعقوبات قاسية.
وجاء في بيان مجلس الأمن القومي الكردي أن “على شعب كردستان أن يلتزم بموقف واحد وأن يوجه احتجاجه ضد ممارسات بغداد بحق اقليم كردستان وشعبه”.
واتهم بغداد بالتملص من الحوار والسعي لتقويض تجربة كردستان بشن هجوم عسكري، مؤكدا على ضرورة أن توجه الاحتجاجات السلمية في هذا المنحى.
وتحاول اربيل على ما يبدو التغطية على الأسباب الحقيقية التي فجرت موجة غضب غير مسبوق في الشارع الكردي احتجاجا على فساد النخبة السياسية.
وليست هذه هي المرة الأولى التي يشهد فيها الاقليم احتجاجات على الفساد، حيث سبق أن تظاهر مئات الموظفين للمطالبة بدفع رواتهم. كما عرف الاقليم أسوأ أزمة سياسية على ضوء خلافات بين الحزبين الرئيسيين واتهامات للحزب الديمقراطي الكردستاني بزعامة مسعود البارزاني بالتفرد بالحكم.
ويعاني اقليم كردستان العراق منذ عامين من أزمة سياسية ومالية حادة على خلفية مشاكل مع بغداد وأخرى بين الأطراف السياسية الكردية.
وفرضت قوات الأمن الكردية في السليمانية ثاني محافظة في اقليم كردستان العراق، الأربعاء اجراءات مشددة بعد تظاهرات استمرت يومين تخللتها أعمال عنف أدت إلى مقتل خمسة أشخاص واصابة حوالى 200 شخص بجروح.
وانتشرت قوات الأمن بينها عناصر مكافحة الشغب المجهزة بخراطيم المياه على مختلف الطرقات في مدينة السليمانية كبرى مدن المحافظة.
ولم تشهد شوارع المدينة سوى أعداد قليلة من السيارات فيما اغلقت محال كثيرة أبوابها خصوصا في ساحة السراي، وسط السليمانية الموقع الرئيسي للتظاهر.
كما فرضت قوات الأمن اجراءات مشددة في مناطق متفرقة في محافظة السليمانية.
وفي رانية الواقعة على بعد 130 كلم شمال غرب السليمانية، حيث قتل خمسة أشخاص الثلاثاء، تجمع متظاهرون الأربعاء رغم انتشار القوات الأمنية في شوارع البلدة وتوجهوا إلى مقر لحركة التغيير ورشقوا المبنى بالحجارة، وفقا لشهود عيان.
وقام متظاهرون الثلاثاء، بإشعال النيران في مقرات لأحزب الاتحاد الوطني الكردستاني والديمقراطي الكردستاني والاتحاد الاسلامي وسيطروا على مبنى قائممقامية رانية.
والثلاثاء قال رئيس وزراء الاقليم نيجيرفان بارزاني الذي يتواجد في ألمانيا لوسائل الاعلام إن “الاقليم يشهد فترة صعبة ويمكن تفهم غضبكم”.
وكان رئيس الوزراء العراقي حيدر العبادي قد أعلن الثلاثاء أنه سيتخذ إجراءات إذا تعرض أي مواطن لاعتداء في إقليم كردستان شبه المستقل في شمال البلاد.
ونسب التلفزيون إلى العبادي قوله خلال مؤتمر صحفي أسبوعي “لن نقف مكتوفي الأيدي أمام الاعتداء على أي مواطن في إقليم كردستان”.
والأربعاء نقلت صحيفة عكاظ السعودية عن مصادر وصفتها بالموثوقة أن العبادي يدرس بالفعل عدة خيارات بينها حل حكومة الإقليم وتشكيل حكومة جديدة.
دعوة أممية لضبط النفس
وقالت بعثة الأمم المتحدة لمساندة العراق (يونامي) الأربعاء إنها “قلقة للغاية” بشأن العنف والاشتباكات أثناء الاحتجاجات في الإقليم الكردي المتمتع بالحكم الذاتي في شمال العراق هذا الأسبوع ودعت جميع الأطراف إلى ضبط النفس.
وقالت يونامي في بيان “من حق الشعب المشاركة في مظاهرات سلمية وعلى السلطات مسؤولية حماية المواطنين بمن فيهم المتظاهرون السلميون”.
وأضافت “نحث قوات الأمن كذلك على ممارسة أقصى درجات ضبط النفس في التعامل مع المتظاهرين. وتدعو يونامي المتظاهرين لتجنب أي أعمال عنف بما في ذلك تدمير الممتلكات العامة والخاصة”.
ودعت القوة كذلك حكومة إقليم كردستان العراق لاحترام حرية الإعلام بعدما داهمت قوات الأمن الداخلي الكردية (الأسايش) مكاتب قناة ان.ار.تي التلفزيونية الكردية الخاصة في السليمانية وأوقفت بثها.
المصدر: ميدل ايست اون لاين + وان نيوز