السيمر / الثلاثاء 03 . 04 . 2018 — في شباط عام 2011 قدم العراق طلب الانضمام بصفة مراقب في منظمة التجارة العالمية, وحصلت موافقة المجلس العام على قبول الطلب ,ومن بعدها تم اعداد مذكرة سياسة التجارة الخارجية وهي وثيقة الانضمام الرئيسية المقدمة من قبل العراق الى المنظمة في عام 2005 نظرا لحصول قناعة الجانب العراقي بذلك .
تمت دراسة المذكرة من قبل سكرتارية المنظمة حيث طرحت اسئلة واستفسارات عن الملفات السياسية والاقتصادية في العراق اجيب عنها في 2006 من قبل اللجان المختصة ,وعقدت مجموعة من الاجتماعات التفاوضية بين العراق والمنظمة بين عام 2004 و 2008 نوقشت فيها الملفات المهمة التي تقف عائقا في طريق انضمام العراق الى المنظمة مثل ملف العوائق الفنية امام التجارة وملف الملكية الفكرية ,وكذلك الملف الخاص بالزراعة والخطة التشريعية, و يتفاوض العراق الآن من أجل الحصول على العضوية الكاملة.
نقاش محتدم منذ فترة حول جدوى انضمام العراق لمنظمة التجارة العلمية كجزء من مرحلة تحوله الى النظام الرأسمالي وانفتاحه وايفاء التزاماته تجاه المجتمع الدولي التي قطعها على نفسه بتوقيعه ميثاق العهد الدولي, وفيما اذا كان الانضمام لمصلحة البلد ام انه يمثل تحدياً خطيراً وله تداعيات غير محسوبة النتائج ,أراء متعارضة حول جدوى الانضمام للمنظمة، فهناك من يحبذ الانضمام لما له من أثار ايجابيه, وهناك من يعارض ويحذر من تداعيات الانضمام على الصناعة وعلى الاقتصاد ككل , وكل طرف يسوق حججه ومبرراته لتأييد وجهة نظره.
وبحسب مراقبون فان الانضمام سيحقق العديد من المنافع للبلدان الاعضاء، ولكنه يمثل من جانب أخر تحدياً كبيراً وخصوصاً للبلدان النامية، وبشكل خاص للعراق، الذي يمر بظروف استثنائية . كما ان عدم الانضمام هو الأخر له اثاره السلبية (في ضوء انضمام اكثر من 150 بلداً الى المنظمة المذكورة)وهناك اشكاليات في كلا الخيارين المطروحين.
عضو لجنة الاقتصاد والاستثمار , عبد الكريم النقيب يقول في حديثه لـ(وان نيوز) ان :” العراق مر بشوط طويل في طريقه للحصول على عضوية منظمة التجارة العالمية, ومن اجل ان تكون هذه العضوية ذات فائدة لابد ان يقوم العراق بالكثير من الاصلاحات في وضعه الاقتصادي”.
ويتابع قائلاً:” اذا حصل العراق على العضوية يجب ان يفرض شروط خاصة بالسوق العراقي وخاصة بالوضع الاقتصادي الحالي الذي يفتقر لصناعة قادرة على معادلة صادرتنا مع ما نستورده من الدول الاخرى, فكما هو معروف ان اولى بنود اتفاقية منظمة التجارة العالمية تنص على رفع جميع القيود امام تبادل السلع ورؤوس الاموال”.
ويرى النقيب ان :” ان سعي العراق بحصوله على العضوية الكاملة يجب ان يكون على اساس تفاوضي من شانه ان يعطي للعراق فرصة في ان تكون هناك محددات خاصة به ,كأن لا تكون اسواق العراق مفتوحة امام جميع البضائع والسلع مع جميع الدول, لان هذا يعني عدم نهوض الصناعة والاقتصاد العراقي نهائيا”. مضيفا ان الدول الصناعية تستفيد من امكانيات الانتاج الوفير الذي يقلل لها التكاليف ,وهذا ما لا نستطيع الوصول اليه من خلال صناعتنا في الوقت الحاضر.
واشار عضو لجنة الاقتصاد والاستثمار الى ان :” من الضروري على الحكومة الاتحادية ان تأخذ رخصة بمدة زمنية معينة حتى نستطع من خلال هذه المدة النهوض بالصناعة العراقية ,وبالتالي ممكن ان نستفيد من عضويتها في منظمة التجارة العالمية كما تستفيد الدول المشاركة بهذه المنظمة”.
من جانبها تقول الخبيرة الاقتصادية ,سلام سميسم في حديثها لـ(وان نيوز) ان :” باعتبار العراق حظى بدعم صندوق النقد الدولي والبنك الدولي فأنه سيدفع تدريجياً الى اكمال عضويته في منظمة التجارة العالمية بعد ان كان عضو مراقب “. مضيفة ان في حال حصول العراق على عضوية كاملة في المنظمة فهناك تحديات كثيرة ممكن ان تواجهه, منها ان الحكومة الاتحادية لا تستطيع ان تفرض أي اجراء يحمي المنتجات الزراعية والصناعية, بعدما يتم فتح السوق العراقي لاستقبال كل المنتوجات من الدول الاخرى هذا مما سيشكل عائق كبير على المنتجات العراقية ,لان اتفاقية حرية التجارة تفرض على السوق ان يكون مفتوحا امام كل ما يأتي من الدول الخارجية.
وتتابع قائلة ان :” اهم الايجابيات التي من الممكن ان يحصل عليها العراق من خلال عضويته بالمنظمة هي فتح ابواب التجارة مع الدول الاخرى بلا عوائق ,وتقليل في كلفة الاستيرادات من الدول”.
ولفتت سميسم على ان :”هناك خطوة مهمة لو استخدمتها الدولة تستطيع من خلالها ان تحمي نفسها وتعمل على رفع قيمة السلع المحلية, هذه الخطوة تتمثل بعدم تطبيق اجراءات المنظمة الا مع الدول المنتمية لها ,وبهذا لا يضطر العراق الى استقبال المنتوجات من الدول غير المنتمية, لاسيما وان هذه المنتوجات رخيصة الثمن وتنافس المنتوج المحلي, وبالتالي عند تطبيق هذا الاجراء سترتفع اسعار المنتوجات الوطنية”.
واشارت الخبيرة الاقتصادية الى ان:” عضوية العراق في منظمة التجارة العالمية ممكن ان ترجع بنتائج عكسية وممكن ان تعود بفوائد للاقتصاد ,وهذا كله يعتمد على القيادة الاقتصادية في البلاد, فاذا كانت هناك قيادة اقتصادية واعية من الممكن من خلالها ان يتحسن الوضع الاقتصاد الحالي ,لكن اذا بقيت بهذا التراجع لا يمكن ان تحقق العضوية نتائج جيدة للاقتصاد العراقي”.
سلبيات وايجابيات عضوية العراق في منظمة التجارة العالمية:
أهم الاثار السلبية المتوقعة من اكمال عضوية العراق في المنظمة الدولية تتلخص في النقاط الاتية:
•عدم تضمين النفط في اتفاقيات التجارة العالمية وما يترتب على ذلك من اثار اقتصادية كبيرة كون النفط المكون الاساس للناتج المحلي الاجمالي العراقي.
•سيؤدي تنفيذ التزامات منظمة التجارة الى ارتفاع تكلفة برامج التنمية بشكل عام (ارتفاع استيراد التكنلوجيا وحقوق الملكية الفكرية وبراءات الاختراع وغيرها).
•أن تنفيذ اتفاقيات المنظمة سيؤدي الى ارتفاع تكاليف الخدمات ( خدمات النقل والتأمين) وبما أن العراق قد انفتح بعد عام 2003 على العالم الخارجي بشكل كبير نظراً لتغير فلسفة الدولة من النظام الاشتراكي الى نظام السوق، فسيترتب عليه ارتفاع وزيادة الاعباء المالية في قطاع الخدمات، نظراً لانخفاض الميزة النسبية في هذا القطاع في العراق قياسا بالدول المتقدمة.
واما الايجابيات المحتملة:
•تعاني بعض الصناعات الوطنية من المنافسة من نظيراتها الدول الاقرب ولاسيما التي تحصل على دعم من بلدانها وتباع بأسعار اقل من اسعارها في بلدانها (سياسة الاغراق)، وعليه ووفقا لمبادئ بنود الانضمام فأن مثل هذه الصناعات سوف تمنح دعم من خلال مكافحة الاغراق مما يعطيها فرصة لتحسين نوعية الانتاج ورفع مستواه.
•ان تحرير تجارة الخدمات وتشجيع الاستثمارات الاجنبية سيؤدي الى تشجيع حركة الاستثمارات الاجنبية وتدفقها الى العراق بما ينعكس اهميته على العراق.
•ان تطبيق اتفاقية الزراعة واحكامها سيؤدي الى ارتفاع اسعار السلع الزراعية المستوردة وسيدفع هذا الى زيادة انتاج بعض السلع من قبل الفلاحين علما ان الارتفاع بالأسعار سينعكس اثره على ارتفاع كلفة السلع الزراعية وبالتالي سوف يخفض حجم السلع المستوردة.
•من الممكن ان يزداد الطلب على النفط الخام لزيادة الطلب على المنتجات البتروكيمياوية لان تحرير التجارة من شأنه ان يزيد النمو في الدول الصناعية المتقدمة.
•ان التزام العراق بمبادئ حقوق الملكية الصناعية عند الانضمام للمنظمة سيكون سببا في نقل التقنية الحديثة الى العراق وتخفيض كلف الاستيرادات العراقية من الآلات وطرق الانتاج الحديثة .
•يمكن الاستفادة من مبدأ معاملة الدولة الاكثر رعاية عند الانضمام للمنظمة وهذا يدفع بالإنتاج الوطني الى الاعلى لتوفر الاسواق الخارجية للمنتجات العراقية.
وعموما يمكن ان نقول ان انضمام العراق سيكون اقل تكلفة في الوقت الراهن قياسا بالدول الاخرى لان العراق من اكثر الاقتصادات انفتاحا على التجارة الدولية وكذلك فان معدل التعرفة الكمركية بالعراق منخفض جدا بعد تطبيق العراق للرسوم الكمركية الموحدة والتي تبلغ 5%.
تاريخ ونشأة المنظمة:
لقد تأسست منظمة التجارة العالمية في عام 1995 ومقرها جنيف، وذلك في اعقاب الدورة الاخيرة للمفاوضات الخاصة بالاتفاقية العامة للتجارة والتعرفة الجمركية والمسمات بجولة اورغواي. والمنظمة الدولية مختصة بالشؤون والقوانين المعنية بالتجارة بين بلدان العالم وهي مسؤولة عن مراقبة السياسات التجارية الوطنية للبلدان الاعضاء ولتسوية النزاعات التجارية وتطبيق الاتفاقات المتعلقة بمنظمة “الغات”، والمصممة لغرض تخفيض التعرفة الجمركية وبقية القيود المفروضة على التجارة الدولية ، اضافة الى تقديم المساعدة الفنية للبلدان الاعضاء . كما تهدف المنظمة الى ازالة المعاملة التمييزية في التجارة الدولية وتشجيع التجارة متعددة الاطراف ومراقبة مدى التزام البلدان الاعضاء باتفاقات “الغات” وكذلك التفاوض وتنفيذ الاتفاقات الجديدة.
والمنظمة هي كيان دائمي وتتميز بكونها تمتلك سلطه كبيرة للتوسط في النزاعات التجارية فيما بين البلدان الاعضاء وتحدد العقوبات المناسبة للحالات المختلفة . ومن خلال جولة اورغواي تم الاتفاق على تخفيض التعرفة الجمركية على السلع المصنعة بمقدار الثلث، كما تم تخفيض الاعانات المالية والحصص المفروضة على السلع الزراعية والسيارات والمنسوجات، والتي لم تكن مغطاة من قبل المنظمة. وهناك ايضاً تجارة حرة في الخدمات المصرفية والخدمات الاخرى وكذلك حماية دولية اكبر لحقوق الملكية الفكرية ,الا ان مسألة الغاء الإعانات المالية الممنوحة للمنتجات الزراعية كانت عقبة في المفاوضات.
ويذكران العراق قد التزم ، بشكل غير مباشر، بالانضمام الى منظمة التجارة الدولية من خلال توقيعه على وثيقة العهد الدولي، ولذلك فمن المحتمل انه سيتحمل اعباءاً والتزامات اكثر عن اي تأخير في الانضمام الى المنظمة الدولية للتجارة, لأن هنالك قيوداً قد تفرض على دخوله في عضوية هذه المنظمة في المستقبل، نظراً لكون اعضاء هذه المنظمة (153 بلداً) يسيطرون على ما يقارب 95% من مجمل التجارة الدولية.
وان نيوز