الرئيسية / مقالات / ألإدارات المحلية والسلطة

ألإدارات المحلية والسلطة

السيمر / السبت 28 . 04 . 2018

د.ماجد احمد الزاملي

اختلفت آراء فقهاء القانون العام حول تعريف السلطة المحلية، ولم يتفقوا على تعريفا موحدا لها، فلكل منهم تعريف يُعبر عن رأيه وفقاً للنظام السياسي السائد الذي يعيش فيه أو يراه مناسبا له. وهذا الاختلاف حول تعريف السلطة المحلية يرجع إلى اختلاف وتباين النظم السياسية والاجتماعية التي نشأ في ظلها النظام الإداري من جهة، وإلى اختلاف وجهات نظر فقهاء القانون حول العناصر المكونة لها، والأهمية التي يخضعها القانون على أي عنصر من هذه العناصر من جهة أخر. وتتميز الوحدات الإدارية الفرنسية مثلا، بوحدة النمط، حيث تماثل الوحدات في مستويين هما المحافظات والبلديات. وهذا الفرق بين التنظيمين، يفسر بأن النظام الفرنسي في هذا المجال هو أبسط وأقل تعقيداً من النظام الانجليزي، ولكن مجالس المحافظات والمدن والقرى والمراكز في انجلترا ليست ولايات أو مقاطعات سياسية. فإنجلترا دولة بسيطة لا مركبة، ومجالسها المحلية لم تصل لا دستورياً ولا عرفياً إلى المستوى الذي وصلت إليه الولايات المتحدة الأمريكية في ممارستها للوظائف السياسية أو القضائية أو الإدارية. عربيا فقد اختلف الكثير من المفسرين حول تحديد مفهوم الإدارة المحلية، ولم يتفقوا على تعريف موحد إذ خلط البعض منهم بين مفهوم الإدارة المحلية ومفهوم اللامركزية الإدارية، وبين الإدارة المحلية الإقليمية والإدارة الخدمية حيث عرَّف الفكر الإداري للسلطة المحلية بأنها: ” توزيع الوظيفة الإدارية بين الحكومة المركزية في العاصمة وبين هيئات محلية أو مصلحيه مستقلة، بحيث تمارس هذه الهيئات وظيفتها الإدارية تحت إشراف ورقابة الحكومة المركزية”. أصبحت الإدارة المحلية جزءاً مهماً في عمليات التنمية الوطنية الشاملة، ومتطلبات التموضع العالمي الاقليمى للديمقراطية. وفى ظل العولمة أصبح بُعْدٌ عالمي يتجاوز الوضع المحلي إلى العلاقات مع الدول الأخرى، إذ إن التنمية والاستقرار، مجال حكم الجماعات المحلية، في أي منطقة يُعّدان عاملين محسوبين في الانفتاح على العالم الخارجي وبناء العلاقات الخارجية، وجذب الاستثمارات الأجنبية. أي أن الإدارة المحلية لم تعد شأناً محلياً ، بل أصبحت جزءاً لا يتجزأ من بناء العلاقات الخارجية. وتأسيساً على ذلك فقد تأسست منظمات عالمية تعنى بالتنمية المحلية، وعقدت المؤتمرات والندوات العالمية لمناقشة التنمية المحلية ومحاولة تبادل المعلومات من أجل تحقيق معدلات أعلى في التنمية المحلية. والمركزية واللامركزية هي من أهم عناصر دراسة الحكم المحلي والإدارة المحلية على الرغم من التعارض النظري بين مفهومي المركزية واللامركزية إلا أنه لا يمكن القول إن هناك مركزية مطلقة أو لا مركزية مطلقة ، بل هناك تداخل واضح بينهما. فبينما تسود المركزية في الدولة البسيطة كليا، فإن اللامركزية تتسع في الدول المركبة كدولة الإمارات العربية المتحدة والولايات المتحدة الأمريكية، ويقصد بالمركزية قصر وظيفة الدولة على أعضاء الحكومة في العاصمة أو قصرها في يد شخص معين كرئيس الدولة أو رئيس الوزراء، دون مشاركة من هيئات محلية أخرى. و يتضح الفرق بين نظم الإدارة المركزية التي تقوم على وحدة الشخص الاعتباري الذي يقوم بكافة أعباء الأداء ممثلاً في السلطة المركزية، وبين نظم الإدارة اللامركزية التي تسمح بالتعددية الاعتبارية إلى “جانب شخص السلطة المركزية”، وتتجلى أهمية الأسلوب الإداري اللامركزية من خلال إشراك الجماعات المحلية المنتخبة بإدارة أنفسهم بأنفسهم عن طريق مجالس محلية منتخبة، مما يسهل للمواطنين المحليين سرعة إنجاز معاملاتهم الإدارية التي كان يتطلب تدخل السلطات المركزية والتخفيف من المعاناة التي كان تعاني منها الجماعات المحلية هذا من ناحية، و من ناحية أخرى يؤدي إلى التخفيف من أعباء السلطات الإدارية المركزية ، فضلاً عن تنمية شعور المواطنين والجماعات المحلية بأهميتهم عند إشراكهم في إدارة شئون محلياتهم ، مما يعزز روح المواطنة والشراكة القاعدية في نظام الحكم. إلى جانب ذلك فإن الكثير من الدول جمعت بين السلطة المحلية والحكم الذاتي وأكثرها نجاحاً إيطاليا الموزعة على تسعة عشر إقليماً منها أقاليم عدة متمتعة بالحكم الذاتي لخصوصيتها أو لظروف خاصة كما هو في العراق والسودان. واصطلاح الحكم المحلي في واقع الأمر نشأ في بريطانيا، في ظروف تاريخية خاصة جعلت للهيئات الإقليمية اختصاصات أقوى من الاختصاصات التي تتمتع بها الهيئات الإقليمية في فرنسا . واستخدم البعض مصطلح الحكم المحلي لمجرد الإيهام بضخامة الاختصاصات التي تمنحها السلطة المركزية للأجهزة المحلية، والتي تديرها ذاتياً وباستقلالية. وبعض المحللين والباحثين يفرقون بين الإدارة المحلية والحكم المحلي على أساس الفروقات بين الحكم المحلي في بريطانيا والإدارة المحلية في فرنسا , إلاَّ أن تلك الآراء لم تكن علمية للتفريق على أساس الصلاحيات سواء أكانت اختصاصات محددة وتمارسها الهيئات المحلية في بريطانيا أم اختصاصات عامة تمارسها الهيئات المحلية في بعض الدول الأوروبية، ومن ثم تم التخلي عن تلك الآراء وظهرت بعض الاتجاهات الفقهية للتفريق بين الإدارة المحلية والحكم المحلي على أساس أن الحكم المحلي هو نتيجة الللامركزية السياسية ولا يطبق إلاّ في إطار الدولة المركبة، وهو عبارة عن جملة الصلاحيات التي تتمتع بها الدول أو الإمارات أو الولايات أو الكونتونات الداخلة في الاتحاد الفيدرالي والمنقولة لها من الحكومة الاتحادية.
السلطة المحلية تعد أسلوباً لصيقا بالديمقراطية وممارستها علي اكبر نطاقا واسع. ونقصد بالسلطة المحلية بمكونات وصلاحيات الإدارة المحلية لأنها تمتلك سلطة التنفيذ المحلى، وهى امتداد للسلطة الإدارية العليا أو ما يسمى بالمركزية الإدارية. والسبب في ذلك أهمية وجود إدارة محلية تعكس السياسات الوطنية العامة والمحلية والتي بدورها تعطى معنى للسلطة المحلية أو الحكم المحلى في منطقة ذات كثافة سكانية، ولعلاقة ذلك من أساليب التنظيم الإداري التي تتبعها الدول عادة في أداء وظائفها لتقديم خدماتها للمواطنين، إذ بموجب ذلك يناط بالسلطات المحلية ممارسة بعض وظائف السلطات المركزية بواسطة إشراك أجهزتها في أداء بعض الوظائف وتقديم الخدمات للجماعات المحلية. فعالم الشفافية اليوم والعولمة بكل تأثيراتها لا يسمح بتدني مستويات الإدارة والسلطة المحلية في العديد من الدول، لأن الإدارة المركزية هي المرتع الخصب للفساد وشراء الذمم والتسيب الإداري وتشوية مبادئ وأخلاقيات الوظيفة العامة, وإذا نجحت هذه الثقافة، فاءنها مرشحه للنفاذ إلى الإدارة والسلطة المحلية. وانه من المعروف إن أداء الوظائف وتقديم الخدمات حكراً على السلطات الإدارية المركزية وحدها، غير أن التطورات الديمقراطية المتصارعة، وتشعب الاختصاصات وتوسع الخدمات وتزايد الأعباء الملقاة على كاهل السلطات المركزية يفرض عليها واقعاً جديداً يتم بموجبه تنازل هذه السلطات عن بعض اختصاصاتها، وإلقاء ببعض أعبائها على المجالس المحلية المنتخبة في الوحدات الإدارية المحلية المنتخبة والمتخصصة على أساس محلي لتباشر ما يناط بها من اختصاصات تحت رقابة السلطة المركزية. وقد تعاظم في الوقت الحاضر دور السلطات المحلية، في دول العالم اجمع، في إدارة شئون الوحدات الإدارية المحلية، فأصبح الأصل هو توزيع الوظيفة الإدارية وتقاسم أعبائها بين السلطات المركزية والسلطات المحلية، وإشراك الأخيرة في أداء الخدمات التي كانت تقدمها السلطات المركزية للجماعات المحلية. وهكذا يتم تقاسم الوظيفة العامة وتقديم الخدمات بين السلطة التنفيذية وهيئات عامة مستقلة، وتقديم الخدمات التي كانت تقدمها السلطة المركزية على مستوى المحليات. اللامركزية السياسية تعد شرطاً من شروط قيام الاتحاد الفيدرالي وليست منحة من البرلمان المركزي، وإنما تنازل من الدول أو الولايات المتحدة عن بعض وظائفها السياسية للحكومة الاتحادية مع احتفاظها بالبعض الآخر منها. ويرى بعض الفقهاء أن الحكم المحلي في الدول البسيطة يتحقق عندما يتم نقل بعض صلاحيات التشريع إلى المجالس المحلية، والتي من خلالها يمكنها إصدار قرارات تشريعية تسهم في صنع السياسات المحلية، ولذلك يرى أصحاب هذا الرأي أن الإدارة المحلية تنحصر في نطاق الوظيفة الإدارية . وفي تقديرنا أن أهم نقطة يدور حولها الخلاف في هذا المجال هي السلطات السياسية للهيئات المحلية في الدولة البسيطة، والتي يربطها الكثير من المتخصصين في القانون الدستوري بمنح تلك الهيئات إمكانية إصدار قرارات تشريعية لها قوة القانون في نطاقها الإداري. وقد أصبحت الإدارة المحلية وحكم الجماعات المحلية جزءاً مهماً في عمليات التنمية الوطنية الشاملة، ومتطلبات التموضع العالمي الاقليمى للديمقراطية. وفى ظل العولمة أصبح بُعْدٌ عالمي يتجاوز الوضع المحلي إلى العلاقات مع الدول الأخرى، إذ إن التنمية والاستقرار، مجال حكم الجماعات المحلية، في أي منطقة يُعّدان عاملين محسوبين في الانفتاح على العالم الخارجي وبناء العلاقات الخارجية، وجذب الاستثمارات الأجنبية.

اترك تعليقاً