السيمر / الأربعاء 12 . 09 . 2018
مصطفى الصراف / الكويت
بعد إفشال الغاية من السيناريو الذي أطاح نظام صدام حسين، ألا وهو احتلال العراق وضمه إلى بيت الطاعة الأميركي، دفع بأفواج «داعش» لتخريب العراق، ولما تصدّى لها الشعب والجيش العراقي وأخرجها وتخلّص منها، جاء، اليوم، الأميركي ليمارس الضغوط لفرض حكومة تابعة لنفوذه، كما هي معظم حكومات المنطقة العربية، ولتحقيق ذلك جاء بورقة شبيهة بسيناريو «الربيع العربي»، حيث استغل سوء الخدمات وضنك العيش الذي يمر فيه العراق بسبب دمار بنيته التحتية في معظم مناطقه إبان مرحلة «الدواعش»، ما جعل العراق يخصص معظم مداخيله لإصلاح ما دمّر كأولوية، وقد أدى ذلك إلى خروج بعض التظاهرات السلمية للمطالبة بسرعة الإصلاحات، وكانت الورقة جاهزة لاستغلال تلك التظاهرات لتصعيد الموقف وتأجيج الأوضاع الاجتماعية، والصراع بين الأحزاب الوطنية، واندس البعض، فقام بحرق المباني الحكومية وشبه الحكومية، وزيادة الخراب في البنية التحتية، وقد جاء ذلك معاصرا للعمل على تشكيل السلطات السياسية الجديدة بعد انتخابات عامة، وحضور ممثل لأميركا، اليوم، للضغط على الأحزاب العراقية علنا وتارة بالوعيد، وأخرى بالتهديد لاختيار مرشح لرئاسة الحكومة ينال رضا أميركا، ويكون منفّذا لأوامرها، وإذا تم لها ذلك تكون أميركا قد حققت ما لم تستطع تحقيقه بعد إسقاط نظام صدام حسين ومرحلة «الدواعش»، فهي تعمل اليوم جاهدة بما يشبه انقلابا أبيض لفرض سلطتها، وهذا العمل يبرز إلى أي مدى بلغت سطحية الأداء في السياسة الأميركية في عهد إدارة الرئيس (ترامب)، ولم يعد لدى هذه الإدارة سوى استخدام القوة، إن قولا أو فعلا، لتحقيق أطماعها، كانسحابها من تمويل «الأونروا»، أو تهديدها بضرب سوريا، بحجة مسرحية «الكيماوي» المكشوفة، أو تهديد دول الخليج بثرواتها، أو فرض صفقة القرن، وجعل القدس عاصمة لإسرائيل.. وهذه مجرد أمثلة ظاهرة للجميع، ناهيك ما يحاك في الخفاء، ما نفَّر منها حتى حلفاؤها في أوروبا، كما أشعل الخلاف حتى بين أعضاء هذه الإدارة، وكذلك بينها وبين الحزب الجمهوري التي هي منه.
ومع هكذا تصرُّف ألا ينبغي للأمة العربية أن تتخذ موقفا يحفظ لها اعتبارها في مواجهة هذا الصلف والهوان؟
القبس الكويتية