السيمر / الاحد 16 . 12 . 2018
عبد الصاحب الناصر
تحدث هذه الحالة ليس في العراق فقط ، إذ تحدث في كثير من بلدان العالم ، بل وحتى في اكثر البلدان تقدماً وتطورا علميا و سياسيا و اقتصاديا، و حتى في بلدان كانت الى الأمس القريب اكثر خبرة و تجربة في السلوك الديمقراطي .كما تحدث في بلدان انتقلت الى الحياة الديمقراطية النيابية بعد العطش السابق في انظمتها الاشتراكية .سأسمي هؤلاء و هذه الحالة بـ(غطرسة القوة) اختصاراً في هذا البحث .هي حالة تنفرد و تتوسع فتستفيد من مختاف المجالات المتطورة و التقدم العلمي والاتصالات، و حرية انتشار المعلومات ضمن ما سمي بالمعلومة الواسعة الانتشار (information superhighway ).
استفاد هؤلاء ممن يؤمنون بغطرسة القوة باستغلال حرية الرأي، و نشر المعلومات بتشويه الحقائق في وقت تعبت شعوب العالم (الاكثرية الصامتة)، فتخاذلت او تقاعست لتهتم بحالتها المعيشية و الاجتماعية التي تتدهور افقيا وعمودياً .
ما يحدث من اضطرابات واسعة في أمريكا و بريطانيا و فرنسا و بولونيا و المجر و التشيك و بلدان كثيرة في افريقيا و اسيا، وعلى سبيل المثال لا الحصر، كيف انقلبت السيدة (انغ سان سو كي) رئيسة وزراء ميانمار (بورما) الآسيوية ، المدافعة يوم كانت في المعارضة والإقامة الجبرية، مدافعة عن الديمقراطية و الحرية في بلدها ، وكيف انقلبت الى متعاضدة مع السلطات العسكرية المتغطرسة ضد قسم من الشعب ذو الديانة غير البوذية ؟
تصاعد و تعاظم المد العنصري و النازي و التخلف الديني و الطائفي في كثير من بلدان العالم .تعاظم مصحوب بخوف من بطش و سطوة من استغل حالة غطرسة القو، بحيث اصبح من الصعب ذكر او الاستفسار عن مكانة هذا الشخص او ذاك ممن غلفوا بعباءات و اغطية مطرزة بالعظمة الزائفة، وبمكانة لا يمكن الاستفسار عن كيفية وصول هذا الشخص او ذاك إليها.
حتى وسائل الاعلام غير المؤدلجة، و اعلامييها يتخوفون و يتحاشون السؤال، فيبجلون سماحة فلان و قدسية علان .والسؤال هنا: من اين اتى هؤلاء بتلك السماحات وغيرها من الألقاب المقدسة؟ لا شك إنها غطرسة القوة، وبسببها تخوفت و تنازلت الشعوب عن حقها بمساءلة و محاكمة هؤلاء المتلبسين بلياس الدين وقدسيته، واصبح من التابو حتى مجرد السؤال من اين اتيتم بتلك القدسية؟ .
و قد اتسعت مساحات الخوف، لتشمل كتّاب و صحف و مؤسسات، و جهات كان لها باع في الدفاع عن حرية الشعوب، و عن تاسيس الديمقراطية .و تمثلت هذه الحالة بمنع كتاب و مقالات و آراء مازالوا يؤمنون بها لكن و مع كل الاسف سرا، خوفا من بطش اصحاب السلطة الجائرة المزوقة بغطرسه القوة في العراق حيث لا يتمكن احد من طرح سؤال واحد بسيط، كيف تعطونه حرية اختيار وزرائه و تفرضون على رئيس الوزراء السيد عادل عبدالمهدي شروطاً مسبقة؟
إذ غني عن القول أنه لا يمكن تعادل حرية الاختيار بوجود شروط مسبقة .انها معادلة لطرفي نقيض.
كيف تؤمنون بالنظام الديمقراطي الانتخابي، و لا تسمحون بحرية الاختيار لاعضاء ذلك البرلمان؟ فتتغطرسون بقلب الطاولات و عدم السماح بعقد الجلسات، ما هي قوة اي برلمان حين لا يتمكن من عقد جلساته؟.
نتابع بصمت مخيف ما يجري في العراق ، ليس سياسيا فقط، بل وحتى اعلاميا و اجتماعيا حيث اصبح من التابو ذكر شخص واحد ، على كل الاسماء ، يتمكن البعض من انتقاد حتى المرجعية في النجف الاشرف و لا يتمكن من انتقاد ساكن آخر في ذلك البلد الأمين و طور سنين، جعل من مقره في النجف مساويا لمقر المرجعية، فيضطر الكبار من زيارته عندما يزورون السيد السستاني للاستشارة او التوديع عند انتهاء مهماتهم !
هذه لعبة او انتقالة لا يجيدها من هو متخلف عقليا، فمن يا ترى من خطط له و اشار عليه بهذه الحركة؟
من احاط هذا الشخص بصفة (التابو المخيف) الذي حتى انا شخصيا اخذت التخوف في مساءلته و من تسميته؟ .حشرت كل مقالاتي و لم اعد اتمكن من نشر مقال واحد و إن كان لموضوع اخر خوفاً على حياتي وسلامة أقربائي في العراق، لقد وضعوا علامة خط احمر على كل من يسائل “سماحته” حتى ولو مجرد سؤال عابر؟
كذلك الوضع في بلد يدعي الديمقراطية كالولايات المتحدة الامريكية ، يحكمها شخص يوصف بالمعتوه (idiot)، لكن له مؤيدون كثر، و اصبحت حالته شاغلة للناس و للاكثرية الصامته و للصحف و المجلات و قنوات التلفزة، و مع ذلك يتمادى في التحريف و الكذب ، حيث اصدر ثمانية و عشرون عالما نفسيا و اجتماعيا امريكيا قبل سبعة اشهر او اكثر كتاب بعنوان:
Mental Health Experts on Donald Trump
عن مؤسسة BRAVE NEW FILMS
بمقدمة مخيفة للبشرية جاء فيها:
In our latest film, “Mental Health Experts on Donald Trump,” leading mental health experts speak out on the world’s most dangerous man, President Donald Trump.
لكن من جهة ثانية، بدأ العالم او الكثرية الصامتة، تنهض و تتحرك لتوقف هذا التجاوز على حرية الانسان، و على الحياة الديمقراطية التي يبتغيها الجميع . وهذا في رأىي المتواضع هو نتيجة الغطرسة المفرطة، و التناقض الفاضح الذي افاق الشعوب المحبة للسلام و الديمقراطية .
من تلك التناقضات عندما يقف اليسار العراقي “الديمقراطي” مع أشخاص لا تجمعهم معها اي صلة او شراكة ، واي مبدأ مهما كان صغيراً .
لقد انتمى للتيار الصدري كثير من ازلام البعث بعد التغيير و تسنموا المناصب تدريجيا مع الوقت فطغت كثرتهم على البسطاء من التيار ذوي النوايا الحسنة، و اصبح مخلصو التيار يتخوفون كما نتخوف نحن من البوح بالحقيقة، بسبب تصرفات هذا الشخص نتلمس كمية حسه الوطني داعيك عن حسه الديمقراطي .فكيف يتصرف قائد بسحب نوابه و وزرائه متى شاء و يعيدهم متى شاء؟ اليست هذه نزوة شخصية على النقيض من الحس الديمقراطي؟
كيف يدعو قائد “ديمقراطي” نوابه و وزراءه و بلطجيته بالهجوم على مجلس النواب و تدمير بعض محتوياته، اذا كان هذا الشخص يملك الاكثرية كما يدعي؟ .اليس هو من شارك بتسنم السيد العبادي لمنصب رئيس مجلس الوزراء سنة 2014 ؟
اذا كان اليسار العراقي يعترف بحجمه في الشارع العراقي، و يعترف بوجوب تعاونه او اتحاده مع قوة اسلامية عراقية، ألم يكن من الافضل ان يتعاون مع السيد العبادي او مع حزب الفضيلة، او مع الاسلاميين من المكون السني؟.
سألنا فاجابوا، الى متي سيدوم هذا التحالف، و كلنا نعرف بانقلاب هذا الشخص على كل من تحالف معه سابقا . قالوا مهما طالت او قصرت هذه المرحلة ، فقد اصبح لنا صوت في الشارع العراقي، علما ان من ذهب و صوت في هذا الانتخابات لا يزيد على ثلاثين بالمائة .كما ان صوت اليسار الحقيقي في الشارع العراقي كبير و عظيم و انما يحتاج الى قيادة شجاعة و واعية للحالة العراقية .كما اخذنا نسمع من اليسار ان اختيار عادل عبد المهدي لم يكن موفقا .الم يختار سماحته هذا الرجل بمشاركتكم و باصواتكم ؟
لي مقال اعمل على تنقيحه اسابيع كما اتخوف من تبعته اكثر، إذ لا اتمكن إلا ان اكون صريحا، والصراحة لا تخلو من الخطورة على صاحبها، خوفا من غطرسة صاحب “السماحة” فاستشرت كثيرا من الاخوة الاصدقاء، فكان الكل يشير عليَّ ان لا اكون بهذه الصراحة خوفا من بطش تلك القوة المتغطرسة، و ان لا اذكر اي اسم او جهة او تحالف، و انا اقول اي قيمة اذن ستبقى للموضوع اذا تجنبت الصراحة وتسمية الأشياء والأشخاص بأسمائها؟
———
إن الشجاعة معدية و ذات (حلاوة)، و حلاوتها أنها تلقائية” ” لكنها غير ثابتة بل تتسارع ديناميكيا و تتوسع تلقائيا ، spontaneously و الأمر الثابت قد يعني الموت نفسه ، الذي لا يقبل التغير و التطور .
إن الشجاعة تتجمع و تتوسع من تلقاء نفسها تحملها و تْحميها الجموع فتتسارع كالإعصار و كالغضب الساطع فتتواراى خلفها كل المخاوف .
كذلك هو (الجبن) عندما يلتف على بعضه فيتقوقع و يتخوف من القادم الواضح و يتهم الكل بالتآمر، بينما هم من يتآمرون و يتجمعون يجتمعون في السراديب و يختفون بين زوايا مظلمة و خلف وسائل التواصل الاجتماعي، الذي اصبح بذاته ساما ملوثا و خطيراً ، يبشرون و ينشرون الاكاذيب ، خوفا من أي تطور قد يؤدي الى التغير او الى التقدم ، إذنّ فهو معدٍ أيضا بسلبيته و بجبنه و تخوفه و سمومه .
أل تباً لكم ، لكل المتخلفين في العالم العربي ،كم من مرة انتميتم و اعتصمتم بالعصبية القبلية بوعي و بدونه، الا تتذكرون كيف خذل بعض العراقيين أخلص الرجال، الوطني المغدور والمغتال المرحوم الزعيم عبد الكريم قاسم ؟ بدءا من فرض شعار الديمقراطية في العراق و الحكم الذاتي لكردستان العراق الذي حمّلوه السموم بقصد او بدون قصد لكنه قد اوصلنا للتخريب ، لقد نصب مسعود ولده و ابن اخية لقيادة الاقليم و كان القليم خد خلا من الرجال .
إن الشجاعة معدية ، نعم ، يوم هب الشعب، و انتظموا في صفوف الحشد الشعبي لحماية العراق، كل العراق ، يومها كتبوا و إن على مضض، كتب يساريون يدعون الوطنية لكنهم استكثروا على الحشد حتى ذكر اسم ” الحشد ” ضمن أسماء القوات التي أدرجوها و سموها واحدا واحدا ضمن من يقاوم الارهاب الذي احتل ثلث مساحة العراق. إذاً الجبن معدٍ، ذلك الذي يحتمي بالخوف و هذا الخوف هو الذي يفضحهم .
وزع و نشر مؤخرا على وسائل التواصل الاجتماعي مقطع مسجل للشاعر خليل الحسناوي يصب فيه كل غضبه على العراق و على أهل العراق، علماً أن التعميم ظلم جائر، لكن ليس هذا موضوعي، بل لأنه قد ساوى بين جميع المسلمين، ساوى بين المرجعية في النجف و الوهابية الفاشستيه، و بين الحشد الشعبي و بين الوهابية الظلامية حاضنة الدواعش و النصرة و أبو سياف و بوكو حرام، و غيرهم من وحوش التطرف الاسلامي.
لم تعد الاكاذيب تخدم اصحابها كما لم يعد التشويه و حجب الحقائق طريق يوصل الى ما يبتغيه البعض .
منظور الوقت Time Perspective
منظور وقتك هو نوع النظارات التي تضعها عادة عندما تنظر إلى العالم من خلالها و منها ترى ما حولك . هذه النظارات لديها ثلاثة أنواع رئيسية من العدسات: الماضي والحاضر والمستقبل. هل أنت شخص موجود و تعيش الآن؟ هل تعتقد أحيانا أنك عالق في الماضي؟ ، و هل عندما ما تذهب للعمل لأن مستقبلك يعتمد على ذلك؟
إذاً هو الاختيار بين العمل واللعب بين الجد و اللهو كل هذه الوحدات تتبنى الغطرسه فغطت سطوة التيار على اكثر سياسي العراق و تتحاشا البقية شر هذا الرجل و ازلامه.