السيمر / فيينا / السبت 30 . 06 . 2019
محمد حسن الساعدي
تميزت هذه المدينة والتي تحدها خمس محافظات إلى جانب امتلاكها حدوداً طويلة مع إيران ما تعد حلقة وصل مهمة بين الشمال والوسط ، كما تعتبر هذه المحافظة من المحافظات المهمة في الإنتاج الزراعي من ناحية الحمضيات أو من ناحية إنتاجها للقمح حيث تعتبر من الأراضي الخصبة في الإنتاج ومن النوعيات المتميزة في البلاد ، كما تعتبر هذه المدينة ذات مليون ونصف نسمة تتميز بتنوعها القومي والمذهبي ، وما تميزت به هذه المدينة هو التعايش الاجتماعي بين مكوناتها، والتزاوج بين عوائلها حتى أصبحت مكوناتها متماسكة من حيث العمق القبلي أو حتى من حيث العلاقات الاجتماعية فيما بينهم ما جعل هذه المدينة تعيس أجواء هذا التعايش طيلة سنين مضت . بعد أحداث عام 2003 وما رافقها من دخول الجماعات الإرهابية ابتداءً من القاعدة مروراً بعصابات التوحيد والجهاد وانتهاء داعش حيث استهدفت هذا التنوع والتماسك ، وضربت عمق هذا الوجود العشائري والقبلي ، وأحدثت فيه شرخاً ، حيث عملت العصابات الإرهابية إلى أسلوبين (التهجير والقتل ) حيث عمدت هذه الجماعات الإرهابية إلى القيام بعمليات إرهابية استهدفت السنة والشيعة على حد سواءً، إلى جانب الاستهداف الممنهج الذي قامت به بعض الجماعات المحسوبة على الكرد ، لتهجير العرب عموماً ( الشيعة والسنة) من هذه مناطق تواجدهم وعمقهم التاريخي للتأثير على وجودهم الديمغرافي مما يؤثر بالسلب على قاعدة وجودهم وتأثيرهم في أي انتخابات قادمة ، إلى جانب سعي الأطراف السياسية والتي كانت تعمل مع الإرهاب ليلاً وفي السياسية نهاراً إلى ضرب العلاقات والروابط الاجتماعية بين جميع المكونات ، وأحداث شرخاً فيها وفق قاعدة خبيثة (فرق تسد) . ديالى الخير ما زالت تعاني من صراع عملاقة السياسة ، وشذاذ الفساد والقتل ، وما زالت تعاني من حيتان الفساد التي تعمد إلى ضرب صميم المحافظة وقتل وجودها وخيرها ، من خلال العمل على زحزحة أمنها ، وإيجاد الفرقة بين أبنائها ومكوناتها بما يحقق الأجندات الخارجية التي تعمل على ضرب المحافظة من الداخل عبر إدامة الشحن الطائفي والمذهبي والمستفيد من كل هذا هم من يريد أن تعيش هذه المحافظة في بحيرة من الدماء . ديالى البرتقال ستبقى متماسكة أمام الأجندات ، وأمام أي مخطط يراد به ضرب المكونات فيها ، ولكن في الوقت المسؤولية كبيرة على عشائرها ومثقفيها وشخصياتها في العمل على نبذ الخلاف والاختلاف وعدم السماح لمصاصي الدماء من السياسيين في اللعب على وتر الطائفية من جديد ، وإيقاف أي مخطط خبيث يراد به تخريب أمنها واستقرارها ، كما على الحكومة السعي الجاد والحثيث من اجل أقامة المشاريع الإستراتيجية المهمة فيها ، وإعادة أعمار ما دمره الإرهاب الداعشي ، وتفعيل القوانين التي تحمي حقوق أبناء المدينة ، وإعادة شجرة البرتقال إلى عهدها لتكون فخراً للأجيال على مر الزمان