السيمر / فيينا / الثلاثاء 02 . 07 . 2019
أسالت الظروف الغامضة التي أحاطت بصدور الأمر الديواني المرقم 237 لتنظيم وجود قوات الحشد الشعبي، الكثير من الحبر، لجهة مفاجأة توقيته.
وبالرغم من المواقف المتباينة من الأمر الديواني، إلا أنه أنهى الجدل بشأن مستقبل الحشد الشعبي، باعتباره قوة ثابتة الوجود، تمتد شرعيتها من البرلمان أولا والمؤسسة العسكرية الرسمية ثانياً.
لا مقدمات
وباستثناء المؤشر الذي وفرته سلسلة لقاءات رعاها رئيس الجمهورية برهم صالح على وقع التصعيد بين الولايات المتحدة وإيران، قادت إلى الإعلان عن “وثيقة الإعلان الوطني” في (18 حزيران 2019)، ثم بيان الرئاسات الثلاثة المشترك، بشأن ضرورة “حصر السلاح بيد الدولة”، لم يتوقع المتابعون موقفا حكوميا مفصلا بشأن وضع الحشد الشعبي، لا سيما أن الأمر الديواني 237 جاء مطابقا بشكل شبه كلي لقانون الحشد نفسه، والتعليمات التي أصدرتها الحكومة السابقة في هذا الإطار.
ويطرح محرر الشؤون السياسية في “ناس”، 4 سيناريوهات، يمكن أن يحكم أحدها أو أكثر، طبيعة العلاقة بين رئيس الحكومة عادل عبدالمهدي وهيئة الحشد الشعبي.
السيناريو الأول: صولة تطهير جديدة
يتمثل السيناريو الأول، في إمكانية تلقي قيادة الحشد الشعبي، للأمر الديواني الجديد، بوصفه حافزا لها، لتنفيذ “صولة تطهير جديدة”، بعد تلك التي بدات خلال شباط الماضي، من قبل مديرية أمن الحشد الشعبي، حيث جرى إغلاق مقار وهمية تحمل اسم الحشد، واعتقال قادة “زعموا انتماءهم لهذه المؤسسة”.
ويمكن لإجراء من هذا النوع، أن يقدم نوعا من الإجابة، على الأسئلة التي طرحت مؤخرا بشأن الجهات التي نفذت هجمات صاروخية على مصالح اقتصادية ومقار عسكرية في البصرة والموصل وصلاح الدين وبغداد، ووصفت من قبل مصادر غير رسمية بأنها “مجموعات خاصة وصغيرة”.
لذلك، يبدو هذا السيناريو مثاليا لإيقاف الجدل بشأن انضباط جميع فصائل الحشد الشعبي، والتزامها بالقرار العراقي، وترك مهمة معالجة حالات الخروج عن هذا المسار، للحشد نفسه، منعا لتدخل أطراف خارجية.
السيناريو الثاني: حساسية ناشئة
ولا ينقطع السيناريو الثاني عن سياق السيناريو الأول، وإن كان ينتهي إلى نتائج أخرى. إذ يقوم السيناريو الثاني على مؤشرات تتعلق بالحساسية الناشئة بين رئيس الوزراء وبعض الأطراف في الحشد الشعبي، بعد سلسلة الهجمات الصاروخية الأخيرة على منشئات نفطية ومعسكرات للجيش العراقي، تضم جنودا أميركيين، وتسببت في حرج بالغ للحكومة.
ووفقا لهذا السيناريو، فإن الأمر الديواني 237، ربما يترجم هذه الحساسية، مع عرض صريح من الحكومة العراقية برغبتها في وضع جميع أطراف الحشد الشعبي، تحت سيطرة المؤسسة العسكرية.
وبالرغم مما يبدو أنه ردة فعل حكومية على الهجمات، فإن هذا السيناريو لا يستند إلى توقعات تتعلق بنية عبدالمهدي إصدار عقوبة جماعية، بل على العكس، ربما يترجم رغبة بعض فصائل الحشد نفسها، التي لا تريد أن تكون متهمة مع كل هجوم هنا أو هناك.
السيناريو الثالث: طاعة فصائل وتمرد أخرى
يفترض السيناريو الثالث، استجابة أطراف في الحشد الشعبي، للأمر الديواني، ورفض أخرى، ما يعني وجود تبعات أخرى.
وينطلق هذا السيناريو من واقع الاستجابة السريعة التي عبرت عنها قوى رئيسية في الحشد الشعبي، على غرار سرايا السلام وعصائب أهل الحق وسرايا عاشوراء، التي رحبت بالأمر الديواني، وتحمست له بمستويات مختلفة، فيما صمتت أطراف أخرى عنه.
ولا تتيح المصادر القريبة من الحشد الشعبي صورة كاملة لردود فعل جميع فصائله، لذلك صدرت المواقف المرحبة بشكل فردي، وهو ما يطرح سؤالا على الحكومة، يتعلق بإجراءاتها مع الفصائل التي ربما لن تلتزم بأمرها الجديد.
السيناريو الرابع: عبد المهدي والحشد نحو المزيد من التنسيق
يذهب السيناريو الرابع إلى أن عبدالمهدي وقيادات الحشد الشعبي، يمضون نحو المزيد من التفاهم والتنسيق. وبعدما أسهم تحالف الفتح، الذي يوصف بأنه الممثل السياسي للحشد الشعبي، في اختيار عبدالمهدي لمنصب رئيس الوزراء، تستمر العلاقة الوثيقة بين الطرفين، في سياق فرز المواقف من الصراع بين الولايات المتحدة وإيران.
ويتضمن هذا السيناريو إمكانية وقوف عبدالمهدي، رفقة الحشد الشعبي، إلى جانب إيران في مواجهة الولايات المتحدة، وإن كان خيارا مستبعدا، لكنه يظل قائما، في ظل المرونة الكبيرة التي يتيحها المشهد العراقي في المواقف السياسية.
الجريدة لا تتبنى أي خيار مما ورد ضمن هذا التحليل