السيمر / فيينا / الاربعاء 20 . 11 . 2019
د. مصطفى يوسف اللداوي/ فلسطين
أتدرون من هو العظيم؟ أو من هو الكبير؟ …
إنه ذاك الذي يعيش بين العظماء،
وهو ذلك الذي ينشأ بين الكبار،
العظيم هو من يصنع العظماء،
والكبير هو من يربي الكبار،
أما الذي يظن نفسه بين الصغار كبيراً فهو صغير،
ومن اعتقد أنه عظيمٌ بين البسطاء فهو دونهم،
فمن أراد أن يكون يكون عظيماً فلينهض بمن معه ومن حوله ليكون بهم كما يريد،
فلا يقتل طموحهم، ولا يذل نفوسهم،
ولا يخاف من حماستهم أو يخشى من عنفوانهم،
ولا يتهمهم أو يشكك فهم، ولا يراقبهم خوفاً أو يتجسس عليهم ظناً،
ولا يتآمر عليهم أو يغدر بهم، ولا يصغي لعدوهم الذي يتآمر عليهم ويخشى منهم،
وليحفظ كرامتهم ولا يهين كبريائهم،
وليأخذ بأيديهم وينمي مواهبهم ويصقل خبراتهم،
وليرحم كبيرهم وليحنو على صغيرهم،
ولينتصر لضعيفهم ويطعم جائعهم، وليؤمن خائفهم ويطمئن مظلومهم،
وليعش معهم ويأكل من طعامهم،
وليتكلم بلسانهم ويلبس من ثيابهم،
ولا يسرق قوتهم، ولا يحرمهم من عملهم،
وليكن عوناً لهم لا متآمراً مع عدوهم عليهم،
وليصغِ إليهم ويسمع منهم ويدافع عنهم،
وليكن منهم قريباً ولهم سنداً ونصيراً …
وليرتقي بهم ويثقفهم ويعلمهم ولا يسعى لتجهليهم وتهميشهم،
وليعطهم مما لهم عنده ولا يبخل عليهم بما أفاء الله عليه،
وليتواضع لهم ويكون قريباً منهم، وليخفت صوته وترق كلماته في مخاطبتهم،
بهذا يخلق جيلاً عظيماً ويصنع شعباً أبياً كريماً، ويربي جيلاً كبيراً ومواطنين أفذاذاً،
حينها يكون بالعظماء الذين معه عظيماً، وبالكبار الذين حوله كبيراً،
ويكون بأبناء شعبه قوياً وبمواطنيه عزيزاً، وفي مواجهة أعدائه صلباً وعلى صدهم ومنعهم قادراً،
ذلك هو العظيم بحق والكبير بصدق، العظيم الذي نبحث عنه، والقوي الذي نريده، والصادق الذي نتطلع له، والمخلص الذي نفتقده،
وغير ذلك مهما كبر فإنه صغير، ومهما علا فهو وضيع، ومهما انتفخ وانتفش فهو حقير ….