السيمر / فيينا / الثلاثاء 31 . 03 . 2020
اسعد عبدالله عبدعلي
للعراق رموز فنية وابداعية عديدة في العقدين الاخيرين, لكن الاعلام العراقي غائب تماما عن تسلط الضوء عليها, لذلك فالعراقيون لا يعرفون شيئا عنهم, وهنا اجد من المسؤولية الاعلامية ان اكتب عن تلك الرموز الابداعية, وايضاح بعض الصور العراقية المشرقة, واليوم قررت ان اكتب عن الفنان ستار كاووش, رحل من بغداد، وحط رحاله في هولندا عام 1999, جاء إلى الفن حاملاً مشعل التعبيرية، لكنه لم يستمر فيها، تتلمذ على يد أستاذه القدير الفنان الرائد فائق حسن, لكن لم يقلده، عاش في بلد فان كوخ دون أن يكون ظلاً له. جرأته الفنية جعلته يتجاوز كثيرا من المدارس الفنية, التي ظل البعض أسيرًا لها، انه ابن الرافدين الذي خرج من اسر المحلية ليصل الى العالمية.
كافح كاووش كثيرا في صومعته, الواقعة في مدينة صغيرة في طرف العالم الجميل, لينتج لنا الجمال مقابل القبح المستشري في الكون, وهو رسام تشخيصي يبعث الدفء والحياة بلون قوس قزح عبر شخصياته.
الفنان دوما يمتلك فرنا ساخنا, وهكذا يفعل كاووش حيث يدخل الوانه لفرنه الخاص لتتشكل وتنتج لونا تركوازيا امتاز به, مشعا كسحر اغواء النساء في الف ليلة وليلة, وتتشابك خطوطه والوانه لتنجب لوحة تلو اللوحة بتفرد عجيب وهو كاووش العراقي.
· كاووش والحب
الفنان يبرز ما يلهمه, بعضهم يرسم عن المرض والمحنة والجهل, والبعض عن الحرب والدمار, وهنالك من يهتم بالطبيعة, اما كاووش فكان ما يلهمه هو الحب, عندما تنظر للوحاته تحس ان الوانه تتراقص وتتمايل على لحن حب الحياة, ان التفاؤل يشع منها, ان كاووش يعتبر اللوحة كالانثى فان الاعجاب بالفتاة الجميلة لا يعني ان اصبحت عاشقا, فالاهم في لعب الحب ان تعرف كيف تصل الى قلب الفتاة, وهنا ياتي الجد والاجتهاد الى ان تجعلها تحبك, كذلك اللوحة يجب ان تستخدم كل حيلك وبراعتك كي تدخل القلب وتستقر فيه.
ابرز ما يمكن ملاحظته في لوحات كاووش ان الظل يغيب تماما الا في تفاصيل الجسد, واشارة بعض المختصين ان كاووش يقترب كثيرا من الفن التشكيلي الفرعوني المرسوم في قبور الفراعنة والاهرامات والتوابيت الفرعونية, والتي تم حفظها في الرمال لالاف السنين, بخلاف بيئته العراقية حيث لم تصلنا من الحضارة السومرية والبابلية الا القليل بسب الصراعات والحروب التي دمرت كل شيء.
· رؤية لمنجز كاووش
عند مشاهدة لوحات كاووش وهي متوفرة على عديد المواقع, تلحظ ان اسلوبه عبارة عن مزيج متنوع بين ثقافات عديدة, مع ابراز سحر الشرق, هنالك حياة تنبض في لوحاته, الفرح, الحب, البهجة, يمكن القول هنالك نوع من التفرد في اسلوبه التعبيري, انه اسلوب ابن الرافدين العاشق لقوس قزح, فكأنني اشاهده في اغلب لوحاته عبر الوان صارخة, انه يرسم الحب والجمال في مقابل القبح والدمار, فمن الجميل ان يكون للفنان رسالة عبر لوحاته, وكاووش هذه رسالته الواضحة, تلخص بكلمتين (الحب والانثى).
الرحلة بين لوحاته تكشف محاولات مثيرة للاهتمام لكسر التقاليد, لكن ايضا لا يمكن اغفال ان لوحاته مستوحاة من البيئة العراقية, مثل الملابس الشعبية في وشاح المرأة وطاقية الرجل, وهذا لا يلغي سعيه للجمع بين الشرق والغرب في لوحاته, الجمع بين بيئتين عاش فيهما ــ العراق + والمهجر ـــ كما يقول هو في حوار: ” امزج بين أجواء بغداد والف ليلة وليلة التي أعرفها وبين المناخ الهولندي الذي اعيش فيه الان”.
· رموز الموروث العراقي
في لوحات كاووش ظهر الطائر الاسطوري العنقاء, والذي يتكرر حضوره في الفن الشرقي بصورة عامة وفي الفن العراق بالخصوص, وهنالك اختام شبيه بالأختام السومرية برزت في بعض لوحات كاووش, انها الرمزية الواضحة للشرق, ويقول في احد حوارته عن هذه الرمزية فيقول: “تراني في أعمالي أعيد بعض الرموز والإشارات بطرق مختلفة لأنها أثرت عليّ وهي تنسجم مع مناخي الفني وأسلوبي، ومن هذه الرموز، التفاحة والطاقية وظرف الرسالة والأصابع التي تتحرك بغنج والعيون الساهمة والمظلة والأجنحة التي تحلق بالعشاق والحالمين، هذه وغيرها الكثير تمثل لي تفاصيل ورموز أثرت عليّ بشكل أو آخر ووظفتها في أعمالي”.
كثير من لوحات كاووش تجدها ليست محاكاة للواقع بل هي كالحلم المفرح, او تنتمي لزمن سعيد فيه الكل مبتهجون, بل هي التقاطات جميلة من واقع مزري, هو يلتقط السعادة ليحولها الى فكرة وحدث وفن, بعض تلك الجزئيات مهملة من الاغلبية, وهي لحظات سعيدة وجمال مميز, من قبيل المقاهي المكتظة بروادها, والعشاق وهم يتبادلون النظرات, والنساء في الاسواق والكراجات, خصلات الشعر, العيون الانثوية بسحرها الخاص, الشتاء والشاي والانثى, الشبابيك, كل هذا يمكن ان يعطي جمالا غير متنبه له.
فالتفاصيل الصغيرة كاووش يهتم بها كثيرا مثل ظرف رسالة, الذي تكرر كثيرا في لوحات كاووش والذي يرمز للغربة والابتعاد والانتظار والحنين والاماكن, هكذا هي لوحات كاووش ورمزيتها العجيبة.
· من هو ستار كاووش؟
ولد في بغداد 1963, وحصل على شهادة البكلوريوس من أكاديمية الفنون الجميلة
في بغداد 1990, أقام أكثر من 20 معرضا شخصيا وحوالي 60 معرضا مشتركا في العراق، الأردن، إيطاليا، الولايات المتحدة، أوكرانيا، السويد، ألمانيا، فرنسا، الأمارات العربية المتحدة وهولندا.
صدرت خمسة كتب ملونة عن تجربته التشكيلية :
1- غواية الحركة ورنين اللون في تجربة ستار كاووش الفنية للناقد عدنان حسين أحمد، باللغة العربية.
2- أصابع كاووش De vingers van Kawoosh ويحتوي على 23 قصيدة لشاعرات وشعراء هولنديون كتبت خصيصا عن لوحات كاووش، باللغة الهولندية.
3- كاووش غموض الرسام (Mystery of a painter ) أصدره إتحاد الفنانين الهولنديين بمناسبة مرور عشر سنوات على وجود الفنان كاووش في هولندا، وباللغتين الهولندية والإنجليزية وقد ضم الكتاب مائة لوحة ملونة، وهي مختارات من اللوحات التي رسمها في السنوات العشر الأخيرة. وقد كتب مقدمة الكتاب البروفيسور ميشيل فان مارسفين مدير متحف درينته.
4- مدينة كاووش باللغة العربية وهو السيرة الشخصية للفنان كاووش حين كان في بغداد، كتبها الكاتب خالد مطلك وصدرت عن دار نشر تشارلستون الأمريكية.
5- نساء التركواز باللغة الأنجليزية والهولندية، وقد كتبت المقدمة السيدة شارلوتا هوخنس التي تعمل في متحف بانوراما مسداخ ومؤسسة موندريان.
6-
الجائزة
الثالثة في معرض الفن العراقي المعاصر، بغداد 1992.
الجائزة الأولى في معرض الفن العراقي المعاصر، بغداد 1993.
جائزة العنقاء الذهبية كأفضل تشكيلي عراقي في هولندا سنة 2011
زينت لوحاته أغلفة العشرات من الكتب الهولندية والعربية والإنجليزية.
7-
عضو
جمعية التشكيليين العراقيين. عضو إتحاد التشكيليين الهولنديين.
عضو أتحاد التشكيليين الهولنديين.
8-
اختارت
منظمة العفو الدولية لوحة ستار كاووش ( الحديث بصوت هادئ ) وطبعتها بطاقة بريدية
وزعت في مختلف دول العالم. سنة 2006
اختير من قبل مجلة باليت الهولندية والمتخصصة بالفن التشكيلي عضو في
لجنة التحكيم في معرضها السنوي عام 2006.
9- اختيرت لوحاته لتزين أحد أعداد (كتاب في جريدة) التي تصدره منظمة اليونيسكو والذي صدر مع أكثر من عشرين جريدة عربية في وقت واحد سنة 2011.