الرئيسية / مقالات / صورة من البرزخ بعد رفع العلم الجديد

صورة من البرزخ بعد رفع العلم الجديد

السيمر / فيينا / السبت 23 . 05 . 2020

حيدر حسين سويري

   ذهب أبو جهل ليهنئ اصحابهُ في عالم ما بعد الموت، برفع رايتهم وسط عاصمة الخلافة بغداد، حيثُ لم يتبقى من الإسلام شيء كما وعدهم، وأن أولاده وأحفاده أخيراً استطاعوا أن يخالفوا نص الكتاب الذي جاء به عدوهم اللدود محمد بن عبد الله.

   فاستقبلوه بمعزوفتهم المشهورة التي ظهرت في فيلم الرسالة، والتي باتت سائدة في أغاني الجيل الأخير، حيثُ تم القضاء على معزوفة (محمد يا رسول الله) التي كانت سائدة في الجيل السابق؛ كما أخذ مشهد وحشي والراقصة بالتقليد والشهرة بدلاً من تقليد مبارزة معركة بدر؛ خصوصاً بعد مقتل الفنان عبد الله غيث ووفاة الممثل العالمي أنطون كوين.

   حينما نزل أبو جهل من راحلتهِ صنعوا لهُ متكأ، فخطب فيهم:

يا معاشر الحلفاء، لقد كان لنا صولاتٌ وجولات مع محمدٍ وانصاره، فعندما فعلها ولدنا يزيد في معركة كربلاء، قائلاً: ثأراً من ثارات بدر. لم يكن قد استوفي الثأر، فثأرنا ليس بقتل محمدٍ وآل محمد، بل ثأرنا يكمن بالقضاء على الدين الذي آمنوا بهِ ونشروه، فاخذوا بهِ منا عبيدنا ومكانتنا، وغيرّوا فيه عاداتنا وتقاليدنا، كنا نرفع الرايات الحمراء على بيوتنا، ليستمتع بعضنا ببعض، كما فعلها اليوم أولادنا واحفادنا في كل بقاع المسلمين، حيث بدأت هذه البيوت بتوفير المكان وبـ(25 الف دينار فقط) اذا حضرا الاثنان معاً، اما اذا كان مفرداً فنحضر لهُ قرينهُ بمضاعفة المبلغ، لكن ما يؤسفني ان هذا العمل ليس علنياً الى الآن، لكنهُ سيكون، خصوصاً بعد رفع الراية في سفارة الاتحاد الأوربي والسفارة البريطانية وغيرها. أولادنا خير خلفٍ لخير سلف، لقد حفظوا الأمانة عنا ورعوها حق رعايتها.

فضج الحاضرون وصاحوا: اعلوا هبل، اعلوا هبل

وبعد ان سكت الضجيج، أكمل أبو جهلٍ خطبتهُ قائلاً:

يا معاشر الحلفاء: لم تُعد الحروب على ما كانت عليهِ، فليس السيف هو الفيصل في بيان الغالب والمغلوب، بل تطورت الحروب، حينما تأسست مدرسة المكر والدهاء على يد ولدينا البارين معاوية بن ابي سفيان وعمرو بن العاص، ولقد رأينا ما فعلا في صفين وكيف استطاعوا النصر على عليٍ وولده الحسن، ولو تُرك الامر للسيف لقُطّعوا تقطيعا.

هنا قفز عمرو بن عبد ود العامري قائلاً: لكني لا أعرف غير منطق السيف

فعاجلهُ أبو جهل قائلاً: أصمت يا عمرو لقد رأينا ما فعل بك علي يوم الخندق، ولولا غدر ومكيدة ولدنا ابن ملجم المرادي لكان عليٌ من الخالدين

فسكت عمرو وعاد أبو جهلٍ ليكمل خطبتهٌ:

ان هذا اليوم الذي ارتفعت فيهِ الراية، يوم عيدٍ سرورٍ على قلوبنا اجمعين، ولعل بعضكم يقول: لو كان رفع الراية في السابع عشر من رمضان ذكرى معركة بدر، لكان أشفى لصدورنا. فسأقول له: إنك لا تفقه شيئا، لقد رفعناه في شهر صيامهم، وفي ليلة قدرهم التي هي عندهم خير من ألف شهر، تتنزل الملائكة فيها، نعم … لقد رأيتهم رأي العين حين مقتلي، عندما كانوا يقاتلون في صف أصحاب محمد، عندما سألت ابن مسعود عنهم: من هؤلاء؟ قومٌ لا منكم ولا منا؟ فقال: إنهم الملائكة. وسبّحَ ربه قائلاً: لقد اراكهم الله ولا نراهم! فهل لك من توبة؟

هنا ضحك أبو جهل وقال: يريدني أن اتوب!؟ لا ولات والعزى لن اترك دين ابائي واجدادي ابداً، أنا أبا جهل وأقولها كما قالها محمد: أبا جهل، لأريهُ من منا اكثرُ مالاً وأعزُ نفرا.

اترك تعليقاً