الرئيسية / مقالات / الأعراب وحدهم يؤدلجون الدين الإسلامي/21

الأعراب وحدهم يؤدلجون الدين الإسلامي/21

السيمر / فيينا / الجمعة 16 . 10 . 2020

محمد الحنفي*/ المغرب

(قالت الأعراب آمنا قل لم تؤمنوا ولكن قولوا أسلما ولما يدخل الإيمان في قلوبكم).

قرءان كريم

(الأعراب أشد كفرا ونفاقا وأجدر أن لا يعلموا حدود ما أنزل الله على رسوله).

قرءان كريم

الدول الأعرابية مجرد دول استهلاكية:….2

والأعراب، عندما احترفوا أدلجة الدين الإسلامي، لم يحترفوها إلا من أجل إلغاء هامش التحرر من التبعية لهم، التي تصير مطابقة للإيمان بأدلجة الدين الإسلامي، التي تصير هي الدين الإسلامي، الذي يؤمن به المؤمنون بالدين الإسلامي، في مشارق الأرض، ومغاربها، بسبب الآلة الإعلامية الجهنمية، التي يملكها مؤدلجو الدين الإسلامي، المسلحين بالعملاء (العلماء)، الذين ليسوا علماء، يتمثل دورهم في تأويل النص الديني، بما يخدم مصلحة الحكام الأعراب. وفي هذه الحالة، فإن قيام الحكام الأعراب، الذين بنوا إستراتيجيتهم على أساس أدلجة الدين الإسلامي، بواسطة العملاء (العلماء)، المختصين في تأويل النص الديني، لخدمة مصالح الحكام الأعراب، وإصدار الفتاوى المتناسبة مع ذلك التأويل، لتصنيع دولهم، التي تعودت على أن تعيش على ريع الأرض. فإن عملية التصنيع لا يمكن أن تنقل معها تغيير البنيات الاقتصادية، والاجتماعية، والثقافية، والسياسية؛ لأن تغيير هذه البنيات، لا يمكن أن يتم إلا في إطار تغيير بنية العقل، وتغيير الفكر السائد في المجتمع، كنتيجة لتغيير منظومة القيم، المترتبة عن عملية تصنيع المجتمع، الذي يتحول إلى مجتمع متقدم، ومتطور، فيه طبقة عاملة مستلزمة لوجود عمل نقابي، وبناء فكر جديد، ينسجم مع قيام مجتمع صناعي.

وقيام المجتمع الصناعي، يقتضي إعادة النظر في البرامج التعليمية القائمة، وتعويضها ببرامج إعداد الأطر، والعمال، والتقنيين، المستجيبين لحاجيات المركبات الصناعية، الذين سيساهمون في بناء مختلف الصناعات التحويلية، والتركيبية، والغذائية، والأساسية، من أجل الاستغناء عن استيراد المواد الجاهزة، من السوق الرأسمالية، مما يوفر على دول الأعراب، إهدار العملة الصعبة على الاستيراد.

وبالتالي، فإن دول الأعراب، تجد نفسها مضطرة إلى تطوير الفكر، وتطوير الممارسة، وتطوير العقلية، التي تقتضي تطوير مناهج التفكير، التي تفرض بطريقة، أو بأخرى، اعتماد المنهج العلمي، الذي يحل محل المنهج الغيبي.

ومعلوم أن منهج العلم، الذي يحل محل منهج الغيب، المغرق في المثالية، فإن الأعراب يضطرون إلى إعادة النظر، في مجموعة من المسلمات، التي تجعلهم يستغرقون في أدلجة الدين الإسلامي، وبالتالي، فإن هؤلاء الأعراب، يقرون بناء على إعادة النظر في مسلماتهم:

1) أن أدلجتهم للدين الإسلامي، جرت عليهم خراب الفكر والعقل، وتحكم من يسمون أنفسهم ب (علماء) الدين الإسلامي، الذين حرفوا فهمهم، وتأويلهم للنصوص الدينية المختلفة، التي جرت على المؤمنين بالدين الإسلامي، من العرب وغيرهم، الويلات التي لا حدود لها، وجعلت مؤدلجي الدين الإسلامي، الذين تحولوا إلى مخربين للواقع، في تجلياته المختلفة، ليشكلوا بذلك خطرا على مستقبل البشرية.

2) أن حكمهم على المؤمنين بالدين الإسلامي، باسم الدين الإسلامي، بواسطة دولة، يسمونها (إسلامية)، مستغلين الدين المؤدلج، وموظفينه، لإخضاع جميع المؤمنين بالدين الإسلامي، إلى حكمهم، معتبرين أنهم خلفاء الله في الأرض، وأن ما يصدر عنهم، هو بمثابة (وحي) من الله، حتى وإن كان يلحق المزيد من الأضرار بالمؤمنين بالدين الإسلامي، ما داموا يؤمنون ب (القدر: خيره وشره)، ولأن الله الذي لا يقدر على عباده إلا الخير، يقدر عليهم كذلك (الشر) تطبيقا لمبدأ: (قل كل من عند الله)، كما ورد في القرءان، غير مميزين بين ما هو من الله، الذي لا يد للبشر فيه، وبين ما يقرره البشر، وينسبونه إلى الله، انطلاقا من الآية الواردة في القرءان: (ما أصابك من حسنة فمن الله، وما أصابك من سيئة فمن نفسك).

3) أن ما يقرره مؤدلجو الدين الإسلامي، في حق المؤمنين بالدين الإسلامي، مما ينسجم مع خدمة مصالحهم، ليس من الدين في شيء، ما دام صادرا عن الحكام الأعراب، المؤدلجين للدين الإسلامي، انطلاقا من قوله تعالى: (فما أصابك من حسنة، فمن الله، وما أصابك من سيئة، فمن نفسك). وهذا معناه أن كل مؤمن بالدين الإسلامي، يتحمل مسؤوليته في قبول، أو رفض ما يمارس في حقه. فإذا كان فيه خير له، فهو من الله، حتى وإن قرره الحكام الأعراب، وإن كان فيه شر له، عليه أن يرفضه؛ لأن قيام الحكام الأعراب، بتقرير ما فيه مصلحة لهم، نجد أنه يتعارض تعارضا مطلقا، مع مصلحة المحكومين، الذين عليهم أن يرفضوه، وأن يقاوموه، من أجل وضع حد له، حتى لا يحسب عليهم قبول ما يتعارض مع المصلحة العامة، مما لا يخدم إلا مصلحة الحكام الأعراب.

4) أن الحكام الأعراب، لا يستغلون الدين الإسلامي، من أجل استغلال الدين الإسلامي فقط، وإنما يستغلونه، لتضليل المؤمنين بالدين الإسلامي، من أجل إخضاعهم لخدمة مصالح الحكام الأعراب، الذين يتحولون إلى داء عضال، ينخر كيان مجتمعات المؤمنين بالدين الإسلامي، الذين عليهم أن يقبلوا، تبعا لإيمانهم بالدين الإسلامي، ما يقرره الحكام الأعراب، على أنه من عند الله، الذي (اختارهم) لحكم المؤمنين بالدين الإسلامي، وتدبير شؤونهم، ودون اعتبار لما يختاره المؤمنون بالدين الإسلامي، ولما يريدونه، كشعب، أو كشعوب، يفترض فيها أنها تتمتع بالسيادة الكاملة على نفسها، ومن حقها تقرير مصيرها الاقتصادي، والاجتماعي، والثقافي، والسياسي؛ ولكن حكم الاستبداد المطلق، الذي يمارسه الحكام الأعراب، يحول دون ممارسة الشعب لسيادته، ودون قيامه بتقرير مصيره بنفسه، مما يجعل تخلف شعوب المؤمنين بالدين الإسلامي، التي يحكمها الأعراب المؤدلجون للدين الإسلامي، من صنع، وتقرير الحكام الأعراب، وليس من صنع وتقرير شعوب المؤمنين بالدين الإسلامي.

5) أن تاريخ الأعراب، هو نفسه تاريخ أدلجة الدين الإسلامي. وتاريخ أدلجة الدين الإسلامي، هو نفسه تاريخ الأعراب، من منطلق: أن القرءان، ومنذ البداية، قال: (لا تقولوا آمنا، ولكن قولوا أسلمنا، ولما يدخل الإيمان في قلوبكم).

ومعلوم، أن الإيمان بدون الإسلام، والإسلام بدون إيمان، ليس كربط الإيمان بوجود الدين الإسلامي، أو كربط الدين الإسلامي بوجود الإيمان؛ لأن الإيمان بدون إسلام، كالإسلام بدون إيمان، يقود مباشرة إلى القول بالإقدام على أدلجة الدين الإسلامي، المتمثلة بالخصوص، في الإقدام على تأويل النص الديني، بما يتناسب مع مصالح مؤدلجي الدين الإسلامي، وفي نفس الوقت، مع مصالح (علماء) التأويل الأيديولوجي، الذين يتمحلون عملية التأويل، الذي ليس إلا تحريفا للنص الديني، عن مقاصده الحقيقية، ليستهدف مقاصد أخرى، لا علاقة لها بالأصل.

6) أن هدف الأعراب من التأويل، هو جعل الدين الإسلامي محجوزا للمؤدلجين. فهم وحدهم الذين يفهمون دلالة النصوص، انطلاقا من أهوائهم، وهم وحدهم الذين يملكون حق تفسير النص الديني، انطلاقا من أدلجتهم له، وهم وحدهم، الذين يطلبون من (علماء) الأدلجة، إصدار الفتاوى، في القضايا التي لا وجود لنص فيها، وهم وحدهم، الذين يفهمون (الشريعة الإسلامية)، ويعملون على (تطبيقها) في الحياة العامة، وفي العلاقات الخاصة، بين أفراد مجتمع المؤمنين بالدين الإسلامي، الذين يخضعون لحكم الأعراب، المؤدلجين للدين الإسلامي: (لا تقولوا آمنا، ولكن قولوا أسلمنا، ولما يدخل الإيمان في قلوبكم)؛ لأن (أسلمنا)، في الآية الكريمة، لا يمكن أن تعني إلا إقدام الأعراب، على أدلجة النص الديني، الذي يقتضي الإيمان به، احترامه، والمحافظة عليه، باعتباره مصدر القيم النبيلة. بينما تقتضي أدلجته، من قبل الحكام الأعراب، مقابل تأويلاتهم التحريفية للنص الديني. وليذهب، بعد ذلك، الفهم السليم للنص الديني، إلى الجحيم.

7) أن نمو أدلجة الدين الإسلامي، وانتشارها في ربوع البلاد العربية، وفي باقي بلدان المسلمين، يعطي للأعراب، دلالة الوصاية على الدين الإسلامي، فهما، وتأويلا، وإقرارا بالإيمان به، وتحديد من هو المومن، ومن هو الملحد، ومن هو الكافر، حتى لا تقوم لأدلجة الدين الإسلامي قائمة، ومن أجل أن يصير جميع المؤدلجين، هم المتدينون، وهم المؤمنون (الحقيقيون) بالدين الإسلامي، وهم الأوصياء عليه، وهم المشرفون على (تطبيق الشريعة الإسلامية)، وهم من يقرر طبيعة الأحكام، وعلى من تنفذ، ومت،ى وما سوى ما عليه المؤدلجون، وغيرهم، ومن لف لفهم، لا يمكن أن يعتبر في نظرهم من الدين الإسلامي في شيء. وهو ما يعني انخراط المؤدلجين في محاربة كل من خالفهم الرأي، في الدين الإسلامي.

فهذا الرأي، الذي تحول على يد الحكام الأعراب، إلى قوة مادية، تعتمد لقمع الشعوب، وقمع كل المخالفين، مهما ادعوا حرصهم على سلامة الدين الإسلامي من التحريف، خاصة، وأن أدلجة الدين الإسلامي، (لا يأتيها الباطل من بين يديها، ولا من خلفها)؛ لأن الحكام الأعراب، هم مصدر حقيقة الأدلجة، و (علماؤهم)، هم مصدر التأويلات التي يعتمدها الحكام الأعراب، وفتاوى (العلماء)، هي مصدر أي تشريع، لحكم المؤمنين بالدين الإسلامي، من العرب، وغير العرب، وصولا إلى تكريس، وترسيم ألوهية الأعراب في هذا الكون، الذي يصير أمره، على يد الأعراب، رهينا بما تريده الولايات المتحدة الأمريكية، زعيمة الرأسمالية المتوحشة، التي لا تحرص إلا على إرضاء دولة صهاينة التيه، لتصير ألوهية الأعراب، بطريقة مباشرة، في خدمة دولة صهاينة التيه، تطبيقا لمبدأ: (ولن ترضى عنك اليهود، ولا النصارى، حتى تتبع ملتهم)، كما جاء في القرءان.

*مفكر ماركسي مغربي

اترك تعليقاً