الرئيسية / تقارير صحفية وسياسية / السلطه الثيوقراطيه تتجه غربا / 1

السلطه الثيوقراطيه تتجه غربا / 1

السيمر / فيينا / الاربعاء 18 . 11 . 2020

منذ أشهر كان هذا العنوان مُعدّاً لتناوَلِ موضوعٍ بالغ الأهمية.
أهميته تلك قد ولّدت تردداً كبيراً في توقيتِ طرحِه عبر القناة – لما فيه من حساسيةٍ إستثنائية.
لكن الأحداث الأخيرة ومواقف المنظومة الدينية منها، والإرباك الفكري الحاصل عند النخب -والشارع الشيعي برمته- حسمت بمجموعها ذلك التردد.
سائلين الله عز وجلّ أن يكتبَ لهذا العمل النفعَ والسداد.

 “ثيوقراطية” مصطلح مؤلف من كلمتين: “ثيو” وتعني إله و”قراط” وتعني الحكم باللغة اليونانية ، ويستعمل للتعبير عن (حكم رجال الدين).

” النظام الثيوقراطي بطبعه نظام وثوقي (دوغمائي) يحكم بإسم الله ويرى أن لا مجال لمعارضته ولا لمساءلته لأنه يتصرف من منطلقات غيبية ليس للإنسان أن يُدركها. ويتميز النظام الثيوقراطي بالنفوذ الواسع لرجال الدين.” – منقول.

 من الضروري الإنتباه لهذا المصطلح ونظراءِه، حيث ينطوي إستخدامها -غالباً- على خبثٍ في التوظيف يهدف للنيل من الأديان السماوية ، ووصفها بأنها نسخ من الأنظمة الدينية الكهنوتية التي سعت عبر التأريخ إلى إستثمار عواطف الناس وغرائزها العبادية لمصالح السلطتين الدينية والسياسية الحاكمتين وبسط نفوذهما وإمتيازاتهما المنتزعة عنوة من الشعب، والذي تحكمه بها علاقة غير متكافئة، فهي -السلطة الكهنوتية- تأخذ من الشعب معنويا وماديا أضعاف ما تقدمه له.

 عن عمدٍ يتجاهل هؤلاء وجود تلك النماذج الصالحة للسلطة الدينية المتمثلة بالأنبياء والأوصياء والصلحاء الذين قدموا لشعوبهم العلم والفكر والتحضّر والمحبة والتآخي والقيم الإنسانية العالية، وقدموا لهم مناهج تربوية متكاملة ترتقي بالإنسان والمجتمع إلى مستويات عالية من الكمال الروحي والاخلاقي، وتؤسس لعلاقات إجتماعية تكافلية سليمة تنبذ الإستغلال والظلم والاستبداد والعنف وتنشر الفضيلة والتسامح والتراحم بين الناس.
.. ولو لفترات زمنية قصيرةٍ ، نجح بعض أولئك الصلحاء في تأسيسِ تجاربَ حكمٍ رشيدٍ ساد فيها العدل والتسامح وتقلصت خلالها الفوارق الطبقية الناشئة عن عوامل إقتصادية وإجتماعية.

 آخرون حاولوا توظيف المصطلح لوصف نظام الحكم في ايران بعد الثورة بأنه نظام يهيمن عليه “الملالي” ويخنقون من خلاله الحريات.
النظرة المعتدلة تصنّفه نظاماً مبتكرا إمتاز بمساحة واسعة من الديمقراطية، مع إستحداث وظيفة رقابية للمؤسسة الدينية تستطيع من خلالها التدخل في الازمات لحسم القضايا الصعبة وحل الخلافات وتقويم الاخطاء – وهي تشتغل وفقَ آلياتِ غربلةٍ وضوابطَ صارمةٍ تمنح النظامَ ضماناتٍ كافيةً لمنع إنتقالِ السلطةِ الدينيةِ إلى موقعٍ متقاطعٍ مع السلطةِ السياسية، يعرقلُ أداءها وينتقص من دورها في إدارة البلد.

 سنحاول هنا إستعارة المصطلح للتعبير عن نموذجٍ فريد من السلطةِ المزدوجة التي مارسها جناحٌ من إدارات المنظومة الدينية الشيعية بالعراق ..
.. حيث وقع خلط غيرُ رشيد بين الإستحقاقات الأخلاقيةِ والمعنوية للسلطة الروحيةِ، وبين ممارساتٍ إستبطنت إستعمالَ نفوذٍ دنيويّ الطابع ، تضمّن إستثماراً للصلاحيات خارجَ الضوابط.

 سنحاول وصفَ ذلك الشكلِ من الممارساتِ الذي أنتج ضرراً مزدوجاً :-
– فمن جانب قد زاد في أرباك الوضع السياسي غير المتّزن أصلاً ..
– ومن جانب آخر أثّرَ سلباً على المكانة الروحية السامية للرموز الشيعية في نفوس أتباعهم، بفعل التعارض الواضح بين شعارات النأي بالنفس والمسافات الواحدة، وبين ممارسات سياسية منحازة من قبل جهاتٍ حظيت بمواقع مؤثرة داخل المنظومة الدينية.
————– وللحديث صلة
المعمار
تحليلات في الشأن العراقي- الشيعي

17 . 11 . 2020

اترك تعليقاً