السيمر / فيينا / الجمعة 10 . 03 . 2023
رأى الأمين العام لحزب الله، سماحة السيد حسن نصر الله، أنّ الحصار على دول المنطقة سيُكسر بفعل بعض التحولات الدولبة والإقليمية، مؤكدًا أن سوريا في قلب محور المقاومة، وهي إن كانت آمنة مستقرة وغير محاصرة وتنمو اقتصاديًا لها تأثيرات عظيمة على لبنان وفلسطين كذلك، كما لفت إلى أن الذي يمنع بعض الدول من عودة علاقاتها مع سوريا هو الولايات المتحدة الأميركية.
وإذ شدد سماحته على أن دعم سوريا لحركات المقاومة غيّر كل المعادلات في المنطقة، لفت إلى أن “القواعد الأميركية في شرق الفرات تمنع تحرير شرق الفرات، وأميركا التي تصنّف العالم منظمات إرهابية هي التي تحمي “الدواعش”، كما أكد أنّ “شعب سوريا ما زال يحتاج إلى مواصلة الصمود وكل تعاون من كل صديق، ونحن على ثقة بأن القيادة السورية ستتجاوز هذه المرحلة دون خضوع واستسلام”.
وتطرّق سماحته إلى ما يجري في فلسطين المحتلة، معتبرًا أنه تاريخي ومهم جدًا، لافتًا إلى أن تطبيع بعض الدول مع الكيان الصهيوني لا يحمي هذا الكيان، ولا يمكن أن يوقف عمليات المقاومة الفلسطينية.كما عرّج السيد نصر الله على الشأن اللبناني، مشيرًا إلى أن الاتفاق السعودي الإيراني قد يفتح آفاقا في المنطقة ومنها لبنان، مرحبًا بمساعدة الخارج للبنان، مشددًا على أنه لا يحق لأي دولة خارجية أن تفرض أي فيتو فيما يتعلق بالاستحقاق الرئاسي.
كلام سماحته جاء خلال الاحتفال التكريمي الذي أقامه حزب الله في ذكرى أسبوع القائد الحاج أسد محمود صغير (الحاج صالح)، حيث توجّه بأحر التعازي إلى عائلة القائد المجاهد الشريفة فردًا فردًا وإخوته وأخواته وزوجته وأرحامه وإلى الإخوة الذين عملوا معه، وقال “لأن الحاج صالح كان مجهولًا من واجبنا أن نتحدث عنه”، مشيرًا إلى أن الراحل التحق بمسيرة حزب الله منذ بدايات تأسيس الحزب وقد بلغ سن التكليف وهو ابن حزب الله، مضيفًا “كل من بدأ بهذه المسيرة والتحق فيها منذ أيامها الأولى هو من الجيل المؤسس والحاج صالح منهم، التحقوا في أيام المخاطر الكبرى والصعوبات وفي أيام من يتطلعون إلى النصر ولكن ما هو أمامهم الشهادة”.
ولفت سماحته إلى أنه يعرف “الحاج صالح شخصيًا منذ سنوات طويلة، عرفناه المؤمن المتدين الورع التقي الحريص على الحكم الشرعي العابد.. الحاج صالح كان زاهدًا في هذه الدنيا ولم يبحث عن شيء من زخارفها”.
وتابع السيد نصر الله في وصف الحاج صالح، أنه “الأخ المتواضع الخلوق المؤدب والكتوم وهو على درجة عالية من الذكاء، لم يكن لديه أي شيء آخر غير حزب الله، فكان متمحضًا في سبيل خدمة مسيرة حزب الله”.
وأشار إلى أنه “نتيجة عدة مواصفات في شخصية الحاج صالح كانت المهمة الأنسب له منذ البداية العمل الأمني”، مشيرًا إلى أنه “خضع لدورات ثقافية وأمنية عالية المستوى وتدرج من مجاهد إلى أن أصبح أحد القادة الأساسيين في مسيرتنا وبعيدًا عن الإعلام، ونتيجة الكفاءة والخبرة والذكاء كان الحاج صالح أساسيًا إلى جانب الحاج عماد حتى شهادته”.
شهادة السيد نصر الله في الحاج صالح
السيد نصر الله نوّه إلى أن الحاج صالح “قام بوظيفة التقييم على المستوى الأمني لمدة طويلة وهي وظيفة أساسية جدًا وكان له مساهمته في مهمات إدارية، وكان له دور أساس في المساهمة في تفكيك الشبكات “الاسرائيلية” وكشف العملاء وله دور أساسي في مواجهة السيارات المفخخة.
وتابع سماحته “من خلال رؤيتنا وفهمنا لطبيعة المعركة في سوريا ومسار الأمور والاعترافات التي صدرت عن مسؤولين كبار في العالم كشفت من هو الذي رؤيته صحيحة”، مشيرًا إلى أن “طبيعة المعركة في سوريا احتاجت أن تذهب مجموعة كبيرة من المجاهدين من لبنان ويتقدمهم قادة عسكريين وأمنيين، وكان الحاج صالح أساسيًا”.
كما أشار إلى أنه “بعد شهادة السيد ذوالفقار تولى الحاج صالح المسؤولية المباشرة في سوريا، ومن جملة الملفات التي تولّاها موضوع مواجهة الجماعات التكفيرية أمنيًا وكشفها والمساهمة في كشف الجواسيس الصهاينة”.
وأضاف السيد نصر الله أن “الحاج صالح تولى ملف حماية منطقة السيدة زينب عليها السلام، وهو لم يترك عمله في سوريا منذ ذهابه إليها”، وتابع “كل الذين قاتلوا في دمشق ومنطقة السيدة زينب هم ساهموا في حمايتها، ولكن بعد ذلك أصبح مطلوبًا إجراءات طبيعية وبعد إذن أجهزة الدولة السورية تولى إخواننا مسؤولية هذا الملف ومنذ ذلك الوقت ينعم المقام بالحماية”.
الأمين العام لحزب الله أشار إلى أنّ “من أهم الملفات أيضًا التي تولاها الحاج صالح هو ملف المفقودين في سوريا، في ملف المفقودين أنجزنا إنجازات كبيرة وأصبحنا في نهايته”.
وأردف أن “الحاج صالح كان له إطلالة على الملفين الفلسطيني والعراقي في مرحلتين مرحلة المقاومة العراقية من بعد عام 2003 إلى عام 2011 وفي مرحلة “داعش””.
وأضاف سماحته “بعد شهادة السيد ذوالفقار كانت علاقتي مباشرة مع الحاج صالح، وتحدثت معه حين مرضه بأن يرتاح لكنه كان يرفض فلم يترك مهمته لحظة واحدة على الاطلاق وتعايش مع مرضه بكتمان”، مضيفًا “اليوم كما كل الشهداء الذين فقدناهم وكانت أيام حياتهم تضج بالعمل والجهاد والعطاء فبعد رحيلهم تبقى إنجازاتهم، وما ننعم فيه اليوم وما عشناه على مدى عقود من إنجازات وانتصارات، الفضل بعد الله هو لهؤلاء المجاهدين والمضحين”.
وتابع “الحاج عماد والسيد ذوالفقار وغيرهما عرفهم الناس بعد رحيلهم والحاج صالح هو واحد منهم”.
سوريا في قلب محور المقاومة
وفي جانب آخر من كلمته، لفت الأمين العام لحزب الله إلى أن هناك من يتصور أن لبنان هو جزيرة في قلب محيط وليس له علاقة بكل ما له علاقة بالمنطقة”، مضيفًا “للأسف هناك بديهيات تحتاج إلى نقاش أي عن أن لبنان يتأثر بدول المنطقة وبشكل أساسي بدول الجوار سوريا وفلسطين، وبالتالي الحديث عن سوريا وفلسطين وحاضرهما ومستقبلهما هو حديث عن حاضر ومستقبل لبنان”.
ولفت سماحته إلى أن “هناك من لديه رؤية مختلفة يتصور أنه ليس معنيًا بما يجري بسوريا وفلسطين، لكن بما يتعلق بدول الخليج يكون معنيًا بذلك”، مشددًأ على أن “سوريا آمنة مستقرة وغير محاصرة وتنمو اقتصاديًا له تأثيرات عظيمة على لبنان وفلسطين كذلك، ومن يناقش بهذه الحقيقة هو خارج الواقع”.
وتساءل “تصوروا أن بجوارنا فلسطين من دون “اسرائيل” فكيف يكون وضع لبنان؟”.
السيد نصر الله أكد “أن مشروع الحرب الكونية على سوريا فشل، لكن أنا لا أتحدث عن نصر كامل، لأنه هناك مجموعة من الملفات العالقة وما زال التحدي قائمًا”، مضيفًا “كلنا يعرف موقع سوريا منذ بدء الصراع العربي “الاسرائيلي” وخصوصًا في الخمسين السنة الماضية”، مشددًا على أن “سوريا كانت دائما أساسًا في جبهة الصراع مع العدو الصهيوني، وأساس في محور المقاومة، ورغم الحرب الكونية ستبقى هكذا”.
الذي يمنع بعض الدول من عودة علاقاتها مع سوريا هو المستكبر الأميركي
سماحته لفت إلى أن هناك عددًا كبيرًا من المحللين يتحدثون أن سوريا سيتم استعادتها إلى الحضن العربي، وبالتالي ستخرج من محور المقاومة وهذا غير صحيح، مؤكدًا أن سوريا هي في قلب محور المقاومة”، لافتًا إلى أنه “في السنة الثانية من الحرب الكونية عليها عُرض عليها أن تتخلى عن موقعها التاريخي في الصراع مع العدو والقيادة السورية رفضت ذلك، وبعد ذلك أعيد هذا العرض بمغريات ورفضت أيضًا”.
كما أكد سماحته أن “الانفتاح على سوريا هو اعتراف بنصر سوريا وهو إعلان عن اليأس، ونحن في حزب الله وبقية القوى من أحبائنا وأصدقائنا في محور المقاومة عندما نرى وفودًا عربية وغربية في دمشق نشعر بالسعادة”.
وشدد السيد نصر الله على أن “علاقة الثقة تعمدت بالدم حين قاتلنا في سوريا، وهذه المعركة عززت أواصر الثقة، ولذلك لا تسمحوا لأي محلل سخيف أو أي أحد آخر بأن يصدع هذه العلاقة”، منوهًا إلى أن “الصحيح هو عودة العرب إلى سوريا، فسوريا لم تغادر الجامعة العربية فهم أخرجوا أنفسهم والجامعة العربية معهم”، مضيفًا “إذا أكمل العرب باتجاه سوريا فأهلًا وسهلًا”.
الأمين العام لحزب الله أضاف “في آخر سنة من حكم ترامب هناك بعض الدول العربية أقبلت على سوريا لفتح سفارات، فاضطر وقتها وزير الخارجية الأميركية لمنع العلاقة”، مشيرًا إلى أنه “حتى الآن هناك لدى الكثير من الدول العربية رغبة بتطبيع العلاقات مع سوريا، لكن المانع هو المستكبر الأميركي”.
سوريا تمارس كامل سيادتها وحريتها وهي التي تأخذ كل القرارات
وأكمل السيد نصر الله حديثه عن سوريا، قائلًا “إذا يمكن معالجة ما يجري في شمال سوريا من خلال التفاوض، فهذا أمر جيد وهذه ليست نقطة قلق عند أحد”، مضيفًا “عندما رأت واشنطن العودة العربية إلى سوريا وضعت أساسًا بأن المسموح هو فقط التقارب فيما يتعلق بالزلزال”.
كما نوّه سماحته إلى أن “هناك محاولة خصوصًا في السنوات الأخيرة للقول بأن إيران ساعدت سوريا وهي الآن تسيطر عليها، وهم يتحدثون عن ذلك بجدية ويعرفون أنهم يكذبون”، مضيفًا “القول بأن إيران ساعدت سوريا وهي الآن تسيطر عليها كذب وتضليل”.
وتابع السيد نصر الله “بكل صدق أقول لكم إن سوريا تمارس كامل سيادتها وحريتها وهي التي تأخذ كل القرارات التي تريد.. وسوريا تستشير أصدقاءها لكنها هي التي تأخذ القرار”، ولفت إلى أن “إيران عندما رأت الحرب الكونية على سوريا وأخذت الموقف التاريخي إلى جانب سوريا، من أجل الحفاظ عليها ومن أجل أن تبقى سوريا لشعبها وللمقدسات في فلسطين وللأمة العربية ولكل محور المقاومة”.
وأضاف “واحدة من الحجج العربية أنه فلنذهب إلى سوريا لنستنقذها من إيران.. فليكن ذلك”، مشيرًا إلى أن “سوريا ليست خاضعة لأميركا وتعمل وفق مصلحتها، ولولا صمود سوريا لكانت التسوية انتهت منذ زمن، لكن دعم سوريا لحركات المقاومة هو الذي غيّر المعادلات”.
وشدد سماحته على أنه “لو هُزمت المقاومة في لبنان عام 2006 كانت الخطوة التالية هي احتلال سوريا عسكريًا من قبل أميركا و”اسرائيل”، لكن هذا سقط، وكل الاعترافات والسفير الأميركي آنذاك يقول بأن أميركا كانت تقود المعركة في سوريا والصناديق العربية هي التي موّلت، وبايدن يعترف عن حجم مليارات الدولارات التي أنفقتها الدول العربية في الحرب على سوريا”.
القواعد الأميركية في شرق الفرات تمنع تحرير شرق الفرات
كما لفت سماحته إلى أن “القواعد الأميركية في شرق الفرات تمنع تحرير شرق الفرات، وأميركا التي تصنّف العالم منظمات إرهابية هي التي تحمي “الدواعش” الذين يرتكبون المجازر في شمال سوريا”، مضيفًا أن “أميركا ما زالت تمنع التطبيع مع دمشق وتستخدم حاليًا سلاح قانون “قيصر””.
وأشار سماحته إلى أن “شعب سوريا ما زال يحتاج إلى مواصلة الصمود وكل تعاون من كل صديق، ونحن على ثقة بأن القيادة السورية، والشعب الذي تغلب على الحرب الكونية سيكون قادرا على تجاوز هذه المرحلة من دون خضوع واستسلام”، مضيفًا أن “التحولات الدولية وفي المنطقة تؤشر إلى أن الحصار على اليمن وسوريا ودول المنطقة سيُكسر إن شاء الله”.
التطبيع لا يحمي الكيان ولا يمكن أن يوقف عمليات المقاومة الفلسطينية
الأمين العام لحزب الله أكد أن ما يجري في فلسطين المحتلة تاريخي ومهم جدًا، وأن “ميزة ما نحن فيه الآن أنه في المنطقة محور للمقاومة جاد ومخلص ومستعد لأعلى مستوى من التضحيات، وليس مستعدا للخضوع وهدفه واضح في تحرير فلسطين من النهر إلى البحر”.
وأضاف “يتحدثون في كيان الاحتلال عن الخراب الثالث وانتهاء الحلم الصهيوني وهذه حقائق، وهناك إجماع داخل الكيان أن الانقسام الداخلي والعامل الخارجي سيؤديان إلى الزوال”، مشيرًا إلى أنه ” في “إسرائيل” لديهم عقدة “نبوخذ نصر” ويتخوفون من الخراب الثالث للكيان”.
وتابع سماحته “رأينا أمس كيف الشرطة الصهيونية تقمع المتظاهرين وهذه طبيعتهم الحقيقية”، لافتًا إلى أن “أحد الأسباب الرئيسية للوفود الأميركية إلى “إسرائيل” تهدف لمعالجة الشرخ الداخلي الذي يمكن أن يوصل إلى صدام دموي”.
كما شدد على أن “ما وصل إليه الكيان اليوم هذا ليس أسبابه الخلافات الداخلية بل الصمود في المنطقة، والمقاومة في فلسطين ولبنان وصمود سوريا وتطور محور المقاومة”.
وسأل السيد نصر الله “هل يحمي التطبيع مع الدول العربية من الشباب الفلسطيني المقاوم؟”، مؤكدًا أن “التطبيع مع الدول لا يحمي الكيان ولا يمكن أن يوقف العمليات”.
وأكد أيضًا أن “علميات المقاومة اليوم في الضفة الغربية وفي أجزاء من الأراضي المحتلة عام 1948 هي على درجة عالية من الأهمية ولحظة مهمة جدًا في مسار المقاومة، وهذا سيصنع مستقبل فلسطين”، مشددًا على أنه يجب على “الجميع أن يفكروا كيف يمدّون يد العون للفلسطيني المقاوم والمجاهد”.
الاتفاق السعودي الإيراني قد يفتح آفاقا في المنطقة ومنها لبنان
وختم سماحته بالحديث عن الشأن اللبناني، متناولًا توقيع اتفاق استئناف العلاقات الدبلوماسية بين الرياض وطهران، واعتبره تحوّلًا جيدً، قائلاً “نحن سعداء لأنه لدينا ثقة أنه سيكون لمصلحة شعوب المنطقة، ونحن على ثقة أن الطرف الإيراني لا يقوم مقام الشعوب باتخاذ القرارات”، مشيرًا إلى أن “الاتفاق السعودي الإيراني إذا سار في المسار الطبيعي سيفتح آفاقا بكل المنطقة ومن جملتها لبنان”.
وتابع السيد نصر الله “قلنا إننا ندعم مرشحًا طبيعيًا لرئاسة الجمهورية في لبنان وأنتم رشحوا من تريدون ولنتحاور”، مؤكدًا أن “حق الترشيح هو ليس لطائفة محددة بل يستطيع أي نائب أو كتلة نيابية ترشيح من تريد، ونحن لا نريد أن نفرض رئيسًا للجمهورية على أحد في لبنان، ونريد أن نفتح الأبواب لإتمام هذا الاستحقاق”.
كما اعتبر أن “أي مساعدة خارجية للبنان نقبل بها لكن لا تنتظروا الخارج، ولا يحق لأي دولة خارجية أن تفرض أي فيتو فيما يتعلق بالاستحقاق الرئاسي”، وختم كلمته بتجديد “عهدنا لروح الحاج صالح الطاهرة ولكل الشهداء وسنبقى على العهد نحمل رايتكم وقضيتكم إلى احدى الحسنيين”.
المصدر / موقع العهد الاخباري اللبناني