السيمر / فيينا / الأثنين 15. 05 . 2023
ينتشر في العراق ما يعرف بالزواج المنقطع، لمجموعة أسباب كما يعزوها مختصون، أبرزها العامل الاقتصادي، كما هو الحال مع المواطنة علياء التي تزوجت بهذا النوع من الزواج لمدة ثلاثة أشهر ثم ذهب كل طرف بطريقه.
تقول علياء (33 عاماً) مطلقة ولديها 3 أطفال، أن “النساء أحياناً يضطررن بسبب الحاجة المادية إلى الزواج المؤقت أو المتعة لإعالة عوائلهن وخاصة من يتوفى زوجها أو تُطلّق وتمسي بلا معيل”.
وتضيف علياء التي تسكن في إحدى المحافظات العراقية لوكالة شفق نيوز، أنها “تزوجت لمدة 3 أشهر كما نص عليه العقد، ثم ذهب كل شخص بطريقه”.
ويحدد مختصون انتشار هذا النوع من الزواج في العراق إلى أسباب عدة أهمها حاجة النساء للمال، “يُجبرن على الزواج المنقطع حتى يوفرن لأطفالهن القوت اليومي”، بحسب الباحثة الاجتماعية، وردة الخطيب.
وهناك أسباب أخرى كما تضيف الخطيب لوكالة شفق نيوز، منها “تقدم سن المرأة دون زواج، وكثرة المطلقات والأرامل في وقت عدم رغبة الرجال بالزواج منهن، لذلك يضطررن إلى هذا النوع من الزواج لكبح رغباتهن الجنسية والعفة”.
خلاف في حكم “المتعة”
كثر الكلام قديماً وحديثاً حول حُكم الزواج المنقطع في الشريعة الإسلامية، من حيث نسخ حكمه أو عدمه، ويجتمع زواج المنقطع مع الزواج الدائم في أمور ويفترق عنه في أخرى، وفق وكيل المرجعية الدينية في بغداد، الشيخ محمد خليل إبراهيم.
ويلخّص إبراهيم ما يتفق عليه الزواج المنقطع مع الزواج الدائم بما يلي:-
– المساواة، ففي كلا الزواجين لا بد أن تكون المرأة عاقلة بالغة راشدة خالية من جميع الموانع، فلا يجوز التمتع بالمتزوجة ولا المعتدة من طلاق أو وفاة، ولا المحرّمة نسباً أو مصاهرة أو رضاعة، ولا بالمشركة وغيرها، كما لا يجوز للمرأة التمتع إلا بالمسلم الخالي من جميع الموانع.
– لابد في الزواج المنقطع العقد اللفظي على قصد الزواج صراحة كالزواج الدائم.
– عقد الزواج المنقطع كالزواج الدائم، لازم في حق الرجل والمرأة.
– الزواج المنقطع ينشر الحرمة تماماً كالدائم، فالمتمتع بها تحرم على الزوج مؤبداً، وابنتها ربيبته، ولا يجوز الجمع بين الأختين متعة، كما في الدائم.
– الولد من الزوجة المنقطعة كالولد من الدائمة في التوارث والإنفاق، وسائر الحقوق المادية والأدبية.
– يلحق الولد بالزوج بمجرد الجماع، لأن المتمتع بها فراش شرعي كالدائمة، والولد لفراشه.
– المهر في الزواج المنقطع كمثله في الدائم من حيث عدم تقديره قلّة أو كثرة، فيصح لكل ما يقع عليه التراضي.
– إذا طلّق الزوج قبل الدخول يثبت لها نصف المهر المسمى، وكذا إذا وهب المدة للزوجة المؤقتة قبل أن يدخل، أما إذا أقامت المدة قبل أن يدخل لسبب فلها المهر كاملاً، وهناك من يقول بأن لها نصف المهر.
– لا أثر لخلوة من غير الدخول في الزواج الدائم والمنقطع بالنسبة للمهر والعدّة.
– على المتمتع بها أن تعتد مع الدخول بها بعد الأجل، ولا عدة عليها إذا لم يدخل تماماً كالزوجة الدائمة إذا طلقت من غير تفاوت، وعليهما معاً العدة الكاملة من وفاة الزوج، سواء دخل بها أم لم يدخل.
– كل شرط سائغ في الشريعة الإسلامية تشترطه المرأة أو الرجل في العقد نافذ كالشرط في الزواج الدائم.
– تحريم مقاربة الزوجة وهي في الحيض منقطعة كانت أو دائمة.
– إذا عقد عليها متعة ثم تبين فساد العقد لسبب مُوجب للتحريم، فسد العقد، ولا شيء لها من المهر أن لم يدخل بها، أما إذا تبين فساد العقد بعد الدخول بها فيُنظر، فإذا كانت عالمة بالتحريم ومع ذلك أقدمت ومكّنت من نفسها فلا شيء لها، لأنها بغي، وأن كانت جاهلة فلها المهر كما الحكم في الدائمة.
– لا يجوز أن يدخل على المتمتع بها بنت أختها أو بنت أخيها إلا بإذنها، كما هو الحُكم في الدائمة.
أما التباين بين الزواج الدائم والمنقطع، فيذكر الشيخ محمد خليل إبراهيم، أن الزواج الدائم يفترق عن المنقطع في الأمور الآتية:-
– لا بد في الزواج المنقطع أن يذكر في متن العقد أجل معين لا يقبل الزيادة والنقصان، أما في الزواج الدائم فلا يصّح ذكر الأجل فيه بحال.
– المهر ركن من أركان العقد في الزواج المنقطع، فلو أخل بذكره في متن العقد بطل، أما في الزواج الدائم فالمهر ليس ركناً له، بل يصّح مع المهر ودونه، ومن تزوج امرأة ولم يذكر لها مهراً في متن العقد ودخل بها فعليه مهر المثل.
– إذا طُلقت الزوجة الدائمة قبل الدخول فلا عدّة لها، ومثلها المنقطعة (إذا انتهى الأجل قبل الدخول)، وإذا طُلقت الدائمة بعد الدخول وكانت غير حامل فعدتها 3 حيضات أو 3 أشهر، وان كانت حامل فعدتها وضع الحمل، أما المنقطعة فعدتها بعد الدخول وانقضاء الأجل حيضتان أو 45 يوماً، وأن كانت حامل فعدتها وضع الحمل، أما عدّة الوفاة فلا فرق بينهما في حال عدم الحمل، وفي حال وجود الحمل فبعد وضع الحمل بأربعة أشهر و10 أيام.
– هناك اختلاف في توارث الزوجين في الزواج المنقطع، منهم من يذهب بأنه لا يرث إلا مع الشرط، لأن عقد الزواج بطبيعته لا يقتضي التوارث ولا عدمه، وإذا حصل الشرط وجب العمل به.
– لا نفقة للمنقطعة إلا مع الشرط، أما الدائمة فلها النفقة ولو اشترط عليها الزوج عدم الإنفاق.
– يكره التمتع بالإبكار، أما الزواج بهن دواماً فمندوب.
– للزوجة الدائمة حق على الزوج أن ينام في فراش قريب من فراشها ليل واحدة من كل أربع ليالي، مُعطياً لها وجهه وإن لم يتلاصق الجسدان، أما المواقعة فيجب عليه مرة كل 4 أشهر، ولها أن تُطالب إن امتنع عن المبيت أو المواقعة، أما للمنقطعة فلا يجب لها شيئاً من ذلك، بل يترك الخيار للزوج، وليس لها أن تطالبه بالمبيت أو المواقعة.
– اذا طُلقت الزوجة الدائمة طلاقاً رجعياً بعد الدخول فللمطلق أن يرجع إليها قبل انقضاء العدّة، وإن كان طلاقاً خلعياً عن كره منها له فلها الحق أن ترجع بالبدل، ما دامت في العدّة، أما المنقطعة فإنها تميل منه بمجرد انتهاء المدة أو تهبها له.
– لا يحق له ولا لها الرجوع أثناء العدّة، وبالأولى بعد انتهائها يجوز له أن يجدد العقد عليها دواماً أو انقطاعاً وهي في العدة منه، ولا يجوز ذلك لغيره الا بعد انقضاء العدة.
– إذا دخل بالزوجة الدائمة فقد استقر عليه تمام المهر، فان امتنعت بعد ذلك ولم تمكّنه من نفسها نُشوزاً منها وعصياناً فلا يسقط من مهرها شيئاً وإنما تسقط نفقتها، لأنها في مُقابل الطاعة، أما إذا دخل في المنقطعة ثم امتنعت من غير عُذر فللزوج أن يضع من مهرها بنسبة الوقت الذي امتنعت فيه.
– يجوز أن يتمتع الرجل بأكثر من أربع نساء ولا يجوز له في الدائم الزيادة على الأربع، وهناك من يقول بعدم جواز الزيادة على الأربع في المتعة كما الحكم في الزواج الدائم.
“نكاح باطل”
يشير أستاذ الفقه وأصول الدين في كلية الإمام الأعظم، د.عمر حسين، أن “وضع شروط فاسدة في العقد منها عدم ديمومة الزواج كأن يكون زواج لساعة أو يوم أو أسبوع أو شهر أو سنة أو أكثر، فهذا الزواج باطلاً، وهو ما يسمى بـ(زواج المتعة)، وهو بمذاهب أهل السنة والجماعة يعد نكاحاً باطلاً لوجود شرط فاسد فيه، باستثناء الشيعة الإمامية فهم يجيزون ذلك وفق فقههم الذي له شروط أخرى”.
ويوضح حسين لوكالة شفق نيوز، أن “أهل السنة ينظرون إلى أن هذا الزواج باطلاً لأن الزواج يُراد منه الاستقرار والديمومة، وأي شرط في العقد يخل بهذه الديمومة سيؤدي إلى بطلان هذا الزواج، أما إذا أضمر الزوج أو الزوجة في نيته أنه يريد هذا الزواج مؤقتاً لفترة معينة، فالعقد وفق أحكام الدنيا صحيح”.
أما عن زواج المسيار فيذكر حسين أن “صورة العقد صحيحة، فلا يحدد فيه وقت مُعين، لكن يتنازل الزوج أو الزوجة عن بعض حقوقهم، مثلاً في النفقة أو السكن أو المبيت وغيرها، كأن يكون أحد الزوجين في مكان والثاني في مكان آخر، وعندما يجتمعون يصبحون زوجين، وتبقى الزوجة في ذمته ولا تتزوج شخصاً بعد سفره، وقد تكون زوجته دائمية لكن تتنازل عن بعض حقوقها كأن تكون مُكتفية مالياً وليست بحاجة إلى نفقته”.
ويشير إلى أنه “بسبب الحروب وكثرة النساء ومع عزوف الشباب عن الزواج، ربما تحتاج بعض النساء إلى الزوج فقط لقضاء غريزتها، وهذا مقصد من مقاصد الزواج من الناحية الشرعية، فهي تريد أن تعفّ نفسها فقط”، منبهاً بأن “زواج المسيار دائمي وفيه شهود ويُعقد للزوجة بحضور وليّها، أما من ناحية التنازل بالحقوق فمن حق أي الشخص أن يتنازل عما يملك من حقوق”.
القانون العراقي
من جهتها تقول رئيسة منظمة الأسل لتمكين المرأة والطفل، الحقوقية أزهار الدليمي، إن “عقد الزواج المؤقت باطل لأنه يفتقد لشرط الاستمرارية، أحد شروط عقد الزواج في قانون الأحوال المدنية رقم 188 لسنة 59”.
وتسرد الدليمي خلال حديثها لوكالة شفق نيوز، حالات إنجاب لأطفال بعد الزواج المؤقت وأُحيلت قضاياهم إلى القضاء منها “تصديق محكمة التمييز الاتحادية قرار صادر من إحدى محاكم الأحوال الشخصية بإثبات نسب طفلة إلى والدها، إلا أن الزواج عدّته باطلاً ولا يُسجّل في النفوس”.
حالة أخرى ترويها الدليمي جرت في إحدى محاكم الأحوال الشخصية “لإغواء فتاة بزواج دائمي بعد الزواج منها مؤقتاً وتصديق العقد المؤقت بعد فترة من الزمن”، مبينة أن “هذه القضية انتهت بمعاقبة المدعي وفق أحكام المادة 395 و392، وذلك لأن العقود الشفهية بين المرأة والرجل غير صحيحة ولا تصادق بالأحوال الشخصية ويحالون إلى عقوبات مجزية”، منبهة بأنه “يصدق فقط عقد الزواج الصادر من مكاتب الزواج الخارجي الذي يبت فيه رجل الدين”.
المصدر / شفق نيوز