السيمر / فيينا / الجمعة 28 . 07 . 2023
عباس محسن / مركز الإعلام التقدمي
حينما نحاول أن نعطي القصة-بأنواعها- بعدا زمنيا أو تعريفيا لا نجد أدق مما ذكره القاص محمد خضير في تعريف القصة على أنها: مجموعة الألفاظ والجمل التي تترابط في نص لغوي لإنتاج حادثة، أوحبكة أو موقف يهدف الى التعبير عن فكرة أو مغزي، ويبدو هذا التعريف “اللغوي” للقصة تقليدياً، لكنه مفهوم أساسي لاكتشاف التقابلات اللغوية المتفرقة: لفظة- حادثة،جملة – حبكة، نص -فكرة،المؤدية إلى علاقة موحدة: لغة -قصة. ولكن ربما نواجه مشكلة بسبب الأجيال أو الرعائل الأدبية التي تنتمي لهذا الجنس الأدبي،وعلى هذاالسبيل يمكن أن نقسم هذه الأجيال أو الرعائل إلى ثلاثة أقسام :الرعيل الاول”1940″، الرعيل الثاني”1950″، الرعيل الثالث”1960″.
وخلال هذه الرعائل برزت أحداث أثرت على القصة ومنها:
التغيرات العاصفة في الخمسينات في الساحة العراقية جعلت هناك انعطافات أساسية في السرد القصصي، كما أشار القاص محمد خضير على أن القاص في الخمسينات “كاتب عرائض”، وهو يشير بذلك إلى انشغال القاص بتقمص الشخصيات الشعبية لإيصال صوت الفرد المهمش.
والمجموعة القصصية للقاص محمود عبد الوهاب “رائحة الشتاء”، الصادر عن دار الشؤون الثقافية “بغداد 1997 “، وهو نتاج جهد أدبي منذ 1954 وهو تاريخ نشر قصته الأولى التي حملت عنوان ” القطارالصاعد إلى بغداد” التي لفتت انتباه القارئ لأنها تشكل أحد أهم المنعطفات المهمة في السرد العراقي وفي القصة بالتحديد، حيث أن أمكنة هذه المجموعة تنم عن ألفة واتفاق مع رؤية الشخصيات وحركاتها وانتقالاتها.
وقد أشار الدكتور علي عباس علوان في مقالة له في جريدة الصباح ” الأربعاء 30 آيار-مايو 2007″ بعنوان “محمود عبد الوهاب – جاحظ البصرة الثاني” على أنه ” يعدّ واحداً من الرواد في كتابة القصة، وهو من جيل فؤاد التكرلي وعبد الملك نوري وغائب طعمة فرمان، وهو جيل أعطى كثيراً من الإنجازات وغير مسارات الأدب القصصي العراقي.
ويكاد الأستاذ محمود أن يتفرد في البصرة بوصفه الرائد الأول، وقد سار على نهجه ، وخرج من عباءته مجموعة من كتاب القصة القصيرة، لعل أبرزهم: القاص محمد خضير ومحمود الظاهر وآخرون. تلتها مرحلة الستينات وذلك بتقلص وانحسار شخصية الآخر، حتى بدأت القصة كأنها أصداء لأفكار وفلسفات تقنية.
ثم تغيّرت الأحداث جذرياً من حالة الاستقرار المدني نحو الحرب العاصفة بالبلد، ودخول العراق الحرب العراقية الإيرانية، وظهور كتاب قصص الحرب التي امتدت إلى التسعينات، وذلك لاتصالها مع حرب الخليج. ويشير الناقد جميل الشبيبي في كتابه ” نزعة التجديد والتجريب في السرد العراقي القصير /بنية السارد نموذجاً”، حيث يقول:” من أهم التحولات في بنية قصص بداية التسعينات ميلها إلى تفتيت الحكاية أو تقليص أحداثها”.
وخلال هذه الرعائل الثلاث ظهرت بعض الأسماء التي لمعت في مجالات أدبية عدة – ولكن نحن الآن بصدد ذكر أهم الأسماء الأدبية التي اختصت بالقصة- والذي بسببه أعد هذا الملف:
فأهم الأسماء التي اختصت بالقصة : مهدي عيسى الصقر ومحمود عبد الوهاب ومحمود الظاهر ومحمد خضير وكاظم الأحمدي وإسماعيل فهد إسماعيل ومحمد سهيل أحمد وأمير الحلي وعبد الصمد حسن وفاروق السامر وجابر خليفة وقصي الخفاجي و وحيد غانم ولؤي حمزة عباس وعلي عباس خفيف وضياء الجبيلي ومرتضى كزارعبد الجليل المياح وخالد الخميسي وعبد الصمد حسن وإحسان وفيق السامرائي ووداد عبد الزهرة فاخر وسامي الكنعاني وطارق عباس وحسين عبد الزهرة وريسان جاسم عبد الكريم وعبد الجبار الحلفي وطاهر ظاهر الحبيب وكاظم عبيد صبر و مصطفى السواد ومجيد جاسم العلي وودود حميد وفؤاد ناصر و حسين مهدي العطية وغيرها من الأسماء التي يضيق المكان لذكرها و ربما تحتاج الى ملفات أخرى .
ولكن تعد فترة الستينيات من القرن الماضي من أهم الفترات الثقافية التي نشط فيها الحِراك الثقافي، فقد تمّ خلالها إصدارات الأدبية لاقت صدى طيبا، وعلى سبيل المثال نذكر:”البقعة الداكنة “” قصص – اسماعيل فهد اسماعيل” و” القذر – الملوثون””قصص – خالد الخميسي” و”النافذة – وجه على رصيف روماني” “قصص محمود الظاهر” و”الندبة الزرقاء”” قصص– يوسف يعقوب حداد”.
وفي هذه الفترة – أي الستينات – أيضاً أبدع أدباء البصرة في نشر نتاجاتهم في مجلات وصحف عدة كانت تصدر حينها، كمجلة ألف باء والأديب المعاصر والمثقف العربي والطليعة الأدبية وملحق جريدة الجمهورية الأسبوعي الذي نشر فيه محمد خضير أكثر من قصة “الجيفة، صفية ، رأس مقطوع يتكلم، المهرج والأميرة السوداء، المعززة يرسم له ” وفاز فيها عام 1966 عن قصته “البطات البحرية” – التي حكم فيها عـبد الـرحمن طهمازي – وكذلك أصاب الفوز محمد سهيل أحمد عن قصته “شوك لا يخرق “.
وفي عام 1972 ، صدرت المجموعة القصصية الأولى لمحمد خضير عن وزارة الثقافة والإعلام ببغداد بعنوان “المملكة الســوداء”، وهي إحدى القصص التي نشرها في مجلة “الفكر الحي ” العدد الثاني عام 1969 بعد قصته في العدد الأول عام 1968 “النداء” و قد نالت هذه المجموعة الكثير من الرضا والاستحسان واستقبلتها الأوساط والنقاد بحفاوة بالغة وبسببها توطدت مكانته مع الجيل الأول – الطليعة – من القاصين العراقيين مثل: سركون بولص، جليل القيسي، عبد الرحمن مجيد الربيعي، جمعة اللامي، أحمد خلف، عبد الستار ناصر.
انت عمري واكتمال الروح
تملين عيوني
انت نبض القلب
يا بهجة حنيني
انت شمسي .. نور عيني
انت كل الحب ياحبي الجنوني
اه يا نبع الحياة ، تمحين ذنوبي وهمومي
لو صحت ظنوني
احضنيني واتركيني
وفق اهوائي
اشدو
اه ما احلا العيون
يوم تاتيتي كنبع الماء يرويني ويسقيني
كشهد النحل يروي عطشي منك ويدنيني قريبا من جنون الحب
يسقيني ويروي لهفتي يا فرحة العمر الجميل
وصوت الراح يدوي بين جنبي ويدنيك ويدنيني
يمسح الهم ويجلو قلبي المهموم من كل الظنون
السبت, 15-سبتمبر-2012