السيمر /النمسا /السبت 09. 09 . 2023
يستعد ملايين الطلاب في مختلف المراحل الدراسية للموسم المقبل 2023 – 2024، ويحمل كثر من العراقيين هموماً كثيرة، بخاصة أن كثيراً من العائلات بدأت تتجه إلى تسجيل أبنائها في المدارس الخاصة بسبب الاكتظاظ الشديد في المدارس الحكومية وسوء بنيتها التحتية، ما يتطلب في المقابل، دفع مصاريف إضافية، ولم تقتصر المعاناة على من يلحقون أبناءهم بالمدارس الخاصة، فالوضع المعيشي الذي يعيشه العراقيون يجعل العام الدراسي لبعض العائلات مرهقاً حتى في المدارس الحكومية.
نفقات التعليم الخاص
ويقول أحمد جاسم موظف وأب لطفلين في الدراسة الابتدائية، “أنا موظف، وزوجتي كذلك، نضطر إلى أن ندخر جزءاً من مدخولنا الشهري من أجل أن نضمن تعليماً جيداً ومدرسة جيدة لابننا”. ويضيف “بلغ عمر ابني ست سنوات، مما يستدعي إدخاله إلى المدرسة وتحمل مصاريف إضافية، إذ إن القسط السنوي للمدرسة الخاصة يبلغ مليوناً و100 ألف دينار (833 دولاراً)، وهذا يعني كلفاً في حدود 1666 دولاراً، فضلاً عن مبالغ أخرى ثمن قرطاسية وملابس وأجور التنقل إلى المدرسة”. ويؤكد أن راتبيهما بالكاد يلبيان حاجاتهما الشهرية، إلا أنه مضطر إلى اللجوء للمدارس الخاصة لسوء وضع المدارس الحكومية، ولا سيما لناحية اكتظاظها الشديد.
اكتظاظ المدارس
وتعاني المدارس الحكومية العراقية اكتظاظاً شديداً، إذ يضطر المسؤولون في وزارة التربية إلى جعل الدوام ثنائياً وثلاثياً، نظراً إلى قلة عدد المدارس، مما زاد الحاجة إلى المدارس الخاصة، وبحسب إحصاء للجهاز المركزي التابع لوزارة التخطيط، فإن عدد المدارس الابتدائية الحكومية والأهلية والدينية بلغ 15 ألفاً و965 مدرسة ابتدائية لعام 2017 – 2018، مبيناً أن “المدارس الحكومية تشكل نسبة 93.3 في المئة، والأهلية نسبة 6.5 في المئة، والمدارس الدينية نسبة 0.2 في المئة”، وزاد افتتاح أعداد أخرى من المدارس الخاصة، خلال السنوات الأخيرة، لزيادة الحاجة لها وإقبال العائلات عليها.
في حاجة إلى 12 ألف مدرسة
وبحسب وزارة التربية، فإن العراق في حاجة إلى أكثر من 12 ألف مدرسة لاستيعاب أعداد الطلاب الذين يقارب عددهم 11 مليون طالب في المراحل كافة، واتفقت الحكومة العراقية مع شركتين صينيتين لبناء ألف مدرسة في إطار خطة حكومية لبناء 10 آلاف مدرسة لمواجهة الأزمة والنقص في المدارس، وباشرت الشركات الصينية في بناء المدارس في أكتوبر (تشرين الأول) عام 2020، وفق إطار الاتفاقية العراقية – الصينية التي تتضمن مبادلة عائدات النفط بتنفيذ المشاريع في العراق، وتمتد 20 عاماً، وتركز على مشاريع البنى التحتية، مثل المدارس والمستشفيات والطرق والكهرباء والصرف الصحي، وتحدد من خلال وزارة التخطيط بالتنسيق مع مجلس الوزراء.
المصاريف كبيرة
ويعاني رشيد عبدالحسن الذي يسكن شرق بغداد ولديه أربعة أطفال بين الدراسة الابتدائية والمتوسطة، الفاتورة المرتفعة التي يتطلبها العام الدراسي “لديَّ أربعة أطفال أصغرهم في الرابع الابتدائي، وأكبرهم في الثالث المتوسط، وهم في حاجة إلى كلف كبيرة، ومدخولي محدود”.
ولم يكن عبدالحسن وحده الذي يشكو من عبء المدارس، فمثله عشرات آلاف العائلات تعاني وضعاً معيشياً سيئاً.
منحة مالية
ويبدو أن الحكومة أدركت حجم المعاناة التي يعيشها المواطن مع بدء العام الدراسي، فخصصت منحة مالية للعائلات المشمولة بشبكة الحماية الاجتماعية، وطبقت بذلك قانوناً أقرته، عام 2014، بمنح طلبة المدارس منحة مالية، إلا أنها لم تطبقه بسبب الضائقة المالية التي عاشتها البلاد خلال السنوات الماضية والحرب ضد تنظيم “داعش”.
وقال نائب رئيس لجنة التربية النيابية محمود حسين القيسي إن المنحة شملت “ذوي الأسر المشمولة بالرعاية الاجتماعية، وتم إيراد مخصصاتها ضمن موازنة 2023، وشمولهم بالمنحة المالية الشهرية بحسب المبالغ المنصوص عليها في قانون منحة تلاميذ وطلبة المدارس الحكومية رقم (3) لسنة 2014، وقانون منحة طلبة الجامعات والمعاهد العراقية الحكومية رقم (63) لسنة 2012 من تخصيصات وزارتي التربية والتعليم العالي”.
موعد بدء الدراسة
وبحسب وزارة التربية والتعليم، فإن موعد بدء العام الدراسي الجديد لعام 2023 – 2024 سيكون في 1 (تشرين الأول) الجاري. وأشارت الوزارة إلى وجود جدول زمني محدد للعام الدراسي الجديد، حيث ستبدأ فترة الدراسة في هذا التاريخ، وستمتد حتى السبت 8 (حزيران) 2024، وستشمل هذه الفترة مختلف المراحل التعليمية في المدارس الحكومية والمدارس الخاصة في مختلف أنحاء البلاد.
نسبة الالتحاق بالمدرسة
وأكدت وزارة التربية أن الاستقرار الذي تعيشه البلاد رفع نسبة الالتحاق في المدارس إلى 98 في المئة، مشيرة إلى أن منحة الطلبة ستزيد الأرقام الحالية. وقال وكيل وزارة التربية للشؤون الإدارية فلاح القيسي إن “نسبة الالتحاق في المرحلة الابتدائية في العام الحالي بلغت 98 في المئة وبواقع أكثر من مليون و450 ألف تلميذ بفضل الاستقرار الأمني والاجتماعي والاقتصادي الذي تعيشه البلاد”. وأضاف أن “استقرار المدن أمنياً يزيد من عملية الالتحاق بالمدارس، ونتوقع أن نسجل نسبة التحاق كاملة مع حلول العام الدراسي الجديد”. وتابع القيسي أن “قرار رئيس الوزراء بدعم الطلبة سيسهم بشكل كبير في زيادة الالتحاق بالمدارس، وهناك دعم حكومي لقطاع التربية من خلال تجهيز الرحلات والمختبرات والكتب المركزية، فضلاً عن تأهيل أكثر من 2000 مدرسة وبناء قاعات امتحانية تليق بالطلبة”.
وكانت منظمة الأمم المتحدة للطفولة “اليونيسف” قد أعلنت في (أيار) 2019 في بيان أن 50 في المئة من المدارس “في حاجة إلى التأهيل والترميم”. وأشارت إلى أن نقص “المدارس والكوادر التربوية والتعليمية في العراق أسفر عن ازدحام الصفوف المدرسية بالتلاميذ، ويعاني الأطفال أجل التعليم، حتى اضطر عدد كبير منهم إلى ترك مقاعد الدراسة”.
المصدر: اندبندنت عربية