السيمر / فيينا / السبت 28 . 10 . 2023
نعيم عاتي الهاشمي الخفاجي
للاسف الشديد مياهنا تذهب بغالبيتها إلى شط العرب ومنها إلى الخليج بدون الاستفادة منها، أكثر من ٩٥% من مياه العراق تذهب لمياه الخليج دون الاستفادة منها، ومن المؤلم أن إجراءات وزارة الموارد المائية مجحفة وظالمة بحق الفلاحين.
شاهدت عدة حوارات مع وزير الموارد المائية العراقية السيد عون ذياب، للانصاف الرجل مهذب ومؤدب ولطيف، لكن مشكلة العراق ومصر وسوريا والسودان لديهم انهر تنهدر غالبية مياهها دون الاستفادة إلا من جزء يسير، والسبب ان المسؤولين عن الموارد المائية يتبعون نفس طرق البابليين و الآشوريين والفراعنة في أتباع أساليب المحافظة على المياه.
العالم تغير، وأزمة المياه باتت أزمة عالمية، طرق الري تغيرت، طرق الزراعة تطورت وتم ابتكار طرق لزراعة النخيل واكثارها بطرق عجيبة وغريبة وسهلة باستطاعة أي إنسان الاستفادة من إقامة مشاتل حتى على سطح منزله، من خلال زراعة الفسائل بالسنادين، ويمكن بيعها في أسعار غالية تكسب منها أموال جيدة، أفضل مليون مرة من ظاهرة بيع حبوب الكريستال والمخدرات، معظم الناس تجهل الطرق الحديثة بالزراعة، تحتاج عمل حكومي يقوم الإعلام بنشر مقاطع الفيديو لتجارب آلاف المهندسين الزراعيين من مصر والسودان والسعودية في عمليات استخدام السنادين لزراعة فسائل النخيل.
مجتمعاتنا تعاني أزمة قاتلة وهي أزمة الغباء، هذا الموضوع نال دراسة الباحثين والعلماء المتخصصين في علم الاجتماع الغربيين بشكل خاص، منهم المؤرخ الإيطالي كارلو شيبولا، مؤلف كتاب الغباء البشري، أروع كتاب بالعالم الغربي بيعت من الكتاب ملايين النسخ، وترجم للعديد من اللغات ومنها اللغة العربية، يتحدث هذا المؤرخ الإيطالي عن القوانين الحاكمة للغباء، المؤرخين وعلماء الاجتماع الغربيين ينتقون عنوان لكتبهم يجذب القراء، لذلك كتاب الغباء البشري ترجم إلى ١٦ لغة من لغات العالم منها الانجليزية والعربية والفرنسية، بيع هذه الكميات الكبيرة من نسخ كتاب الغباء، كان بسبب عنوان الكتاب الجذاب، الكاتب يحذر البشر من التقليل من خطر الأغبياء على البشر، رغم ان غالبية بني البشر يتكلمون بمجالسهم الخاصة والعاملين بذم الغباء والسخرية منه.
على سبيل المثال بزيارتي الأخيرة للعراق رأيت في محافظات الوسط والجنوب، وبالذات في محافظات واسط والناصرية والعمارة والبصرة، رأيت دوريات جيش وشرطة يخرجون لمعاقبة الفلاحين ومصادرة مضخاتهم المائية بكذبة الحصة المائية، رغم أن ٩٥% من مياه العراق تذهب إلى شط العرب والى الخليج، أول مرة بحياتي أجد مسؤولين وموظفين وضباط من أبناء المكون الشيعي يتفننون في تطبيق قوانين جائرة، يمكن للضابط ومسؤول الري في غض النظر عن الفلاحين، مثل ما يغض الضابط والمسؤول والموظف السني عن الفلاحين بمناطق الاكثريات السنية، وعدم مصادرة المضخات التي يسقي المزروعات التي يعتاش عليها الفلاحين وعوائلهم، وخاصة الجميع يعلم أن مياه العراق تذهب لمياه الخليج، حتى المواطنين عندما يراجعون دوائر الدولة، تخلق لهم مصاعب ، تصوروا إذا مواطن وقع عليه ظلم يذهب إلى رئيس الجمهورية ورئيس الوزراء والبرلمان ورئيس السلطة القضائية، يعجز هؤلاء الأشاوس من إعطائه حقه.
عندما تصدر وزارة الموارد المائية بالعراق قرار في منع الفلاحين من الزراعة الصيفية والزراعة الشتوية بحجة عدم وجود مياه، على سبيل المثال وكالة شفق نيوز بتاريخ ٢٧ آيار عام ٢٠٢٣ نشرت بيان وزارة الموارد المائية العراقية، أمراً بإلغاء الخط الزراعية الصيفية في ذي قار وألزمت فلاحي المحافظة برفع مضخات المياه من على الأنهر.
وذكرت الوزارة في بيان ورد لوكالة شفق نيوز، أنه استناداً لتوجيهات وزارة الموارد المائية، تدعو مديرية الموارد المائية في ذي قار الفلاحين والمزارعين في المحافظة كافة، إلى رفع المضخات المجازة وغير المجازة، على عموديّ نهريّ الغراف والفرات والجداول الرئيسية، وإيقافها نظراً لظروف الشحة المائية.
نفس هذا الشيء عمل به في واسط والعمارة والبصرة، ألا يعتبر ذلك محاربة للزراعة بالعراق، مساء أمس شاهدت مستشار السيد رئيس الوزراء يتحدث لقناة العراقية بأن الدولة تسمع أقوال وتأخذ في تجارب ودراسات أهل الاختصاص لمعالجة الأزمات الاقتصادية بالعراق، وقال نحن نتواصل مع العراقيين أهل الخبرة بخارج العراق، أقول إلى هذا المستشار المحترم، وكذلك اقول للسيد وزير الموارد المائية العراقية هل تعلمون أن مواطن عراقي وفي عام ٢٠٠٦ كتب بحث عن أزمة شح المياه في العراق وحصل على دراسته شهادة الماجستير من جامعة كوبنهاكن بالدنمارك، اسم المواطن العراقي السيد فراس الحصونة، وحتى ممثلي الأحزاب العراقية الموجودين في الدنمارك أخذوا نسخ من بحث الماجستير وسلمت إلى المسؤولين العراقيين ولم يكتبوا له حتى كتاب شكر، والرجل الان انتقل للعيش في بريطانيا.
دراسة السيد فراس الحصونة تقول حتى لو تركيا قطعت ثلثي نهر دجلة والفرات فالثلث الباقي كافي لزراعة كل أراضي العراق بصحاريها، الدراسة تقول يتم إقامة سدين شمال قضاء القرنة، وسد اخر غرب القرنة، لقطع مياه شط العرب بشكل نهائي، ويتم حجز المياه في الاهوار، ويتم إنشاء قناتين لنقل المياه الصالحة غرب وشرق شط العرب، تنقل المياه الصالحة من القرنة إلى البصرة وابو الخصيب وإلى الفاو بموازاة قناة شط العرب، وقناة شرق شط العرب من قرية مزيرعة إلى النشوة والهارثة إلى الشلامجة.
المياه تكفي العراق ويمكن إعطاء حصة إلى الجارة إيران ويمكن بيع باقي المياه أو اعطائها بشكل مجاني إلى السعودية والكويت والامارات.
حسب دراسة السيد فراس الحصونة، مياه العراق الجوفية تكفي العراق خمسمائة عام، لكن المياه الجوفية ثروة وطنية للأجيال اللاحقة وتختلف ليست مثل النفط الذي تم استغلال تصديره بطرق بشعة بحيث لم تفكر الحكومات العربية في ابقاء حصص من ثروة البترول للأجيال اللاحقة.
ويعاني العراق منذ سنوات من أزمة مياه حادة بلغت ذروتها في السنوات الثلاث الأخيرة وتفاقمت بشكل خطير خلال العام الحالي حيث انخفضت مناسيب المياه في الأنهر والسدود المائية إلى مستويات غير مسبوقة.
اجراءات وزارة الموارد المائية، إجراءات خاطئة، بظل عدم وجود سدود إلى خزن المياه وينتظر الفلاحين حلول السماء، يفترض إعطاء كل الفلاحين حق تشغيل المضخات في يوم الجمعة والسبت، خارج الحصة، ويتم أتباع أساليب الالتزام بالحصة المائية في الخمسة أيام الباقية من الاسبوع، إعطاء الفلاحين يوم الجمعة والسبت خارج الحصة يسهم اسهام كبير وخاصة للموسم الشتوي في إمكانية إكمال السقية الأولى لمحصول الحنطة والشعير.
كنت اتمنى ان وزارة الموارد المائية العراقية تلزم الفلاحين في زراعة المساحات الطينية الواسعة التي ترسبت على ضفاف دجلة والفرات والغراف والتي وصلت بعمق خمسين متر وبعضها إلى ١٠٠ متر على طول نهر الفرات ودجلة والغراف بزراعتها بالنخيل، وفي حالة امتناع أصحاب الأراضي التي تقع أمام أراضيهم، تقوم الوزارة في تأجيرها إلى مزارعين آخرين، خلال زياراتي للعراق وجدت لو تم استغلال ضفاف دجلة والفرات ونهر الغراف من قبل وزارة الموارد المائية والتي هي المالكة لهذه الأراضي بمجال زراعة النخيل والأشجار لتم زراعة مائة مليون نخلة على ضفاف هذه الانهر، ابتلي شعب العراق بوجود البترول فقد تحول نقمة وبلاء على شعب العراق، لأن الحكومات مازالت تحصل على أموال من البترول تقوم إهمال الزراعة والصناعة.
مصر دولة ليست نفطية، اضطرت تحويل الجيش المصري إلى مؤسسات زراعية وصناعية، مصر تحتل المرتبة الأولى عالمياً بتصدير التمور، وتليها السعودية التي لاتملك ولا نهر ولاهور ولابحيرة.
27/10/2023