الرئيسية / مقالات / الإمام علي ع ومارتن لوثر كينغ والمساواة

الإمام علي ع ومارتن لوثر كينغ والمساواة

السيمر / فيينا / الأربعاء 22 . 11 . 2023

نعيم عاتي الهاشمي الخفاجي

الإمام علي بن أبي طالب ع سبق البشرية في طرح مبدأ العدالة والمساواة بين ابناء المجتمعات، ووضع أسس رصينة في تحديد العلاقة مابين الحاكم والمحكوم، وبين الرعية والحاكم، وضع حجر الأساس في بناء مجتمع يتمتع في مبادى العدالة والمساواة المجتمعية.

علي بن أبي طالب ع أحبه المسيح واحبه الهندوس والملاحدة، لأنه تعامل مع الجميع وفق مبدأ الاخوة والعدالة، وليس بمبدأ من لم يكن معنا فهو ضدنا وكافر يجب قتله وذبحه وسبي أطفاله وبيع نسائه، مثل مافعلته جيوش الخلافة الاسلامية في الكثير من الامصار، ونحن في القرن الواحد والعشرون وشاهدنا مجاميع دولة الخلافة الاسلامية كيف قتلوا أهل القبلة بالعراق وقتلوا الايزيديون والمسيح وقاموا في بيع أطفالهم ونسائهم، وقد استثنوا نساء الشيعة من السبي فقاموا بقتلهن بطريقة الحرق بالنار، حيث تم خطف مئات النساء التركمانيات والشبكيات والعربيات من أبناء المكون الشيعي في مؤامرة تسليم الموصل وتكريت وغرب الانبار من قبل شركائنا بالوطن للعصابات الداعشية القاعدية الواجهة القبيحة لفلول البعث الأراذل.

الشريعة الاسلامية التي جاء بها رسول الله محمد ص حسب قول عالم اللاهوت الدنماركي المرحوم بدرسن والذي كان يدرس في جامعة اودنسا علم اللاهوت، قال إن الشريعة التي جاء بها محمد من ربه وقاتل على تأويلها ابن عمه وخليفته من بعده علي بن ابي طالب، تحتوي على نصوص في العدالة تصلح أن تكون مصدر لتشريع قوانين العدالة في دساتير الدول، وأضاف بدرسن أن قريش قبلت بهذا الدين ورفضت التخلي عن جاهليتها لكي يحكمون الأمم الاخرى بالقوة.

 الشريعة الإسلامية نزلت بعصر كان بيع البشر ذو البشرة السوداء رائج ومن افضل عمليات التجارة، لذلك الشريعة شجعت على تحرير العبيد من خلال اذا المسلم ارتكب جرم أو خطيئة عليه تحرير رقبة من العبيد، الإسلام وضع اساس مبني على القيم الإنسانية  ينعم فيه الإنسان بالمساواة، الإنسان وليس المسلم فقط، يقول الله عز وجل  {يا أَيُّهَا النَّاسُ إِنَّا خَلَقْناكُمْ مِنْ ذَكَرٍ وَأُنْثى وَجَعَلْناكُمْ شُعُوباً وَقَبائِلَ لِتَعارَفُوا إِنَّ أَكْرَمَكُمْ عِنْدَ اللهِ أَتْقاكُم}.

الرسول محمد صلى الله عليه وآله، طالب في إقامة  مبدأ المساواة في أكثر من حديث،  كالحديث  عن رسول الله محمد صلى الله عليه واله، الناس سواسية كأسنان المشط.

بعد انقلاب السقيفة، وتقديم الانقلابيين المفضول على الأفضل الذي اراده الله عز وجل ورسوله الكريم محمد ص في تبؤ منصب الخلافة وهو الإمام علي عليه السلام،  حدثت أحداث كثيرة، تم تقسيم المجتمع الإسلامي إلى طبقات في توزيع العطاء، وظهرت الطبقية  بشكل واضح في المجتمع المسلم في عاصمة الدولة الإسلامية المدينة المنورة، عمر بن الخطاب في طبقات ابن سعد، فقد جاء في الطبقات الكبرى لابن سعد، لما أجمع عمر بن الخطاب على تدوين الديوان، وذلك في المحرم سنة عشرين، بدأ ببني هاشم في الدعوة، ثم الأقرب فالأقرب برسول الله صلى الله عليه واله،  وفرض عمر لأهل الديوان ففضل أهل السوابق والمشاهد في الفرائض، وكان أبو بكر الصدّيق قد سوّى بين الناس في القسم، فقيل لعمر في ذلك، فقال،  لا أجعل من قاتل رسول الله صلى الله عليه واله كمن قاتل معه..فبدأ بمن شهد بدراً من المهاجرين والأنصار، ففرض لكل رجل منهم خمسة آلاف درهم في كل سنة، حليفهم ومولاهم معهم على السواء، وفرض لمن كان له إسلام كإسلام أهل بدر من مهاجرة الحبشة، وممن شهد أحداً، أربعة آلاف درهم لكل رجل منهم، وفرض لأبناء البدريين ألفين ألفين إلا حسناً وحسيناً، فإنه ألحقهما بفريضة أبيهما لقرابتهما من رسول الله صلى الله عليه واله…

وفرض لمن هاجر قبل الفتح لكل رجل ثلاثة آلاف درهم، وفرض لمسلمة الفتح لكل رجل منهم ألفين، وفرض لغلمان أحداث من أبناء المهاجرين والأنصار كفرائض مسلمة الفتح… ثم فرض للناس على منازلهم وقراءتهم للقرآن وجهادهم، ثم جعل من بقي من الناس باباً واحداً، فألحق من جاءهم من المسلمين بالمدينة في خمسة وعشرين ديناراً لكل رجل، وفرض للمحررين معهم، وفرض لأهل اليمن وقيس بالشام والعراق لكل رجل ألفين، إلى ألف، إلى تسعمائة، إلى خمسمائة، إلى ثلاثمائة، لم ينقص أحداً من ثلاثمائة.

عندما وصلت الخلافة إلى عثمان بن عفان، جعل الطبقة السياسية المحيطة به من أقاربه مثل مروان بن الحكم الذين كان هو وأبيه  مطرودين من المدينة بأمر من رسول الله ص،  مثل البعثيين الهاربين من العدالة تم إرجاعهم وتسليم بيت المال والمناصب والزعامة لهم.

هذه التصرفات إثارة حفيظة الصحابة على عثمان فقاموا عليه بثورة شعبية انتهت بقتل الخليفة عثمان، والجماهير انتخبت الإمام علي ع لتولي الخلافة والحكم، من خلال  مبايعة جماهيرية شاملة، الفتوحات الاسلامية توسعت، واموال طبقات قريش تضخمت، كل هذه الأسباب ادت إلى حدوث ثورة ضد الخليفة عثمان انتهت بقتله.

عندما الجماهير بايعت الإمام علي ع امير وزعيم، أعلن الإمام علي عليه السلام منذ اليوم الأول لخلافته، التزامه بنهج المساواة بين أبناء الأمة، ككتابه لمالك الأشتر، حينما ولاه مصر، ذات المجتمع المتعدد الاديان والثقافات، لأن عمرو بن العاص عندما فتح مصر كان هدفه كسب المال من خلال اخذ الضرائب على أهل الذمة، وبقيت مصر ذات غالبية مسيحية إلى حكم الشيعة الفاطميون فهم من نشروا الإسلام بالحوار في مصر وشمال افريقيا ونشروا القبائل العربية التي جائوا بها من العراق والجزيرة العربية إلى مصر وشمال افريقيا، ومن فقرات عهد الإمام علي ع لواليه مالك بن الاشتر عندمآ ولاه مصرقوله عليه السلام، وأشعر قلبك الرحمة للرعية، والمحبة لهم، واللطف بهم، ولا تكوننّ عليهم سبعاً ضارياً، تغتنم أكلهم، فإنهم صنفان: إما أخ لك في الدين، أو نظير لك في الخلق.

الإمام علي ع ساوى بالعطاء مابين الصحابة وعامة المسلمين، لذلك ثارت حفيظة المتضررين من مبدأ العدالة والمساواة التي انتهجها الإمام علي بن أبي طالب ع، فقد القى خطبة الإمام علي ع قال بها، يا معشر المهاجرين والأنصار،  أتمنون على الله ورسوله بإسلامكم، بل الله يمنّ عليكم أن هداكم للإيمان إن كنتم صادقين.. فأمّا هذا الفيء فليس لأحد على أحد فيه أَثَرة، وقد فرغ الله من قسمته، فهو مال الله، وأنتم عباد الله المسلمون، وهذا كتاب الله به أقررنا، وله أسلمنا، وعهد نبينا بين أظهرنا، فمن لم يرض به فليتولَّ كيف شاء، فإن العامل بطاعة الله، والحاكم بحكم الله لا وحشة عليه.

في رد الإمام علي بن أبي طالب ع على طلحة والزبير الذين أرادوا من الخليفة الإمام علي ع الخدمة الجهادية في الحصول على الأموال والمناصب فكان رد الإمام علي بن أبي طالب ع الرد التالي، وأمّا قولكما،  جعلت فيئنا وما أفاءته سيوفنا ورماحنا، سواء بيننا وبين غيرنا، فقديماً سبق إلى الإسلام قوم ونصروه بسيوفهم ورماحهم، فلم يفضلهم رسول الله صلى الله عليه واله في القسم، ولا آثرهم بالسبق، والله سبحانه موف السابق والمجاهد يوم القيامة أعمالهم، وليس لكما والله عندي ولا لغيركما إلا هذا.

الإمام علي ع جعل المساواة بين أفراد الرعية مبدأ انساني واسلامي لتحقيق العدالة الاجتماعية، بغض النظر عن الدين والعرق سواء كان المواطنين  مسلمين  أو غير مسلم، جعل الغير المسلم شريك في الإنسانية والوطن، كما في قوله بعهده إلى واليه مالك بن الاشتر بقوله عليه السلام، إما أخ لك في الدين أو نظير لك في الخلق.

كل قوى الشر اجتمعت على محاربة الإمام علي بن أبي طالب ع.

ذكرت كتب التاريخ  ان مروان بن الحكم سُئل عن سر بغضهم لأمير المؤمنين علي بن أبي طالب ع هل من شين أو خصلة سوء في شخصه (حاشاه سلام الله عليه) فقال لا والله إنه لأبعد الناس عن السوء ولكننا قوم لايستقيمُ امرنا إلاّ ببغض علي بن أبي طالب (؏السلام). 

وياسبحان الله اليوم لايبغض الطاهرين إلاّ أبناء الحرام او أصحاب العقد النفسية والدينية والمذهبية أو أو……الخ.

بعد استشهاد الإمام علي ع وسيطرة القوى الخارجة من المعارضة المسلحة المارقة والباغية حسب وصف رسول الله محمد ص للفرق الذين يقاتلهم الإمام علي ع، وهم الناكثين الذين نكثو البيعة وهم الفئة الناكثة بمعركة الجميل، والفئة الثانية وهم الفئة الباغية وهم أصحاب معركة صفين، حيث قال رسول الله ص عمار تقتله الفئة الباغية، والفئة الثالثة وهم القوى المارقة أتباع الخوارج بمعركة النهروان، عندما وصل الباغي معاوية للسلطة فقد غدر، وقضى على نظرية الشورى واستبدلها بمقترح ومشورة من ممثل الدولة الرومانية العظمى سرجون بتحويل نظام الحكم لولاية عهد يعني نظام ملكي، وتم قبر نظرية الشورى التي لازال الكثير من المسلمين يتبجحون بها ليومنا هذا.

استشهاد الإمام علي ع ووصول أنظمة جائرة لسدة الحكم لايعني انتهاء مشروع الإمام علي ع القائم بالحكم على أساس العدالة الاجتماعية، على سبيل المثال، الزعيم الأمريكي الأسود  مارتن لوثر كينغ،  التي تبنى مطلب تحقيق المساواة بين البيض والسود الأمريكان، القى ،  خطبته الشهيرة، المعروفة في، لدي حلم I have a dream، في واشنطن العاصمة، عام 1963، بذلك الوقت كان الأمريكي الاسود يعيش أوضاع مأساوية في التميز، رغم أن النظام الأمريكي سبق لوثر بقرن من الزمان على العمل على تحرير الأفارقة السود  في أميركا، لكن المجتمعات البيضاء كانت تنظر إليهم بدونية، وكانت أكثر الولايات بطشا  بالسود هي  ولايات الجنوب المتعصبة، رغم أن الرئيس الأمريكي أبراهام لينكولن اتخذ قرار تحرير العبيد لكن المجتمع الأبيض يرفض ذلك، الرئيس جون كينيدي أيضا تبنى مبدأ تحرير العبيد. 

مارتن لوثر  بخطبته كان يطالب في تحقيق العدالة، قوبلت دعوته بالقمع بل هو نفسه لوثر لم يسلم حيث تم اغتياله، لذلك المستر مارتن لوثر يشاطر الفيلسوف الإنساني العظيم الإمام علي بن أبي طالب  بأن البشر أخوة بغض النظر عن الدين والعرق والقومية والشكل، مارتن لوثر بخطبته كان يتنبؤ للمستقبل،  سيأتي اليوم الذي يتحرر به العبيد ويتم التساوي بين البشر بمبدأ المساواة والعدالة، وبعد مصرع مارتن في أكثر من أربعين سنة وصل للبيت الأبيض الرئيس الأمريكي من أصول أفريقية باراك حسين أوباما رئيسا الولايات المتحدة الامريكية، ووصوله للبيت  الأبيض كان بمثابة حلم غير قابل للتحقق قبل أربعين سنة، وليس قبل قرون من الزمان.

المتطرفين البيض كانوا يكتبون في أبواب المطاعم والمقاهي القطعة التالية، يمنع الكلاب والزنوج من الدخول.

رأيت نفس هذا الموقف المتعصب لدى التيارات الوهابية التكفيرية في عدم السلام على المسلم الشيعي وتحريم اكل ذباح المسلمين الشيعة، وأن التكبر على المواطن الشيعي عمل يثاب عليه فاعله تحت شعار الحب والبغض لله، وهذا الأمر حدث معي، قبل ٣٣ سنة كنت معتقل بقاعدة تبوك الجوية، وكنت اعاني من قرحة نازفة، طبيب السجن كتب كتاب بتحويلي إلى مستشفى تبوك، الذي رافقني رقيب سعودي اسمه علي الاسمري كان جاف وحقير بتعامله معي، ومعه جندي أو شرطي من الشرطة العسكرية اسمه عبدالملك من أهالي خميس مشيط، قال لي هذا يعرفك شيعي، قلت له نعم، قال لي ساعدك الله، يعتبر هذه التصرفات معك التقرب لله سبحانه وتعالى، أحد الجنود السعوديين تحدث معي بصوت منخفض قال لي انا من الشرقية شيعي يا اخي استعمل معهم التقيةانت ليش تخليهم يعرفوك شيعي، قلت له ان الله معي ويأتي اليوم الذي نخلص من هؤلاء المتطرفين،بعدها حصلت على لجوء سياسي بمملكة الدنمارك بعد اعتقال  أربع سنوات، وتحملت الظلم والابعاد القسري عن اهلي وأبناء قومي ومدينتي مدينة قضاء الحي ومن بلدي العراق، لكن من المؤسف بعد سقوط نظام البعث تكرر الظلم ووقعت ضحية لخطأ ليس مني تسبب في قيام رئيس لجنة الفصل السياسي التابعة للأمانة العامة لرئاسة الوزراء السيد رسول عبدعلي الايزيرجاوي في اعطائي رفض ظالم غير قابل للطعن، من المؤلم ان السيد رسول عبدعلي من التيار الصدري الذي يتبنى زعيم التيار سماحة السيد مقتدى الصدر شعار الإصلاح ونصرة المظلومين، التقيت مع السيد رسول عبدعلي عدة مرات وواضع في مكتبه أمامه وفوق راسه صورتين للشهيدين الصدريين الصدر الأول والصدر الثاني رضوان الله عليهم، لايختلف اثنان على أن الشهيدين الصدرين هم أكثر الناس ظلما من نظام صدام الجرذ الهالك، يفترض في السيد  رسول عبدعلي الذي هو من التيار الصدري يفترض أن يكون عونا للمظلومين، المهم وانا قد تجاوزت الستين عاما من عمري لم يبقى لي خيار سوى البقاء في المنفى ونموت خارج بلادنا، نعم انه الظلم الذي حاربه الإمام علي بن أبي طالب وحاربه الزعيم الأمريكي الافريقي لوثر بينغ، قتل لوثر  الاسود، لكن بقي مخلد في تاريخ النضال من أجل تحرير الأفارقة من العبودية.

  بكل الاحوال سوف أكتب مذكراتي  واقوم بطبعها واخصص صفحة إلى المسؤول العراقي الصدري رسول عبدعلي الذي ظلمني ليبقى الكتاب في المكتبات يشرح بشاعة الظلم وقذراته وكيف يتم اضطهاد الشرفاء،والمضحين والمناضلين، من قبل جتى رفاق الدرب من القوى المضطهدة التي تعرضت للظلم ووصلت للحكم بعد سقوط ملايين من الشهداء، للاسف كرروا أخطاء بظلم ناس ضحوا من أجل الحرية والتحرر ومقارعة النظام البعثي الجرذي الطائفي والشوفيني. 

الإمام علي بن أبي طالب ع وضع أسس للعدالة والمساواة بين ابناء المجتمعات والعمل على ضمان حقوق الجميع بغض النظر عن الدين والقومية والمذهب، عدم تحقيق ما اراده الإمام علي بن أبي طالب ع لايعني ان الخلل في الأسس التي وضعها الإمام علي ع وإنما الخلل بالمجتمعات والنخب المثقفة وأصحاب الحل والرأي والعقد.

21/11/2023 

اترك تعليقاً