الرئيسية / تقارير صحفية وسياسية / قصصٌ مأساوية.. بنات ليل العراق: رقصٌ في الليل وانتحارٌ بالنهار

قصصٌ مأساوية.. بنات ليل العراق: رقصٌ في الليل وانتحارٌ بالنهار

فيينا / السبت 04. 05 . 2024

وكالة السيمر الاخبارية

راقصةٌ تتمايل أمام الكاميرا، وبجانبها أخرى صغيرة بالعمر، وأمامهن ترقص تلك التي اسمها “أم اللول”، هذا المشهد اعتاده الكثير من العراقيين، وهم يتصفحون هواتفهم وتظهر لهم مثل هذه المقاطع على السوشيال ميديا.

يبرز التساؤل الأكبر عند الكثير من المتلقين: “كيف وصلن تلك النسوة إلى هذه الأماكن، أي تفككٍ أسري أو مشاكل اجتماعية دفعتهن إلى حيث صخب الملهى، وعِراك المخمورين، وكيف ستنتهي حياتهن؟”.

غموضٌ يحيط بإنهاء حياتهن

وبين ملاهي بغداد وأربيل، فتياتٌ عاملاتٌ في تلك الأماكن، لا يجدن طريقاً لخلاصهن سوى رمي أنفسهن من أعلى شرفة عمارة، أو إطلاق نار، من أجل الحصول على غاية واحدة: إنهاء الحياة.

من زوجين متخاصمين، أو أسرة “تفكّكت”، تخرج فتاة بعمرها الصغير وتلجأ إلى مكان غريب عنها، حيث السماسرة وأماكن صالات القمار، والانحراف، ثم تجد نفسها مُجبرةً على أن ترقص أمام الكل.

ومن بين فتيات عدة سرن بهذا الطريق، تظهر أخبار متتالية من بغداد أو أربيل، تفيد بانتحار إحداهن بعد رمي جسدها من بناية عالية، أو رصاصة تطلقها على نفسها، وترديها قتيلة.

فتيات يهربن من ذويهن

وتعلن الشرطة المجتمعية، إعادة ثلاث إلى ثماني فتيات بشكل أسبوعي بعد هروبهن من ذويهن، أما اللواتي لا تعيدهن المجتمعية إلى ذويهن، فإن جزءاً كبيراً منهن يلجأ إلى تلك الأماكن التي يكثر فيها الصخب والممنوعات.

طرق الانخراط بالملاهي

ويشرح فاضل الغراوي، وهو عضو سابق في مفوضية حقوق الإنسان، تفاصيل تسرّب الفتيات إلى النوادي الليلية بالقول، إن “الموضوع يتعلق بالاتجار بالبشر، ويستهدف الفتيات دائما وخصوصا الصغيرات بالعمر سواء عن طريق الابتزاز الإلكتروني أو الاختطاف أو عصابات العمل الممنهجة، وبالتالي إغراء الفتيات بأموال وعمل مستمر”.

صدمة العاملات بالنوادي الليلية

ويضيف الغراوي في حديثه لمنصة “إيشان”: “تعطي هذه العصابات، مبالغ مالية كبيرة جدا للفتيات، لكنهن يتفاجأن فيما بعد، بأن الأعمال التي اتفقوا عليها غير التي يشهدونها”.

ويشير إلى أن أماكن النوادي الليلية والملاهي، فيها “العديد من الانتهاكات، وتشهد قضايا تتعلق بالاستغلال الجنسي، وتحصل تداعيات كبيرة”.

ضعفٌ في الرقابة

ويؤشر الغراوي، “ضعفاً في الرقابة والمنظومة الأمنية بمتابعة الأحداث والفتيات بتشغيلهن في أماكن الملاهي والنوادي الليلية”.

وبشأن انتحار الكثير منهن، يرى الغراوي، أن “الانتحار ليس مخصصاً لهذه الشريحة، لكنها ظاهرة بدأت تتنامى في المجتمع”، مبيناً أن “انتحار الفتيات والنساء أكثر من الرجال، وذي قار شهدت أعلى الأرقام في حالات الانتحار”.

وبين فترة وأخرى، تتداول وكالات الأنباء، أخباراً تفيد بانتحار فتيات بأساليب مختلفة، ثم يظهر فيما بعد، أنها كانت عاملة في إحدى النوادي الليلية.

انتحار الفتيات أكثر من الشباب

نسبة الفتيات المنتحرات، أكثر من الشباب، بل تكاد تكون ضعفها، وفق ما تقول بشرى العبيدي، الناشطة في مجال حقوق المرأة، التي “انتقدت” التضييق على الفتيات.

وتقول العبيدي في حديثها لـ “إيشان”، إن “أسباب انتحار الفتيات، ناتجة عن ضغوط مجتمعية مخيفة تُمارس على المرأة من كل النواحي، في البيت والعمل والمجتمع، وهناك تقييد فضيع والمرأة تعيش حالة من الحرمان عن حرية التعبير عن الرأي والتحرك، والعمل والتعليم، تحت ذريعة أنتِ امرأة وخروجك يمثل انتهاكا لشرف وسمعة العائلة، وهذا يسبب ضغطا على المرأة”.

وتشير إلى أن “هناك ضحايا الابتزاز اللواتي لا يلجأن إلى أهلهن لإنقاذهن، لأن أبسط علاج للمشكلة بنظرهم، هو قتلها، وبسبب الابتزاز تلجأ إلى نهاية حياتها، لأنها تعتقد أنه أفضل من العذاب الذي تعيشه بين أهلها والمجتمع”.

قرفٌ في الحياة يدفعها للانتحار

وعن انتحار فتيات “الملاهي والنوادي الليلية”، تقول العبيدي، إن “بعض الحالات ناجمة عن القتل، أما الانتحار الفعلي فهو ناجم عن أنها لم تعد تتحمل قرف الوضع الذي تعيشه”.

وتوضّح، أن “غالبية من يعملن في الملاهي، ليس لديهن خيار آخر، لأن المجتمع لم يقف معها، فعلى الأقل لو كان لها مصدر عمل، ما لجأت إلى هذه الحياة القذرة والعالم الأسود”.

آخر حلول الضحية

وتكمل: “آخر حل تتوصل إليه الضحية، هو الانتحار، لأنها لا تتحمل قذارة الحياة التي تعيشها، ولا حل تلجأ إليه”، محمّلةً مسؤولية ما يحصل لهن “للدولة والمجتمع”، مشيرةً إلى أن “الدولة تتحمل مسؤولية تأمين الواقع الاقتصادي للمرأة”.

وتؤكد أن “حديثها تعني به البنت الطبيعية التي اضطرت لأن تجد الملاهي طريقها في العيش، أما النساء المنحرفات فإنهن يبحثن عن سيارات فارهة ومناصب”.

انتحارٌ بلا أرقام

وحاولت منصة “إيشان”، أن تستعلم عن أرقام تكشف عدد الفتيات العاملات بالملاهي الليلية، ثم انتحرن، لكنها لم تحصل سوى على جواب واحد عبر مصادر أمنية: “من المستحيل تحديد أرقام انتحارهن، لا أحد يفصح عنها”.

اترك تعليقاً