الرئيسية / مقالات / مفهوم (البغاء، بغيا) في القرآن الكريم (ح 2)

مفهوم (البغاء، بغيا) في القرآن الكريم (ح 2)

فيينا / الأربعاء 22 . 05 . 2024

وكالة السيمر الاخبارية

د. فاضل حسن شريف
الافتراء المشتمل على القذف حرام، إذ اتّهام أحد بالزنا أو بما يوجب الحدّ من الكبائر التي ورد الحديث عنها في القرآن الكريم. ويترتب عليه إقامة الحدّ على المفتري القاذف. ورد أنّ الافتراء على أهل الذمة والكتاب لا يوجب الحدّ بل فيه التعزير، عملًا برواية إسماعيل بن الفضل،قال: سألت أبا عبد اللَّه عليه السلام عن الافتراء على أهل الذمة وأهل الكتاب هل يجلد المسلم الحدّ في الافتراء عليهم؟ قال: (لا، ولكن يعزّر). قال الله تبارك وتعالى “فَأَتَتْ بِهِ قَوْمَهَا تَحْمِلُهُ ۖ قَالُوا يَا مَرْيَمُ لَقَدْ جِئْتِ شَيْئًا فَرِيًّا” ﴿مريم 27﴾ فريا بمعنى العظيم أو العجيب، وفي الأصل من مادة فري، أي قص وقطع الجلد إما لإصلاحه أو إفساده. لما جاءت مريم عليها السلام بعيسى عليه السلام المعجزة الإلهية من غير أب تحمله، أنكر عليها قومها ذلك. قوله تعالى: “وَبِكُفْرِهِمْ وَقَوْلِهِمْ عَلَى مَرْيَمَ بُهْتَانًا عَظِيمًا” (النساء 156) لأن ذلك البهتان العظيم الذي هو ادعاؤهم أنها زنت، وجاءت بعيسى من ذلك الزنا حاشاها وحاشاه من ذلك، ويدل لذلك قوله تعالى بعده: “يَا أُخْتَ هَارُونَ مَا كَانَ أَبُوكِ امْرَأَ سَوْءٍ وَمَا كَانَتْ أُمُّكِ بَغِيًّا” (مريم 28). والبغي الزانية، يعنون كان أبواك عفيفين لا يفعلان الفاحشة، فما لك أنت ترتكبينها؟ ومما يدل على أن ولد الزنا كالشيء المفترى قوله تعالى: “يَا أَيُّهَا النَّبِيُّ إِذَا جَاءَكَ الْمُؤْمِنَاتُ يُبَايِعْنَكَ عَلَى أَنْ لَا يُشْرِكْنَ بِاللَّهِ شَيْئًا وَلَا يَسْرِقْنَ وَلَا يَزْنِينَ وَلَا يَقْتُلْنَ أَوْلَادَهُنَّ وَلَا يَأْتِينَ بِبُهْتَانٍ يَفْتَرِينَهُ بَيْنَ أَيْدِيهِنَّ وَأَرْجُلِهِنَّ وَلَا يَعْصِينَكَ فِي مَعْرُوفٍ فَبَايِعْهُنَّ وَاسْتَغْفِرْ لَهُنَّ اللَّهَ إِنَّ اللَّهَ غَفُورٌ رَحِيمٌ” (الممتحنة 12) أي: ولا يأتين بولد زنًا يقصدن إلحاقه برجلٍ ليس أباه، هذا هو الظاهر الذي دل عليه القرآن في معنى الآية.
جاء في التفسير المبين للشيخ محمد جواد مغنية: قوله تعالى “وَلَا تُكْرِهُوا فَتَيَاتِكُمْ عَلَى الْبِغَاءِ إِنْ أَرَدْنَ تَحَصُّنًا لِّتَبْتَغُوا عَرَضَ الْحَيَاةِ الدُّنْيَا” ﴿النور 33﴾ ان كلمة “إِنْ” و (إذا) وما إليهما تدل على شيء واحد في مقام، وتدل على شيئين في مقام آخر، وتسمى إحدى الدلالتين بدلالة المنطوق، والثانية بدلالة المفهوم في اصطلاح أهل الأصول، والمنطوق هو النص الحرفي الذي يتفوه به المتكلم، والمفهوم هو الذي لم ينطق به، ولكن يدل عليه بالتلويح والإشارة، لا بالنص والعبارة، ومثال ذلك ان تقول لصاحبك: ان أكرمتني أكرمتك، فالمنطوق هنا يدل على إكرامك له عند إكرامه لك. أما المفهوم فهو الذي يشير إليه المنطوق، ويستفاد من مضمونه لا من نصه، وهو في المثال المذكور ان لم تكرمني فأنا لا أكرمك، فهذه الجملة لم ينطق بها المتكلم، ولكنها مفهومة من منطوق كلامه المشتمل على “إِنْ”. والآية التي نحن بصددها من النوع الأول أي لها دلالة واحدة، وهي دلالة المنطوق والعبارة فقط، وليس لها دلالة المفهوم والإشارة إطلاقا.. والمنطوق الذي دلت عليه الآية هو عدم جواز الإكراه على الزنا مع إرادة الستر، ولا شيء وراء هذه الدلالة على الإطلاق، لأن هذا الشيء الذي وراء المنطوق لا يخلو ان يكون واحدا من اثنين: إما جواز الإكراه على الزنا مع إرادته والرغبة فيه، وهذا محال لأن الإكراه على الشيء لا يجتمع مع إرادته والرغبة فيه، وهذا واضح، واما جواز الإكراه مع عدم إرادته، وهذا محال من اللَّه لأنه تعالى لا يجيز الفحشاء بحال من الأحوال. “ومَنْ يُكْرِهْهُنَّ فَإِنَّ اللَّهً مِنْ بَعْدِ إِكْراهِهِنَّ غَفُورٌ رَحِيمٌ” (النور 33) للمكرهات على الزنا لأن العقاب على من أكره، لا على من استكره، قال الرسول الأعظم صلى الله عليه واله: رفع عن أمتي ما استكرهوا عليه. 
عن الرافدين للحقوق السیاسة الجنائیة فی جریمة البِغاء – دراسة مُقارنة للكاتب هاشم محمد أحمد: تُعدُ جریمة البغاء من أشدِ الجرائم الجنسیة خطورةً وأکثرها تصدیعا للأخلاق والنظام العام، ولمَ لا وهی تجعل من عِرض الإنسان وهو أغلى ما یملکهُ بمقامِ السلعة التی تباعُ وتشترى فی سوق الرذیلة والفسوق بثمنٍ مادیٍ بخسٍ أو إشباعِ لذةٍ عارضةٍ لآدمیٍ إنساقَ وراءَ شهواتهِ وغرائزهِ البهیمیةِ دون الالتفات لما تأمر بهِ تعالیم الدین ومبادئ الأخلاق الفاضلة، ورأینا أن المشرع الجنائی العِراقی قد عالج تلك الجریمة وما لهُ صلةً بها من خلال تشریع جنائی خــــاص، اِدراکاً منهً للخطورة التی یحملها کل مَنْ یُساهم فی المتاجرة بالأعراض على النظام العام الداخلی، ناهیکَ عن آثارها السلبیة على مستوى المجتمع الدولی، الذی بدورهِ تنبهَ لتکَ المخاطر وحاول تضییق الخِناق على کل من لهُ دور فی تسهیل ممارستها، ولا سیما من یتعامل بتجارةِ الرقیق الأبیض، وذلک من خلال الاِتفاقیات الدولیة التی أُبرمت تحت مظلة الأُمم المتحدة، غیر أننا وجدناها وللأسف بقیت حبراً على ورق، ولم تُتَرجم إلى حقیقة على أرض الواقع، بالنظر لعدمِ وجود رغبة حقیقة من قِبل الدول الکبرى، التی تهدف إلى تفکیک عُرى المجتمعات الإسلامیة واحدةً تلو الأُخرى، وأبرز دلیل على ذلک دعمها اللامحدود لنشر التقنیات الحدیثة التی تحتلُ الدور الأول فی التحریض على ممارسة السلوکیات اللا أخلاقیة.
جاء في موقع قاعدة التشريعات العراقية: أحكام قانون مكافحة البغاء رقم 54 لسنة 1958 المنشور بالوقائع العراقية عدد 71 في 10 – 11 – 1958 ننشرها لعلاقتها في هذا الباب: المادة السابعة: – 1- تطبق الفقرة (1) من المادة (130) من القانون المدني بشأن كل مطالبة بحق مدني ناشئ من فعل السمسرة او البغاء. – 2 – تمنع دوائر التنفيذ من تنفيذ السندات الموقع عليها من بغى الى سمسار بما فيها السندات المجيرة الى الاشخاص الثالثة ان كانت محررة لأمر السمسار او لأمر شريكه او أي شخص قد يتواطأ معه. ولا يمنع هذا من مراجعة المحاكم بشأن ذلك السند. المادة الثامنة – تطبق احكام العود والاشتراك وتعدد الجرائم او الاتفاق الجنائي وما سواها من القواعد العامة المنصوص عليها في قانون العقوبات بشأن الأفعال الجرمية المعاقب عليها وفقا لهذا القانون. المادة التاسعة – تسري قواعد تسليم المجرمين بشأن الجرائم المنصوص عليها في القانون وفقا للاتفاقيات الدولية المعقودة مع العراق اذا كان المجرم ممن تنطبق عليه هذه الاتفاقيات وعند عدم وجودها تطبق احكام القانون العراقي نفسه. المادة العاشرة – على وزارة الشؤون الاجتماعية أن تعد بقدر الاحتياج مؤسسات الحجز الاصلاحي عند نفاذ هذا القانون وفي المحلات التي تراها ضرورية وذلك لضمان العناية بالبغايا وارشادهن وتعليمهن حرفا تؤمن لهن العيش الشريف. المادة الحادية عشرة – لا يقبل في مؤسسة الحجز الإصلاحي أحد إلا بأمر من حاكم الجزاء. المادة الثانية عشرة – لحاكم الجزاء المختص أن يقرر انهاء الحجز الاصلاحي في الحالات الآتية: – 1 – اذا قدم احد اصول المحجوز او زوجه او من له الولاية عليه او احد اقربائه تعهدا يلتزم فيه حسن تربيته وسيرته وسلوكه ويدفع المبلغ الذي تحدده المحكمة في التعهد إذا وقع الإخلال به. – 2- إذا تزوجت المحجوزة واقتنعت المحكمة من أن هذا الزواج لم يكن الغرض منه التملص من أحكام هذا القانون. – 3 – إذا ثبت للمحكمة من التقارير الرسمية بأن المحجوزة اصبحت بحالة تستطيع معها العيش الشريف. المادة الثالثة عشرة – كل شخص صدر عليه حكم بالحجز وهرب من المؤسسة يعاقب بالحبس مدة لا تزيد على سنة واحدة او بغرامة لا تقل عن مائة دينار ثم يعاد الى المؤسسة لاكمال مدة حجزه. المادة الرابعة عشرة – يصدر نظام يعين فيه كيفية ادارة مؤسسات الحجز والدراسة وتعليم المهن والغذاء والملبس ومقدار الأجور التي تدفع لكل محجوزة لقاء قيامها بالأعمال التي تكلف بها وكل ما له علاقة بذلك مما يسهل تطبيق أحكام هذا القانون. المادة الخامسة عشرة – يلغى بهذا قانون مكافحة البغاء رقم (97) لسنة 1956. المادة السادسة عشرة – ينفذ هذا القانون من تاريخ نشره في الجريدة الرسمية. المادة السابعة عشرة – على وزراء الداخلية والعدلية والشؤون الاجتماعية تنفيذ هذا القانون. كتب ببغداد في اليوم الحادي والعشرين من شهر ربيع الثاني سنة 1387 المصادف لليوم الرابع من شهر تشرين الثاني سنة 1958.

اترك تعليقاً