أخبار عاجلة
الرئيسية / مقالات / آيات قرآنية من كتاب الحج ضيافة الله للسيد المدرسي (ح 1)

آيات قرآنية من كتاب الحج ضيافة الله للسيد المدرسي (ح 1)

فيينا / الأربعاء 12 . 06 . 2024

وكالة السيمر الاخبارية

د. فاضل حسن شريف
جاء في كتاب الحج ضيافة الله للسيد محمد تقي المدرسي: على الرغم من ان مكة المكرمة لم تحيطها البساتين الزاهرة والحقول الخضراء، ولم تتزين بانهار جارية كالنيل والفرات، ولم تعش طقساً لطيفاً من حيث المناخ بل هي واقعة بين جبال وعرة، وتحيطها صحاري قاحلة، وان حرارة الشمس فيها تجعل من رمال الصحراء ناراً تلتهب مع ذلك تجد المسلمين من كافة أقطار العالم يسعون جهدهم كل عام ليحضروا في هذه البقعة المباركة، ليؤدوا مناسك الحج، التي دعاهم الله تعالى إليها في قوله للنبي ابراهيم عليه السلام: “وَأَذِّن فِي النَّاسِ بِالْحَجِّ يَأْتُوكَ رِجَالًا وَعَلَى كُلِّ ضَامِرٍ يَأْتِينَ مِن كُلِّ فَجٍّ عَمِيقٍ * لِيَشْهَدُوا مَنَافِعَ لَهُمْ وَيَذْكُرُوا اسْمَ اللَّهِ فِي أَيَّامٍ مَعْلُومَاتٍ عَلَى مَا رَزَقَهُم مِن بَهِيمَةِ الانْعَامِ فَكُلُوا مِنْهَا وَأَطْعِمُوا الْبَآئِسَ الْفَقِيرَ” (الحج 27-28).
وعن الإيمان جوهرة وتجليات يقول السيد المدرسي حفظه الله: قد نتحدث عن الصلاة وعن الصوم وعن الصدق وعن الوفاء وعن سائر الواجبات التي امر الله سبحانه بها، ولكن كل تلك إنما هي مفردات الإيمان وتجلياته و مصاديقه. اما الايمان فهو شيء آخر. فإذا كان الايمان ضعيفاً، فإن كل هذه المصاديق تكون ضعيفة. فحتى لو صلى، فإن صلاته لا روح فيها. فهو يسهى عنها، وبالتالي لا تنهاه عن الفحشاء والمنكر، ولا تأمره بالعطاء والانفاق للمساكين. لذلك فإن الصلاة التي لا خشوع فيها، انما هي ويل على صاحبها “فَوَيْلٌ لِلْمُصَلِّينَ * الَّذِينَ هُمْ عَن صَلَاتِهِمْ سَاهُونَ” (الماعون 4-5) فبدلًا من ان تكون رحمة، تكون ويلًا. وكما الصلاة كذلك سائر الواجبات التي قد يؤديها الإنسان بصورة آلية. فبدلًا من أن تكون رحمة، تكون ويلًا. وكما الصلاة كذلك سائر الواجبات التي قد يؤديها الإنسان بصورة آلية. ان جيش الكوفة بقيادة عمر بن سعد، أقام صلاة المغرب والعشاء ليلة عاشوراء، وكذلك صلاة صبح يوم العاشر من المحرم، ولكن أية صلاة كانت تلك؟ انها الصلاة التي يصدق عليها قوله تعالى: “فَوَيْلٌ لِلْمُصَلِّينَ” (الماعون 4). ويل لهذا الإنسان الذي يصلي بهذه الصلاة، التي هي شرك وتصدية ومكاء. أن صلاته بدل ان تكون معراجاً الى الله سبحانه وتعالى، فإنها تكون وزراً عليه. 
وعن الحج جوهرة الايمان يقول السيد المدرسي في كتابه: روي أن الحج أفضل من الصلاة والصيام، لان المصلي إنما يشتغل عن أهله ساعة، وأن الصائم يشتغل عن أهله بياض يوم، وان الحاج يشخص بدنه ويضحى نفسه وينفق ماله ويطيل الغيبة عن أهله لا في مال يرجوه ولا الى تجارة. ذلك ان الحاج يواجه في الحج تلك الصعوبات؛ في عرفات، وعند الجمرات، او في الطواف وقد يواجه هناك الموت من شدة الحر والزحام، فهو حاسر الرأس امام اشعة الشمس اللاهبة، وهو هناك ليس فقط لا يجوز له ان يزاحم أحد او يدفعه، بل حتى الجدال بالحق لا يجوز له “الْحَجُّ أَشْهُرٌ مَعْلُومَاتٌ فَمَن فَرَضَ فِيهِنَّ الْحَجَّ فَلا رَفَثَ وَلا فُسُوقَ وَلَا جِدَالَ فِي الْحَجِ” (البقرة 197) فهو لا يستطيع ان يقول لا والله، بلى والله. فهناك تسليم مطلق لله عز وجل. وهذا التسليم المطلق يربي في الإنسان جوهرة الايمان ويصقلها ويصبغ حياته صياغة ايمانية جديدة.
وعن خصائص الحج الاجتماعية يقول السيد محمد تقي المدرسي في كتابه الحج ضيافة الله: لقد جعل الله سبحانه الكعبة هدى ورحمة وبركة للامة الاسلامية جميعاً وفي كل منطقة من المناطق، حتى البعيدة منها. فالامة انما تعيش بالكعبة. لذلك يقول ربنا سبحانه وتعالى: “وَإِذْ بَوَّأْنَا لإِبْرَاهِيمَ مَكَانَ الْبَيْتِ” (الحج 26) أي قلنا لابراهيم يا ابراهيم هنا مكان البيت “أَن لَّا تُشْرِكْ بِي شَيْئاً” (الحج 26) من هذا نستفيد؛ ان هناك علاقة بين بيت الله الحرام، وبين التوحيد في المجتمعات. ثم قال ربنا عز وجل: “وَطَهِّرْ بَيْتِيَ لِلطَّآئِفِينَ وَالْقَآئِمِينَ وَالرُّكَعِ السُّجُودِ * وَأَذِّن فِي النَّاسِ بِالْحَجِّ يَأْتُوكَ رِجَالًا وَعَلَى كُلِّ ضَامِرٍ يَأْتِينَ مِن كُلِّ فَجٍّ عَمِيقٍ” (الحج 26-27) لقد جاء ابراهيم عليه السلام بزوجته هاجر وطفله الصغير اسماعيل، وتركهم في تلك الارض القاحلة بين الجبال بأمر الله سبحانه وتعالى، والذي امره ايضاً بأن يذهب الى اعلى جبل قُبيس ويدعو الناس للحج. وحينما قال إبراهيم: يا رب؛ لمن ادعو، فليس هناك احد في هذا الوادي، وبين هذه الجبال التي ليس فيها ماء ولا كلاء. جاءه الجواب: أن يا إبراهيم عليك الاداء وعلينا البلاغ. وهكذا صعد ابراهيم ذلك الصديق الى اعلى جبل قُبيس ونادى: أيها الناس؛ هلموا للحج .. وكما جاء في الحديث عن أبي عبد الله الامام الصادق عليه السلام قال:” لمّا أمر الله عز وجل ابراهيم واسماعيل عليهما السلام ببنيان البيت وتمّ بناؤه أمره أن يصعد ركناً ثم ينادي في الناس: ألا هلمّ الحج، فلو نادى هلمّوا الى الحج لم يحجّ إلّا من كان يومئذ إنسياً مخلوقاً، ولكن نادى هلمّ الحج، فلبّى الناس في اصلاب الرجال: لبيك داعي الله لبيك داعي الله، فمن لبّى عشراً حج عشراً، ومن لبّى خمساً حجّ خمساً، ومن لبّى أكثر فبعدد ذلك، ومن لبّى واحداً حج واحداً، ومن لم يلبّ لم يحج.

اترك تعليقاً