فيينا / الخميس 12 . 12 . 2024
وكالة السيمر الاخبارية
حامد كعيد الجبوري
القسم الأول
تعريف المثل :
للأمثال تعاريف كثيرة متقاربة ومنها أن المثل الشعبي أو العامي هو المثل الذي أطلقه عامة المجتمع ، وسار يتداولونه وفقا للظروف التي قيل فيها المثل ، وتعريفه لغة واصطلاحاً المَثَلُ : المِثْلُ، و المَثَلُ جملةٌ من القول مُقْتطفةٌ أَو مرسلةٌ بذاتها من قران كريم أو حديث نبوي شريف أو بيت شعر قالته العرب ، ممن وردت فيه إِلى مُشَابِهِه فعلا أو قولا ،والأمثال الشعبية هى فلسفة الشعوب تمثل تاريخها ومن خلال هذه الأمثال يمكننا أن نقيّم هذه الشعوب فهي تراث الماضي ومن ليس له ماض فليس له حاضر أو مستقبل .
ويوصف المثل الشعبي على أنه قول مأثور وعصارة حكمة الشعوب، ويعد المثل جملة محكمة البناء بليغة العبارة وشائعة الاستعمال ربما آية من القران الكريم أو بيت من الشعر أو حكمة سارت على لسان الناس كما قلنا اعلاه ، وغالباً ما تلخص قصة أو خبرة، ويحظى المثل بثقة الناس لأنه يهتدي في حل مشكلة قائمة بخبرة مكتسبة من حدث قديم .
ونجد أن الله سبحانه وتعالى أستعمل الأمثال في كتابه المجيد وهي للتذكير، والوعظ، والحث، والزجر ، ولتقريب المراد للعقل، ( وَيَضْرِبُ اللَّهُ الْأَمْثَالَ لِلنَّاسِ لَعَلَّهُمْ يَتَذَكَّرُونَ / إبراهيم ايه 25 ، وقال سبحانه وتعالى ( وَتِلْكَ الْأَمْثَالُ نَضْرِبُهَا لِلنَّاسِ وَمَا يَعْقِلُهَا إِلَّا الْعَالِمُونَ )العنكبوت 43 ، وأمثال القرآن الكريم من طرائقه البديعة ، وأدبه البالغ في إيصال المعاني في أقرب صورة، وألطفها، وأبلغها دلالة على المراد ، وأحصى علماء التفسير أكثر من 40 مثلا أوردها الخالق جلت عظمته للوعظ والتذكير ومنها ( كَيْفَ ضَرَبَ اللَّهُ مَثَلًا كَلِمَةً طَيِّبَةً كَشَجَرَةٍ طَيِّبَةٍ ) إبراهيم الآية: 24) ، ( وَمَثَلُ كَلِمَةٍ خَبِيثَةٍ) إبراهيم الآية:26)، و( ضَرَبَ اللَّهُ مَثَلًا عَبْدًا مَمْلُوكًا )النحل الآية 75) .
المثل في الحديث النبوي الشريف :
لا ندخل في التفاصيل التي قسمها الباحثون في أن المثل الذي يورده النبي أما لتقريب إيمان العبد لربه أو في ما يخص الرسول صلعم في ذاته أو الذات الإلهية ، ومثلا لذلك عن عبد الله بن مسعود قال: نام رسول الله صلى الله عليه وسلم على حصير، فقام وقد أثر في جنبه، قلنا: يا رسول الله، لو اتخذنا لك وطاء، فقال: (ما لي وللدنيا؟ ما أنا في الدنيا إلا كراكب استظل تحت شجرة ثم راح وتركها)، وقال رسول الله صلى الله عليه وأله وسلم: (مَثَلُ المؤمنين في توادِّهم وتراحمهم وتعاطفهم مثل الجسد إذا اشتكى منه عضو تداعى له سائر الجسد بالسهر والحمى) ، وقال ايضا (إنما مثل الجليس الصالح وجليس السوء كحامل المسك ونافخ الكير، فحامل المسك، إما أن يحذيك (يعطيك)، وإما أن تبتاع منه، وإما أن تجد منه ريحاً طيبة، ونافخ الكير (الحَدَّاد)، إما أن يحرق ثيابك، وإما أن تجد منه ريحاً منتنة) .
أمثال للإمام علي عليه السلام :
(الهم نصف الهرم)
(نعم طارد الهم اليقين)
(أعقل الناس أعذرهم للناس)
(بركة العمر حسن العمل)
( من قصر بالعمل ابتلي بالهم)
( لِن لمن غالظك فإنه يوشك أن يلين لك)
(أداء الأمانة مفتاح الرزق)
( لا مال لمن لا تدبير له)
( اثنان لا يشبعان: طالب علم وطالب مال)
( من أطال الأمل أساء العمل)
( من طلب الرياسة صبر على السياسة)
( لا رأي لمن لا يطاع)
( الإعجاب ضد الصواب وآفة الألباب)
( النقص ممن يدعي الكمال أشنع)
( ما غزي قوم في عقر دارهم إلا ذلوا )
وأخيرا وليس آخرا
( مَا عَدَا مِمَّا بَدَا؟)
أي ما مَنَعَك مما ظهر لك أولاً، قَالَه علي بن أبي طالب رض للزبير بن العوام يوم الجمل، يريد ما الذي صَرَفَك عما كنت عليه من البيعة، وهذا متصل بقوله: عرفتني بالحجاز، وأنكرتني بالعراق، فما عَدَا مما بَدَا؟
المثل في الشعر العربي :
يقول علي بن أبي طالب رض في الصبر:
فَإنْ تَسألني كَيفَ أنتَ فإنَّني / صَبورٌ عَلى رَيبِ الزَّمانِ صَليبُ
حَرِيْصٌ على أنْ لا يُرى بي كآبةٌ / فيَشمُتَ عادٍ أو يُساءَ حَبيبُ
ومن حكمه رض عنه في الدنيا والآخرة يقول
النَفسُ تُبكِي عَلى الدُّنيا وقَدْ عَلِمتْ / أنَّ السَّلامةَ فيها تَركُ ما فِيها
لا دَارَ للمَرءِ بَعدَ المَوتِ يَسْكُنهـا / إلَّا الَّتي كانَ قَبلَ الموتِ بَانِيها
فإنْ بَناها بخِيرٍ طَابَ مَسكنُـها / وإنْ بَناها بِشرٍّ خابَ بَانِيها
أينَ الملوكُ الَّتي كَانتْ مُسلطَــنةً / حتى سَقَاها بِكأسِ المَوتِ سَاقِيها
أمْوالُنا لذَوي المِيراثِ نَجمَعُها / ودُورُنا لخَرابِ الدَّهرِ نَبْنيها
كمْ مِن مدائنَ في الآفَاقِ قَدْ بُنيتْ / أمسَتْ خَراباً ودَانى المَوتُ دَانِيها
وله رض أيضاً:
لكلِّ نَفسٍ وإنْ كانتْ عَلى وَجــلٍ / مِنَ المَنِيَّةِ آمـــالٌ تُقوِّيهـــا
المَرءُ يَبسِطُها والدَّهرُ يَقبِضُهــا / والنَفسُ تَنشُرُها والمَوتُ يُطوِيها
و يقول أبو فراس الحمداني في الفداء:
دعـوتُـك للجَفـنِ القريحِ المُسَهَّـدِ / لـديَّ ولـلنَّومِ القـليـلِ المُـشــرَّدِ
ومـا ذاكَ بخْـلاً بـالحيـاةِ وإنَّـهـا / لأولُ مـبــذولٍ لأولِ مـُجـتـَــدِي
ولكنَّنـي أخـتـارُ مَـوْتَ بني أبي / على صَهَوَاتِ الخيـلِ غيرَ مُوسَّـــدِ
فما كلُّ مَنْ شاءَ المعالي ينالـُهَـا / ولا كـلُّ سـيَّارٍ إلى المَجْـدِ يَهْتـدي
وكتب من الأسر يقول:
أُسِرْتُ وما صَحْبي بعُزْلٍ لَدى الوَغى / ولا فَرَسي مُهرٌ ولا رَبُّهُ غُمْرُ
ولكنْ إذا حُمَّ القَضاءُ على امرئٍ / فليْسَ لَهُ بَرٌّ يَقيهِ ولا بَحْرُ
وقال أُصَيْحابي الفِرارُ أو الرَّدى / فقلتُ هما أمرانِ أحْلاهُما مُرُّ
ولكنّني أَمْضي لِما لا يَعيبُني/ وحَسْبُكَ من أَمْرَينِ خَيرُهما الأَسْر
وقال جبران خليل جبران:
وما السَّعادةُ في الدُّنيا سوِى شّبحٍ / يُرجى فإنْ صارَ جِسماً مِلهُ البَشرُ
كالنهرِ يرِكضُ نِحو السَّهلِ مُكتَدحاً / حتى إذا جَاءَهُ يُبطِي ويَعتَكِرُ
لمْ يَسعد النَاسُ إلا في تَشوُّقِهمْ / إلى المنيعِ فإنْ صاروا بِهِ فَتَروا
فإنْ لَقيتَ سَعيداً وهو مُنصَرفٌ / عن المنيعِ فقُل في خُلقهِ العِبرُ
ويقول أيضا عن الخير والشر:
الخيرُ في النَاسِ مَصنوعٌ إذا جُبِروا / والشَرُّ في النَاسِ لا يَفنى وإِنْ قُبِروا
وأكثرُ النَاسِ آلاتٌ تُحرِكُها / أصابِعُ الدَّهرِ يَوماً ثُمَّ تَنكسِرُ
فلا تَقولنَّ هذا عَالِمٌ علمٌ ولا تَقولنَّ ذاكَ السَيدُ الوَقرُ
فأفضَلُ النَاسِ قُطعانٌ يَسيرُ بها / صَوتُ الرُعاةِ ومَن لمْ يَمشِ يَندثرُ
وقال عن الموت:
والموتُ في الأرضِ لابنِ الأرضِ خَاتمةٌ / و للأثيرِيّ فَهوَ البِدءُ و الظَفرُ
فمَنْ يُعانِقُ في أحلامِهِ سِحراً / يَبقى ومَنْ نَامَ كلَّ اللَّيلِ يَندثِرُ
ومَنْ يُلازمْ ترباً حالَ يَقَظتِهِ / يُعانقُ التُّربَ حَتى تَخمدَ الزهرُ
فالموتُ كالبحرِ مَنْ خفَّت عَناصِرُهُ/ يَجتازُهُ و أخو الأثقالِ يَنحَدِرُ
و يقول أبو الطيب المتنبّي:
إذَا غَامرْتَ فِي شَرَفٍ مَّرُومِ / فَلا تَقنَعْ بمَا دُونَ النُّجومِ
فَطَعْمُ الموتِ فِي أَمرٍ حَقِيرٍ / كَطَعْمِ الموتِ فِي أَمرٍ عَظِيمِ
ويقول المتنبي عن طباع الناس:
وما قَتَلُ الأحرارِ كالعَفوِ عَنهمُ / ومَنْ لكَ بالحُرِّ الَّذي يَحفَظُ اليَدَا
إذا أنتَ أكْرَمتَ الكَريمَ مَلَكْتَهُ / وَإنْ أنْتَ أكْرَمتَ اللّئيمَ تَمَرّدَا
أمثال من شعر أبو العتاهية:
بَكيتُ عَلى الشَبابِ بِدَمعِ عَيني / فَلَم يُغنِ البُكاءُ وَلا النَحيبُ
فَيا أَسَفاً أَسِفتُ عَلى شَبابٍ / نَعاهُ الشَيبُ وَالرَأسُ الخَضيبُ
ويقول أيضا :
عَريتُ مِنَ الشَبابِ وَكانَ غَضَّاً / كَما يُعرى مِنَ الوَرقِ القَضيبُ
فَيا لَيتَ الشَبابَ يَعودُ يَوماً / فَأُخبِرُهُ بِما صَنَعَ المَشيبُ
ولأبي تمَّامْ:
نقِّلْ فُؤادكَ حَيثُ شِئتَ مِن الهَوى/ ما الحُبُّ إلا للحَبيبِ الأَولِ
كمْ منزل في الأرضِ يَألفهُ الفَتَى / وحَنينُه أبداً لأولِ منزلِ
ولأبي البقاء الرندي في رثاء الأندلس:
لكلِّ شَـيءٍ إِذا مـا تَمَّ نُقصانُ / فَـلا يُـغَرَّ بِـطِيبِ الْعَيْشِ إِنسانُ
هِـيَ الأمـورُ كَما شاهَدتها دُولٌ / مَـنْ سَـرَّهُ زَمـنٌ سَـاءَتْهُ أَزْمَانُ
وهَـذهِ الـدَّارُ لَا تُبْقِي عَلَى أَحَدٍ / ولا يَـدُومُ على حَالٍ لَهَا شَانُ
وهناك أبيات حفظتها الناس فصارت مثلا كما في قول معروف عبد الغني الرصافي الذي يقول
فما كتب التاريخ في كل ما روَت لقرَّائها إلا حديثٌ ملفَّقُ
نظرنا لأمر الحاضرين فرابَنا فكيف بأمر الغابرين نصدِّق؟!
نماذج من الامثال العربية :
إلى حتفي مَشَتْ قدمي.
اليوم خمر وغداً أمر.
تجري الرياح بما لا تشتهي السفن.
حنانيك بعض الشر أهون من بعض.
رُبَّ دهر بكيت منه فلما صرت في غيره بكيت عليه.
رُبَّ ملوم لا ذنب له.
قُتل رحمه الله” خير من “فر أخزاه الله”.
أخاك أخاك إن مَنْ لا أخاً له كَساعٍ إلى الهيجا بغير سلاح.
إذا بلغ الرأي المشورة فاستعن بحزم ناصح أو نصيحة حازم
إذا صدأ الرأي أصقلته المشورة
الرأي قبل شجاعة الشجعان
المستشير معان والمستشار مؤتمن
المستنير على طريق النجاح
بقدر الرأي تعتبر الرجال وبالآمال ينتظر المال
شاور لبيباً ولا تعصه
وافق شن طبقه
عاد بخفي حنين
في الصيف ضيعت اللبن
عند الصباح يحمد القوم السرى
*كاتب وشاعر
وفق حرية الرأي والنشر يتم نشر هذه المادة والجريدة غير مسؤولة عما ينشر فيها من مواد واخبار ومقالات