فيينا / الجمعة 03 . 01 . 2024
وكالة السيمر الاخبارية
د. فاضل حسن شريف
البراغماتي يساير آيات قرآنية التي تدعو الى العمل ولكن بشرط ان لا يؤدي الى فساد المجتمع والأرض. ونتيجة العمل وحصاده ليس فقط في الدنيا كما يروم اليه البرغماتي وانما كذلك في الدنيا والآخرة كما هو مذكور في القرآن الكريم. جاء في التفسير المبين للشيخ محمد جواد مغنية: قوله تعالى “وَقُلِ اعْمَلُوا فَسَيَرَى اللَّهُ عَمَلَكُمْ وَرَسُولُهُ وَالْمُؤْمِنُونَ ۖ وَسَتُرَدُّونَ إِلَىٰ عَالِمِ الْغَيْبِ وَالشَّهَادَةِ فَيُنَبِّئُكُم بِمَا كُنتُمْ تَعْمَلُونَ” ﴿التوبة 105﴾ ” وقُلِ اعْمَلُوا فَسَيَرَى اللَّهُ عَمَلَكُمْ ورَسُولُهُ والْمُؤْمِنُونَ “. ذكر هذه الآية محيي الدين بن العربي في الجزء الرابع من الفتوحات المكية، وشرحها بكلام هذا توضيحه وتلخيصه: ان معنى الرؤية يختلف باختلاف الرائي، فمعنى الرؤية من اللَّه للشيء ان يحيط به علما من جميع جهاته، ومعناها من الرسول صلى الله عليه وآله ان يعلم الشيء المرئي من وجهة الوحي الذي نزل عليه، ومعناها من المؤمن العارف أن يعلمه بقدر ما علم وفهم من الوحي المنزل على الرسول صلى الله عليه وآله. وعلى هذا فمن عمل للَّه فان اللَّه يعلم حقيقة عمله، ويرضى عنه، والرسول يعلم أيضا أن هذا العمل مرضي عند اللَّه، والمؤمن العارف أيضا يعلم أنه مرضي عند الرسول، والنتيجة الحتمية لذلك ان من يعمل صالحا فهو مرضي عند اللَّه والرسول والمؤمنين.
جاء في موقع موضوع عن البراغماتية في الإسلام للكاتبة أماني قنديل: البرغماتية والواقع الملموس البراغماتية هي فلسفة لا تنظر إلا للدنيا، وإلى الواقع المادي الملموس، أما الإسلام فقد نبّه لضرورة الإيمان باليوم الآخر، ولم يغفل الحياة الدنيا التي هي مجال عمل وإعمار وإصلاح، وقد سخر الله كل ما فيها من كائنات لإرادة الإنسان لتحقيق معنى الخلافة في الأرض. والإسلام دين شامل، ومن شموليّته النظر إلى مصالح الناس في الدنيا وفي الآخرة، أفراداً وجماعات، وقد نظّم الإسلام العلاقات النفعية المتبادلة بين الناس دون أن يعتدي أيّ شخص على أحد، أو جهة على أخرى، ولا نجد هذا في فلسفة البراغماتية. واهتم الإسلام أيضاً بالنتائج، فقد أمرتنا آيات القرآن الكريم بالنظر إلى نتائج أعمال الكافرين الذين لم يقبلوا دعوة الإسلام، فهذه النظرة المتزنة تعطي أهمية للحياة الدنيا والحياة الآخرة، ومنزلة الإنسان في الآخرة مبنية على ما قدّم في الحياة الدنيا. التعريف بالبراغماتية البراغماتية مصطلح يوناني مشتق من براجما ويعني العمل، وهو توجه وتيّار فلسفي يدعو إلى أن حقيقة كل المفاهيم لا تثبت إلا عند التجربة العملية، وهي كذلك فلسفة معاكسة لما عُرف قديماً بأن الفلسفة تبدأ بالتصورات، وبالقدر التي تصدق فيه هذه التصورات تكون النتائج، أما فلسفة البراغماتية فتقول: إن الواقع والتجربة يفرض على الإنسانية معنى الحقيقة، ولا يوجد هناك حقيقة تفرض نفسها على الواقع. وجيمس مطوّر مفهوم البراغماتية، ومؤلف كتاب البراغماتيّة، والذي نظّر فيه إلى أن البراغماتية لا تعتقد بوجود حقيقة مثل الأشياء المستقلة عنها، فالحقيقة في فلسفة البراغماتية هي مجرد منهج وطريقة للتفكير، مثلما أن الخير مثلاً هو منهج للعمل، فيمكن لفكرة نعتبرها اليوم حقيقة أن تصبح خطأ في الغد، فالثوابت التي طالما كانت حقائق لقرون وسنوات ماضية ليست حقائق مطلقة، بل يمكن القول بخطئها. ويمكن تلخيص أهم الاتجاهات لهذه الفلسفة في أنها توجه عقول الناس إلى العمل دون النظر، بمعنى أن يذهب العقل نحو التفكير في النتائج والغايات بدلاً من التفكير في المبادئ والأوليات، وترى البراغماتية أن المعارف هي أداة للعمل المنتج، وأنه للتحقق من صدق الأفكار يجب قياس مدى قدرتها على إثبات نفسها، وبالتالي يصبح المعيار هو قياس منفعة الأفكار، وليس للتصورات وحكم العقل أي دور مهم. ظهور البراغماتية ومنظّريها بدأ ظهور البراغماتية أو ما تعرف بالفلسفة العلمية في الولايات المتحدة الأمريكية، في أواخر القرن التاسع عشر الميلادي وبدايات القرن العشرين، حيث كان أول من استخدم مصطلح البراغماتية كمصطلح فلسفي هو تشارلس بيرس، وهو أحد ثلاثة من المفكّرين والفلاسفة الذين ساهموا بوضعها فن الولايات المتحدة، ووليم جيمس، وجون ديوي.
جاء في تفسير مجمع البيان للشيخ الطبرسي: قوله تعالى “وَقُلِ اعْمَلُوا فَسَيَرَى اللَّهُ عَمَلَكُمْ وَرَسُولُهُ وَالْمُؤْمِنُونَ ۖ وَسَتُرَدُّونَ إِلَىٰ عَالِمِ الْغَيْبِ وَالشَّهَادَةِ فَيُنَبِّئُكُم بِمَا كُنتُمْ تَعْمَلُونَ” ﴿التوبة 105﴾ هذا أمر من الله سبحانه لنبيه أن يقول للمكلفين: اعملوا ما أمركم الله به، عمل من يعلم أنه مجازى على فعله، فإن الله سيرى عملكم، وإنما أدخل سين الاستقبال، لأن ما لم يحدث لا يتعلق به الرؤية، فكأنه قال: كل ما تعملونه يراه الله تعالى. وقيل: أراد بالرؤية هاهنا العلم الذي هو المعرفة، ولذلك عداه إلى مفعول واحد، أي: يعلم الله تعالى ذلك فيجازيكم عليه، ويراه رسوله أي: يعلمه فيشهد لكم بذلك عند الله تعالى، ويراه المؤمنون: قيل: أراد بالمؤمنين الشهداء. وقيل: أراد بهم الملائكة الذين هم الحفظة الذين يكتبون الأعمال. وروى أصحابنا: إن أعمال الأمة تعرض على النبي صلى الله عليه وآله وسلم، في كل اثنين وخميس، فيعرفها، وكذلك تعرض على أئمة الهدى عليهم السلام فيعرفونها، وهم المعنيون بقوله: “والمؤمنون” وإنما قال “سيرى الله” مع أنه سبحانه عالم بالأشياء قبل وجودها، لأن المراد بذلك أنه سيعلمها موجودة بعد أن علمها معدومة، وكونه عالما بأنها ستوجد، هو كونه عالما بوجودها إذا وجدت، لا يتجدد حال له بذلك “وستردون إلى عالم الغيب والشهادة” أي: سترجعون إلى الله الذي يعلم السر، والعلانية. “فينبئكم” أي: يخبركم “بما كنتم تعملون”، ويجازيكم عليه.
وعن مفهوم الانتظار عند سماحة الشيخ جلال الدين الصغير امام جامع براثا: (فالإسلام دين العمل والجدية في التعاطي مع شأن هداية الناس، وحينما يتم تحديد القضية المهدوية بعنوانها البرنامج الخاص بعملية الهداية الربانية ضمن خط الإمامة، فإن ما يجب علينا أن نفهمه أن هذه القضية يتنافى العمل من أجلها مع سلوكيات التهاون و الاتكال والتكاسل، بل إن من يريد أن يرتبط بها عليه أن يبرز دوماً جدية في التواصل مع أهدافها). قال الله تعالى “وَقُلِ ٱعْمَلُواْ فَسَيَرَى ٱللَّهُ عَمَلَكُمْ وَرَسُولُهُۥ وَٱلْمُؤْمِنُونَ” (التوبة 105). والكسل صفة المنافق الذي ينتظر الامام المهدي عجل الله فرجه ولم يعمل بما يتطلبه الانتظار من تهيئة “إِنَّ الْمُنَافِقِينَ يُخَادِعُونَ اللَّهَ وَهُوَ خَادِعُهُمْ وَإِذَا قَامُوا إِلَى الصَّلَاةِ قَامُوا كُسَالَى” (النساء 142). والكسل عن التهيئة نوع من الفسق”قُلْ أَنْفِقُوا طَوْعًا أَوْ كَرْهًا لَنْ يُتَقَبَّلَ مِنْكُمْ إِنَّكُمْ كُنْتُمْ قَوْمًا فَاسِقِينَ * وَمَا مَنَعَهُمْ أَنْ تُقْبَلَ مِنْهُمْ نَفَقَاتُهُمْ إِلَّا أَنَّهُمْ كَفَرُوا بِاللَّهِ وَبِرَسُولِهِ وَلَا يَأْتُونَ الصَّلَاةَ إِلَّا وَهُمْ كُسَالَى وَلَا يُنْفِقُونَ إِلَّا وَهُمْ كَارِهُونَ” (التوبة 53-54) فالتهيئة للقضية المهدوية تتطلب الانفاق بدون اكراه.
عن موسوعة السبيل: البراغماتية للدكتورة ربى الحسني: نشوء البراغماتية: كانت الخطوة الأولى مع الفيلسوف الأمريكي تشارلز بيرس، الذي اهتم بدراسة نظرية النشوء و التطور الداروينية، ودور المصادفة في نشأة الكون، وهو أول من صاغ اصطلاح البراغماتية في مقالة نشرت عام 1878 بعنوان “كيف نوضح أفكارنا”، ووضع فيها أساس فلسفة البراغماتية، محدثاً انقلاباً على كل ما سبق من نظريات فلسفية. اعتمد بيرس في مقاله على ما ذكره الفيلسوف البريطاني هربرت سبنسر من أن معظم معتقدات الإنسان التي يؤمن بها ليست لها صور حسية يستطيع أن يردها إليها، فالحرية مثلاً لا يمكن للذهن أن يجد لها صوراً أو شكلاً ذهنياً نستطيع أن نوضحها به. وبعبارة أخرى لا معنى لهذا الاصطلاح في حياتنا التي نحياها، وعلى هذا نستطيع أن نوفر على أنفسنا عناء البحث في وجود هذه الأشياء. وإذا لم يكن لهذه المصطلحات صور وأشكال ذهنية فإننا نستطيع أن نزعم باطمئنان كما يرى سبنسر أن هذه المصطلحات ليس لها وجود ذاتي مستقل في الكون، فهي حديث خرافة يمكن إلقاؤه في سلة المهملات، أما المصطلحات التي لها معنى أو تصل بنا إلى أشياء وحقائق نشاهدها في حياتنا اليومية فلها مدلولات حقيقية أو معنى حقيقي، حتى وإن كنا لا نستطيع أن نجد لها صوراً وأشكالاً ذهنية عندنا. وضرب مثالاً لذلك بالكهرباء، فهي لا تمتلك شكلاً يمكن لعقولنا أن تتخيله، ومع ذلك فمدلولها له وجود ذاتي مستقل وواضح في نظام الكون، والدليل آثارها وعملها في الحياة اليومية. فانطلق بيرس من هذه المقولة ليجعلها مبدأ يتسع ليشمل جميع المصطلحات التي ليس لها صور حسية في أذهاننا، وبهذا وضع الأساس لفلسفة البراغماتية. يرى بيرس أن معنى أي اصطلاح أو فكرة ليس لهما صورة حسية هو في أثر الاصطلاح أو الفكرة على حواسنا. فنحن نعيش في عالم مادي ونفسي، ولا يكون للأشياء وجود حقيقي إلا إذا أدت إلى تغيير ما في عالمنا ونتجت عنه آثار واضحة نلمسها ونحس بها ونشاهدها. ويقول إنه لا يمكن التدليل على الموجودات بالمنطق أو بالقضايا العقلية، بل بالآثار الحسية. والواقع أن كثيراً من الألفاظ والكلمات التي لها حظ من الصور المحسوسة ما هي إلا دلائل للعمل، أو اتجاهات إلى النشاط، وقد ننسى صورها أو أشكالها ولا يبقى منها شيء إلا قدرتها على التوجيه العملي في الحياة.
وفق حرية الرأي والنشر يتم نشر هذه المادة والجريدة غير مسؤولة عما ينشر فيها من مواد واخبار ومقالات