الرئيسية / مقالات / التخصيم وأهميته الاقتصادية للمشروعات الصغيرة والمتوسطة

التخصيم وأهميته الاقتصادية للمشروعات الصغيرة والمتوسطة

فيينا / الأثنين 20 . 01 . 2024

وكالة السيمر الاخبارية

د . عادل عامر/ مصر

عملت شركات خاصة في مصر مؤخرا على التوسع في تقديم نشاط “التخصيم” لتوفير التمويل اللازم للشركات الصغيرة والمتوسطة، في مسعى من جانبها لزيادة…تلك النظام المالي لتمويل المشروعات الصغيرة ومتناهية الصغر شهدت أدوات التمويل غير المصرفية تطوراً كبيراً على المستوى المحلى فى الآونة الأخيرة، أن عملية التخصيم ليست قرضا، وإنما عملية شراء للديون بمبلغ يقل عن قيمتها، وبالتالي يقوم المشروع بتحصيل الأموال من الخاصم على أن يقوم هو بدوره بتحصيل الأموال من المدين الأصلي. أن الجدارة الائتمانية للمشروع ليست ذات أهمية بالنسبة لشركات التخصيم، إنما موقف المدفوعات أو الجدارة الائتمانية للمدين.

وذلك إيماناً بدورها الكبير فى تحقيق طفرات اقتصادية والمشاركة بقوة فى عملية التنمية الاقتصادية التى تتبناها الدولة حالياً، ودورها كذلك فى توفير سيولة نقدية كبيرة لدعم المشروعات سواء كانت كبيرة أو متوسطة من خلال البورصة، أو صغيرة من خلال شركات التمويل متناهية الصغر، وهو ما يدعم تحقيق معدلات النمو الطموحة التى تستهدفها الدولة، كما يمتد دور مؤسسات التمويل غير المصرفية إلى توفير سكن مناسب للمواطنين من خلال شركات التمويل العقارى. إن نشاط التخصيم يُعد إحدى آليات توفير رأس المال العامل للشركات، خاصة الصغيرة والمتوسطة، التى تمكنها من عمل دورات إنتاجية جديدة من خلال توفير السيولة اللازمة، وهو ما يساهم فى زيادة إنتاجية الشركات ونمو حجم أعمالها خلال فترة قصيرة، كما أنه يعمل على ترسيخ مفهوم الشمول المالى.

وأثبتت أدوات التمويل غير المصرفية من أسواق المال والتأجير التمويلى والتخصيم والتمويل العقارى والسندات وغيرها، قدرتها الهائلة وفاعليتها فى تمويل معدلات النمو على مستوى العالم، وذلك من خلال دعم كافة المشروعات الموجودة باقتصاديات هذه الدول بمختلف أحجامها. إن هناك حالتين تقوم شركة التخصيم باتباعهما عند تقديم الخدمة، وهما التخصيم بشرط الرجوع، وتقوم شركة التخصيم فيه بدراسة الحالة الائتمانية للشركة التى سيتم تحصيل ثمن المنتج أو الخدمة التى قدمها المُنتِج، وفى حالة الشك فى مدى قدرة هذه الشركة بدفع المديونية، تضيف شركة التخصيم بند حق الرجوع فى العقد مع المُنتِج لإمكانية العودة إليه فى حالة تعثر استحقاق المديونية؛ وعلى العكس فى الحالة الأخرى، التى تُدعى بالتخصيم بعدم الرجوع، والتى عادة ما تقدم مع الشركات ذات الملاءة المالية المرتفعة مثل الشركات الكبرى التى من المؤكد أنها ستفى بالتزاماتها وتدفع مديونيتها. وبتطبيق ذلك على عمليات التصدير،

ويُعد «التخصيم» أحد أبرز الحلول المالية المبتكرة القادرة على دعم معدلات النمو وجذب الاستثمار والمساهمة فى تمويل المشروعات وزيادة حركة رأس المال العامل، حيث تجاوز حجم النشاط عالمياً 2 تريليون يورو، ويمثل فى العديد من الدول الأوروبية نحو 10% من إجمالى الناتج القومى، ومحلياً تصنف سوق التخصيم بأنها الأعلى نمواً على مستوى العالم، وذلك رغم عدم انتشارها بشكل كبير حتى الآن، ولكنها تمتلك فرصاً واعدة فى ظل خطط الدولة الطموحة لتحقيق معدلات نمو هائلة يمكن أن يسهم التخصيم فى تمويلها.

تمثل المشروعات الصغيرة والمتوسطة الركيزة الأساسية للتنمية الاقتصادية لأي دولة سواء متقدمة أو نامية؛ نظرًا إلى أهمية الدور الذي تلعبه في الاقتصاد. ولذلك تشكل ما نسبته 95% من إجمالي المشروعات في العالم، إذ تسهم في تحقيق عدة ميزات اقتصادية، منها: مكافحة البطالة، وتعزيز معدل نمو الناتج المحلي الإجمالي/ وزيادة حجم الصادرات، وتحسين القوة التنافسية، وزيادة النشاط الاقتصادي.

وتلعب المشاريع الصغيرة والمتوسطة في مصر دورًا كبيرًا في تحقيق التنمية الاقتصادية والاجتماعية، ولذلك ركزت الدولة جهودها في دعم المشروعات الصغيرة والمتوسطة على الرغم من تداعيات الأزمات العالمية على الاقتصاد المصري وأوجه إنفاق الموازنة العامة للدولة. تولي الدولة المصرية أهمية كبيرة للمشروعات المتوسطة والصغيرة ومتناهية الصغر؛ كونها إحدى الركائز الأساسية في تحقيق التنمية الاقتصادية والاجتماعية، حيث عملت على دعم ريادة الأعمال وإطلاق مبادرات تهدف لتوفير الدعم المالي، وتقديم الخدمات التسويقية واللوجستية والتكنولوجية لهذه المشروعات، وتدريب وتأهيل الكوادر البشرية، بالإضافة إلى ترسيخ ثقافة العمل الحر، وسن التشريعات اللازمة لتذليل العقبات التي تواجه هذا القطاع. بما يسهم في تحقيق العديد من المميزات وفي مقدمتها الحد من البطالة وتغذية الصناعات الكبرى وتوفير متطلباتها، وتحسين القوة التنافسية للمنتج المصري، وزيادة حجم الصادرات، وتوفير العملة الأجنبية والحد من فاتورة الاستيراد،

تعدد كيانات الدولة الداعمة للمشروعات المتوسطة والصغيرة ومتناهية الصغر وعلى رأسها جهاز المشروعات المتوسطة والصغيرة ومتناهية الصغر، والذي أتاح قروضًا بنحو 40.1 مليار جنيه للمشروعات الصغيرة ومتناهية الصغر حتى مايو 2022، مما وفر 2.6 مليون فرصة عمل، ووفر منحًا بقيمة 2.8 مليار جنيه لمشروعات البنية الأساسية والتنمية المجتمعية أتاحت 32.7 مليون يومية عمل.

أطلق البنك المركزي مبادرة 7% للتمويل متوسط وطويل الأجل حتى 10 سنوات لشراء آلات ومعدات وخطوط إنتاج للشركات والمنشآت المتوسطة العاملة في القطاع الصناعي، والزراعي والطاقة الجديدة والمتجددة وبحد أقصى 20 مليون جنيه للعميل الواحد، فضلًا عن مبادرة 8% المشروعات المتوسطة والكبرى لتمويل الشركات العاملة في كل من القطاع الخاص الصناعي والزراعي والمقاولات وغيرها والتي يبلغ حجم إيراداتها السنوي 50 مليون جنيه فأكثر.

  • مع التداعيات الكبيرة التي أحدثتها الأزمة الروسية الأوكرانية على الاقتصادي العالمي واقتصاديات الدول الناشئة وعلى رأسها مصر من زيادة ارتفاع نسبة التضخم وزيادة نسبة الركود، شرعت وزارة المالية المصرية في طرح مبادرة جديدة في يناير 2023 لدعم القطاعات الإنتاجية بفائدة مخفضة قدرها 11 % تستهدف بشكل أساسي المشروعات الصناعية والزراعية والتي تتضمن المشروعات الصغيرة والمتوسطة.
  • لعب جهاز تنمية المشروعات المتوسطة والصغيرة ومتناهية الصغر دورًا ملموسًا في تحسين بيئة العمل ودعم ريادة الأعمال حتى نهاية مايو 2022، مشيراً إلى نظام الشباك الواحد الذي تم خلاله إصدار 107.4 ألف رخصة نهائية، و109.8 ألف رقم قومي للمنشأة، بالإضافة إلى إصدار 19.1 ألف سجل تجاري و29.4 ألف ملف للتأمينات الاجتماعية، و57.1 ألف بطاقة ضريبية.

أن نشاط التخصيم يهدف لتسريع وتيرة النشاط الاقتصادى خاصة بالنسبة للمشروعات الصغيرة والمتوسطة، حيث تقوم شركات التخصيم بسداد الفواتير المستحقة على عملاء الشركات العميلة لها، والتى غالبا يستغرق تحصيلها عدة شهور، على أن تخصم بعد ذلك هذه الفاتورة من الشركة المدينة، وذلك نظير رسوم بسيطة حددها القانون الذى صدر الشهر الماضى منظما لنشاطى التأجير التمويلى والتخصيم. عملت شركات خاصة في مصر مؤخرا على التوسع في تقديم نشاط “التخصيم” لتوفير التمويل اللازم للشركات الصغيرة والمتوسطة، في مسعى من جانبها لزيادة سرعة دوران عجلة الإنتاج في البلاد. ويقدّر عدد المشروعات المتوسطة والصغيرة والمتناهية الصغر في مصر بنحو 2.5 مليون منشأة، وتوظف ما نسبته 75% من إجمالي القوى العاملة في البلاد، وفقا لبيانات رسمية. ويقصد بالتخصيم: اتفاق الشركة مع بائعي السلع ومقدمي الخدمات على شراء الحقوق المالية الحالية والمستقبلية التي تنشأ عن بيع السلع وتقديم الخدمات إلى الشركة مع قيامها بتقديم بعض الخدمات المرتبطة بإدارة تلك الحقوق.

فإن التخصيم يتميز بضمان التدفق النقدي والتمويل الذي يحتاجه المشروع التجاري، دون الحاجة إلى الانتظار حتى تاريخ استحقاق الفواتير لتحصيل القيمة بنسبة سيولة تصل إلى 80% من قيمة الحقوق المالية للبائع.

وتتميز عملية التخصيم بالمرونة، حيث إن الشركة التي تريد أن تخصم ديونها ليست مجبرة أن تخصم جميع مستحقاتها لدى الغير، وإنما لديها المرونة الكافية لخصم الديون اللازمة فقط لإتاحة التمويل المطلوب لاستمرار نشاطها دون توقف

إن تلك الشركات حققت تعاملات مع أوراق تجارية مشتراة وحسابات مدينة بقيمة 4.9 مليارات جنيه (279.4 مليون دولار) خلال 2017، مقابل 4 مليارات جنيه (226 مليون دولار) في 2016؛ مما يعني أن النشاط حقق نموا قدره 21.2%.

* دكتور القانون العام والاقتصاد الدولي

وفق حرية الرأي والنشر يتم نشر هذه المادة والجريدة غير مسؤولة عما ينشر فيها من مواد واخبار ومقالات

اترك تعليقاً