فيينا / الأحد 16 . 11 . 03 . 2025
وكالة السيمر الاخبارية
آلاء الخالدي*
البصرة، المدينة التي #تحتضن أغنى حقول النفط والغاز في العراق، #تقيم كل عام احتفالات رمضانية تُكرّس طابعًا ثقافيًا ودينيًا، مثل “بازار قرقيعان” وعروض الأزياء التي تُنظّم تحت شعار الاحتفاء بمناسبات دينية كالولادة الطاهرة للإمام الحسن المجتبى (عليه السلام). ومع كل هذه الفعاليات، يبقى السؤال عن جوهر هذه الاحتفالات: هل هي تعبير عن الفرح الروحي المرتبط بشهر رمضان، أم هي محاولة لتحويل الأنظار عن القضايا الجوهرية التي تعيشها المدينة؟ في هذا الشهر الكريم الذي يُفترض أن يكون #وقتًا للتقرب من الله والتأمل في #القيم الروحية والأخلاقية، تُقدّم هذه الاحتفالات شكلاً من الترفيه غير المتناسب مع أجواء رمضان، حيث تُركّز الأنظار على عروض الأزياء، #والأنشطة_الاستهلاكية التي تفتقر إلى العلاقة العميقة بمفاهيم الصوم والعبادة. يبدو وكأنها محاولة لإعادة تشكيل الهوية البصرية للبصرة بعيدًا عن قيمها الروحية والاجتماعية الأصلية، وتحويل البصريين إلى مستهلكين في احتفالات لا تمس جوهر شهر رمضان. وبينما تُنظم هذه الفعاليات، تبقى المعاناة الحقيقية للمجتمع البصري غائبة عن الأضواء. فالبصرة، رغم ما تحتفظ به من ثروات هائلة من النفط والغاز، تعيش أزمة صحية وبيئية خانقة، حيث التلوث الناجم عن هذه الثروات يهدد حياة المواطنين. لا تقتصر معاناة سكان المدينة على البيئة الملوثة، بل تمتد إلى الأمراض المستعصية مثل السرطان، والعجز الكلوي والتهابات الرئة المزمنة، بينما تبقى الخدمات الأساسية من ماء وكهرباء ومدارس وبنى تحتية غير متوفرة ناهيك عن معاناة الأقضية والنواحي كما يجب. وفيما يزداد الفقر وتنتشر البطالة، تظل هذه #الثروات_تُستنزف لمصلحة قلة من المتنفذين في الداخل والخارج، دون أن يلمس المواطن البصري أي تحسن حقيقي في حياته. في هذا السياق، تثير هذه الفعاليات الرمضانية تساؤلات حول دورها في تشتيت الوعي الجمعي. فبينما يُفترض أن يكون رمضان فرصة للتقرب إلى الله وتذكير الناس بالقيم الروحية والأخلاقية، تُعرض على المجتمع أنشطة استهلاكية تلهيهم عن معاناتهم الحقيقية. هل هذه الاحتفالات تُمثل محاولة لطمس الهوية الثقافية للبصرة، وتحويل التركيز عن القضايا التي تمس حياتهم اليومية؟ هل تُستخدم هذه المناسبات كأداة لإشغال المجتمع البصري عن حقوقه المسلوبة وأوضاعه المعيشية المتردية؟ إن هذه الفعاليات التي تُقدّم على أنها جزء من احتفالات رمضانية أو تقاليد ثقافية، قد تكون #وسيلة لإعادة تشكيل #العقلية الجماعية بعيدًا عن جوهر شهر رمضان وقيمه. بدلًا من أن تُستخدم هذه المناسبات كفرصة لتحفيز الوعي المجتمعي حول قضايا البيئة والحقوق، تُصبح مجرد أداة استهلاكية تساهم في تعزيز الفجوة بين الواقع المُعاش في البصرة والأهداف العليا لهذا الشهر الكريم. في وقتٍ يحتاج فيه المجتمع البصري إلى إشراكه في الحوار حول الثروات المنهوبة، والحقوق المسلوبة، يأتي هذا التحول الثقافي ليطرح سؤالًا جوهريًا: هل أصبحنا نشهد محاولات ممنهجة لإبعاد المجتمع عن معاناته الحقيقية، وتغييب الوعي بأزمات تتعلق بهوية المكان وحقوق المواطنين؟…
*اعلامية عراقية
وفق حرية الرأي والنشر يتم نشر هذه المادة والجريدة غير مسؤولة عما ينشر فيها من مواد واخبار ومقالات