السيمر / فيينا / الخميس 25 . 06 . 2020 — دعا كل من الأمين العام للأمم المتحدة، أنطونيو غوتيريش، والمنسق الخاص لعملية السلام في الشرق الأوسط، نيكولاي ملادينوف، الحكومة الإسرائيلية إلى التخلي عن خططها لضمّ أجزاء من الضفة الغربية، بوصفها أمرا يشكل انتهاكا خطيرا للقانون الدولي.
جاء ذلك خلال إحاطة افتراضية على مستوى وزاري قدمها نيكولاي ملادينوف أمام مجلس الأمن حول الوضع في الشرق الأوسط بما فيها القضية الفلسطينية. وحضر الاجتماع، الأمين العام للأمم المتحدة، والذي قال في بداية اللقاء: “أخاطبكم اليوم بإحساس عميق بالقلق إزاء الوضع المتطور في إسرائيل وفلسطين. نحن أمام لحظة مفصلية“.
وأشار رئيس المنظمة الدولية إلى أن تلويح إسرائيل بضم أجزاء من الضفة الغربية أثار مخاوف الفلسطينيين والعديد من الإسرائيليين والمجتمع الدولي بأسره. وقال: “إذا تم تنفيذ ذلك، فإن الضمّ يشكل انتهاكا خطيرا للقانون الدولي، ويضرّ بشدة باحتمال حل الدولتين ويقوّض إمكانات تجديد المفاوضات“.
وردّت القيادة الفلسطينية على التهديدات الإسرائيلية من خلال اعتبار نفسها في حلّ من جميع الاتفاقات الثنائية مع إسرائيل والولايات المتحدة، كما رفضت استلام العوائد الضريبية من إسرائيل، مما يُفقد السلطة الفلسطينية 80% من إيراداتها الشهرية.
وتابع الأمين العام يقول: “إن زيادة الهشاشة الاقتصادية نتيجة لجائحة كوفيد-19، وانخفاض دعم المانحين والقرار الفلسطيني الأخير بالتوقف عن قبول عائدات المقاصة التي تجمعها إسرائيل بالنيابة عن السلطة الفلسطينية يزيد من خطر معاناة الشعب الفلسطيني“.
وكان الأمين العام قد أكد في كلمة ألقاها في شباط/فبراير، التزامه الكامل بمواصلة دعم الفلسطينيين والإسرائيليين لحل النزاع وإنهاء الاحتلال، بما يتماشى مع القانون الدولي وقرارات الأمم المتحدة ذات الصلة والاتفاقات الثنائية، بهدف تحقيق رؤية حل الدولتين – إسرائيل، ودولة فلسطينية مستقلة ديمقراطية، متصلة، وذات سيادة وقابلة للحياة – تعيشان جنبا إلى جنب بسلام وأمن ضمن حدود آمنة ومعترف بها، وقائمة على حدود ما قبل 1967، مع القدس عاصمة للدولتين.
وأضاف: “سأواصل التحدث باستمرار ضد أي خطوات أحادية من شأنها أن تقوّض السلام وفرص حل الصراع الإسرائيلي-الفلسطيني عبر مفاوضات ذات مغزى“، وحثّ القادة الإسرائيليين والفلسطينيين على الالتزام بالحوار الهادف بدعم من المجتمع الدولي: “أدعو زملائي أعضاء اللجنة الرباعية للشرق الأوسط إلى الاضطلاع بدور الوساطة ضمن تفويضنا، وإيجاد إطار يتفق عليه الطرفان لإعادة الجانبان إلى الانخراط معنا ومع دول رئيسية أخرى، دون شروط مسبقة“.
ملادينوف يحذر: “النافذة تضيق”
وفي إحاطته أمام مجلس الأمن، قال نيكولاي ملادينوف إن المداولات بشأن الخطط الإسرائيلية أدت إلى وصول الصراع طويل الأمد إلى منعطف حرج. وأضاف: “يمكن للضم أن يغيّر بشكل لا رجعة فيه طبيعة العلاقات الإسرائيلية الفلسطينية. وهي تخاطر بأكثر من ربع قرن من الجهود الدولية لدعم دولة فلسطينية قابلة للحياة في المستقبل تعيش بأمن وسلام واعتراف متبادل مع دولة إسرائيل“، مشيرا إلى أن التهديد بضم أجزاء من الضفة الغربية من جانب واحد سيرسل رسالة واحدة مفادها بأنه لا يمكن للمفاوضات الثنائية أن تحقق السلام العادل. وقال: “لا يجب أن نسمح لذلك بأن يحدث. لا خير يمكن أن ينبثق عن انهيار الحوار والتواصل. يجب منح الدبلوماسية فرصة“.
ودعا ملادينوف أعضاء مجلس الأمن إلى الانضمام لدعوة الأمين العام وإعادة الانخراط الفوري، ودون شروط، مع اللجنة الرباعية – الولايات المتحدة، روسيا، الاتحاد الأوروبي، والأمم المتحدة – والقيادة الفلسطينية وإسرائيل ودول المنطقة لإيجاد مخرج للأزمة الراهنة.
وأوضح ملادينوف أن هذه الرؤية القاتمة ليست أمرا واقعا بعد، “النافذة تضيق، ولكن لا يزال هناك وقت لتجنب الفوضى. وسوف يتطلب ذلك بذل جهودا متضافرة من قبل الأطراف المعنية والإرادة لتحمل المخاطر السياسية لتحقيق السلام“.
وأضاف ملادينوف أن الصراع امتاز بفترات من العنف الشديد، لكن لم يسبق أن كان خطر التصعيد مصحوبا بأفق سياسي بعيد جدا ووضع اقتصادي هش للغاية، ومنطقة شديدة التقلّب.
تقرير ملادينوف حول تنفيذ قرار 2334
وقدّم ملادينوف في إحاطته التقرير الرابع عشر (بين 21 آذار/مارس إلى 4 حزيران/يونيو 2020) عن تنفيذ قرار مجلس الأمن 2334 (2016) والذي يعيد التأكيد على أن إنشاء إسرائيل للمستوطنات الإسرائيلية في الأرض الفلسطينية المحتلة منذ عام 1967 ليس له أي شرعية قانونية، ويطالبها بالتوقف عن جميع الأنشطة الاستيطانية.
انضممت اليوم الى #الإتحاد_الأوروبي و #روسيا و #الصين و #اليابان و #الأردن للتعبير عن دعمنا للشعب ال #فلسطين|ي. رسالتي كانت بسيطة: لا تبتعدوا عن طريق اللاعنف؛ لا تفقدوا الأمل في دولة فلسطينية تعيش جنباً الى جنب وبسلام مع #اسرائيل.
— نيكولاي ملادينوف (@nmladenov_ar) June 22, 2020
وقال ملادينوف حول التطورات على الأرض، إن فلسطينيا واحدا قُتل وأصيب 44 بجراح، من بينهم 6 أطفال، خلال مظاهرات واشتباكات وعنف مرتبط بالمستوطنين، وعمليات أمنية وغيرها من الحوادث في الأرض الفلسطينية المحتلة، من بينهم خمسة أصيبوا برصاص حي. وأصيب ثلاثة إسرائيليين بالحجارة على حافلة تسافر في الضفة الغربية. وهدمت إسرائيل 45 مبنى بحجة غياب تصاريح البناء في منطقة “ج” والقدس الشرقية، وتسبب ذلك بتشريد 28 شخصا وتضرر 250 شخصا.
وفي 15 حزيران/يونيو، أطلق صاروخ من غزة باتجاه إسرائيل وسقط في أرض مفتوحة ولم يتسبب بأي أضرار، وردّا على ذلك شنت إسرائيل هجمات استهدفت أهداف تابعة لحماس في القطاع.
قلق عربي من خطط الضم
من جانبه، حذر الأمين العام لجامعة العربية، محمد أبو الغيط، من أن الخطوة الإسرائيلية المحتملة ستؤثر على الاستقرار الإقليمي وتحمل تداعيات أوسع على الأمن العالمي. وأضاف: “توسعت الأنشطة الاستيطانية الإسرائيلية، وترسخ الاحتلال، وتم تعليق المفاوضات المتعثرة أكثر من مرة… ويطغى اليأس على المزاج والمشهد الفلسطيني. رغم هذه الانتكاسات، يبقى حل الدولتين النموذج الوحيد المقبول من قبل الطرفين واعتمده المجتمع الدولي“.
ودعا أبو الغيط مجلس الأمن إلى “ممارسة نفوذه” على إسرائيل لكي تمتنع عن اتخاذ أي تدابير أحادية من شأنها أن تزيد التوترات وتعرّض الاستقرار للخطر والسلام في الشرق الأوسط.
من جانبه، أكد نور الدين الري، وزير الشؤون الخارجية التونسية، أن مخطط الضم يمثل انتهاكا جسيما للقانون الدولي واستهتارا بالقرارات الأممية. وقال: “تدعو تونس مجددا المجتمع الدولي إلى تحمّل مسؤولياته في هذه المرحلة الحاسمة من خلال التصدي لهذا المخطط ومنع تنفيذه باعتبار ذلك أولوية ملحة من أجل حماية القانون الدولي وإرادة السلام ومنع انزلاق المنطقة نحو دوامة جديدة من العنف والانفلات“.
وطالب المسؤول التونسي مجلس الأمن حمل إسرائيل على إنهاء الاحتلال والانسحاب من كافة الأراضي الفلسطينية والعربية إلى حدود الرابع من حزيران/يونيو 1967 وفق جدول زمني محدد. وإعادة إطلاق مسار تحقيق السلام العادل والشامل وفق المرجعيات الدولية المتفق عليها، وتوفير الحماية الدولية للشعب الفلسطيني وإنهاء الحصار المفروض على غزة.
مبادرة الرئيس ترمب
وتحدثت ممثلة الولايات المتحدة لدى الأمم المتحدة، كيلي كرافت، وقالت إن الوضع القائم يضر بالطرفين، الإسرائيلي والفلسطيني، ولن يستفيد أحد منه.
وقالت: “خصص فريقنا ثلاثة أعوام لإيجاد طريق للمضي قدما بعد فشل المحاولات السابقة في إيجاد مسار نحو السلام وتسوية النزاع“.
وأضافت أن رؤية الرئيس الأميركي دونالد ترمب للسلام “هي جهد حقيقي لصنع السلام” وتم تصميمها لتقود الطرفين نحو حل دولتين واقعي ويقدم مسارا حيويا لدولة فلسطينية، مؤكدة أن الجهود الماضية لم تجلب السلام، رغم صرف أموال طائلة وعقد مؤتمرات كثيرة وتمرير قرارات وإصدار بيانات حول القضية، على حدّ تعبيرها.
ودعت مجلس الأمن إلى تحميل القيادة الفلسطينية المسؤولية على ممارساتها، مشيرة إلى أن العودة إلى الوراء لا تساعد أحدا، ودعت القيادة الفلسطينية إلى تحمل مسؤولية تحقيق الازدهار لشعبها.
المالكي: يجب فرض عقوبات على إسرائيل
وتحدث وزير الخارجية الفلسطينية، رياض المالكي، عن التزام المجتمع الدولي بحكم القانون الدولي والتوافق الدولي لإيجاد حل عادل لقضية فلسطين.
وقال: “يجب على إسرائيل أن تعلم أن الضم يحمل تداعيات فورية وملموسة. ولهذا الأمر دعونا المجتمع الدولي إلى تنبي إجراءات فعّالة، من بينها فرض العقوبات، لردع الضم وغيرها من السياسات غير القانونية“.
وأوضح أن الضم سيؤثر على علاقات إسرائيل مع فلسطين والمنطقة، مشيرا إلى ضرورة أن تهدف المفاوضات الجادة إلى إنهاء الاحتلال لتحقيق السلام، وليس إطالة أمد الاحتلال.
دانون: إسرائيل “توسع سيادتها”
وألقى المندوب الإسرائيلي لدى الأمم المتحدة، داني دانون، آخر كلمة أمام مجلس الأمن أثنى فيها على مبادرة الرئيس الأميركي للسلام ووصفها بحجر الزاوية المهم للمنطقة. وقال: “نتوقع من المجتمع الدولي أن يوضح للفلسطينيين أن رفضهم في الانخراط لا يصب في مصلحتهم“.
وفيما يتعلق بخطط الضم، قال دانون إن “رابطا وثيقا ولا يمكن إنكاره موجود بين الشعب اليهودي وأرضه التاريخية منذ ثلاثة آلاف سنة” وأضاف: “إذا قررت إسرائيل توسيع سيادتها ستفعل ذلك في مناطق هي مرتبطة بها أصلا بشكل تاريخي وقانوني وشرعي“.
وانتقد دانون من أعربوا عن رفضهم “توسيع سيادة إسرائيل في مناطقها” مشيرا إلى أنهم يتبنون رواية فلسطينية مزيّفة بدلا من تقييم الحقائق التاريخية والقانونية على حد وصفه.
اعلام الامم المتحدة / النشرة السريعة