السيمر / الاثنين 01 . 08 . 2016
معمر حبار / الجزائر
أصحاب الجريمة.. أسمع صباح اليوم للمقرئ محمد الصديق المنشاوي، وهو يقرأ سورة الفيل، فاستوقفني قوله تعالى ” أَلَمْ تَرَ كَيْفَ فَعَلَ رَبُّكَ بِأَصْحَابِ الْفِيلِ”، الفيل – الآية 1.
فقلت.. الخطاب جاء بلسان الجمع ” أَصْحَابِ الْفِيلِ “، وليس بصيغة المفرد ” صاحب الفيل “..
فهدم الكعبة كغيره من جرائم ترتكب، لا يتحمله شخص واحد، بل كل من ساهم في الجرم .. كالسكوت، وإصدار الفتوى، والتبرير، وتثبيط عزيمة كل مقاوم ، والاستقواء بالأجنبي، والاستهزاء بمن يرد العدوان بما يستطيع ويملك.
فهؤلاء كلهم من أصحاب الفيل، لا يختلفون في شيء عن أبرهة، وغيره ممن يقود ويحمل جرائم أبرهة.
فحق للمرء أن يعلن أنه يوجد أصحاب الجريمة، وليس صاحب الجريمة، لأن المجرم عادة يرتكب جريمته وهو يستند على دعم فكري ومادي.
سخاء فرعون.. ” فَلَمَّا جَاءَ السَّحَرَةُ قَالُوا لِفِرْعَوْنَ أَئِنَّ لَنَا لَأَجْرًا إِن كُنَّا نَحْنُ الْغَالِبِينَ “، الشعراء – الآية 41.
فأجابهم فرعون: ” قَالَ نَعَمْ وَإِنَّكُمْ إِذًا لَّمِنَ الْمُقَرَّبِينَ “، الشعراء – الآية 42.
لم يكتفي بالمال بل أضاف لرجاله المنزلة والقربى. أفيكون فرعون أكرم منا، وأكثر منا سخاء.
إلا نحن.. مغرب هذا اليوم ونحن نقرأ الراتب، نمر على قوله تعالى: ” وَقَالُوا لَن يَدْخُلَ الْجَنَّةَ إِلَّا مَن كَانَ هُودًا أَوْ نَصَارَىٰ تِلْكَ أَمَانِيُّهُمْ قُلْ هَاتُوا بُرْهَانَكُمْ إِن كُنتُمْ صَادِقِينَ “، البقرة – الآية 111.
أقول.. العربي والمسلم الذي يرى نفسه أنه الأحق بمنزلة الفرقة الناجية ويمنعها غيره. ويرمي غيره من المسلمين بالنار وبئس القرار، لايختلف في شيء عن الذين سبقوه بقولهم: ” .. لَن يَدْخُلَ الْجَنَّةَ إِلَّا مَن كَانَ هُودًا أَوْ نَصَارَىٰ..”
قِبْلَتِهِمُ كَانُوا عَلَيْهَا.. بمناسبة ذكرى تحويل القبلة، قرأ الإمام قوله تعالى: ” سَيَقُولُ السُّفَهَاءُ مِنَ النَّاسِ مَا وَلَّاهُمْ عَن قِبْلَتِهِمُ الَّتِي كَانُوا عَلَيْهَا قُل لِّلَّهِ الْمَشْرِقُ وَالْمَغْرِبُ يَهْدِي مَن يَشَاءُ إِلَىٰ صِرَاطٍ مُّسْتَقِيمٍ “، البقرة – الآية 142.
أقول.. بعض سفهاء أمتي لم يقولوا شيئا، بل إتّجهوا مباشرة إلى العمل، واتّخذوا من واشنطن، وموسكو، ولندن، وباريس، ” قِبْلَتِهِمُ كَانُوا عَلَيْهَا ”
غاية العلم.. أقرأ سورة العلق. تبدأ بقوله تعالى ” اقْرَأْ بِاسْمِ رَبِّكَ الَّذِي خَلَقَ “، العلق – الآية 1. وتنتهي بقوله تعالى ” كَلَّا لَا تُطِعْهُ وَاسْجُدْ وَاقْتَرِب”، العلق – الآية 19.
فغاية العلم الإمعان في التذلل لرب العالمين، وطلب القرب منه.
الأمن والطعام.. وأنا عائد من مرسى بن مهيدي بالحدود الجزائرية المغربية، أشتري شريطا للمقرىء محمد الصديق المنشاوي بإحدى محطات الاستراحة.
أسمعه يقرأ قوله تعالى “وَإِذْ قَالَ إِبْرَاهِيمُ رَبِّ اجْعَلْ هَٰذَا الْبَلَدَ آمِنًا وَاجْنُبْنِي وَبَنِيَّ أَن نَّعْبُدَ الْأَصْنَامَ”، ابراهيم – الآية 35.
وبسرعة إستحضرت قوله تعالى “الَّذِي أَطْعَمَهُم مِّن جُوعٍ وَآمَنَهُم مِّنْ خَوْفٍ”، قريش – الآية 4. فكان هذا السؤال..
لماذا في الحالة الأولى تم تقديم الأمن على الثمرات والطعام؟. ولماذا في الحالة الثانية تم تقديم الطعام على الأمن؟.
المنبع الصافي .. سيّدنا موسى عليه السلام تربى في قصر فرعون.
وسيّدنا يوسف عليه السلام تربى في قصر الملك.
وبقي كل منهما على دينه، ولم يبدلا ولم يغيرا.
المنبع الصافي الأصيل لا تغيره القصور.
لا تسعى للسلطان .. ” وَقَالَ الْمَلِكُ ائْتُونِي بِهِ أَسْتَخْلِصْهُ لِنَفْسِي.. “، يوسف – الآية 54
لا تسعى للسلطان فتذل. وكن من الذين يدعوهم السلطان، وأنت العزيز الكريم.
عمل ورزق.. قرأ الإمام في صلاة العشاء قوله تعلى ” وَهُزِّي إِلَيْكِ بِجِذْعِ النَّخْلَةِ تُسَاقِطْ عَلَيْكِ رُطَبًا جَنِيًّا “، مريم – الآية 25.
فاستحضرت مباشرة قوله تعالى ” فَتَقَبَّلَهَا رَبُّهَا بِقَبُولٍ حَسَنٍ وَأَنبَتَهَا نَبَاتًا حَسَنًا وَكَفَّلَهَا زَكَرِيَّا كُلَّمَا دَخَلَ عَلَيْهَا زَكَرِيَّا الْمِحْرَابَ وَجَدَ عِندَهَا رِزْقًا قَالَ يَا مَرْيَمُ أَنَّىٰ لَكِ هَٰذَا قَالَتْ هُوَ مِنْ عِندِ اللَّهِ إِنَّ اللَّهَ يَرْزُقُ مَن يَشَاءُ بِغَيْرِ حِسَابٍ “، آل عمران – الآية 37
فتساءلت.. حين كانت سيّدتنا مريم عليها السلام حامل في شهرها التاسع، وما يعني ذلك من ضعف وعجز، طلب منها ربنا أن تقوم بعمل ولو رمزي يتمثل في هز النخلة.
بينما حين كانت في ريعان شبابها، وبين قومها، وتحت كفالة سيّدنا زكريا، كان الرزق يأتيها دون أن يطلب منها أن تقوم بأدنى سبب من أسباب الرزق.
إذن، لماذا طلب من المرأة وهي حامل في شهرها التاسع، أن تقوم بعمل وهو هزّ النخلة ؟. ولم يطلب منها وهي في كامل قواها وتحت الرعاية الكاملة، أن تقوم بأدنى عمل ولو رمزي؟.