فيينا / الأربعاء 28 . 02 . 2024
وكالة السيمر الاخبارية
د. فاضل حسن شريف
جاء في موقع اسلام ويب عن حكمة الأرقام في القرآن الكريم: لا شك أن الله سبحانه وتعالى من أسمائه الحكيم، وأن أقواله وأفعاله وخلقه وتدبيره لا يصدر كل ذلك إلا عن علم وحكمة، لذلك قرن الله تعالى بين هذين الاسمين في القرآن الكريم: “وَكَانَ اللَّهُ عَلِيماً حَكِيماً”، وقوله: “إِنَّ اللَّهَ عَلِيمٌ حَكِيمٌ”. فقد يتكرر رقم معين في عدة مواضع في القرآن والسنة، ولا شك أن وراء ذلك حكمة، ولكن لاشك أنه لا يمكن الجزم بأن هذا الشيء المعين.
عن تفسير الميسر: قال الله تعالى عن ألف في القرآن الكريم “وَلَتَجِدَنَّهُمْ أَحْرَصَ النَّاسِ عَلَىٰ حَيَاةٍ وَمِنَ الَّذِينَ أَشْرَكُوا ۚ يَوَدُّ أَحَدُهُمْ لَوْ يُعَمَّرُ أَلْفَ سَنَةٍ وَمَا هُوَ بِمُزَحْزِحِهِ مِنَ الْعَذَابِ أَن يُعَمَّرَ ۗ وَاللَّهُ بَصِيرٌ بِمَا يَعْمَلُونَ” ﴿البقرة 96﴾ ألف اسم. ولتعلمَنَّ أيها الرسول أن اليهود أشد الناس رغبة في طول الحياة أيًّا كانت هذه الحياة من الذلَّة والمهانة، بل تزيد رغبتهم في طول الحياة على رغبات المشركين. يتمنى اليهودي أن يعيش ألف سنة، ولا يُبْعده هذا العمر الطويل إن حصل من عذاب الله. والله تعالى لا يخفى عليه شيء من أعمالهم وسيجازيهم عليها بما يستحقون من العذاب. قوله عز وجل “الْآنَ خَفَّفَ اللَّهُ عَنكُمْ وَعَلِمَ أَنَّ فِيكُمْ ضَعْفًا ۚ فَإِن يَكُن مِّنكُم مِّائَةٌ صَابِرَةٌ يَغْلِبُوا مِائَتَيْنِ ۚ وَإِن يَكُن مِّنكُمْ أَلْفٌ يَغْلِبُوا أَلْفَيْنِ بِإِذْنِ اللَّهِ ۗ وَاللَّهُ مَعَ الصَّابِرِينَ” ﴿الأنفال 66﴾ ألفين اسم. الآن خفف الله عنكم أيها المؤمنون لما فيكم من الضعف، فإن يكن منكم مائة صابرة يغلبوا مائتين من الكافرين، وإن يكن منكم ألف يغلبوا ألفين منهم بإذن الله تعالى. والله مع الصابرين بتأييده ونصره. قوله سبحانه “وَلَقَدْ أَرْسَلْنَا نُوحًا إِلَىٰ قَوْمِهِ فَلَبِثَ فِيهِمْ أَلْفَ سَنَةٍ إِلَّا خَمْسِينَ عَامًا فَأَخَذَهُمُ الطُّوفَانُ وَهُمْ ظَالِمُونَ” ﴿العنكبوت 14﴾ وَهُمْ ظَالِمُونَ: مشركون. ولقد أرسلنا نوحًا إلى قومه فمكث فيهم ألف سنة إلا خمسين عامًا، يدعوهم إلى التوحيد وينهاهم عن الشرك، فلم يستجيبوا له، فأهلكهم الله بالطوفان، وهم ظالمون لأنفسهم بكفرهم وطغيانهم. قوله عز وعلا “يُدَبِّرُ الْأَمْرَ مِنَ السَّمَاءِ إِلَى الْأَرْضِ ثُمَّ يَعْرُجُ إِلَيْهِ فِي يَوْمٍ كَانَ مِقْدَارُهُ أَلْفَ سَنَةٍ مِّمَّا تَعُدُّونَ” ﴿السجدة 5﴾ يدبر الله تعالى أَمْر المخلوقات من السماء إلى الأرض، ثم يصعد ذلك الأمر والتدبير إلى الله في يوم مقداره ألف سنة من أيام الدنيا التي تعدُّونها. قوله عز من قائل “وَأَرْسَلْنَاهُ إِلَىٰ مِائَةِ أَلْفٍ أَوْ يَزِيدُونَ” ﴿الصافات 147﴾ وأرسلناه إلى مائة ألف من قومه بل يزيدون، فصدَّقوا وعملوا بما جاء به، فمتعناهم بحياتهم إلى وقت بلوغ آجالهم.
جاء في صيد الفوائد عن عبد الرحمن بن عبد الله السحيم: جاء تحديد قدر اليوم من أيام الله بألف سنة في حساب الناس، كما في قوله تعالى: “وَإِنَّ يَوْمًا عِنْدَ رَبِّكَ كَأَلْفِ سَنَةٍ مِمَّا تَعُدُّونَ”. وجاء في آية ثانية: “يُدَبِّرُ الأَمْرَ مِنَ السَّمَاءِ إِلَى الأَرْضِ ثُمَّ يَعْرُجُ إِلَيْهِ فِي يَوْمٍ كَانَ مِقْدَارُهُ أَلْفَ سَنَةٍ مِمَّا تَعُدُّونَ”. وفي آية أخرى: “تَعْرُجُ الْمَلائِكَةُ وَالرُّوحُ إِلَيْهِ فِي يَوْمٍ كَانَ مِقْدَارُهُ خَمْسِينَ أَلْفَ سَنَةٍ”. قال ابن عباس ومجاهد: يعني من الأيام التي خلق الله فيها السماوات والأرض. وقال عكرمة: يعني من أيام الآخرة، أعلمهم الله إذ استعجلوه بالعذاب في أيام قصيرة أنه يأتيهم به في أيام طويلة. قال الفرّاء: هذا وعيد لهم بامتداد عذابهم في الآخرة، أي يوم من أيام عذابهم في الآخرة ألف سنة. وقيل: المعنى: وإن يوماً في الخوف والشدة في الآخرة كألف سنة من سِنِيّ الدنيا فيها خوف وشدة، وكذلك يوم النعيم قياسا. وقال ابن جُزي في قوله تعالى: “وَإِنَّ يَوْمًا عِنْدَ رَبِّكَ كَأَلْفِ سَنَةٍ مِمَّا تَعُدُّونَ”: المعنى أن يوما من أيام الآخرة مقداره ألف سنة من أعوام الدنيا ولذلك قال صلى الله عليه وسلم: ” يدخل الفقراء الجنة قبل الأغنياء بنصف يوم، وذلك خمسمائة سنة “. وقيل: المعنى: إن يوما واحدا من أيام العذاب كألف سنة لطول العذاب، فإن أيام البؤس طويلة وإن كانت في الحقيقة قصيرة. وفي كل واحد من الوجهين تهديد للذين استعجلوا العذاب، إلا أن الأول أرجح، لأن الألف سنة فيه حقيقة. وقيل: إن اليوم المذكور في الآية هو يوم من الأيام الستة التي خلق الله فيها السماوات والأرض. وقال الشيخ الشنقيطي رحمه الله في دفع إيهام الاضطراب: قوله تعالى: “وَإِنَّ يَوْماً عِنْدَ رَبِّكَ كَأَلْفِ سَنَةٍ مِمَّا تَعُدُّونَ”. هذه الآية الكريمة تدل على أن مقدار اليوم عند الله ألف سنة، وكذلك قوله تعالى: “يُدَبِّرُ الأَمْرَ مِنَ السَّمَاءِ إِلَى الأَرْضِ ثُمَّ يَعْرُجُ إِلَيْهِ فِي يَوْمٍ كَانَ مِقْدَارُهُ أَلْفَ سَنَةٍ مِمَّا تَعُدُّونَ”. وقد جاءت آية أخرى تدل على خلاف ذلك، وهي قوله تعالى في سورة سأل سائل: “تَعْرُجُ الْمَلائِكَةُ وَالرُّوحُ إِلَيْهِ فِي يَوْمٍ كَانَ مِقْدَارُهُ خَمْسِينَ أَلْفَ سَنَة” الآية. وللجمع بينهما وجهان: الوجه الأول: هو ما أخرجه ابن أبي حاتم من طريق سماك عن عكرمة عن ابن عباس من أن يوم الألف في سورة الحج هو أحد الأيام الستة التي خلق الله فيها السماوات والأرض، ويوم الألف في سورة السجدة هو مقدار سير الأمر وعُرُوجه إليه تعالى. ويوم الخمسين ألفاً هو يوم القيامة. الوجه الثاني: أن المراد بجميعها يوم القيامة وأن الاختلاف باعتبار حال المؤمن والكافر ؛ ويدل لهذا قوله تعالى: “فَذَلِكَ يَوْمَئِذٍ يَوْمٌ عَسِيرٌ عَلَى الْكَافِرِينَ غَيْرُ يَسِيرٍ” ذكر هذين الوجهين صاحب الإتقان.
جاء في تفسير مجمع البيان للشيخ الطبرسي: قوله جل جلاله “لَيْلَةُ الْقَدْرِ خَيْرٌ مِّنْ أَلْفِ شَهْرٍ” ﴿القدر 3﴾ أي قيام ليلة القدر والعمل فيها خير من قيام ألف شهر ليس فيه ليلة القدر وصيامه عن مقاتل وقتادة وذلك أن الأوقات إنما يفضل بعضها على بعض بما يكون فيها من الخير من النفع فلما جعل الله الخير الكثير في ليلة القدر كانت خيرا من ألف شهر لا يكون فيها من الخير والبركة ما يكون في هذه الليلة. ذكر عطاء عن ابن عباس قال ذكر لرسول الله صلى الله عليه وآله وسلّم رجل من بني إسرائيل أنه حمل السلاح على عاتقه في سبيل الله تعالى ألف شهر فعجب من ذلك رسول الله صلى الله عليه وآله وسلّم عجبا شديدا وتمنى أن يكون ذلك في أمته فقال يا رب جعلت أمتي أقصر الناس أعمارا وأقلها أعمالا فأعطاه الله ليلة القدر وقال ليلة القدر خير من ألف شهر الذي حمل الإسرائيلي السلاح في سبيل الله لك ولأمتك من بعدك إلى يوم القيامة في كل رمضان. قوله عز من قائل “وَأَرْسَلْنَاهُ إِلَىٰ مِائَةِ أَلْفٍ أَوْ يَزِيدُونَ” ﴿الصافات 147﴾ قيل إن الله سبحانه أرسله إلى أهل نينوى من أرض الموصل عن قتادة وكانت رسالته هذه بعد ما نبذه الحوت عن ابن عباس فعلى هذا يجوز أن يكون أرسل إلى قوم بعد قوم ويجوز أن يكون أرسل إلى الأولين بشريعة ف آمنوا بها وقيل في معنى أومن قوله “أو يزيدون” وجوه (أحدها) أنه على طريق الإبهام على المخاطبين كأنه قال أرسلناه إلى إحدى العدتين (وثانيها) أن أو تخيير كان الرائي خير بين أن يقول هم مائة ألف أو يزيدون عن سيبويه والمعنى أنهم كانوا عددا لو نظر إليهم الناظر لقال هم مائة ألف أو يزيدون (وثالثها) أن أو بمعنى الواو كأنه قال ويزيدون عن بعض الكوفيين وقال بعضهم معناه بل يزيدون وهذان القولان الأخيران غير مرضيين عند المحققين. وأجود الأقوال الثاني. واختلف في الزيادة على مائة ألف كم هي فقيل عشرون ألفا عن ابن عباس ومقاتل وقيل بضع وثلاثون ألفا عن الحسن والربيع وقيل سبعون ألفا. قوله جل جلاله “وَيَسْتَعْجِلُونَكَ بِالْعَذَابِ وَلَن يُخْلِفَ اللَّهُ وَعْدَهُ ۚ وَإِنَّ يَوْمًا عِندَ رَبِّكَ كَأَلْفِ سَنَةٍ مِّمَّا تَعُدُّونَ” ﴿الحج 47﴾ اختلف في معناه على وجوه أحدها: إن يوما من أيام الآخرة، يكون كألف سنة من أيام الدنيا، عن ابن عباس ومجاهد وعكرمة وابن زيد. وفي رواية أخرى عن ابن عباس أنه أراد: أن يوما من الأيام التي خلق الله فيها السماوات والأرض، كألف سنة، ويدل عليه ما روي أن الفقراء يدخلون الجنة قبل الأغنياء بنصف يوم خمسمائة عام. ويكون المعنى على هذا: أنهم يستعجلون العذاب، وأن يوما من أيام عذابهم في الآخرة كألف سنة وثانيها: إن المعنى وإن يوما عند ربك، وألف سنة في قدرته، واحد، فلا فرق بين وقوع ما يستعجلون به من العذاب، وبين تأخره في القدرة. إلا أنه سبحانه تفضل بالإمهال إذ لا يفوته شئ، عن الزجاج، وهو معنى قول ابن عباس في رواية عطا. وثالثها: إن يوما واحدا كألف سنة في مقدار العذاب لشدته وعظمته، كمقدار عذاب ألف سنة من أيام الدنيا على الحقيقة، وكذلك نعيم الجنة، لأنه يكون في مقدار يوم من أيام الجنة من النعيم والسرور، مثل ما يكون في ألف سنة من أيام الدنيا، لو بقي منعم فيها، ثم الكافر يستعجل ذلك العذاب لجهله.
عن الأمثل في تفسير كتاب الله المنزل للشيخ ناصر مكارم الشيرازي: قوله سبحانه “إِذْ تَسْتَغِيثُونَ رَبَّكُمْ فَاسْتَجَابَ لَكُمْ أَنِّي مُمِدُّكُم بِأَلْفٍ مِّنَ الْمَلَائِكَةِ مُرْدِفِينَ” ﴿الأنفال 9﴾ وكلمة “مردفين” من (الإِرداف) بمعنى اتّخاذ محل خلف الشيء، فيكون مفهومها أنّ الملائكة كانت تتابع بعضها بعضاً في النّزول لنصرة المسلمين. واحتمل معنى آخر في الآية، وهو أنّ مجموعة الألف من الملائكة كانت تتبعها مجموعات أُخرى، ليتطابق هذا المعنى والآية (124) من سورة آل عمران، والتي تقول عن لسان النّبي صلى الله عليه وآله وسلم: “إذ تقول للمؤمنين ألنْ يكفيكم أن يمدكم ربّكم بثلاثةِ آلاف من الملائكة منزلين”. إلاّ أنّ الظاهر أنّ عدد الملائكة في بدر هو الألف، وكلمة مردفين صفة هذا الألف. وآية سورة آل عمران كانت وعداً للمسلمين في أنزال ملائكة أكثر لنصرة المسلمين إذا ما اقتضى الأمر. قوله عز وعلا “أَلَمْ تَرَ إِلَى الَّذِينَ خَرَجُوا مِن دِيَارِهِمْ وَهُمْ أُلُوفٌ حَذَرَ الْمَوْتِ فَقَالَ لَهُمُ اللَّهُ مُوتُوا ثُمَّ أَحْيَاهُمْ ۚ إِنَّ اللَّهَ لَذُو فَضْلٍ عَلَى النَّاسِ وَلَـٰكِنَّ أَكْثَرَ النَّاسِ لَا يَشْكُرُونَ” ﴿البقرة 243﴾ ورغم أنّ الآية أعلاه لا تشير إلى عدد خاص واكتفت بكلمة “اُلوف” ولكنّ الوارد في الروايات أنّ عددهم كان عشرة آلاف، وذكرت روايات اُخرى أنّهم كانوا سبعين ألف أو ثمانين ألف. قوله سبحانه وتعالى “وَلَتَجِدَنَّهُمْ أَحْرَصَ النَّاسِ عَلَىٰ حَيَاةٍ وَمِنَ الَّذِينَ أَشْرَكُوا ۚ يَوَدُّ أَحَدُهُمْ لَوْ يُعَمَّرُ أَلْفَ سَنَةٍ وَمَا هُوَ بِمُزَحْزِحِهِ مِنَ الْعَذَابِ أَن يُعَمَّرَ ۗ وَاللَّهُ بَصِيرٌ بِمَا يَعْمَلُونَ” ﴿البقرة 96﴾ لجمع مزيد من متاع الدنيا، أو خوفاً من عقاب الآخرة! لكن هذا العمر الذي يتمناه كل واحد منهم لا يبعده عن العذاب، ولا يغيّر من مصيره شيئاً.