السيمر / الأربعاء 31 . 08 . 2016 — بالرغم من التراجع الكبير في العراق على عدة اصعدة، وخصوصا الاقتصادية منها عقب الازمة وشبه انهيار أسعار النفط، مع الفساد المستشري الكبير، الا ان بعض المؤسسات تمكنت من ان تحقق شيء من النجاح والتوسع، مستغلة الظروف الحالية الاجتماعية منها والسياسية في العراق، لتحقق الربح والنمو.
ففي البلاد، تختفي اللمسة البنكية في التعاملات اليومية الحياتية، بين المواطنين ذاتهم او الشركات، ليغلب بدلا عنها استخدام المال بشكل مباشر ويدويا، فالخدمات البنية المعتادة التي أصبحت سمة في عالم الاقتصاد اليوم، ما زالت غير متوفرة في العراق.
ما يقل عن 11% من مجموع سكان العراق، يمتلكون حسابات بنكية رسمية متاحة للتبادلات الاقتصادية التي يمكن ان ترتقي الى معايير عالمية، مما يجعل من شبه المستحيل ان يتم انشاء نظام بنكي حقيقي في العراق، قادر على ان يتابع العمليات الاقتصادية الدولية، ويوفر لها الخدمات المطلوبة.
حقيقة أخرى تقف بوجه الجهد الذي يمكن ان يحقق تغيير فعلي، هو الإجراءات او القيود المفروضة على البنوك العراقية دوليا، والتي فرضتها مؤسسات عالمية اقتصادية، في محاولة منها للحد من تناقل الأموال، التي تمول الإرهاب وتسهل عملياته.
المشاكل النفطية والأزمات الاقتصادية، ساهمت هي الأخرى في تخريب القطاع البنكي العراقي الى مستوى أمسي يوصف معه بانه “جحيم” للبنكيين.
الإسلامية..
من منطلق معرفة واقع المجتمع العراقي وتوجهاته، وكون البنوك الاعتيادية العاملة هي غير فاعلة في العراق، بسبب طبيعة المجتمع التي ترى فيها نوعا من التحريم الديني، انطلقت البنوك النفطية مستغلة المجتمع العراقي لتحقق الازدهار.
هذه البنوك التي لا تمتلك فرصة للقتال ضد البنوك النمطية لما تقدمه الأخرى من تسهيلات، وجدت في العراق ملاذا امنا لها، حوله الى نعيم لنموها، خصوصا بعد سلسلة الإجراءات التي أتت ضمن الإصلاحات الحكومية العراقية، والتي بدأت بدعم البنوك الإسلامية على حساب النموذجية، لترى في النهاية نفسها، مستحوذة على القطاع البنكي العراقي بالكامل، حيث المتضرر هو العميل فقط.
الإجراءات الحكومية الجديدة، وضعت معايير موحدة للبنوك الإسلامية، تضمن لها الاستمرار في العمل، في الوقت الذي حرصت فيه، على ان تنشأ اول بنك إسلامي رسمي تابع للحكومة، يشرف عليه البنك المركزي العراقي في عمله.
في النهاية، فان وجود ما يزيد عن 36 بنك نموذجي في العراق، متدني المستوى بسبب ما ذكر، منح هذه البنوك الإسلامية القدرة على ان تنجوا وتزدهر في العراق حتى ضمن الظروف الاقتصادية الصعبة، السبب المعزى الى الثقة غير الضرورية الممنوحة من العراقيين لهذه البنوك، على الرغم من قلة الميزات التي تمنحها هذه البنوك مقارنة بغيرها.
أحد تلك البنوك التي نجحت في تحقيق أرضية ثابتة لها في العراق، هو بنك “ايلاف” الإسلامي، ذو الــ 14 عاما من سنه، والذي تمكن من تحقيق أرباح تفوق الثلث خلال العام الماضي، شركاء اخرين له نجحوا في الصمود، مثل بنك جيهان والبنك الإسلامي الوطني.
البنوك الإسلامية حققت نجاح كبير في عديد من البلدان، وفي العراق، اعتماد النظام الإسلامي سمح للبنوك بممارسة النشاط التجاري بشكل أوسع، وساهمت في توسعة وتطوير الاقتصاد المحلي، أيوب العربي، المدير التنفيذي لبنك ايلاف الإسلامي.
راس المال..
حسب البيانات التي يملكها البنك المركزي العراقي، فان البنوك الإسلامية في العراق، تمتلك حاليا ما يقارب نسبته الــ 1.5% من مجموع رؤوس الأموال العراقية البنكية، بمبلغ يقدر بــ “3 تريليون دينار” او ما يقارب بالدولار مبلغ 2.55 مليار، النسبة التي يتوقع لها النمو الى نحو الــ 6% إذا ما استمر العراق باتباع النظام البنكي الإسلامي، ليستحوذ بذلك على القطاع بشكل كبير، تاركا البنوك الأساسية بلا عمل.
بالرغم من كل السيطرة التي تحظى بها البنوك الإسلامية والدعم الحكومي والسياسي من القادة والمسؤولين، الا انها ما زالت في خطوات بدائية جدا لتتمكن من الاستحواذ على السوق، كما أكد ذلك المحلل الاقتصادي الخبير، مودين كرانفول، في مؤسسة فرانكلين تيمبلتون الاقتصادية في دبي.
كما أكد، بان البنوك الإسلامية وعبر الدراسة التي اجروها، وجد بانها تنمو بشكل أكبر من النموذجية والاعتيادية في السوق العراقية، ورغم هذا، فأنها تواجه تحديات قوية جدا قد تدحرها لاحقا.
وان نيوز