الرئيسية / اخبار الفن / ريبورتاج : روبيرت دي نيرو “المناضل” وأسطورة السينما العالمية: “في بلدي نكافح دفاعا عن الديمقراطية”
روبير دي نيرو أثناء تسلمه السعفة الفخرية لمهرجان كان من النجم السينمائي ليوناردو دي كابريو. © أ ف ب

ريبورتاج : روبيرت دي نيرو “المناضل” وأسطورة السينما العالمية: “في بلدي نكافح دفاعا عن الديمقراطية”

فيينا / الخميس 15 . 05 . 2025

وكالة السيمر الاخبارية  

لا يمكن الحديث عن السينمائيين الملتزمين بالشأن العام المحلي والعالمي من دون ذكر اسم الأسطورة “المناضل”، كما تصفه الصحافة الغربية، روبيرت دي نيرو. مواقفه ومسيرته الفنية الثرية أهلته بامتياز، ومن دون مجال للنقاش، للتتويج بالسعفة الفخرية لمهرجان كان.

حضوره في حفل افتتاح هذا الحدث السينمائي الدولي، أعطى شحنة أخرى للتأكيد على التزام الفن والسينما خصوصا بقضايا الإنسان. وأعاد إلى جانب المخرج مارتن سكورسيزي “تعريف معنى السينما”. 

التمثيل بالنسبة للعديد من الفنانين ليس مجرد مهنة وانتهى الأمر. هو مصدر رزق، نعم، لكنه أكثر من ذلك بكثير. فهو رسالة يحملها هؤلاء كمشروع نحو المستقبل يعني بالأساس الإنسانية بجميع تجلياتها. ويجدون أنفسهم معها في معارك، يخوضونها بجرأة وشجاعة، لأجل قضايا يؤمنون بها ويدافعون عنها.

“فوحدهم الجريؤون يصنعون السينما” وفق ما استعاره مقدم حفل افتتاح مهرجان كان الممثل الفرنسي لوران لافيت من تصريح للمخرج الأمريكي الكبير فرانك كابرا. والممثل الأمريكي الشهير روبيرت دي نيرو يدخل في خانة هؤلاء. شخصية سينمائية عالمية لا تدير لسانها أكثر من مرة للتعبير عن رأيها بجرأة وشجاعة عندما تعتقد أنها تدافع عن قيم حقيقية.

ففي هذا المنحى أيضا جاءت كلمة رئيسة لجنة تحكيم مهرجان كان جولييت بينوش الثلاثاء في حفل الافتتاح. “في جميع أنحاء العالم فنانون يكافحون يوميا ويجعلون من هذه المقاومة فنا”، تقرع الممثلة الفرنسية المعروفة مسامع الجمهور فيما ساد صمت روحي فضاء القاعة، متوقفة عند المصورة الصحافية الفلسطينية فاطمة حسونة، 25 عاما، التي قتلت في قصف إسرائيلي إلى جانب عشرة أفراد من عائلتها.

الممثل الأمريكي روبير دي نيرو وشريكة حياته تيفاني تشين على السجاد الأحمر في مهرجان كان. 13 مايو/أيار 2025.
الممثل الأمريكي روبير دي نيرو وشريكة حياته تيفاني تشين على السجاد الأحمر في مهرجان كان. 13 مايو/أيار 2025. © أ ف ب

“في بلدي نكافح بشدة للدفاع عن الديمقراطية”

يجدد بطل “سائق التاكسي”، الحائز على السعفة الذهبية في عام 1976، التأكيد على تمسكه برسالته الفنية. “يجب أن نتحرك، وبسرعة. بدون عنف، لكن بشغف وعزيمة. الوقت حان. كل من يتمسك بحريته عليه أن ينظم نفسه، يحتج ويصوت عندما تكون هناك انتخابات. هذا المساء سنظهر التزامنا بتكريم الفنون، وأيضا بالحرية، المساواة والأخوة”، يشدد الفنان الأمريكي من على منصة افتتاح مهرجان كان.

وبنبرة نضالية، يواصل المتوج بالسعفة الفخرية عن مسيرته السينمائية التأكيد على قوة الفن في تغيير الأشياء والتأثير في المجتمعات أخلاقيا وسياسيا. وكأنه كان يجيب على سؤال طرحه مقدم حفل الافتتاح الممثل الفرنسي لوران لفيت “إن كان بإمكان السينما أن تغير العالم؟”، الذي لا يتحول اليوم إلا في اتجاه الانغلاق وانتصار مخيف للأفكار المتعصبة وانتشار التطرف والسياسات الشمولية وغيرها.

“في بلدي، نكافح بشدة للدفاع عن الديمقراطية التي كنا نعتبرها أمرا مسلما به… الفنون ديمقراطية بطبيعتها… الفن هو السعي إلى الحرية. ويشمل التنوع. ولهذا السبب أصبح يشكل تهديدا اليوم. ولهذا السبب نشكل تهديدا للمستبدين والفاشيين في هذا العالم”، يقول دي نيرو بكلمات قوية.

الطفل الخجول التي تحول لأسطورة سينمائية

“عندما كنت في الثامنة عشرة تقريبا، كنت أشاهد مسلسلا أسبوعيا أو فيلما غربيا وفكرتُ: إذا كان هؤلاء الممثلون يكسبون عيشهم من هذا العمل، وهم ليسوا جيدين حقا، فلن أكون أسوأ منهم. […] عندما انطلقت بجدية في تجربتي، أدركتُ مدى قدرتي على الوصول إلى ما أستطيع فعله. لم يكن هذا ما فكرتُ به في صغري. لكنني أتذكر أنني فكرتُ في ذلك وأنا أشاهد تلك المسلسلات التلفزيونية بالأبيض والأسود”.

كان هذا تصريح لدي نيرو في عام 2012 لخص فيه إلى حد كبير كيفية دخوله عالم السينما من دون أن يكون يوما يطمح لذلك. وقد كان طفلا خجولا شاحب الوجه عادة ما تمت مناداته بـ”بوبي الحليبي” نظرا للون ملامحه. لكن موهبته أهلته لأن يتسلق سلم الكبار في الفن السابع ويتحول إلى أحد أساطيره. وبنى لنفسه مجدا سينمائيا سيظل محفورا  في تاريخ الشاشة الكبرى.

ترك المدرسة في سن السادسة عشرة لمتابعة دروسا في الدراما قبل أن يُفسح أمامه المجال لأول مرة للتمثيل في مسرحية “الدب” (للأديب والمسرحي الروسي) أنطون تشيخوف، فيما كان أول ظهور سينمائي له في عام 1965 بدور ثانوي في فيلم “ثلاث غرف في مانهاتن” لمارسيل كارني.

نحو النجومية في عالم الفن السابع

انطلاقته السينمائية الحقيقية ستكون مع المخرج بريان دي بالما الذي شخص معه ثلاثة أعمال كوميدية. لكن بصمته الكبيرة في عالم السينما ستظهر للعالم مع المخرج مارتن سكورسيزي، الذي كشف عن مواهبه السينمائية للجمهور في فيلم الإثارة “شوارع الشر” Mean Streets (1973)، لعب فيه دور جوني بوي الناري.

في 1974، حصل روبرت دي نيرو على جائزة الأوسكار لأفضل ممثل مساعد عن دوره في شخصية فيتو كورليوني الشاب في فيلم “العراب: الجزء الثاني” للمخرج فرانسيس فورد كوبولا. وبعد أدائه المثير في فيلم “سائق التاكسي” (1976)، الذي مكنه من الحصول على السعفة الذهبية، قفز اسم الممثل الأمريكي إلى سماء نجوم الفن السابع العالميين.

وتوالت الكثير من أدواره التي كانت في أعمال من توقيع كبار المخرجين، لكنه جسد ثنائيا ناجحا إلى جانب المخرج مارتن سكورسيزي، وتواصل هذا التعاون المثمر بين الرجلين لسنوات أسفر عن عدد من الأفلام الناجحة في السينما العالمية بينها “الثور الهائج” في 1980 الذي حاز بفضله على جائزة الأوسكار. وفي 1986 سيحصل على السعفة الذهبية مرة أخرى عن دوره في فيلم “مهمة” لنفس المخرج.

وترأس دي نيرو في 2011 لجنة تحكيم مهرجان كان وقدم الجائزة للمخرج تيرينس مالك عن فيلمه “شجرة الحياة”. وفي عام 2023، عاد روبرت دي نيرو للعمل مع سكورسيزي في فيلم “قتلة زهرة القمر” Killers of the Flower Moon، وهو ملحمة تاريخية تسلط الضوء على جزء مظلم من التاريخ الأمريكي.

ويبقى دي نيرو “قدوة” لعمالقة السينما العصر الحالي بحسب كلمة في حفل الافتتاح ألقاها ليوناردو دي كابريو، والذي قدم له السعفة الذهبية. “عمل دي نيرو يتجلى في الطريقة التي ألهم بها الممثلين للتعامل مع مهنتهم، ليس فقط كأداء فردي وإنما كتحول… إلى جانب مارتن سكورسيزي حكيا أشهر القصص السينمائية. لم يكتفيا بصناعة الأفلام بل أعادا تعريف معنى السينما”.

وفق حرية الرأي والنشر يتم نشر هذه المادة والجريدة غير مسؤولة عما ينشر فيها من مواد واخبار ومقالات

اترك تعليقاً