الرئيسية / مقالات / هزائم السعودية، الاسباب و النتائج

هزائم السعودية، الاسباب و النتائج

السيمر / الاثنين 12 . 12 . 2016

أحمد الحباسى / تونس

منذ فترة قصيرة أصدرت وزارة المالية السعودية تقريرا مفصلا عن اجمالى حجم الديون السعودية و تبين للمتابعين أن الخزينة السعودية تعانى من شبه الافلاس ، طبعا هذا الامر كان متوقعا فالنظام و العائلة المالكة استنزفا كامل الثروات المالية النفطية فى نزواتهما الخاصة و فى نزواتها العسكرية و السياسية الفاشلة ، لم يستطع النظام هذه المرة إخفاء الحقيقة المرة عن الشعب بل لم يعد بمقدور النظام التكتم و اخفاء هزائمه العسكرية و السياسية المتلاحقة فالملف المالى الذى مس لقمة عيش الشعب السعودى و تدنى مستوى المشاريع الخدمية بات ملفا مقلقا و مرعبا لنظام تعود على عدم مصارحة الشعب و التكتم على مشاريعه المفلسة ، وزراء منظمة الدول المصدرة للنفط المنعقد مؤخرا تم الاتفاق فيه على تخفيض الانتاج الاجمالى للمنظمة بهدف استعادة توازن السوق النفطية العالمية فى تعارض تام مع الرغبات السعودية التى بحثت و ضغطت للترفيع فى مستوى الانتاج لتعويض خسائرها المالية الخيالية و هو ما سيزيد فى سقوط الاقتصاد السعودى و تصاعد النقمة الشعبية و لم لا فقدان النظام للسيطرة على المظاهرات و الانتقادات الحادة المرتقبة.
مع اقتراب النصر التام فى حلب و الموصل و انقلاب المعادلة فى سوريا لصالح النظام بصورة غير متوقعة بالنسبة “لأصدقاء سوريا ” بدأ البعض فى جرد حالات الفشل السعودى و تفسير ما الت اليه الاوضاع المالية فى السعودية اضافة الى انعكاس الانتصار فى حلب و انكسار المجموعات السعودية الارهابية و هروبها المفاجئ من ساحة المواجهة على مستقبل نظام عائلة المافيا السعودى ، الملاحظ أن العلاقات المصرية السعودية تصطدم اليوم بالواقع لان مصر أدركت اليوم أن مواصلة العلاقة الاثمة مع النظام السعودى لم تعد مقبولة رغم كلفة قطعها سياسيا و اقتصاديا ، فالتصريحات المصرية الاخيرة تؤكد للمتابعين فشل السياسة السعودية فى احتواء الموقف المصرى باعتبار الدور المصرى و أهمية مصر فى معادلة الصراع فى المنطقة ، تقلب الموقف المصرى لم يكن عفويا و كان منتظرا من بعض الملاحظين الذين تفطنوا منذ انخراط روسيا فى مساندته المطلقة للنظام السورى أن الفشل السعودى هو أمر محتوم و أن محور المقاومة سيخرج منتصرا من معركة كسر العظم بين المقاومة و أعدائها الصهاينة السعوديين و القطريين و الاتراك ، و لعل خروج مصر من ” يد السعودية فى هذا التوقيت بالذات يمثل علامة فشل مخزية للنظام ستعمق جراحه القادمة.
منذ بداية الحرب السعودية القذرة على اليمن جلب موقف الصحفى الراحل محمد حسنين هيكل النظر حين تنبأ بفشل هذه المغامرة الغير محسوبة العواقب ، و حين تحدث أحد الامراء السعوديين عن ضرورة أن يراجع النظام كل حساباته الخاطئة فى سوريا ، العراق و اليمن ليتخذ اجراءات مؤلمة تعيد التوازن المطلوب لسياسته الخارجية الفاشلة تفطن الجميع الى أن الموقفين يلخصان حقيقة ما جرى على الارض اليمنية و السورية و العراقية و أن عملية غزو سوريا بالجماعات الارهابية قد كان خطأ استراتيجيا و سياسيا واضحا و ان ضرب اليمن بكل هذه الوحشية يمثلان علامات واضحة للفشل السياسى فى ادارة أمور الدولة و مشاركة غير محسوبة العواقب فى تنفيذ المؤامرة الصهيوأمريكية على المنطقة ، الان يجد النظام نفسه وجها لوجه مع هزيمة و فضيحة عسكرية و سياسية لان الجيش السعودى لم يقدر على اسقاط الثورة اليمنية و الضغوط السياسية لفرض الرئيس الهارب عبد ربه منصور لم تفلح فى ارجاعه الى سدة الحكم ، طبعا هذه الحرب الدموية لها كلفتها المادية الخيالية و هذا فشل استراتيجى سعودى اخر يضاف الى عوامل فشل كثيرة .
يجمع المراقبون على أن الاتفاق النووى الايرانى الغربى هو انتصار للسياسة الهادئة الصارمة الايرانية كما ان هذا الانتصار له تأثير ايجابى مباشر على حلفائها فى المنطقة ، وحدها الرياض هى الخاسرة ومعها اسرائيل و بعض الخونة المرتزقة فى تيار 14 اذار اللبنانى و على رأسهم سعد الحريرى ، فالرياض قد سعت منذ قيام الثورة الايرانية الى استحضار دراويشها لإيقاظ الفتنة النائمة بين الشيعة و السنة و أطلقت ألسنة وسائل اعلامها و أعوان مخابراتها لمحاولة ضرب الثورة فى العمق و تأليب الرأى العام العالمى عليها تماما كما فعلت اسرائيل ، وصل الحد بالأمير الوليد بن طلال الى التصريح بأنه اذا هاجمت ايران اسرائيل فان النظام سيقف مع هذه الاخيرة ، طبعا ، هذا ليس غريبا من نظام مطبع مع الصهيونية و مع المخابرات البريطانية و منخرط تماما فى مشروع الفوضى الخلاقة الرامى الى تفتيت المنطقة العربية بما فيها فلسطين ، يمكن القول اليوم ان المملكة قد فعلت كل شيء لإسقاط الاتفاق بما فى ذلك اغتيال الشهيد باقر النمر لفرض حالة حرب طائفية فى المنطقة بين الشيعة و السنة لكنها أخفقت اخفاقا ذريعا و هو ما يؤكد هبوط مؤشر نفوذها فى بورصة المنطقة خاصة فى ظل الصراع بينها و بين قطر .
لن يمر هذا العام على لبنان بدون رئيس كما تمنت المملكة ، بل لعل انتخاب الرئيس المقاوم ميشال عون يمثل أحد انكسارات النظام السعودى و سقوط يدها الطولى فى المجال السياسى اللبنانى ، يمثل هذا الانتخاب فشلا “لأصدقاء السعودية فى لبنان و على رأسهم العميل سعد الحريرى ، اليوم و بعد هذا الانتخاب هناك علامات انهيار و تدهور فى جماعة 14 اذار و بداية عودة العلاقات المقطوعة مع حزب الله و بالتبعية مع سوريا ، من هنا نفهم مغزى التصريح الاخير للرئيس بشار الاسد حين طالب البعض بإعادة النظر فى مواقفهم حماية لسوريا و لبنان ، هذا الموقف ليس منعزلا عن زيارة مفتى الديار السورية الشيخ بدر الدين حسون و استقباله من طرف الرئيس عون و البطريرك الراعى و اطلاق مبادرته المهمة للتلاقى بين المسلمين و المسيحيين فى نفس خندق مواجهة الاعداء المتربصين بالمنطقة ، بالمقابل فشل النظام السعودى فى اثارة الفتنة الطائفية بقيام مجموعاته الارهابية بتفجيرات متنقلة فى الضاحية و بعض المناطق الاخرى كما فشل فى “حربه” على السياحة اللبنانية و حربه المعلنة على حزب الله باستصدار ذلك القرار اللئيم اليتيم من الجامعة العربية بتوصيف الحزب بالإرهاب ، أيضا لم يستطع النظام اجبار حزب الله على التراجع من سوريا رغم حملاته الاعلامية المضللة و ترسانة التهديدات التى اطلقتها مجموعاته الارهابية .
اليوم يعيش النظام السعودى أسوأ أيامه على الاطلاق منذ صعود ال سعود للحكم بعد أن تنصلت كثير من الدول و الشعوب العربية من هذا النظام الهمجى البربرى المتوحش بل لنقل بمنتهى الصراحة أن قناة ” العربية ” قد ساهمت فى كشف عورات هذا النظام دون أن تعلم لان مجرد وقوفها ضد سوريا و ضد اليمن و العراق و مصر قد زاد من أعداد ن و الاعداء لهذا النظام الصهيونى العميل ، أيضا يجب الاشارة أيضا الى فشل السياسة الخارجية السعودية فى علاقة مع روسيا و تركيا إذ لم يستطع الامير بندر بن سلطان اقناع الرئيس بوتين بتغيير موقفه نحو سوريا رغم الاغراءات المالية الخيالية كما لم تفلح السعودية فى ايجاد رابط منطقى لعلاقتها مع الاخوان فى تركيا بعد أن وقفت ضدهم فى مصر و سوريا و تونس ، اليوم ، هناك هروب للجماعات الارهابية من حلب و الموصل و هناك حديث عن صراع بين هذه المجموعات بل اتهامات للنظام السعودى بالخيانة ، هذا مهم لاستشراف المستقبل المظلم لهذا النظام الحقير ، و على نفسه جنى نظام المافيا السعودى .

بانوراما الشرق الاوسط

اترك تعليقاً