السيمر / السبت 04 . 02 . 2017 — بينما كانت مياه الصرف الصحي تتدفق من حفرة نجمت عن ضربة جوية على تنظيم الدولة الإسلامية في الموصل كان لدى السكان الغاضبون الذين باعوا ملابسهم حتى لا يموتوا جوعا رسالة للساسة العراقيين الذين يتباهون بالتقدم العسكري الذي أحرزته القوات في مواجهة التنظيم المتشدد.
قال إحسان عبد الله “إذا لم تتحسن الأحوال فلن نقبل بذلك وستكون هناك ثورة على الحكومة… إذا لم تتغير الأمور فستعود الدولة الإسلامية. سكان الموصل سيدعمون من يمكنه مساعدتهم أيا كان.”
وقال عبد الله وهو شرطي مرور سابق إنه لا يعمل منذ اجتاح تنظيم الدولة الإسلامية المدينة عام 2014 وهو ما لم يدع أمامه خيارا سوى أن يبيع ملابسه لشراء الطعام.
وأضاف أنه حين وصلت القوات الحكومية طلب استعادة وظيفته لكن تم إبلاغه بأن عليه الذهاب إلى بغداد ليحصل على وثيقة تثبت أنه ليس عضوا في الدولة الإسلامية. وهو يقول إن هذا سيستغرق وقتا طويلا جدا.
وأجبرت القوات العراقية المتشددين على الانسحاب من شرق الموصل وهي تستعد لتوسعة حملتها إلى النصف الغربي من أكبر مدينة بشمال العراق. سبب هذا ارتياحا بعد حكم الدولة الإسلامية العنيف الذي استمر لأكثر من عامين.
لكن السكان الآن يصبون جام غضبهم على الحكومة العراقية ويحملونها المسؤولية ليس عن الصعوبات التي يواجهونها حاليا فحسب مثل نقص الخدمات الأساسية وإنما أيضا عن الظروف التي مكنت التنظيم المتشدد من السيطرة على الموصل في المقام الأول.
يتذكر كثيرون بمرارة مدى السهولة التي استولى بها نحو 800 من مقاتلي الدولة الإسلامية على الموصل خلال بضع ساعات بينما فر آلاف الجنود العراقيين.
وقال أكرم وعد الله وهو صاحب مقهى “كل هذا بسبب الساسة. باعوا الموصل وأحدثوا مشاكل طائفية. تقسيم البلاد كان في مصلحتهم.”
وأيدت مجموعة من الرجال حوله وجهة نظره وقد وقفوا إلى جوار متاجر دمرت خلال فترة سيطرة الدولة الإسلامية ونتيجة القصف الجوي لإجبار المتشددين على الانسحاب.
تقدم رجل وعبر عن شكوى متكررة “لا توجد مياه جارية. كيف سنشرب من بئر قذرة.”
استعادة الثقة
يقول الزعماء العراقيون إنهم عقدوا العزم على القضاء على الدولة الإسلامية وتحقيق الاستقرار في البلاد وتوفير فرص عمل للمواطنين.
وكانت الموصل مركزا مزدهرا للتجارة والتعليم العالي لكن لها حساسية خاصة فيما يتعلق بالتوترات الطائفية.
ويمثل السنة الأغلبية في المدينة لكنهم أقلية في العراق. وكان السنة يتمتعون بنفوذ كبير في عهد صدام حسين. وينحدر الكثير من ضباط الجيش السنة من الموصل وشعر كثيرون بالمدينة بالاستياء بعد الإطاحة بصدام في الغزو الذي قادته الولايات المتحدة عام 2003 ليهيمن الشيعة على الحكومة في بغداد.
وحين اجتاح مقاتلو الدولة الإسلامية وهم من السنة الموصل في 2014 رحب بهم الكثير من أبناء طائفتهم الذين اتهموا قوات الأمن التي يغلب عليها الشيعة بارتكاب انتهاكات بحقهم.
لكن حكم تنظيم الدولة الإسلامية الوحشي وتعصبه نفر الجماهير في نهاية المطاف من التنظيم لكن طرد المقاتلين هو مجرد الخطوة الأولى بالنسبة للسلطات التي تحاول استعادة الثقة.
ويمكن أن تكون معركة استعادة الموصل حاسمة بالنسبة للعراق. ويقول مسؤولون عراقيون إنه إذا استمرت التوترات الطائفية فإنه لن يتسنى توحيد البلاد وربما تقسم على أساس طائفي.
في الوقت الحالي يركز سكان الموصل على احتياجاتهم مثل العثور على وظائف وإقناع السلطات بتوفير الخدمات الأساسية مثل المياه والكهرباء.
وشعر الجندي العراقي السابق أزهر محمد بالارتياح بعد إخراج الدولة الإسلامية من الموصل. بل إنه حين كان التنظيم المتشدد مسيطرا عليها كان يتنقل من منزل إلى منزل ونادرا ما أمضى أكثر من ليلة في نفس المكان حتى لا يتم اعتقاله.
لكن المشكلات لا تزال مستمرة. فهو أيضا لا يستطيع إقناع السلطات بإعادته إلى عمله ليبدأ إعادة البناء في مدينة تهدمت بها أعداد كبيرة جدا من المباني وأغلقت متاجرها وتسودها شكوك عميقة في الحكومة الموجودة في بغداد.
وقال محمد “كل ما أريده هو أن أعود إلى عملي.”
رويترز