الرئيسية / مقالات / العظيمة أمنا عائشة.. بنت عظيم و زوج عظيم

العظيمة أمنا عائشة.. بنت عظيم و زوج عظيم

السيمر / الخميس 04 . 05 . 2017

معمر حبار / الجزائر

لأول أرى وأشتري وأقرأ كتاب “عائشة الصديقة بنت الصديق”، لعباس محمود العقاد، الطبعة الأولى، دار الصحوة، القاهرة، مصر1437 هـ – 2016، من 98 صفحة. وجاء في الفصل المعنون بـ ” المرأة العربية”، صفحات 3- 13، أن قبيلة بني تيم من أفضل القبائل في احترام المرأة، وكانت تقوم على الخصال والمكارم وليس على البأس والإكراه، وهي القبيلة الني نشأ فيها سيّدنا أبي بكر رحمة الله عليه ورضي الله عنه وأرضاه أب سيّدتنا عائشة أم المؤمنين، رحمة الله عليها، ورضي الله عنها وأرضاها. وقد عرف عن سيّدنا أبي بكر احترامه للمرأة وغيرته على بناته، ومنها أمنا عائشة. وتعلمت أمنا عائشة القراءة والكتابة التي لم يكن يتعلمها من نجباء الأبناء في بيوت السادة إلا القلة المعدودة.
وفي الفصل المعنون بـ ” المرأة المسلمة”، صفحات 15- 20، جاء فيه أن الإسلام جعل احترام المرأة عام يشمل كل النساء وليس للأحرار والسيدات فقط. والإسلام جعل البر بالمرأة مقياس المفاضلة بين أخلاق الرجال، وعنوان المنافسة في طلب الخير والكمال. وكان بره صلى الله عليه وسلم بمن مات من أزواجه أكرم من بره بمن يعشن معه ويراهن كل يوم، حتى أن أمنا عائشة تغار من أمنا خديجة وهي في قبرها أشد من من غيرتها من زوجاته اللواتي يعشن معها في كنفه، لأنها نشأت في قبيلة تيم الذين اشتهروا بلطف الرجال ودلال النساء، وقد لقيت أمنا عائشة عند سيّدنا رسول الله صلى الله عليه وسلم الحظوة التي لم تلقها واحدة من النساء.
وفي الفصل المعنون بـ ” المرأة الخالدة”، صفحات 21- 30، يقول: إجتمعت لأمنا عائشة خلاصة الرعاية في آداب أمة من الأمم، وكتبت لها خلاصة الرعاية في دين من الأديان والتي اشتركت في سيرة سيّدنا رسول الله صلى الله عليه وسلم، ونقلت أحاديثه، وهي التي تلقى الأعقاب عنها مئات الأحاديث التي عرفوه بها في دينه ودنياه. وغيرة أمنا عائشة عادية جدا كشأن جميع النساء. وكان غضب النبي من غيرتها غضب تأديب وتهذيب لا غضب سخط وتأنيب. وأمنا عائشة هي تلك المرأة المعجبة بأنوثتها، والزوجة المعجبة بزوجها، والتي تغار وتتزين له، وهي حواء التي تحب أن ينظر زوجها إلى زينتها، وهي أم المؤمنين التي تحب أن ينظر الله إليها، فهي تطمح إلى زينة أعلى وأغلى.
وفي الفصل المعنون بـ “عائشة”، صفحات 31- 43، يقول: كانت موفورة النشاط كأبيها وكانت حادة الطباع كأبيها، لكن لم تلازمها الحدة كما لازمت أباها لحاجة إليها في سياسة الناس. وقد سامحت سيّدنا حسان بن ثابت حين عاتبها في حادثة الإفك، ما يدل على مكانتها وأنها لا تحمل الضغينة لأحد. وكرم أمنا عائشة أقرب إلى النجدة منه إلى السخاء، وفيه آمال من أبيها العظيم. وكانت تشتري وتعتق المرأة المظلومة. واشتهرت بالكرم والإحسان إلى مستحقيه، وقد كانت بنت أبيها في أكثر من خصلة واحدة. وأكثر ما نقلت عن أبيها الصدق، ولم تنقل حديثا مشبوها، وكانوا يروون عنها الأحاديث ويقولون: حدّثتنا الصديقة بنت الصديق. وشابهت أباها في الذكاء المتوقد والبديهة الواعية. والحفظ والفهم ملكتان معروفتان للسيدة عائشة. وروت أكثر من ألف حديث، ومما يروي الثقات أنها كانت تحفظ وتفقه وتفسر. ولا ريب أنها كانت تقتدي بأبيها في حفظ الأخبار والأنساب. و قد عرف المسلمون الكثير من أمر نبيهم وأمر دينهم من أحاديث أمنا عائشة عن زوجها المحبوب صلى الله عليه وسلم. وكانت شغوفة باستطلاع أحوال الأمم كافة. ومن أعظم المصائب التي أصابت المسلمين بعد إلتحاق سيّدنا رسول الله صلى الله عليه وسلم هي مصيبة موت أمنا عائشة.
وفي الفصل المعنون بـ ” زوج النبي”، صفحات 45- 66، يقول: خطب سيّدنا رسول الله صلى الله عليه وسلم أمنا عائشة وهي ما بين 12 و15 سنة، وقد خطبها من قبل جبير بن مطعم وكان يومها على شركه. وحدثتنا أمنا عائشة عن تفاصيل حياتها، لكنها لم تحدثنا أبدا وحشة الانتقال من بيت إلى بيت ومن معيشة إلى معيشة، ومن ظل أبوين إلى زوج. وكان الصحابة يؤخرون هداياهم إلى سيّدنا رسول الله صلى الله عليه وسلم حين يكون في بيت أمنا عائشة. وكانت سيّدتنا فاطمة رحمة الله عليها ورضوان الله عليها تحب أمنا عائشة، لأن سيّدنا رسول الله صلى الله عليه وسلم كان يحب عائشة، وهي تحب ما يحب الأب. وكانت أمنا عائشة أشد غيرة عرفتها امرأة على زوجها. ومرد روايتها لأحاديثه صلى الله عليه وسلم إلى أنه أكثر تحدثا إليها وارتياحا إلى مجالستها ومسامرتها. وكان سيّدنا رسول الله صلى الله عليه وسلم يهيؤها أن تكون سفيرة لأبناء المسلمين والعالمين. وأصبحت تعي من سنن النبي في المسائل النسائية وغير النسائية حتى احتاج الرجال أن يسألوها. ولم تكن تسكت عن سنة مطلوبة ولو كانت من أخص الأمور التي تسكت عنها النساء، لأن سكوتها حينها ضياع للدين. وتجيب وتفصّل في السنن لأنها فريضة الأمانة وضريبة الوفاء.وكانت من أسعد الزوجات، وغضب رسول الله منها إثر حادثة الإفك كان غضب عادي لأنه كان يغضب من نسائه. وحادثة الإفك لم يكن لسيّدنا رسول الله صلى الله عليه وسلم ولا أمنا عائشة دخل فيه، إنما كان ابتلاء للحب الذي جمعهما وعطفه صلى الله عليه وسلم عليها. وحب سيّدنا رسول الله صلى الله عليه وسلم لها عوّضها نقص الولد فلم تعد تطلبه، وحرمانها الولد لم يؤثر على علاقتها الزوجية. وعلاقة أمنا عائشة بسيدتنا فاطمة الزهراء على أكمل ما ترضاه السجية، فالسيدة عائشة والسيدة فاطمة شريكتان في قلب واحد ولكنها شركة بين كريمتين. فالصلة بين أمنا عائشة وقرابة سيّدنا رسول الله صلى الله عليه وسلم كانت صلة الأدب والتجمل والمجاملة.. وحفظت من سنن النبي وتعليم النبي مالم يحفظه أحد، وحفظ عندها النبي أغلى الودائع من بعده: صحف الكتاب وسنته المشروعة لتابعيه.
وفي الفصل المعنون بـ ” بعد النبي”، صفحات 67- 70، يقول: عاشت أمنا عائشة 10 سنوات مع سيّدنا رسول الله صلى الله عليه وسلم و 46 سنة بعد التحاق سيّدنا رسول الله صلى الله عليه وسلم بالرفيق الأعلى، وماتت في السبعين من عمرها، ودفن سيّدنا رسول الله صلى الله عليه وسلم في بيتها وفي زيارتها، وفي المكان الذي كان ينام فيه. وقد كانت تزوره زيارة الأحياء وكذلك حين توفى سيّدنا أبي بكر وحين دفن سيّدنا عمر، ولبست الحجاب حينها وهي تزوره. وكانت المرجع الأول فيما حفظ من آي القرآن والأحاديث والسنن. وكانت في حدة نفسها ورفعة مكانها لا تقبل الفراغ. وكان الخليفة أبي بكر يدعوها بأم المؤمنين.
وفي الفصل المعنون بـ ” في السياسة العامة”، صفحات 71- 88، يقول: رفضت أمنا عائشة بعد التحاق سيّدنا رسول الله صلى الله عليه وسلم بالرفيق الأعلى أن تعيش الفراغ، لأنها كانت لها حدة نفس ورفعة مكانة لا تقبل الفراغ. ونشأت عزيزة في أهلها وذويها، عزيزة في بيت أبيها، عزيزة في أعز البيوت العربية بعد زواجها. كانت تنكر الثراء المتزايد على الصحابة الأجلاء. لجأ إليها كبار الصحابة كما كانوا يلجؤون إليها في العلم والحديث والفتوى. وكانت تنتقد علانية الوضع في عهد سيّدنا عثمان. وبنو أمية قتلوا أخ أمنا عائشة محمد بن أبي بكر حين دخلوا مصر ومثّلوا به أبشع تمثيل وجعلوه في جوف حمار ميت وشووه. واضطرت إلى الدخول إلى معترك السياسة. وسيّدنا علي يناديها: أي أمه، وأمنا عائشة تناديه: أي بني. وكانت كلما خاض الناس في حديث الجمل تبكي حتى تبل ثيابها. وكانت تقول عن سيّدنا علي إنه صوام قوام، وإنه أحب الناس إلى سيّدنا رسول الله صلى الله عليه وسلم.
بقيت الإشارة أن صاحب الأسطر احتفظ في مسودته بجملة من الملاحظات السلبية والإيجابية حول طريقة عرض العقاد للتاريخ وللشخصيات، كان ينوي في البداية أن يطرحها، لكن في الأخير فضل تأخيرها إلى حين.

اترك تعليقاً